تبلغ رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري في ختام زيارته للدوحة من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ان بلاده قررت ايداع 60 مليون دولار في مصرف لبنان المركزي لمدة عشر سنوات بفائدة بنحو 5،4 في المئة، مع استعداده لتطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في لبنان. وأبدى أمير قطر تضامنه مع لبنان وادانة بلاده للعدوان الاسرائيلي على محطة الرادار السورية في ضهر البيدر، مشيراً الى قلقه حيال تعثر السلام والتطورات الجارية في الاراضي الفلسطينية المحتلة. بدوره اكد الحريري بحسب معلومات "الحياة" في رده على استيضاحات أمير قطر حول ابعاد السجال الدائر حول الوجود السوري في لبنان وخلفيته أن العلاقة مع سورية "خط أحمر"، ولا مصلحة لأحد في استمرار السجال، معتبراً ان "لدمشق دوراً ايجابياً على الساحة اللبنانية". واختتم الحريري محادثاته في قطر بعد ظهر امس وتوجه الى جدة في المملكة العربية السعودية في زيارة خاصة، بعد لقاء مطول عقده مع أمير قطر، سبقه اجتماع موسع شارك فيه من الجانب اللبناني وزير الطاقة والموارد المائية والكهربائية محمد عبدالحميد بيضون وعن الجانب القطري ولي العهد جاسم بن حمد آل ثاني ورئيس الوزراء عبدالله بن خليفة آل ثاني ووزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ووزير الطاقة عبدالله بن حمد العطية. وعقد اجتماع عمل آخر بين الحريري ونظيره القطري في الديوان الأميري في حضور اعضاء الوفدين، ليعلن الحريري في نهايته انه نقل تحيات رئيس الجمهورية اميل لحود الى أمير قطر، وان البحث تناول تطوير التعاون وان أمير قطر اعطى تعليماته الفورية لزيادة عدد الرحلات التي تقوم بها شركة الطيران القطرية الى بيروت. وعلمت "الحياة" من الوفد اللبناني ان رجل الاعمال الشيخ فيصل بن جاسم آل ثاني الذي التقاه الحريري، ينوي زيارة لبنان على رأس وفد من رجال الاعمال القطريين للبحث في الاستثمار في لبنان، ودراسة امكان تمويل مشروع انشاء قصر الثقافة والمؤتمرات في بيروت. وبحسب المصادر نفسها، عرض الحريري مع نظيره القطري الخطوات التي تتخذها الحكومة اللبنانية لتنشيط الاقتصاد وتشجيع مجيء القطريين هذا الصيف الى لبنان لا سيما وان الحكومة ستقدم تسهيلات للدخول الموقت للسيارات القطرية. وبالنسبة الى المحادثات التي اجراها بيضون مع نظيره القطري، والتي شارك في جانب منها مسؤولون عن شركة قطر غاز وشركة توتال إلف الفرنسية، قال الوزير اللبناني ان الدراسات جارية حول كيفية تزويد لبنان بحاجته من الغاز، مشيراً الى ان الغاز القطري هو من افضل الامكانات امامنا، بينما ابدى رئيس وزراء قطر استعداد بلاده لعرض افضل سعر تنافسي بعقد طويل الامد. وأكد العطية ان شركة توتال - إلف، ابلغت الجانبين ان كلفة بناء محطة استقبال الغاز القطري المسيّل ومعالجته في لبنان، تراجعت من حوالى 450 مليون دولار الى 300 مليون بفعل التقدم التكنولوجي الكبير الذي تحقق في الاعوام الاخيرة. وعرضت قطر على لبنان تزويده بمليون طن ونصف المليون من الغاز الطبيعي المسيّل، ما يشكل نصف حاجته بعقد مدته 25 عاماً. ويحتاج انجاز المشروع الى 3 سنوات بدءاً من موعد التوقيع. يشار الى ان اجمالي الودائع العربية في مصرف لبنان، بعد الوديعة القطرية هي حوالى بليون دولار، وان أمير قطر هو الذي بادر فور استقباله الحريري الى ابلاغه قراره بالوديعة بفائدة "ليبور" ومدة هذه الوديعة هي الأطول... وكان الحريري حذر في احاديث صحافية ادلى بها في الدوحة، اسرائيل من استمرارها "في الرهان على الحلول الأمنية"، معتبراً "ان مثل هذه السياسة التي تطبقها ضد الفلسطينيين في الاراضي المحتلة ستزيد من التأزم في المنطقة وان شارون يخطئ اذا اعتقد ان بسياسته هذه يمكن ان يفرض الحل الأمني على الدول العربية كبديل لسلام عادل وشامل". وكرر الحريري ان "العدوان الأخير على لبنان وسورية يشكل خرقاً لكل القوانين الدولية"، مشيراً الى انه "قد يوسع دائرة الصراع في المنطقة ولا مصلحة لأحد في ذلك". وقال لوكالة الانباء القطرية: "لا يستطيع احد اخضاع اي شعب بالقوة، ولا حل الا بالسلام العادل"، مؤكداً في اشارة الى مزارع شبعا المحتلة، انه "لا يجوز ان نضع الملامة على من يحاول تحرير ارضه وان ننسى المحتل". وأضاف: "لا يمكن ان نقول للبناني لا تحرر ارضك. وهذا المنطق اعوج". وعن زيارته المرتقبة الى واشنطن قال الحريري: "سنشرح للأميركيين حقيقة ما نشعر به، وسنقول لهم ان للأمة العربية تاريخاً ولا تنام على الضيم وعندما تُوضع في موقع الاختيار بين الذل او العيش بكرامة مع الموت، فإنها تختار الاستشهاد مع الكرامة ولن ترضخ"، مشيراً الى "ان الادارة الاميركية لا تتدخل في مسألة الوجود السوري في لبنان، التي هي من اختصاص البلدين المعنيين. أما الاختلاف فيدور حول حجم العلاقات والدور السوري ومن ضمنه الانتشار العسكري. وعلى كل حال هذا الأمر يُبحث لكن في هدوء. وفي تقديرنا فإن سورية بالنسبة الى لبنان هي بوابته على العرب".