اعتبر مراقبون في واشنطن أن مقالة بوب وودوارد في صحيفة "واشنطن بوست" عن الامر التنفيذي للرئيس بوش الذي يطلق يد وكالة الاستخبارات المركزية سي اي ايه لاغتيال أسامة بن لادن وقيادات تنظيم "القاعدة" جزء من حملة تسر يبات منظمة تقوم بها الادارة لتحقيق أهداف عدة أهمها تأكيد أن زمام المبادرة قد أصبح في يد واشنطن التي حققت اختراقات مهمة على صعيد كشف موارد "القاعدة" وخلاياها، على رغم أنه لم يتم تحديد طبيعة هذه الاختراقات أو مجالها الجغرافي . وقد يكون المقصود من هذه التسريبات تنبيه الحلفاء في الحرب على الارهاب الى ان عمليات اغتيال وتصفيات قد تتم على أراضيها. اذ ان الأمر التنفيذي لا يقصر عمل وكالة الاستخبارات على أفغانستان أو على الأراضي الأميركية. وتعتبر واشنطن هذا الأمر مهماً على رغم أنها تعي ما قد ينجم عنه من مخاطر بالنسبة الى التحالف القائم الآن. غير أن واشنطن باتت مقتنعة بأن مسرح العمليات لابد أن يتجاوز كلاً من أفغانستانوالولاياتالمتحدة. وهي واثقة كذلك من مستوى التعاون الأمني الذي وصل مرحلة متقدمة مع كل من ألمانيا وبريطانيا والفيليبين وعدد من بلدان أميركا اللاتينية، ومن أنها تستطيع البناء على هذا التعاون لتحقيق أهداف مرسومة بدقة على صعيد الحرب ضد الارهاب. خلايا كامنة فعلى الصعيد الداخلي يقوم مكتب التحقيقات الفيديرالي اف بي آي بحملة مكثفة للبحث عن خلايا كامنة تابعة لتنظيم "القاعدة" وتفكيكها. وليس واضحاً مدى النجاح الذي تحقق على هذا الصعيد حتى الآن. لكن من الثابت أن المكتب ووكالة الاستخبارات يعتبران حصر عملياتهما داخل الولاياتالمتحدة غير كاف. ويقول تقرير لهيئة "ستراتفور": "ان المسرح الجديد للعمليات يضم مجموعة واسعة من البلدان وفي كل القارات حيث توجد بنى قيادية وشبكات مالىة ومرافق اتصالات لتنظيم وتحريك وتعبئة خلايا "القاعدة" والتي قد تمكّن هذه الخلايا من شن هجمات على أهداف قد تكون غير محمية بالمقدار الذي تتمتع به أهداف أميركية وذلك لتشتيت جهود الولاياتالمتحدة العسكرية والاستخباراتية. وقد تشمل هذه العمليات أهدافاً في بلدان مثل اندونيسيا والفيليبين". ويضيف: "في ضوء العمليات الىومية الجارية ضد أفغانستان، يُعد مسرح العمليات الجديد، وهو المسرح الحيوي والحرج للحرب ضد القاعدة، اذ من شبه المؤكد أن قيادات القاعدة غير قادرة على الاتصال بخلاياها وقواعدها المنتشرة عبر القارات بسبب ما تتعرض له من ضغط متزايد هذه الأيام، وبسبب خشيتها من أن تؤدي هذه الاتصالات بالطرق المعهودة الى كشفها وتسهيل ضربها". قيادات "القاعدة" ومن المؤكد أن قيادات "القاعدة" تعيش في حركة دائمة هذه الأيام لتجنب استهدافها أو الوقوع في الأسر. ومن المؤكد أن هذه القيادات كانت تعي حجم هجوم 11 ايلول سبتمبر وحجم رد الفعل الأميركي، ولا بد أنها تحسبت لواقع جديد يجعل من الصعوبة بمكان استمرار الاتصالات بالسبل والوسائل السابقة نفسها. ومما يعزز هذا الاعتقاد هو أن الاتصالات بين الخلايا المنفذة لهجوم 11 ايلول وبين قيادة "القاعدة" كانت محدودة جداً، وهو ما أسهم في نجاح العملية. من هذا المنظور ، كان لزاماً على تنظيم "القاعدة" أن يوجد سبل وهياكل بديلة واحتياطات مالىة لضمان سير العمليات وتدفق الاتصالات على نحو غير معهود. واذا ما صحت هذه الفرضية، وهو ما يعتقده خبراء الأمن الأميركيون، يصبح من الضرورة بمكان لأجهزة الاستخبارات الأميركية أن تتمتع بأكبر مقدار ممكن من الدعم المالى والحرية في تتبع أهدافها وتصفيتها. وتقول المصادر انه من دون تحرر أجهزة الأمن الأميركية من القيود المفروضة على العمليات الخارجية، يصبح من الممكن لتنظيم "القاعدة" أن يظل على قيد الحياة وأن يباشر عملياته مستقبلاً حتى لو تم تدمير هيكله القيادي في أفغانستان. ويرتبط هذا كله بقناعة أخرى لدى أجهزة الأمن الأميركية تفيد أنه من الضروري الآن وفي المستقبل المنظور أن يتم التركيز على ما يعرف ب"الخلايا الوسيطة المنتشرة في بلدان أوروبية وآسيوية وتفكيكها قبل أن تتمكن من اعادة الانتشار في أماكن أخرى ونقل مواردها واعادة تنظيم نفسها، اذ ومن دون تحقيق تدمير هذه القواعد لن تنجح الحرب ضد الارهاب حتى ولو طالت زمناً".