تزخر القاهرة بفنادق عدة يطل بعضها على نهر النيل، في حين يحيط النيل بعضها الآخر من كل جانب، إلا أن أياً منها لم يحقق الإفادة القصوى من المشهد الساحر للنهر، والسبب في ذلك وطأة الكتل الخرسانية، ومحاولة البناء فوق كل بقعة ممكنة للاستنفاع بها. وبفارق 45 متراً فقط عن برج القاهرة - أطول برج مشيد بكامله بالأسمنت في العالم - يقف فندق "رويال مريديان برج النيل" على ارتفاع 142 متراً مستعداً لخوض معترك الفنادق السياحية الفاخرة في القاهرة. اللمسات الاخيرة التي عكف على وضعها مئات العمال والمهندسين، من مختلف التخصصات، في الفندق الجديد المتاخم لفندق "مريديان القاهرة" ذي الموقع الاستراتيجي على جزيرة الروضة، لم تحجب التصميم المتميز للبرج، والذي وضعه المهندس المعماري الاميركي وليم تابلر. وهو اختار أن تكون واجهة للفندق حيث مجموعة المطاعم، وعلى ارتفاع ما يزيد على طابقين من الزجاج. ما يُشعر الزائر أنه محاط تماماً بالمياه، ناهيك عن المنظر الساحر للنهر والمباني المطلة عليه. 72 ألف متر مربع شيدت فوقها الطوابق التسعة والعشرين بغرفها ال 714 التي يطل جميعها على نهر النيل من زاويا مختلفة. تضاف إلى ذلك ست قاعات للاجتماعات ذات مساحات مختلفة، يتسع أكبرها ل 1200 شخص، و28 مطعماً- أقيم بعضها في منطقة مفتوحة في البهو - تتخللها شلالات صناعية ونباتات طبيعية تتدرج على مستويات مختلفة. وتقدم هذه المطاعم أطعمة يابانية وايطالية ولبنانية وشرق أوسطية، وأسماك. ويضاف اليها مقهى بيرة انكليزي PUB، ومنفذ بيع المخبوزات. ويبدو أن "رويال مريديان القاهرة" لم يتشبه ببرج القاهرة في ارتفاعه فقط، لكنه تكلل في طابقه الحادي والأربعين بمطعم دائري يتحرك 360 درجة في الساعة برؤية دائرية كاملة تتيح مشاهدة قاهرة المعز وضواحيها وكذلك الأهرامات. وهي الفكرة التي كان ينفرد بها "برج القاهرة" منذ تشييده عام 1961. وعلى غرار علب الديسكو الليلية المشهورة في لندن وباريس، يحوي الفندق الجديد ملهى ليلياً اسمه "أوبرج النيل"، وضع فيه مهندسو الديكور الذين صمموه، على ما يبدو خلاصة خبراتهم. والمسألة ليست "كماً" فقط، لكنها "كيف" كذلك. فالأعمدة الضخمة المتناثرة في البهو ذات اللون الأسود زينها فنانون آسيويون باليد بخطوط فاتحة دقيقة، أشبه بتعاريج الرخام الطبيعية. والتدقيق الشديد في الكم والكيف نتج عنه استثمار ما يزيد على بليون ونصف بليون جنيه مصري في هذا المشروع، الذي تملكه "الشركة السعودية - المصرية للتنمية السياحية"، ويرأس مجلس إدارتها الشيخ عبدالعزيز البراهيم. وألحق بالفندق "لاغاليري" وهو مركز تجاري مساحته 12 ألف متر مربع، ويقوم على ارتفاع ثمانية طوابق، وبواجهة عرضها 30 متراً على النيل. ويحوي المركز محلات تجارية، ومجموعة مطاعم، ودور عرض مسرحية وسينمائية. ومن أفضل ما يحويه مرآب مكوّن من 12 طابقاً تحت مستوى الماء. وتقول مديرة التسويق الاقليمي لفنادق "مريديان مصر" السيدة سوزي نجا إن الفندق الجديد مهيأ ليستقبل كل أنواع وجنسيات السياح، مشيرة إلى أن الأولوية أعطيت للتركيز على المجموعات، واستقبال سياحة الحوافز والمؤتمرات، ورحلات العمل خصوصاً. وأفادت أن تجهيزات الفندق راعت تقديم خدمة ملائمة لجميع فئات الزوار. كما روعي أيضاً ذوق السائح العربي وتلبية متطلباته في الفندق الجديد، وهو ما يتجلى في منطقة المطاعم المفتوحة في البهو التي لا تُشعر السائح بوجود أي قيود مفروضة عليه في عملية الاختيار، إذ بوسعه أن ينتقي ما يحلو له من أي من المطاعم الموجودة وإعداد تشكيلة من الأطعمة، وتناول وجبته وسط مجموعة المطاعم وهو يتسلى بمشاهدة ما يدور حوله بالاضافة الى أن جميعها يطل على النيل اطلالة واسعة. وتضيف نجا أن الفندق الجديد "صديق للطفل". فالمساحات المفتوحة فيه شاسعة، بالإضافة الى "الريفييرا"، وهي منطقة حمام سباحة للكبار وآخر للصغار. وهناك وجبة خاصة بالأطفال في مطاعمها يطلق عليها VIK وهي الأحرف اللاتينة الأولى من عبارة "طفل بالغ الأهمية" بالانكليزية. وحرص واضعو التصميم الجديد للفندق على مراعاة الاعتبارات البيئية كذلك، إذ يتبع الفندق أساليب لا تضر بالبيئة في التخلص من القمامة، بالإضافة الى تخصيص غرف لغير المدخنين، يبلغ عددها في "رويال مريديان" وحده 101 غرفة وجناح. نائب الرئيس التنفيذي لفنادق "مريديان مصر" المدير العام ل"رويال مريديان" علي عبدالعزيز يقول إن الأخير يعد أحدث اضافة في مجموعة فنادق ومنتجعات "مريديان" المالكة ل 126 فندقاً في العالم، وسيتبوأ كذلك رقم ستة في قائمة فنادق "مريديان" في مصر. ويتوقع أن يحتل "مريديان الأقصر" المكانة التالية في القائمة في المستقبل القريب. وحظي "مريديان القاهرة" على الدوام باقبال كبير من المصريين والسياح العرب والأجانب الذين يقصدونه للإقامة أو لمجرد تناول وجبة أو مشروب، فهو الفندق الذي يتميز بموقعه "المائي" الفريد، بالإضافة الى نكهة من الأصالة الخاصة. وراعى المصممون أن يعزز رونق "رويال مريديان" رونق "مريديان القاهرة" المحاذي، الذي يخضع حالياً لعملية تجديد على مراحل، بعدما شملت المرحلة الأولى التى انتهت تجديد ثلاثة طوابق، وبدأت المرحلة الثانية. وللجمع بين أصالة الفندق الأصلي وفخامة الفندق الجديد والتشكيلة المتنوعة في المركز التجاري، هناك ممشى متاخم للنيل، يصل بين الثلاثة في "تمشية" هادئة للراغبين بعد ما كان الأول من الشهر الماضي موعداً لافتتاح "رويال مريديان" "خافت"، على أن يكون الافتتاح الرسمي الخريف المقبل.