لندن - "الحياة" كشفت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان الرئيس السابق لجهاز الامن الوقائي العقيد محمد دحلان اعتذر للرئيس ياسر عرفات عن عدم قبوله منصب مستشاراً للرئيس للشؤون الامنية، ورجحت ان يكون السبب وراء الاعتذار تعيينه "مستشاراً للشؤون الامنية" بدلاً من "مستشار الرئيس للامن القومي". واوضحت المصادر ان عرفات وقع قبل يومين فقط على قرار تعيين دحلان في المنصب المرفوض، وذلك على ما يبدو في إطار الصيغة التي يعكف على اعدادها في شأن التشكيلة الحكومية الجديدة. وفي هذا السياق، نقلت وكالة "اسوشيتد برس" عن مصادر فلسطينية قولها ان دحلان كان يطمح الى تعيينه وزيراً للداخلية، الا ان هذا المنصب عرض على مسؤولين آخرين. ويتردد بقوة اسم عضو اللجنة المركزية في حركة "فتح" هاني الحسن لتولي هذا المنصب الذي يتضمن الاشراف على كل الاجهزة الامنية. وفي المقابل، اوضحت مصادر فلسطينية ل"الحياة" ان دحلان استقال احتجاجاً على ما يعتبره تسويفاً في عملية الاصلاحات في اجهزة السلطة ومؤسساتها، وسبل التعاطي مع "حركة المقاومة الاسلامية" حماس على خلفية التوتر الذي اعقب اغتيال الضابط راجح ابو لحية على يد احد قادة "كتائب عز الدين القسام". وكانت حركة "فتح" نظمت تظاهرة في غزة امس شارك فيها نحو 15 الفاً من انصارها في استعراض للقوة امام "حماس"، علماً بأن الاخيرة لم تعط ردها بعد على مسودة البيان المشترك الذي يهدف الى التهدئة ويدعوها الى ادانة مقتل ابو لحية وتسليم قاتله، فيما تصرّ الحركة في المقابل على فتح ملفات الصدامات مع السلطة. في غضون ذلك، أبدى رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون مزيداً من التشدد في الموضوعين الفلسطيني والعراقي عشية توجهه الى واشنطن، وقال في خطاب افتتاح الدورة الشتوية للكنيست ان "اسرائيل لن تقف مكتفة الايدي امام التهديد الاجنبي"، من دون ان يحدد مصدره. وسبق ذلك اغتيال مسؤول "كتائب شهداء الاقصى" محمد عبيات في بيت لحم مساء اول من امس، في تصعيد جديد يهدف شارون من خلاله الى ضرب مساعي التهدئة الاوروبية والاميركية وقطع الطريق امام انسحاب محتمل من اي مدينة فلسطينية استكمالاً ل"تفاهم بيت لحم - غزة اولاً"، من خلال اثارة التوتر في بيت لحم التي شهدت على مدى الشهرين الماضيين هدوءاً نسبياً بعد انسحاب الاسرائيليين منها. ورأى مراقبون ان شارون يرمي من التصعيد ايضاً الى ابتزاز مزيد من المواقف الاميركية المساندة لسياسته. وتباينت تقديرات المعلقين الاسرائيليين في شأن ما ينتظر شارون في واشنطن، ففيما اشار البعض الى ان الادارة الاميركية لن تمارس ضغوطاً جدية علي ضيفها باستثناء مطالبته بالتحلي بضبط النفس، قال آخرون انها ستطلب من شارون تقديم "تنازلات" للفلسطينيين. ونقلت صحيفة "هآرتس" عن مسؤولين اجروا اتصالات مع واشنطن انها ستطلع شارون على خطتها للتعامل مع اي تهديد عراقي لاسرائيل لقاء التزامه ضبط النفس وتقديم تنازلات للفلسطينيين. من جهة اخرى، دعا شارون في خطاب في الكنيست الفلسطينيين الى تشكيل "حكومة سلام" تحل محل قيادتهم الحالية، مكرراً الدعوة الى استبعاد عرفات نهائياً لان بقاءه في السلطة "يجعل التوصل الى اتفاق سلام مع اسرائيل امراً مستحيلاً". ورد نبيل ابو ردينة مستشار عرفات على تصريحات شارون بالقول انها "لا تخدم عملية السلام وليس لها هدف سوى الاستهلاك الدولي"، مضيفاً انها "تظهر مجدداً عدم جدية الحكومة الاسرائيلية في التوصل الى اي اتفاق سلام".