يظل سجن طرة الأشهر بين 50 سجناً في مصر. فهو اقدمها واكبرها. وزنازينه استقبلت على مدى نحو 115 عاما، الى جانب عتاة المجرمين، نجوم من المشاهير من رجال الفكر والفن والسياسة. ويقبع رئيس "مركز ابن خلدون" الدكتور سعد الدين إبراهيم في واحدة من تلك الزنازين حيث يقضي عقوبة السجن سبع سنوات تنفيذاً لحكم محكمة أمن الدولة العليا. وسيستمر على هذا الوضع إلا إذا قبلت محكمة النقض طعنهفي الحكم. وعندها ستحال قضيته على دائرة اخرى تابعة لمحكمة امن الدولة العليا. فإذا برئ عاد إلى بيته وإذ دين مجدداً يعود الى سجن طره. ويضم هذا السجن الذي يعود بناؤه إلى العام 1886 اربعة سجون متلاصقة هي: ليمان طرة ومزرعة طرة والعقرب والاستقبال الموجود فيه ابراهيم حالياً. ويدير مجمع سجون طره ضابط شرطة برتبة لواء ومأمور للسجن برتبة عميد وعشرات من الضباط، ويحرسه مئات الجنود. وتضطر السيارات المارة على طريق كورنيش النيل الذي يربط وسط القاهرة بجنوبها الى تخفيف سرعتها لدى مرورها في منطقة طرة حيث يقف الحراس في كل اتجاه. وتعكس كثافة الحراس خطورة القابعين خلف الاسوار. وحين امسك الرئيس الراحل انور السادات معولاً عقب "ثورة التصحيح" العام 1971 وضرب وسط حشد من مراسلي الصحف وعدسات المصورين جدار السجن مبشراً بإنهاء "عهد المعتقلات" لم يكن الأمر اكثر عن مجرد هدم أحد عنابر السجن. فالمحكومون في قضية اغتيال السادات محتجزون في المكان نفسه، بعد ما اقدمت السلطات على بناء عنبر مكان العنبر نفسه الذي دشن السادات عملية هدمه. لم يكن سعد الدين ابراهيم يتوقع ان يستقر المقام به في المكان نفسه الذي اقدم السادات قبل أكثر من 20 سنة على الزج بمعارضيه فيه. فإبراهيم الذي قال ل"الحياة" قبل اسابيع انه كان عاتب السادات لإقدامه على اصدار قرارات ايلول سبتمبر 1981 والتي شملت القبض على السياسيين المعارضين، نقل الى المكان الذي جهزه صديقه القديم. فسجن استقبال طره افتتح للمرة الاولى في ذلك التوقيت وسجن فيه اكثر من 1400 من معارضي السادات. ويضم السجن عنبرين أ وب يتكون كل منهما من اربع طبقات وفي كل طبقة 32 زنزانة، يتوقف عدد المودعين في كل منها على الظروف الامنية. فالسجن مخصص اصلاً للمعتقلين السياسيين والمعتقلين على ذمة التحقيق في قضايا مازالت النيابة تنظر فيها. ولا يقضي فيه أي مسجون في القضايا الجنائية فترة عقوبته. ويرتدي المحتجزون داخل السجن الملابس المدنية الخاصة بهم. ويظل سعد الدين ابراهيم والمحكومون معه في قضية "مركز ابن خلدون" حالة خاصة. ويبدو أن السطات المصرية ستبقيه في ذلك السجن الى ان يتم البت في الطعن أمام محكمة النقض ثم تنقله وزملاءه إذا ما رفض الطعن الى ليمان طرة أو سجن مزرعة طرة. ويرتدي سعد وزملاؤه الملابس الزرقاء. وووفقاً لمحاميه الدكتور إبراهيم صالح فإن السلطات قبلت أن يرتدي ملابس مدنية زرقاء اللون غير تلك التي تصرفها الادارة للسجناء. كما سمحت بتسليمه ادوية واجهزة طبية وبعض الاطعمة الخفيفة. وتظل الظروف في ذلك السجن افضل من غيرها. فإبراهيم محتجز في زنزانة مع سجين آخر فقط دين في قضيته أيضاً. وفي حين يتمتع المعتقلون على ذمة قانون الطوارئ المعمول به في البلاد منذ العام 1981 الحق في زيارة اسبوعية لأربعة من افراد اسرته، فإن المحكومين لا يحق لهم إلا زيارة واحدة لكل متهم كل شهر يمكنه فيها الجلوس مباشرة الى اهله، اضافة إلى زيارة اخرى تكون غير مباشرة، اذ يفصل سلك بينه وبين زواره. وفي كل الاحوال فإن اول زيارة للمحكومين لا تتم قبل مرور شهر على صدور الاحكام، لكن اسرة ابراهيم حصلت على تصريح خاص وزارته بعد أربعة أيام من صدور الحكم عليه. وينام السجين في ذلك السجن على سرير، وتظل عنابر السجن من السابعة صباحاً وحتى آذان المغرب مفتوحة يمكن للسجناء خلال تلك الفترة الخروج منها الى الفناء الخارجي. وتقدم لكل سجين 3 وجبات يومياً ويسمح للمعتقلين والمحتجزين احتياطياً باستقبال طعام من الخارج. اما المحكومين فيلزم تصريح خاص للحصول على ذلك الحق. وتصرف ادارة السجن في الصباح ستة أرغفة من الخبر لكل سجين يأكل منها ما يشاء طوال اليوم، ويكون الفول المدمس عادة هو الصنف الوحيد في الإفطار وكذلك العدس في الغذاء. اما العشاء فهناك تنوع ما بين المربى والجبن المطبوخ. وتقدم الخضار مع اللحم مرة واحدة في الاسبوع. ويحق للنزلاء إيداع مبلغ مالي في خزانة مقصف السجن لشراء مأكولات منه إذا كان السجين لا يرغب في تناول ما يصرف له من طعام وهذا ما فعله إبراهيم.