وصول أبطال آيسف 2024 إلى جدة بعد تحقيق 27 جائزة للوطن    «التعليم» تحدد أنصبة التشكيلات المدرسية في مدارس التعليم العام    الأرصاد: استمرار التوقعات بهطول أمطار بعدد من المناطق ورياح نشطة في الشمال    حبس البول .. 5 آثار أبرزها تكوين حصى الكلى    رئيس وزراء اليونان يستقبل العيسى    أوتافيو يتجاوز الجمعان ويسجل الهدف الأسرع في «الديربي»    4 نصراويين مهددون بالغياب عن «الكلاسيكو»    أمير عسير يُعزّي أسرة «آل مصعفق»    الفضلي: «منظمة المياه» تعالج التحديات وتيسر تمويل المشاريع النوعية    خادم الحرمين يستكمل الفحوصات الطبية في العيادات الملكية    «عضو شوري» لمعهد التعليم المهني: بالبحوث والدراسات تتجاوزون التحديات    برعاية الملك.. انطلاق مؤتمر مستقبل الطيران في الرياض.. اليوم    البنيان: تفوق طلابنا يبرهن الدعم الذي يحظى به التعليم في المملكة    السعودية.. يدٌ واحدةٌ لخدمة ضيوف الرحمن    متحدث «الداخلية»: «مبادرة طريق مكة» توظف الذكاء الاصطناعي    1.8 % معدل انتشار الإعاقة من إجمالي السكان    جائزة الرعاية القائمة على القيمة ل«فيصل التخصصي»    السعودية من أبرز 10 دول في العالم في علم «الجينوم البشري»    5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والسمنة    وزارة الحج والعمرة تنفذ برنامج ترحاب    نائب أمير منطقة مكة يُشرّف حفل تخريج الدفعة التاسعة من طلاب وطالبات جامعة جدة    ولي العهد يبحث مع سوليفان صيغة شبه نهائية لاتفاقيات استراتيجية    المملكة تؤكد استعدادها مساعدة الأجهزة الإيرانية    وزير الخارجية يبحث ترتيبات زيارة ولي العهد لباكستان    «أسمع صوت الإسعاف».. مسؤول إيراني يكشف اللحظات الأولى لحادثة «الهليكوبتر»!    جائزة الصالح نور على نور    مسابقة رمضان تقدم للفائزين هدايا قسائم شرائية    تأجيل تطبيق إصدار بطاقة السائق إلى يوليو المقبل    الشيخ محمد بن صالح بن سلطان «حياة مليئة بالوفاء والعطاء تدرس للأجيال»    تنظيم مزاولة مهن تقييم أضرار المركبات بمراكز نظامية    أمير تبوك يرأس اجتماع «خيرية الملك عبدالعزيز»    «الأحوال المدنية المتنقلة» تقدم خدماتها في 42 موقعاً حول المملكة    القادسية بطلاً لكأس الاتحاد السعودي للبلياردو والسنوكر    هاتف HUAWEI Pura 70 Ultra.. نقلة نوعية في التصوير الفوتوغرافي بالهواتف الذكية    تأملاّت سياسية في المسألة الفلسطينية    165 ألف زائر من بريطانيا للسعودية    "إنفاذ" يُشرف على 38 مزادًا لبيع 276 من العقارات والمركبات    الاشتراك بإصدار مايو لمنتج «صح»    5.9 % إسهام القطاع العقاري في الناتج المحلي    الخارجية: المملكة تتابع بقلق بالغ ما تداولته وسائل الإعلام بشأن طائرة الرئيس الإيراني    الملاكم الأوكراني أوسيك يتوج بطلاً للعالم للوزن الثقيل بلا منازع    ثقافة سعودية    كراسي تتناول القهوة    المتحف الوطني السعودي يحتفي باليوم العالمي    من يملك حقوق الملكية الفكرية ؟!    بختام الجولة ال 32 من دوري روشن.. الهلال يرفض الهزيمة.. والأهلي يضمن نخبة آسيا والسوبر    يوم حزين لهبوط شيخ أندية الأحساء    «الخواجة» نطق.. الموسم المقبل ضبابي    عبر كوادر سعودية مؤهلة من 8 جهات حكومية.. «طريق مكة».. خدمات بتقنيات حديثة    بكاء الأطلال على باب الأسرة    أمير القصيم يرعى حفل تكريم الفائزين بمسابقة براعم القرآن الكريم    الانتخابات بين النزاهة والفساد    تحقيقات مع فيسبوك وإنستغرام بشأن الأطفال    جهود لفك طلاسم لغة الفيلة    ارتباط بين مواقع التواصل و«السجائر الإلكترونية»    سقوط طائرة هليكوبتر تقل الرئيس الإيراني ووزير الخارجية    الديوان الملكي: خادم الحرمين يستكمل الفحوصات الطبية    انقسام قادة إسرائيل واحتدام الحرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب الجرثومية كما قدمتها السينما الأميركية قبل الواقع . فيروس وقنابل نووية ورئيس يأمر بإبادة مواطنين أميركيين أبرياء
نشر في الحياة يوم 26 - 10 - 2001

هل جاء الثلثاء الأسود على الولايات المتحدة بنوع آخر من الحرب التي كم حذرت السينما والأدب من حدوثها يوماً ما؟ الحرب الجرثومية.
هي ايضاً حرب، لكن من نوع مختلف لم يألفه العالم تماماً سوى في عدد محدود من الأفلام، ينتمي بعضها الى الخيال السياسي، والبعض الآخر الى الخيال العلمي.
بدأ الحديث، بعد اسابيع قليلة من كارثة الحادي عشر من ايلول سبتمبر الماضي، عن هذه الحرب الجديدة مع "انتشار" مرض "الجمرة الخبيثة" الذي بلغ عدد الإصابات به خلال اسابيع قليلة ثماني حالات ما اضطر عمدة نيويورك، المدينة المنكوبة الى الخروج الى الأهالي، لطمأنتهنم الى أنه يمكن مواجهة هذا المرض وأنه يمكن الشفاء منه، مؤكداً أنه مرض غير معد بالمرة.
مثل هذه المشاهد لم يسبق للأميركيين مشاهدتها إلا في أفلام السينما، والغريب إذا كانت الأسباب اختلفت في السينما، فإن النتيجة متقاربة: كارثة بكل المعاني، أما الأسباب فسوف نرى في بعض الأفلام القليلة انها تختلف. ففي فيلم "عالم وجسد وشيطان" الذي اخرجه راندال ماكدوغال عام 1958، كان السبب الحرب النووية بالطبع، والحرب هنا جرثومية في المقام الأول، ونتيجتها ان مدينة ضخمة مثل نيويورك ستظل بلا سكان بينما المباني باقية كما هي من دون ان يتحطم جدار واحد من اي بناية.
نحن هنا لم نر الحرب بقدر ما شاهدنا آثارها.
والفيلم بالطبع يحمل معنى التحذير من اندلاع الحرب النووية بين القوتين العظميين في اي وقت، وليكن في الخمسينات، باعتبار ان ملابس الأشخاص الباقين على قيد الحياة ليست ملابس مستقبلية بقدر ما هي ملابس العصر. وذلك حسبما نفهم من النتيجة التي توصل إليها الجندي الباقي على قيد الحياة - جسد الدور المطرب والممثل الزنجي هاري بلافونتي - الذي اكتشف انه في مدينة تعرضت للغازات السامة التي قتلت البشر ولم تقترب من المباني.
والجندي يعمل في الدفاع المدني، وهو وجد نفسه في نفق مظلم طويل، لم تتمكن الغازات من التسرب إليه، بخاصة ان جداراً قد سقط، فساعد على منع التسرب. وفي هذا النوع من الحروب فإننا لا نشاهد انفجارات، او تصدعات المباني، ولكننا نرى الآثار. إنها حرب أقل قسوة. لكن الحروب كافة تترك الموت خلفها.
اذاً، ما أن يخرج الجندي من النفق المظلم حتى يدخل مدينة نيويورك بعد أول الحروب الكيماوية، ليجد نفسه في شوارع واسعة بلا بشر، هناك اشياء كثيرة تؤكد انه كانت هناك حياة، لكن مظاهر الحياة كافة اختفت. يمكنه ان يجد بعض المشروبات التي لا تزال ساخنة، وقد تركها اصحابها على امل العودة. لكن شيئاً من هذا لم يحدث.
ويخرج الجندي مجدداً الى الشوارع بعد ان يتناول شيئاً ما في المطعم، وينادي ابناء المدينة دون مجيب. إذاً: أول صورة من صور حرب الغازات هي انه ستكون هناك مدنية من دون بشر، وأن الغازات سببت تسمماً للسكان في مدينة نيويورك.
لم يهتم المخرج بالحديث عن مصير جثث السكان، ولكن كان له هم تحذيري اساسي، فالمدنية بلا بشر تتخلى عن معناها. لأن الهدف الأساسي من كل تطور هو البشر، كما ان المخرج سوف يؤكد في الفيلم ان هذه النهاية المأسوية للبشر بفعل الغاز ستكرر المأساة القديمة المتعلقة بالصراع بين قايين وهابيل. فبعد بعض الترقب، والكثير من الدهشة، يكتشف الجندي ان هناك حركة انسانية في مكان ما من حوله، وكأن صاحبها يرقبه بحذر، أو ينتظر ان يتخلص منه. بعد ان ردد أن لا قيمة لأموال الدنيا من دون الناس.
وسرعان ما يكتشف الجندي ان هناك امرأة في المدينة وأنه ليس وحده. إذاً هناك من يمكن ان يشاركه مصيره الغامض. وبالفعل يستطيع ان يقترب من المرأة التي بدت شديدة الهلع لشدة ما رأت، وبعد ان تطمئن إليه تبلغه أنها تجولت في نيويورك، وأنها لم تجد انساناً واحداً على قيد الحياة.
هذه المرة لم يتم تدمير البنايات العليا للمدينة العملاقة، ولكن المباني العالية الفخمة بدت كأنها قد تفجرت لافظة سكانها الذين هربوا، وتركوا البنايات على هذه الحال.
وتستكمل الأحداث نفسها، وعلى رغم وجود الاثنين معاً، فإن كل منهم يحس ان الآخر وحده لا يكفي، وأن جمال المدن في زحامها، وفي وجود الناس من حولهما، من اجل الشعور الحقيقي بالآدمية. والغريب ان الفيلم صور نيويورك الواسعة، وكأنها اشبه بسجن بالغ الاتساع نزعت عنه الآدمية في غيبة اصحابها من البشر.
وسرعان ما يظهر شخص ثالث، انه غريب قادم بزورق من المحيط. ويردد ان حرباً غازية أتت على البشر في كل انحاء العالم. وسرعان ما ينشب الخلاف القديم، فالرجلان لا يتعلمان من قسوة الحرب الغازية التي أنهت العنصر البشري، فيقتتلان من اجل الحصول على المرأة. ويموتان في أروقة المدينة لتكون نهايتهما ابشع من الموت من طريق الحرب الجرثومية، أو الكيمياوية.
فيروس
هذا الفيلم مثل يومها صدمة حقيقية في فكرته، على رغم ان الحرب لم تبد لنا واضحة فيه.
مهما يكون فإن هذا القلق من فكرة نهاية العالم، برز في محطات عدة، لكننا نتوقف هنا عند ابرزها. ففي عام 1971، قدم المخرج روبرت وايز فيلماً بعنوان "خلية اندروميدا" عن رواية للكاتب المعروف مايكل كرايتون، الفيلم تدور احداثه في مدينة اميركية يتم عزلها تماماً بسبب انتشار "فيروس" غريب يدفع بالسلطات الى اغلاق المدينة، باعتبار ان هذا الفيروس مؤشر حرب جرثومية. ويقول وايز عن الفيلم: "حينما وصلتني القصة احسست انها تلبي احتياجاتي بالضبط. لقد أثارت القصة اهتمامي بخاصة أنني كنت معجباً دائماً بقصص الخيال العلمي الجيدة، على رغم اعتقادي ان "خلية الأندروميدا" قصة علمية اكثر منها خيالية... لقد وجدتها قصة غير عادية ومثيرة جداً ومعاصرة للغاية... ذلك ما جذبني الى الرواية اضافة الى أنها تحمل مضموناً خاصاً بالحرب البيولوجية. وأنا مهتم بكل الجهود التي تبذل للحد من الحرب وزيادة فرص السلام... لذلك كلما اتيحت لي فرصة اخراج جيدة ومثيرة تقول شيئاً مهماً أرحب بذلك".
في هذا الفيلم نرى مجموعة من رواد الفضاء العائدين الى الأرض ويمكنهم ان يحملوا معهم فيروساً غريباً يمكن ان يصيب اهل الأرض بما يهدد بالإبادة الجماعية. وفي احدى المدن الأميركية تحدث وفاة جماعية، ما يدفع السلطات الى عزل المدينة، حتى لا يتسرب الخطر البيولوجي الذي ينتشر كما القنبلة النووية، وكأنه قنبلة جرثومية، الى بقية الولايات المتحدة. المدينة هنا صغيرة، مثلما سنرى في فيلم "إنذار". وفي المعامل يغوص العلماء في أبحاثهم الدقيقة لاكتشاف سر هذه الجراثيم الغريبة التي انتشرت في المدينة، ويتم اكتشاف وجود خلية اشبه بالسرطانية جاءت مع رائد فضاء من السماء، وهي السبب المباشر في انتشار احد الأمراض الغريبة، فتبدأ المحاولات للقضاء على هذا الفيروس السريع النشاط.
والرواية التي كتبها كرايتون كانت تدور حول ان الفيروسات التي انتشرت في المدينة الأميركية كانت من ضمن حرب بيولوجية أرسلها الروس في شحنة بريدية.، لكن الفيلم اراد ان يعمم الشعور بالخطر، فجعل الفيروس قادماً من الفضاء.
ويهتم الفيلم بتحليل العينات الطبية، ويجعل من العلماء اداة للانتصار على الوباء، وقد جعل هذا المخرج روبرت وايز يردد انه امام فيلم علمي، وليس امام فيلم خيالي. فالأميركيون إذاً لديهم احساس دائم، يبدو من خلال ما يردده وايز، بأن الحقائق العلمية تنذر بحدوث حرب جرثومية.
وفي عام 1980 حقق المخرج الياباني كينجي فوكاسوكو فيلماً أميركياً بعنوان "فيروس" من بطولة جورج كيندي، وغلين فورد، وأوليفيا هوسي، وهو يتحدث عن غزو نووي كيماوي فوق احدى المدن الأميركية، والفاعل هنا مجهول بالطبع.
انذار...
اما الفيلم الحديث والأكثر اهمية، فهو "انذار" أو "تفشي الوباء" من اخراج فولفغانغ بيترسن، وهو مخرج ألماني عمل في الولايات المتحدة في التسعينات. والفيلم مأخوذ عن كتاب بعنوان "مشكلة في المنطقة الحارة" للكاتب الصحافي ريتشارد بيترسون. وهو بمثابة تحقيق صحافي عن حادثة حقيقية، تتبع مجهودات زوجين يعملان في ابحاث ما يسمى بالفيروسات العملاقة داخل الجيش وهما جيرارد ونانسي جاكس، حسبما جاء في مجلة "لو نوفيل اوبسرفاتور" الفرنسية. وقد تم ذلك في عام 1989، حيث استطاعا التغلب على فيروس شرس غريب استطاع ان يصل الى الولايات المتحدة قادماً من الفيليبين، اي اننا، وكما قال وايز، لسنا امام عالم متخيل، ولكن امام إمكان دخول فيروس من هذا النوع ليس فقط من طريق حرب الكترونية. وعلى رغم ذلك فإن الجيش الأميركي هو الذي يتولى التصدي لهذا الخطر البيولوجي، وليس اي مؤسسة اخرى معنية، اي أن الأمر مرتبط بالأمن القومي الخاص، وسوف نرى في الفيلم ان البطولة الرئيسة ستكون لرجال الجيش الأميركي.
نذكر هنا انه عقب نشر التحقيق الصحافي في عام 1993، راحت العروض تنهال على الكاتب من اجل تحويل الكتاب الى فيلم. وكانت الأطراف المتنافسة لعمل الفيلم من القوة بحيث عكست حدة المنافسة. وبالفعل تم الاتصال لإخراج الفيلم بالمخرج ريدلي سكوت وهو صاحب افلام مهمة عدة منها "وحش الفضاء" و"المصارع". اما من ناحية الممثلين فقد تم ترشيح كل من روبرت ردفورد، وجودي فوستر. ولأن السيناريو لم يكن جاهزاً، ذهب الفيلم الى بيترسن، وأسندت البطولة الى داستن هوفمان في دور العالم سام دانيلز، وقامت رينه روسو بدور زوجته المنفصلة عنه روبي كوف.
يغير الفيلم طبعاً من الأحداث ويشير الى أن الفيروس انتشر بكل قوة في زائير، وكان على السلطات ان تكون حاسمة، لإبادة ابناء القرية الزائيرية كاملة بمن فيهم طاقم الأمم المتحدة القادم من اجل الإغاثة.
الفيروس اسمه في الفيلم "موباتا" وهو أشد فتكاً من "الإيبولا". وكما نرى في احداث الفيلم، انتقل الفيروس الى الولايات المتحدة من زائير من طريق قرد صغير يسافر في مركب فيليبيني، ويبدو شديد اللطف. وفي سان فرانسيسكو يتمكن القرد من الهرب من صاحبه، ويتسلل الى مدينة صغيرة مجاورة. القرد اذاً حامل الفيروس، على رغم انه ليس بمريض. والفيروس يبدأ في الانتشار بسرعة داخل المدينة ويموت الناس كالذباب. ويعم الذعر حين يتضح ان الخطر سيقترب من رئيس الولايات المتحدة خلال ثمانية وأربعين ساعة.
إذاً لا بد من القضاء على الوباء من اجل انقاذ الرئيس، ويقرر الجنرال بيللي فورد مورغان فريمان اللجوء الى عملية انتحارية صعبة تحمل اسم "قنبلة اليأس" وهي تعني ابادة اهل المدينة تماماً.
ويصور الفيلم في طريقه قصة حب ضائع بين زوجين يأتي عملهما معاً في اكتشاف الفيروس العملاق، والقضاء عليه ليقرب بينهما، بخاصة حين تصاب الزوجة بالفيروس، ويصبح من الواجب عزلها تماماً ما يدفع بالزوج العالِم الى البحث عن القرد حامل العدوى الذي صادق بعض الأطفال، وذلك من اجل ان يستخلص المصل الشافي منه باعتبار ان الكائن حامل العدوى وغير المريض يمكنه انتاج اجسام مضادة للفيروس.
وتقول مجلة "لونوفيل اوبسرفاتور" في المصدر السابق ذكره: فيلم "تفشي الوباء" ينطلق من فكرة مبنية على وقائع حقيقية، ولكنه يمزج النسيج بخيال جامح. وبشكل عام، فإن الفكرة التي ركزت عليها السينما الأميركية، وهي انه خطر يهدد اميركا تطورت... في الماضي كان الخطر يكمن في العناكب العملاقة، وفي الزلازل ثم في خطر الشيوعية، ولكن منذ ان زال جدار برلين اصبح من الصعب ايجاد عدو مخيف ومرعب، إذا ما هو الخطر الأكثر رعباً اليوم؟"
الضرائب والإيدز
ها هو العدو الجديد إذاً عدو من الداخل، فيروس "موباتا". ويكفي لصناع الأفلام أن يأخذوا اي سيناريو قديم ويعيدوا بناءه انطلاقاً من معطيات جديدة ومعطيات الخوف من الخطر ليحصلوا على فيلم تجاري ناجح. وهكذا كان بالنسبة الى فيلم "تفشي الوباء".
في الوقت نفسه لدينا هنا ادانة جديدة تعرضها افلام اميركية للجيش الأميركي في اسلوب تصرفه ابان الأزمات. فالجنرال بيللي فورد يقرر ابادة البلدة بمن فيها على غرار ما فعل بزائير من اجل منع انتشار وتفشي الوباء. إنه يتصرف بما تمليه عليه العقلية العسكرية، من دون اي دافع انساني.
إثارة
وتبدو قمة الإثارة هنا في مشهدين: الأول عندما يعثر الطبيب على القرد الصغير ويسعى الى تخديره، ولكن من دون اصابة فتاة صغيرة لا يظهر الشمبانزي إلا لها. والثاني عندما يحصل على الشمبانزي ويريد ان يعود بطائرته المروحية الى المدينة الموبوءة لتحضير المصل، لكنه يفاجأ بطائرة تستعد لإلقاء قنبلة الإبادة على البلدة، فيصعد بطائرته ويقف في وجه طائرة الجيش، وينجح في النهاية في تحضير المصل ومنع الإبادة.
وعن هذا كله قال الفنان داستن هوفمان معلقاً: "الفيلم يكشف ان الفيروسات التي يتحدثون عنها ليست جديدة. إنما كانت كامنة دائماً بكل الأشكال في الخلية البشرية، وإذا كان الفيلم من النوع المسلي إلا أنه يرتكز الى حقائق علمية، والسيناريو بالنتيجة مرتكز الى الواقع. نحن نعيش في بيئة كانت مجهولة أو غير معروفة عندما كنت صغيراً... الآن الأولاد يعرفون ان كوكبنا مهدد بخطر الزوال. بتدميرنا او استئصالنا للغابات الاستوائية، فقدت الفيروسات موطنها الأصلي. وكان من الطبيعي في رد فعل للدفاع عن نفسها، وللبقاء ان تجد لها حاملين جدداً كما الشمبانزي في الفيلم. إذاً كل شيء في مكانه من اجل كارثة وشيكة الحصول".
والسياسة ليست بعيدة على اية حال عن الفيلم، بل هي عماد اساسي له، فرئيس الجمهورية في خطر، وهو الذي يريد التضحية بألفين وستمئة مريض بالفيروس، ويردد: "انهم اميركيون، كما ان الجيش هو الذي يتولى الإبادة، اي ان الجيش الأميركي ينوي هنا ان يتخلص من مواطنين اميركيين بلغ عددهم 2600 نسمة".
وفي الفيلم، فإن الرئيس الذي يحاول الجميع ابعاد الخطر عنه هو الذي يأمر رجال القوات المسلحة بتدمير المدينة الأميركية، وقد جسد الدور الممثل دونالد سوزرلاند.
وفي الفترة الأخيرة بدت الحرب الجرثومية موجودة بدرجات مختلفة في افلام عدة منها فيلم "ملفات اكس" اخراج روب بومان، وهو مأخوذ عن مسلسل تلفزيوني، وقد لفت الفيلم الذي عرض عام 1998 الأنظار. وهو يدور حول شخص يقوم بإنتاج فيروسات غامضة في قاعدة علمية. اما الفيروسات نفسها ففي اعماق الأرض، وهذا الفيروس لا يهدد هنا الولايات المتحدة فقط، بل دولاً عدة منها تونس، ويتولى محاولة التخلص من هذا العالم الشرير ومقاومة الفيروس اثنان من المباحث الفيديرالية احدهما امرأة هي خبيرة طبية.
والفيلم يدور في قاعدة بعيدة عن العمران. وتتعرض الطبيبة لخطر الفيروس، مثلما حدث للزوجة في الفيلم السابق، ويسعى زميلها الذي وقع في هواها الى انقاذها من خطر الفيروسات، ويتمكن من ذلك، وأيضاً من إنقاذ الولايات المتحدة ومدنها الرئيسة التي كانت هدفاً لحرب جرثومية.
اما الفيلم الثاني فهو "فيروس" من انتاج عام 2000، وإخراج جون برونو، وهو أيضاً من افلام التخيل العلمي يدور تحت شعار "إذا كنا نحن الفيروسات فمن يكون الطبيب؟".
وإذا كان فيلم "ملفات اكس" مأخوذاً من مسلسل تلفزيوني لا يزال الناس يشاهدونه في بقاع متعددة من العالم، فإن "فيروس" مأخوذ عن قصص كرتونية. والفيروسات هنا ليست اجزاء الخلايا التي تسبب امراضاً قاتلة للإنسان، بل هي طاقة كهربية غامضة شديدة القوة. ومن خلال هذه القوة تمكن السيطرة على مواقع عدة.
ويدور الفيلم من خلال سفينة الفضاء الروسية "مير" التي اصابها هذا الفيروس الألكتروني، الذي يسعى الى السيطرة على ركاب المحطة. ليست المخلوقات الفضائية هي التي تهاجم السفينة هنا، ولكنها القوى الإلكترونية. ويحاول الفيلم ان يعطي الإحساس بأن خطر هذا النوع من الفيروسات يشكل خطراً على جميع البشر. ولذا فالسفينة الفضائية تضم رجالاً ونساء من كوبا، وكندا، وروسيا، والولايات المتحدة الأميركية وغيرها.
إذاً، عندما بدأت الفيروسات في الانتشار في الولايات المتحدة اخيراً فإن الذين يعشقون السينما أحسوا انهم سبق لهم ان شهدوا بأنفسهم مواقف مشابهة في الأفلام التي ذكرناها، وغيرها، وكأنما صدقت أحاسيس داستن هوفمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.