شغل اكثر من سؤال مهم اذهان المتابعين لشؤون كرة القدم عن من يوقف ريال مدريد في احتكار البطولات بالقدر ذاته الذي ارهق رجال المال في حساب الطريقة التي سيعوض فيها النادي الاسباني مبلغ ال130 مليون دولار التي دفعها لضم النجم الفرنسي زين الدين زيدان 75 مليوناً ليوفنتوس الايطالي بدل انتقال و55 مليوناً راتب اللاعب ومستحقاته لخمس سنوات مقبلة. وتتشعب الاسئلة فتصل الى من هو الخاسر في هذه الصفقة الاغلى في تاريخ انتقالات اللاعبين؟ من الناحية الكروية، فان ريال مدريد حصل على افضل لاعب في العالم حالياً اذ قاد منتخب بلاده الى احراز ثلاث بطولات متتالية هي كأس العالم 1998 وكأس اوروبا 2000 وكأس القارات 2001، وحاز هو نفسه على لقب افضل لاعب في العالم مرتين. لكن يوفنتوس يرى الأمور بنظرة مختلفة، فهو حصل على مبلغ يتساوى مع موازنات سنوية لأندية عدة للاعب يعتبر في خريف عمره الرياضي، فمن شارف على الثلاثينات بدأت مسيرته في العد التنازلي... وأين هو الانجاز البارز الذي حققه زيدان للنادي الايطالي في المواسم الثلاثة الاخيرة؟ الاجابة معروفة طبعاً، لا شيء. لهذا قرر يوفنتوس اعادة بناء الفريق من جديد فاقال مدربه كارلو انشيلوتي وعاد مدربه السابق مارتشيلو ليبي الذي بدأ اعادة البناء بضم الفرنسي ليليان تورام والحارس الدولي جانلويجي بوفون وكلاهما من بارما، والمدافع فاليريو بيرتوتو اودينيزي واتم ايضاًً صفقات التشيخي بافل نيدفيد لاتسيو، وهو على وشك ضم المهاجم كريستيان فييري من انتر ميلان والاسباني جوزيب غارديولا برشلونة... في حين خرج مع زيدان الى خارج اسوار النادي المهاجم الدولي فيليبو اينزاغي وانضم الى اي سي ميلان... كما ان النادي يدرس عروضاً لانتقال اليوغوسلافي داركو كوفاسيفيتش والحارس الهولندي ادوين فان در سار.التغييرات كانت جذرية بعد الفشل في تحقيق الالقاب، وهو لم يتردد في السابق في التخلي عن النجم روبرتو باجيو واخيراً عن هدافه اينزاغي، ولذا فان صفقة زيدان بالنسبة الى النادي الايطالي هي "مناسبة" ان لم تكن مربحة جداً. ريال المغامر اما ريال مدريد فهو كالمتجر الرائد في سوق المتاجر الراقية، يريد عرض افضل البضائع واثمنها بغض النظر عن نجاحها تجارياً ومردودها مادياً. واللافت انه يغوص في ديون تقدر بنحو 280 مليون دولار قبل اتمام صفقة زيدان، فعندما ضم في صفقة مشابهة النجم البرتغالي لويس فيغو نحو 60 مليون دولار من برشلونة العام الماضي، علق رئيس النادي فلورينتينو بيريز الذي انتخب حينها بناء على وعده جلب نخبة كرة القدم الى ريال، قائلاً: "نحن في وضع العناية المركزة مادياً". ولكنه الآن كشف عن افكار وخطط للتخلص من عبء هذه الديون، فهو يعلم ان ما صرفه على زيدان لن تعوضه مبيعات القمصان التي تحمل اسم النجم الفرنسي والرقم 5 لأنها لن تدر اكثر من 8 ملايين دولار، وان اعداد المشاهدين لن تزيد على 500،106 آلاف وهي السعة القصوى لاستاد بيرنابو، لأن غالبيتها تعودت على الحضور لمشاهدة راوول وفيغو وروبرتو كارلوس وزملائهم. وحتى لو قاد زيدان فريقه الجديد الى الفوز بدوري ابطال اوروبا فان الفائز لا يحصل على اكثر من 40 مليون دولار قيمة جوائز وحقوق نقل تلفزيوني. لكن بيريز يراهن على العقود التجارية التي تلازم كبار النجوم ويأمل باستقطاب رعاة من الدرجة العليا، اما مخططاته التي يدرسها جدياً الآن فهي بيع نحو 20 في المئة من عقارات النادي الموجودة في المدينة التجارية في قلب مدريد، ويسعى الى دعوة مستثمري عقارات من انحاء العالم لعرض مقترحات لبناء اربعة ابراج بطول 700 قدم وتحويلها الى مكاتب تجارية يأمل بجني نحو 290 مليون دولار من ورائها. وعلى رغم ان بيريز صرف نحو 170 مليون دولار على لاعبين جدد خلال عام واحد، فانه يدعي انه وجد الحلول المالية لكل مشكلة تعرض لها النادي. ولم يستبعد بعض المتابعين بيع مركز تدريبات فرق النادي الموجود في قلب العاصمة، واستبداله بآخر اقل تكلفة خارج المدينة. كما تبرز نقطة مهمة وهي الاتفاق بين ريال مدريد وبلدية مدينة مدريد الذي ينص على ان تحمي الاخيرة مستقبل النادي المادي وضمانه لدى دائنيه. ومهما كانت الطريقة التي ستُحل بها مشاكل ريال مدريد المالية فانها من المؤكد ليست بدفع نحو 75 مليون دولار للاعب يشارف الثلاثينات من عمره. الا اذا اعتبرت مغامرة خاسرة، اما اذا اراد النادي الاسباني ان يطلق عليه لقب بطل اوروبا لسنوات طويلة فانه يراهن على ذلك بضمه افضل لاعب في العالم وسيبقى ينفق مبالغ خيالية على اصحاب الاقدام الذهبية. واوضح بيريز السبيل الذي يسلكه فريقه بقوله: "هناك لاعبون ولدوا للعب لريال مدريد وزين الدين زيدان واحد منهم... وانا اشكره على مجيئه الى هنا لانه يؤكد على عراقة هذا النادي الذي يعتبر المال وسيلة لاستقطاب النخبة وليس العكس".