} تطمح فرنسا الى زيادة مبيعاتها من الأسلحة الى منطقة الشرق الأوسط، بعد التراجع "غير المعهود" الذي شهدته خلال السنوات الثلاث الأخيرة. وتجلت هذه الرغبة بوضوح في تصريحات عدد من مسؤولي الصناعة العسكرية الفرنسية في معرض "ايدكس 2001" امس. عكست تصريحات مجموعة من كبار المسؤولين في الصناعات الدفاعية الفرنسية خلال مؤتمر صحافي عقدوه أمس، في اليوم الأول لمعرض الدفاع الدولي "ايدكس 2001" في أبوظبي، حساً عملياً بضرورة العمل على تطوير نشاطهم الترويجي في المنطقة "من دون اغفال الجانب السياسي" في المفاوضات الخاصة ببيع الأسلحة. وتعرض 28 شركة رئيسية فرنسية تعمل في مجال التسلح والانظمة الدفاعية معداتها في معرض "ايدكس 2001" في جناح ضخم تبلغ مساحته ألفي متر مربع، في حين يرأس جان ايف هيلمير، رئيس المفوضية العامة للتسليح، الوفد الفرنسي الرسمي ممثلاً لوزير الدفاع الفرنسي خلال المعرض. وتحتل فرنسا المرتبة الثالثة عالمياً بعد الولاياتالمتحدة وبريطانيا في سوق تصدير السلاح، اذ تستحوذ على نسبة تراوح بين 12 و15 في المئة من حجم الصادرات العالمية للسلاح. وعلى رغم ان الشرق الأوسط كان يستأثر بثلث صادرات الاسلحة الفرنسية قبل سنوات، على قدم المساواة مع آسيا وأوروبا، الا ان هذه النسبة هبطت في شكل مقلق في السنوات الأخيرة، لتصل الى 9 في المئة العام الماضي. وتُفسر اسباب عدة هذا التراجع، منها انخفاض دخل دول الخليج النفطية وتجميدها عقود تحديث قواتها المسلحة، علاوة على سبب آخر يدفع به المحللون ومفاده ان الانظمة التسليحية المباعة لا تنفذ حتى يكون عهدها قد انقضى تكنولوجيا، الأمر الذي يعقد وسيلة ابرام الصفقات ويخضع عروض الشركات الفرنسية الى منافسة اضافية، لا سيما من الجانب الاميركي. وصدرت فرنسا العام الماضي أسلحة بقيمة 5.6 بليون يورو الى مختلف دول العالم، وبقيمة 1.3 بليون يورو الى دول في أوروبا، ما يعني ان حجم الصادرات الى الشرق الأوسط بلغ 450 مليون دولار، وهو مبلغ متواضع قياساً بحجم الصفقات التي أبرمتها فرنسا مع البلدان العربية من قبل. وتعتبر دولة الامارات التي دخلت في مرحلة وسيطة من خططها لتحديث قواتها المسلحة، احدى الاسواق المهمة التي تسعى فرنسا الى تحسين علاقاتها بها باستمرار. وشكل صرف النظر عن طائرات "رافال" والتحول الى طائرات "اف 16 سي - دي" التي اشترت وزارة الدفاع الاماراتية 80 طائرة منها في آذار مارس الماضي هزيمة مؤلمة لفرنسا وقدرتها على المنافسة في وجه الشركات الاميركية العملاقة، علماً ان باريسوأبوظبي ابرمتا اتفاقاً قبل ذلك بعام، قيمته بليونا دولار، لبيع الامارات 41 طائرة "ميراج 2000" وتحديث 20 طائرة "ميراج 2000" اخرى. وقال الفريق فيليب روجيه، مدير العلاقات الدولية في المفوضية العامة للتسلح: "لدينا ثلاثة مستويات في الاسلوب الذي نتبعه لتطوير علاقاتنا مع دولة الامارات ... ونحن نجري مفاوضات معها الآن تخص بيعها طائرات هليكوبتر للتدريب واجهزة لاسلكي لطائرات أف - 16 وصواريخ بحر - بحر واجهزة تصوير تحت الحمراء وغيرها من المعدات". ولا يخفي المسؤولون الفرنسيون الذين أرسلوا رئيس جمهوريتهم قبل ثلاثة أعوام في زيارة رسمية اقتصرت على دولة الامارات دون الدول المجاورة، والذين تتواصل زياراتهم ومؤدهم الى أبوظبي، شعورهم بأن الجهد السياسي وحده لا يمكن ان يساهم في اقناع مسؤولي المشتريات الحربية في دولة الإمارات بالاكتفاء بالسلاح الفرنسي دون غيره. وقال نوبل كلافلو رئيس لجنة "سيديف" التي تعتبر الرابطة التي تجمع الصناعات الدفاعية الفرنسية في اطار واحد: "خضعت صناعاتنا الدفاعية الى عملية تخصيص واسعة قادتها في العامين الماضيين الى اعادة هيكلة جذرية واندماج على المستوى الأوروبي. وهناك الآن ثلاث مجموعات دفاعية أوروبية تشارك فيها مؤسسات التصنيع الحربي الفرنسية من أصل أكبر عشر مجموعات دفاعية يعرفها العالم اليوم". وشهدت فرنسا الساعية الى خفض تكاليف صادراتها وزيادة تنافسها تفاهماً بين مسؤولي الصناعات الدفاعية ومسؤولي وزارة الدفاع لتحديد أنماط التكنولوجيا التي يتعين بناؤها على مدى السنوات الثلاثين المقبلة، في وقت تتواصل خطوات خفض التكاليف ودمج خطوات الانتاج في شكل حثيث. الا ان فرنسا، التي يذهب نصف صادراتها العسكرية الى دول حلف شمال الاطلسي، لا تزال مع ذلك، مرتهنة بالطابع الوطني لصناعاتها الدفاعية، ما يعني ان عملية الترويج لصادراتها، بما في ذلك داخل الشرق الأوسط، ستراعي العامل السياسي باستمرار. وقال الفريق روجيه: "80 في المئة من الانتاج الدفاعي اليوم في أوروبا وطني المنشأ. وربما نشاهد انتاجاً أوروبياً صرفاً في مدى عشرين عاماً من الآن". ويتطلع الفرنسيون الى مشاريع كبيرة قد تشرع بها دول مجلس التعاون، والى برامج التسلح في العالم العربي، لبناء منظومات تسليحية اكثر تكاملاً. إلا أنهم يراهنون على قدرتهم على تقديم منتجات تحتاجها الدول الخليجية اكثر من تقدمهم ببرامج تسليح متكاملة يعرضونها على القائمين على الشأن التسلحي. وقال كلافلو ل"الحياة": "لدينا في أوروبا القدرة على منافسة الشركات الاميركية الكبيرة لتزويد بلدان الخليج ومنطقة الشرق الأوسط بالأنظمة التسليحية المندمجة أو التقنيات الجديدة، والأنظمة الموجودة لدينا تتيح لنا الاستجابة للطلبات التي يمكن ان نتلقاها على أي صعيد ممكن، وهو أمر سيتعزز مع الاندماج المتزايد لصناعاتنا الدفاعية أوروبياً". الا ان أياً من المسؤولين الفرنسيين الحاضرين في المؤتمر الصحافي امس لم يستطع ان يقدم اشارة "واضحة" تدل على ان الاتجاه المتراجع لصادرات فرنسا العسكرية الى الشرق الأوسط سيتوقف وان هناك صفقات كبيرة قيد المناقشة، علماً ان صفقات من هذا القبيل تبقى عادة بعيدة عن الأنظار حتى تاريخ الاعلان عنها "رسمياً".