بقيت استقالة وزير النفط الكويتي الدكتور عادل الصبيح أمس حبيسة الأدراج في ديوان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله الصباح الذي لم يرفضها ولم يرفعها الى الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح لقبولها واصدار مرسوم بتعيين بديل. وفاجأ "التكتل الشعبي" الذي يضم 12 نائباً ويعارض تقليدياً وجود الصبيح في الحكومة الجمهور في قاعة مجلس الأمة البرلمان أمس عندما التزم الصمت ولم يقم ب"تصفية الحساب" معه كما كان متوقعاً. وقال الناطق باسم هذا التكتل النائب مسلم البراك: "نحن نتعامل مع وزير مستقيل، وإذا لم تقبل الاستقالة فسيكون لنا موقف آخر"، ويعني بذلك استجواب الصبيح. وبقيت الأزمة السياسية التي أطلقها الانفجار في حقل الروضتين النفطي ليل الخميس الماضي رهن كل التوقعات، فالصبيح ومعه الحكومة سيواجهون فصلاً برلمانياً ساخناً إذا لم تتم الاستقالة. وتهدد ورقة الاستقالة استمرار الحكومة الحالية لجهة انها تعيد الشيخ سعد الى موقع صناعة القرار بعدما كان فوض في كانون الثاني يناير 2001 إدارة الحكومة وصلاحيات اختيار اعضائها الى نائبه الشيخ صباح الأحمد، اذ لا يزال الشيخ سعد هو المخول دستورياً بقبول استقالة الوزراء أو ترشيح شاغلي الحقائب الوزارية. وهو بذلك يملك توجيه الأزمة الى نهاية سريعة بقبول الاستقالة وتعيين وزير جديد، أو استخدامها أداة لإعادة توزيع الصلاحيات داخل مجلس الوزراء. وقال الشيخ صباح للصحافيين بعد جلسة البرلمان ان "الحكومة باقية" غير انه لم يحدد مصير الاستقالة. جلسة توتر هادئة وألقى كل من الشيخ صباح الأحمد والدكتور الصبيح بياناً في بداية الجلسة البرلمانية الاسبوعية امس التي خصصت بكاملها لمناقشة الحادث النفطي. وقال الشيخ صباح ان الحادث "يستلزم وقفة جادة واجراءات غير اعتيادية تتخد لكي تحفظ لهذه المرافق قدراً عالياً من الحماية". وأوضح ان الحكومة ستبذل الوقت والمال اللازمين لتحقيق ذلك، وطالب النواب ب"مناقشات موضوعية منطقية فليس بالتجريح الشخصي يتم اصلاح الخلل". وقدم الصبيح بياناً تفصيلياً عن أوضاع الأمن والسلامة في المنشآت النفطية، وانتقد "إدارة القطاع النفطي منذ عقود من السنين على أسس الادارة الحكومية وليس على الأساس التجاري الاقتصادي الذي بني عليه هذا القطاع". وأوضح ان "90 في المئة من حوادث المرافق النفطية سببها أخطاء بشرية، وفي حين نحتاج مئات العاملين الأكفاء لضمان الأمن والسلامة فإن عاملاً واحداً ضعيف التدريب كاف لايقاع الحادث". وتحدث عن "تدخلات وضغوط تعرض لها القطاع النفطي في مجال التعيينات والترقيات كان لها الأثر في المستوى الأمني للمنشآت". ورأى ان بناء مستوى جيد من مواصفات الأمن والسلامة" يحتاج الى عشر سنوات من العمل وحشد العمالة الكفؤة وتدريبها" في حين انه استلم حقيبة النفط منذ 11 شهراً فقط. وانقسم النواب في مواقفهم خلال النقاش فالاسلاميون ونواب مستقلون تعاطفوا مع الصبيح وأشادوا بتحمله المسؤولية وتقديمه الاستقالة، بينما انتقده نواب آخرون. اما "التكتل الشعبي" المعارض لوجود الصبيح في الحكومة، فمارس تكتيكاً مفاجئاً عندما امتنع اعضاؤه عن التعليق واكتفوا بالاشارة الى بيان مقتضب تلاه النائب عدنان عبدالصمد نيابة عنهم قال فيه انهم يأملون ان يكون اعلان الصبيح عن الاستقالة ليس مجرد "مناورة سياسية"، ويرون ان اصلاح القطاع النفطي يتطلب أموراً كثيرة يأملون ان يقوم "وزير النفط الجديد بتنفيذها". وقال مراقبون تابعوا الجلسة امس ان هذا الموقف من "التكتل الشعبي" فوت أي فرصة على الحكومة لتحويل المناقشة الى مبرر لاجراءات تصعيدية ضد مجلس الأمة. وكانت صحيفة "السياسة" الكويتية تحدثت امس عن احتمال حل المجلس في ضوء المناقشات المتعلقة باستقالة وزير النفط لكن النواب يرون أن ظروف الكويت والمنطقة تجعل من هذا الاحتمال بعيداً جداً.