يحاول "ملتقى شمس الأول للموسيقى"، من خلال ندوات وأمسيات موسيقية، إرساء علاقة جديدة بين الجمهور وموسيقيين شبان، للخروج من أزمات التقوقع، وتحجيم الثقافة والابداع التي تمارس عليهم. وكان واضحاً بالنسبة الى منظمي الملتقى، "شمس" التعاونية الفنية لشباب المسرح والسينما، والمنتج موزار شاهين، وزياد سحاب فرقة "شحادين يا بلدنا"، أن الموسيقى في لبنان تحتاج الى حوار وتعاون بين الفنانين أنفسهم، وبينهم وبين الجمهور، من أجل رفع مستوى الموسيقى العربية التي تعاني التراجع والانحطاط. في 24 تشرين الأول اكتوبر الماضي أطلق المسرحي روجيه عساف هذا الملتقى الأول الذي استمر عشرة أيام متتالية، على خشبة مسرح بيروت، وجاءت حفلة الافتتاح محمّلة بالفرحة والدهشة والوعود، وحضرها وزير الثقافة اللبناني غسان سلامة الذي كان ذات يوم أحد الناشطين في "مسرح بيروت" أيّام العصر الذهبي للمدينة... وجاء هذا الافتتاح فرصة لتكرّم "شمس" لبنانيين حازوا جوائز، أمثال الممثلة برناديت حديب، المخرج أسد فولدكار، المخرجة ديما الحرّ، والمخرج المسرحي راني أبو حدبة. والمفاجأة في التكريم أتت من طريق الهدية التذكارية التي قُدمت للفائزين، وهي عبارة عن بطاقة دخول قديمة الى مسرح التياترو الكبير في وسط بيروت، وسعرها مئة قرش لبناني. وقد عبّرت جماعة "شمس" بهذه الطريقة عن أملها "بإعادة فتح هذا الصرح الثقافي العريق" الذي يقف كاليتيم في وسط المدينة بعد اعادة تعميرها، كما قال المسرحي عصام أبو خالد. واكتشف الجمهور خلال المهرجان، عشرات الموسيقيين والمغنين الشباب الذين تنوعت أعمالهم بين الشرقي والجاز والصوفي. مع العلم ان الجاز كان يلعب دوراً، على ما بدا لنا، بالتحكم في عدد الحضور الذي كان بغالبيته من الشباب. واعتبر طارق باشا أحد المنظمين "ان النجاح عبء ثقيل علينا إذا لم نحظَ بالدعم المعنوي والمادي من وزارة الثقافة، وغيرها من المؤسسات". وليد عقل، فؤاد عبدالمجيد مستكاوي، فيلمون وهبي، زكية حمدان، مطر محمد، عمر الزعني، حليم الرومي، ونزيه الغضبان، أشخاص ارتبطت أسماؤهم بتاريخ الموسيقى في لبنان، في وقت كان الإعلام مجحفاً في اعطائهم حقهم من الناحية الجماهيرية. لذا انتقاهم الملحن والمغني زياد سحاب الذي أسّس فرقة "شحادين يا بلدنا"، لتسليط الضوء على أعمالهم وحياتهم الفنية، فخصص لكل فنان منهم عشر دقائق يومياً قبل كل عرض. أما عن المشاركين الشباب الذين شكلوا الجزء الأساسي والأهم للحدث، فنذكر أبرزهم: المغني ايلي رزق الله، عازف العود باسل رزق، عازف الكلارينات طارق بشاشة، فرقة "شحادين يا بلدنا" بقيادة الملحن والمغني زياد سحاب، فرقة Fun Jan Shai بقيادة الموسيقي طارق يمني، وفرقة Oriental calouro بقيادة إيغور حوّاط. إضافة الى ضيوف الملتقى: الفرقة الفرنسية Trio Rhea، والفنانة العراقية سحر طه التي بدت السيدة الوحيدة بين المشاركين. وتوّج هذا النجاح بإطلاق المقررات التي اتخذت بعد اللقاءات الثلاثة التي أجريت على هامش الحدث، للبحث في مشكلات الموسيقيين والعمل على حلها في شكل جماعي. أما أهم هذه المقررات: فجولات عرض للموسيقيين الشباب في المناطق اللبنانية في المرحلة الأولى، انتاج وتأليف وتوزيع موسيقى الهواة المشاركين في الملتقى وكل من يرغب في ذلك من طريق التكتل من أجل انتاج أفضل، التواصل مع الجمهور من خلال نشر أعمال هؤلاء الشباب الموسيقيين على اسطوانات وأشرطة بأسعار مقبولة، وجولات على المدارس والجامعات من أجل التثقيف الموسيقي العام وذلك عبر فريق عمل متخصّص... أخيراً تبقى علامات الاستفهام كثيرة حول استمرارية هذا العمل، في ظل امكانات مادية محدودة جداً هذا إذا وجدت، وابداعات موسيقية مفتوحة!