غارة إسرائيلية تستهدف «رئيس أركان حزب الله»    توقيع اتفاقيات لتعزيز استدامة المياه    زيادة الإنتاج الأميركي من خارج الحقول الصخرية    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية ترصد ظهور النسر الأبيض الذيل    أكبر شراكة استراتيجية في العقد الجديد    يايسله: لا أهتم لمنتقدي «التشكيلة»    الاستجابة الجوية تنقذ مريضاً خلال 19 دقيقة    إحباط تهريب (214,650) قرصًا مخدراً    والد الزميل المطير في ذمة الله    مستشفى الإمام عبدالرحمن يحصد اعتماد «جراحة السمنة»    بيئات العمل.. قراءة في مستقبل الصحة والسلامة المهنية    بعد مقتل خمسة من كبار قادة حماس.. مناقشة المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار بغزة    اقتحامات واعتقالات متصاعدة في الضفة الغربية    ارتفاع طفيف بتكاليف البناء    شارك نيابة عن ولي العهد في ثاني جلسات قمة العشرين.. فيصل بن فرحان: الذكاء الاصطناعي عامل رئيسي لتحسين كفاءة استخدام الموارد    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الشباب والأخدود    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ينشد الصدارة أمام الشارقة.. والاتحاد في ضيافة الدحيل    مشيداً بدعم القيادة لقطاع الموانئ والصناعة البحرية.. أمير الشرقية يضع حجر الأساس ل«اللوجستية» ويفتتح توسعة محطة الحاويات    خلال زيارته لشركة IBM الأمريكية.. الغامدي: بحث تطوير القدرات الوطنية بالذكاء الاصطناعي    الناهشون في جسد النجاح!!    القطاع العدلي يواكب التحولات العالمية.. الصمعاني: الجودة القضائية ركيزة أساسية لجذب الاستثمارات    فرحة اسكتلندا بالتأهل للمونديال تسبب هزة أرضية    «أمانة جدة» تضبط 5 آلاف كجم من الأغذية الفاسدة    انطلاق العروض المسرحية بموسم الرياض    جدة تستضيف مهرجان «ويكندز» للموسيقى    الانطوائيون أيضاً يصنعون النجاح    «الحج»:«نسك عمرة» منصة موحدة وتجربة ميسرة    حين يكون العطاء لغة وطن    انطلاق المحادثات لمناقشة خطة ترمب.. جنيف تفتح «الملف الحساس» في حرب أوكرانيا    نعمة الوظيفة لا يدركها إلا من فقدها    جيسوس: لا يوجد مدرب لا يخسر    دونيس ينتقد التحكيم في مواجهته مع النصر    الأمن البيئي يتأهل لنهائي بطولة وزارة الداخلية لكرة القدم    تخصيص 2868 موقعا للبيئة والمياه والزراعة    وزارة الثقافة تحصد جائزة أفضل مشروع ثقافي في المملكة    العيد يستعيد دور التلفزيون والإذاعة في تشكيل الوعي السعودي    افتتاح متحف التاريخ الطبيعي في أبوظبي    تحرك أميركي وشيك ضد فنزويلا    117 دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر جمادى الأولى    الشحن السريع لا يضر البطارية    روبوت صيني بقدرات بشرية    دوري يلو 9.. أبها يخطف الصدارة.. العلا والدرعية يتعثران    قهوة الصراصير والنمل تجتاح الصين    الكبد الدهني يضاعف خطر الوفاة    معوقات إدارة الجودة الشاملة    الحوكمة في الشركات والقطاع العام: ماذا نخسر بدونها    تحت رعاية ولي العهد .. وزير العدل يفتتح المؤتمر العدلي الدولي الثاني    وزير العدل: نعمل على انتقال البورصة العقارية إلى هيئة العقار    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة    أمير الرياض يستقبل مدير عام السجون المكلف    قنصل عام فرنسا بجدة يستضيف خريجي الجامعات الفرنسية في أمسية مميزة ب«دار فرنسا»    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية ترصد أول ظهور للنسر الأبيض الذيل في السعودية منذ 20 عاما    افتتاح متحف البحر الأحمر بجدة التاريخية في 6 ديسمبر    دكتورة سعودية ضمن القادة العالميين المؤثرين    الملك وولي العهد يعزيان ملك البحرين في وفاة الشيخ إبراهيم بن حمد آل خليفة    افتتاح جامع المجدوعي بالعاصمة المقدسة    الشيخ فيصل غزاوي: الدنيا دار اختبار والصبر طريق النصر والفرج    العبيكان رجل يصنع أثره بيده    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تيارات الفكر الإسلامي المعاصر وقضايا الإصلاح والتجديد في المنطقة
نشر في الحياة يوم 07 - 05 - 2001

"قضايا الإصلاح والتجديد في تيارات الفكر الإسلامي المعاصر" عنوان لندوة دارت حواراتها في المعهد العالي للدراسات الاسلامية التابع لجمعية المقاصد الخيرية الاسلامية في بيروت، وذلك بالتعاون مع المعهد العالمي للفكر الاسلامي في فرجينيا الولايات المتحدة. شارك في اعمال الندوة جمع من المفكرين الاسلاميين.
محاضرة وجيه كوثراني عن صورة العالم الاسلامي المعاصر، ركّزت على مسألة العلاقة بين السلطة المدنية والسلطة الدينية. انطلق كوثراني من حقيقة التقارب بين التجربة المسيحية والتجربة الاسلامية في مسألة الصراع الاجتماعي - السياسي من ناحية المضمون والجوهر، ومن ناحية وظيفة الدين في الصراع السياسي مستشهداً بمقولة ابن خلدون في الاستقواء بالدين عند حديثه عن جدلية العلاقة بين العصبية والدعوة الدينية، ومركّزاً على حاجة المجتمعات الاسلامية الى فصل الدين عن السلطة. وهنا يتحدث عن تجربة العلمنة التي يرى الحل فيها، على رغم سوء فهم هذا المصطلح الذي يعني جعل السلطة السياسية مدنية فقط، وليس المعنى السائد خطأ، أي الإلحاد.
وخلص كوثراني الى ان الخطابات العربية الرافضة للعلمانية تجعل من الخصوصية سداً حاجباً للتاريخ. فيجري تشويه تبسيطي للتاريخ الاوروبي المسيحي الذي آلت صراعاته نحو العلمنة كما يجري في المقابل نظر انتقائي وأحادي للتاريخ الاسلامي يحدث من خلاله قطع هذا التاريخ عن مضامينه الاجتماعية وعن سياقاته العالمية وصولاً الى تعريف العلمانية كأيديولوجيا "معادية للدين" او ملحدة، او في ألطف الأحوال "تغريبية"، والتغريب في هذا الوعي الآحادي والمتوتر يستدعي على طول الخط "الإدانة" من زوايا عدة.
محاضرة رضوان السيد كانت بعنوان: "رؤية العالم في الفكر الاسلامي المعاصر: الحتميات المختلفة والإمكانات الأخرى". وقد اختار اربعة مشاهد او مواجهات ثقافية عربية، ثلاثة منها من مصر، على امتداد القرن العشرين، لبلورة الاطروحة التي ذهب إليها عن الطبيعة العقائدية لهذا الفكر، فكر الذاتية والهوية، وعلاقة وعي الهوية برؤية العالم، والإمكانات الأخرى التي تفتح عليها المشهد في تسعينات القرن العشرين. المواجهة الأولى كانت بين فرح أنطون ومحمد عبده. وإشكاليتها تمحورت حول مسألة التقدم والسبل الفضلى لتحقيقه. كان فرح انطون يرى إمكان تحقيق التقدم بفصل السلطة المدنية عن السلطة الدينية، وأما محمد عبده فقد خالف فرح انطون في ذلك، لأن فصل السلطتين غير ممكن في كل الأديان، وفي الإسلام على الخصوص، وهذا الفصل وإن كان ضرورياً في أوروبا في العصور الوسطى الكنيسة والملك للخصومة بين العلم والدين، فهو بالنسبة الى الإسلام غير ضروري لعدم وجود هذه الخصومة. نقاش لم يجرِ حسمه لمصلحة واحد من المتجادلين. بدأ النقاش عن التقدم، وانتهى افتراقاً في قضايا دور الدين في دنيا الواقع، وعلائقه بالدولة والسلطة السياسية، وهي اشكالية لا تزال عالقة في الفكر والواقع العربي على مشارف القرن الحادي والعشرين.
المواجهة الثانية كانت بين رشدي صالح ومحمد البهي. رشدي صالح الذي أصدر عام 1957 رواية تأويلية عن إبن خلدون، عنوانها "رجل في القاهرة". ومحمد البهي الذي اصدر عام 1957 أيضاً كتاباً عنوانه "الفكر الاسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الأوروبي الغربي" وقد خصص فصلاً عنوانه "الماركسية في التجديد في الفكر الاسلامي" يردّ فيه على كتاب رشدي صالح الآنف الذكر. مثلت هذه المواجهة، مواجهة مثقفين على طرفي نقيض، لم يكن هناك إمكان للقاء بينهما على تسوية.
يأتي المشهد الثالث ليفصح عن الخيارات التي ما كانت تحددت اثناء الخمسينات. كتاب سيد قطب "معالم في الطريق" الذي كتبه في السجن ونظّر فيه للحاكمية الإلهية في مواجهة الحاكمية والطاغوت. وإذا كانت إشكالية مطلع القرن هي إشكالية التقدم، إشكالية الأربعينات والخمسينات، رأسمالية أو اشتراكية، فإن إشكالية الستينات والسبعينات تحددت بالسؤال: كيف يمكن أن تبقى مسلماً؟
المشهد الرابع يستلهم الفكر الإحيائي الإسلامي الذي أثار حفائظ الليبراليين الجدد الذين خرجوا من الحتمية الماركسية الى الحتمية الليبرالية. نتجت عن هذه المواجهة ازمة فكرية راوحت مكانها بدرجات متفاوتة طوال القرن العشرين الى ان انفجرت في التسعينات تعبيراً عن العجز في مواجهة اشكاليات العلاقة بعالم العصر، وعصر العالم. فإذا كانت رؤية محمد عبده في مواجهة فرح انطون رؤية تاريخية، ورؤية محمد البهي في مواجهة رشدي صالح واليساريين رؤية سياسية، ورؤية سيد قطب والقرضاوي رؤية نضالية، فإن رؤية اسلاميي المعرفة وعزيز عظمة معاً هي رؤية ثقافية، او عقائدية، تنصب على التصارع على المجتمع والدولة في العالم الاسلامي وإن اتخذت من العالم المعاصر كله مسرحاً لها. وذهب رضوان السيد الى القول اخيراً، ان لا بد في نهاية المطاف من البحث عن ظواهر تغيير تكفي للوصول الى تبدل في رؤية العالم.
وتحدث عبدالحميد ابو سليمان رئيس المعهد العالمي للفكر الاسلامي عن دور المعهد العالمي للفكر الاسلامي في كيفية فهم الفكر الاسلامي. وركّز د.أبو سليمان على واقع الأمة الاسلامية وما آلت إليه وعلى أهمية الإبداع في مواجهة التقليد.
أما فتحي ملكاوي فقد دارت محاضرته حول موضوع إسلامية المعرفة. شرح اولاً معنى هذا المصطلح الذي يحاول الربط بين المعرفة بميادينها المختلفة، والإسلام كرؤية توحيدية كونية، مشيراً الى ان هذا المصطلح اضحى شعاراً لجملة من النشاطات الفكرية وعلماً على اتجاه فكري له نظرة خاصة لمجمل قضايا الأمة والعالم. والقضية المطروحة في اسلامية المعرفة هي قضية التجديد والنهوض الحضاري لهذه الأمة. وناقش معارضي "اسلامية المعرفة" كالسيد ياسين ومحمود أمين العالم ومصطفى الحبيلي.
تعرّض عمر مسقاوي في محاضرته لأمور خمسة: اولاً مصطلح التحديث في مفهومه التاريخي طبقاً للمنظور الأوروبي. ثانياً: تأثر الفكر الاسلامي بذلك المصطلح منذ رفاعة الطهطاوي في بداية القرن التاسع عشر مروراً بجمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده. ثالثاً: تأثير الشيخ محمد عبده في بناء النخبة الدينية والسياسية والاجتماعية وأثرها في تجديد الرؤية والنظرة في مواجهة العصر الحديث. رابعاً: الأصول الأساسية لمفهوم التجديد في الفكر الاسلامي ومدى انحراف المسيرة عن قواعدها. خامساً: دعوة الى بناء مصطلحات جديدة في بناء فكر اسلامي جديد ينغمس في المفهوم الوطني بغية الحفاظ على مناخ الحضارة الاسلامية التي هي في نهاية الأمر اساس المفهوم الوطني للتطور، منتهياً بعد بحثه في هذه الأمور الى ان الإسلام إذ يغرق بين المحدثات والمستجدات فذلك منهج لا يدخل فحسب بخصوصية الثقافة الاسلامية بل هو معيار تاريخي حضاري للتعارف والحوار بين الثقافات.
"مستقبل الخطاب الاسلامي في ظل الديموقراطية والعولمة والصراع العربي - الاسرائيلي، وشرعية الدولة في مقابل مشروعية الثورة" كان عنوان محاضرة احمد موصللي الذي عرف واقع الخطاب الاسلامي ملخصاً أوضاعه وأفكاره وتياراته، وواضعاً لتصور مستقبله شروطاً تؤهله للقيام بدور فاعل، وطارحاً اسئلة عن دور الدين في السياسات العالمية والصراع العربي - الاسرائيلي والثورة الاسلامية في إيران.
محاضرة جمال باروت "مستقبل الخطاب الاسلامي" جاءت قراءة لواقع الحركة الاسلامية السياسية المعاصرة. ويرى باروت ان الهمّ الأكبر الذي يواجه هذه الحركات يتمثل في كيفية اقامة الحكم الاسلامي او الدولة الاسلامية.
وبعد قراء متأنية لسلوك هذه الحركات، وما آلت اليه من خلال النتائج التي تمخضت عنها تجربة الحكم الاسلامي، يرى باروت ان الدعوة الى فصل الدين عن الدولة، او فصل الخلافة عن السلطة بات من مسلّمات الواقع المعاصر، ويتحتم على كل حركة اسلامية ان تتعامل معه، وأن تقبل بالصورة المجرّبة.
وتحدث عزالدين موسى عن مستقبل الخطاب الإسلامي، منطلقاً من مسلّمة تقول ان قضايا الإصلاح والتجديد، في مسيرة الفكر الاسلامي عبر العصور، تشكل المحور الاساسي في هذه المسيرة. ورأى ان هذا ليس مستغرباً لأن الإسلام جعل ذلك في كلّياته التي لا تتبدل، ومن ثوابته التي لا تتغير، ويجري التعبير عن هذين المصطلحين في الخطاب القرآني ب"التغيير". ورأى أن مستقبل الخطاب الاسلامي يتوقف على التصدي للمشكلات العصرية الملحّة، وبنهج يأخذ بالثابت الرباني ويعيد الى الفكر الاسلامي ألقه فيعالج قضايا أمّته. فعجز الخطاب ليس من عجز الإسلام، وإنما هو في عجز أهله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.