في وقت يواجه مدرب مانشستر يونايتد اليكس فيرغسون صعوبات في تحسين نتائج الفريق التي تدهورت في الآونة الاخيرة، فان الصعوبات التي يواجهها رئيس النادي بيتر كينيون بلغت الذروة في تعقيدها ليس بسبب فشله في تحديد خليفة لفيرغسون الذي سيترك منصبه الذي شغله منذ العام 1986 في نهاية الموسم الحالي، بل لتصريح كل المرشحين الذين ارتبطت اسماؤهم في تدريب بطل انكلترا، بعدم رغبتهم في ذلك. وفي الايام الاخيرة انضم مدرب منتخب انكلترا السويدي سفن يوران اريكسون الى عصبة "الرافضين" التي ضمت مدربي روما الايطالي فابيو كابيلو، وبايرن ميونيخ الالماني اوتمار هيتسفيلد وليدز ديفيد اوليري وسيلتك مارتن اونيل الذين صرحوا علناً عن سرورهم ببقائهم في وظائفهم الحالية ورفضهم فكرة تدريب فريق أثرى نادٍ في العالم. ولا بد ان يتساءل كينيون عن اسباب رفض اي مدرب فكرة تقاضي نحو 4 ملايين دولار سنوياً عدا المكافآت ومزايا شرفية عدة، فضلاً عن توفير مبالغ مالية كبيرة لجلب المزيد من النجوم، لكن لا بد من وجود اكثر من سبب لهذا الاجماع على الرفض. بالتأكيد لن تكون الجوانب الايجابية السبب بالنسبة الى "المدربين الرافضين" هذه المزايا وما يصاحبها من اضواء وشهرة، وبالتأكيد ليست جوانبها الايجابية، اذ ان الوجه الآخر لهذه الوظيفة والذي لن يعلنه "الرافضون" هو الرهبة من الفشل في المحافظة على ما بناه فيرغسون ومن عدم الارتقاء الى توقعات الجماهير ليس في داخل انكلترا فحسب وانما من حول العالم التي ستقارن بين الخليفة والمخلوف، وهذه الضغوط ستبدأ حتى قبل لعب اي مباراة. كما ستبرز المشكلات الداخلية خصوصاً مع اللاعبين الذين تدرجوا على يدي فيرغسون واصبحوا نجوماً بيكهام وسكولز وغيغز والاخوان نيفل، وقد لا يستسيغون افكار مدرب آخر. وفي نادٍ بحجم مانشستر فان الحمل سيكون ثقيلاً، وهذا لم يشعر به فيرغسون نفسه عندما تسلم المهمة في عام 1986، اذ كان يتذيل فرق الدرجة الاولى حينذاك، وكان كل المطلوب منه تفادي الهبوط الى الدرجة الثانية ليس اكثر، ففعل ذلك وتلاه باحراز سبع بطولات دوري وثنائيتان بطل الدوري والكأس وثلاثية فريدة عام 1999 كأس دوري ابطال اوروبا والدوري والكأس المحليين، على رغم انه كان قاب قوسين او ادنى من الاقالة قبل مطلع العقد الماضي حين ظلت خزائن النادي خالية من الالقاب لاربعة مواسم تلت تعيينه. ومن النقاط الاخرى المقلقة ل"المرشحين" ان فيرغسون سيبقى مع النادي كسفير ومستشار كروي في وقت يحاول احدهم تكرار انجازاته، ومن غير المستبعد ان يتدخل في حال بروز مشكلات تخص الفريق ونتائجه، وحينها قد يتحول "مسرح الاحلام" الى "كابوس الاحلام". وتبقى هذه المخاوف في ذهن "الرافضين" عندما يعلنون بديبلوماسية عن رفضهم فكرة خلافة فيرغسون، فمثلاً اريكسون الذي اعتبر المرشح الاول لقيادة الفريق الموسم المقبل من قبل مكاتب المراهنات قال: "لم افكر ابداً في تدريب مانشستر يونايتد لأنني اعلم اني سأبقى مع منتخب انكلترا لفترة طويلة"، اي لا بعبارة اخرى. واظهر كابيلو بعض الصعوبات التي قد تواجه المدرب الجديد وقال: "اعتقد بان تدريب اي فريق اجنبي سيكون صعباً، لأنه يتوجب فهم عقلية البلد والناس حيثما ستعمل... والامر اكثر صعوبة في حال مانشستر لأن انصاره اعتادوا على الانتصارات فالامر كله ليس سهلاً". علماً انه لم يقل ذلك قبل ان يوافق على تدريب ريال مدريد الاسباني قبل سنوات عدة. واختصر مدرب ارسنال آرسين فينغر الوقت والجهد على الجميع وتحديداً على انصار مانشستر الذين يرونه افضل من يخلف فيرغسون، فمدد عقده مع النادي اللندني حتى عام 2004، وعلق على ربط اسمه بتدريب اندية كبيرة عدة في اوروبا ،منها مانشستر بقوله: "اريد ان اترك من بعدي تراثاً في ارسنال... ولا اعتقد ان هناك تحديات اخرى تشدني في الوقت الحالي". وذهب مدرب بطل سكوتلندا سيلتك مارتن اونيل ابعد من الاكتفاء بالتصاريح الرافضة لرغبته في الالتحاق بمانشستر، اذ اشتكى الى القضاء على صحيفة "ذي اوبزرفر" الاسبوعية لانها ذكرت ان مفاوضات جرت بينه وبين مسؤولي مانشستر تمخض عنها موافقة مبدئية بين الطرفين. فكسب اونيل دعواه واعتذرت الصحيفة على عدم دقة تقريرها، واوصل المدرب الايرلندي رسالة واضحة الى كل من يربطه بالوظيفة "غير المرغوبة" في مانشستر، مؤكداً انه سيبقى في سيلتك حتى نهاية عقده صيف 2003 على الاقل. وابعد مدرب ليدز ديفيد اوليري نفسه عن الوظيفة بقوله صراحة: "لا، لن اترك ليدز لمانشستر لانني وعائلتي مستقرون هنا ولا اخطط للذهاب الى اي مكان آخر... صرفت عشرات الملايين من الجنيهات لبناء فريق هنا، واود ان احصد ما زرعته في المواسم المقبلة". لكن اكثر "الرافضين" الذين اوضحوا الموقف من الوظيفة كان مدرب بايرن ميونيخ اوتمار هيتسفيلد وهو صديق شخصي لفيرغسون، حين قال: "اعلم ان اسمي تردد كثيراً لخلافة صديقي أليكس ولكن ليس انا من يضع الاسم في الواجهة. عقدي لا ينتهي مع بايرن حتى صيف 2004... بعضهم يقول ان العقود صنعت لتنقض ولكن هذه ليست لعبتي". وحذر ان اياً من سيخلف فيرغسون سيواجه المهمة الاصعب في عالم كرة القدم، واوضح: "اصبح أليكس فيرغسون مؤسسة بحد ذاته في مانشستر لها عرفها وقانونها".