240 ألف مستقل وعميل في منصة العمل الحر    867 جولة رقابية على مواقع التعدين    4 مليارات ريال تداولات الأسهم    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 97 شهيدًا    في حال اعتذاره.. من يعوض الهلال في كأس السوبر    بالمر يقود تشيلسي للفوز بكأس العالم على حساب سان جيرمان    الاتحاد يضم عدنان البشرى من الأهلي    "البيئة" تطلق المرحلة الثانية من "تحدي الابتكار للاستدامة"    11 لاعباً سعودياً في تحدي عالمي على أرض جدة ضمن بطولة البلياردو    جدة تستضيف الجولة الرابعة من بطولة العالم لسباقات الزوارق السريعة F1H2O    رصد اقتران كوكب الزهرة ب"كوكبة التويبع"    عندما تُذكر "الإبادة" كنتيجة "منطقية" للحرب    تسلسل أحداث فتنة احتلال الكويت 9    البيت الأبيض: رسوم ترامب "ستُطبق" إذا لم يحصل على اتفاقات جيدة    قصر علياء.. شاهدٌ تاريخيٌّ على طرق الحج    سُلَّم الكعبة.. مشاهد العناية الفائقة بأقدس البقاع    خير المملكة يعم لبنان والسودان وأفغانستان وسوريا    ثلاث ألعاب جديدة في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    «جدارية الباحة».. بصمة فنية تعكس هويتها التراثية    القدرات البشرية 2024.. الركيزة الاستراتيجية لبناء الإنسان السعودي    يدور الوقت وابن ادم يعيش بوقته المحسوب    73 ألف وثيقة صلح في 6 أشهر    إيران: «شكل جديد» للتعاون مع الوكالة الدولية    "الشؤون الإسلامية" تطلق الدورة العلمية لتأهيل الدعاة في بنجلاديش    فرنسا تعتمد برامج جامعة نايف    مستشفى الأفلاج العام يقدّم أكثر من 100 ألف خدمة صحية في 6 أشهر    رئيس بلدية الخفجي يُدشن مركز اختبار وتقييم العاملين في منشآت الغذاء والصحة العامة    القبض على (13) مخالفًا لنظام الحدود لتهريبهم (169) كيلوجرامًا من "القات"    أمير منطقة جازان يقلد عددًا من القيادات الأمنية رتبهم الجديدة    أمير منطقة جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    أمير القصيم يستقبل محافظ ضرية ويتسلّم تقريري مزادات الإبل وفعاليات يوم التأسيس    أمير الشرقية يستقبل سفير جمهورية جورجيا لدى المملكة    ورشة عمل وصالون ثقافي في مكتبة الملك عبدالعزيز احتفاء ب"عام الحرف 2025"    استشهاد 10 فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي لنقطة توزيع مياه    موعد مباراة سان جيرمان وتشيلسي في نهائي كأس العالم للأندية    القيادة تهنئ رئيس الجبل الأسود بذكرى اليوم الوطني لبلاده    الأرصاد: رياح على 5 مناطق و طقس حار في الشرقية    السعودية تؤكد التزامها الكامل باتفاق «أوبك+»    الأمن العام يوضح خطوات الإبلاغ عن الاحتيال المالي    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    دمج «قسد» ضمن الدولة قيد البحث.. لا" تخطيط أمريكي" لبقاء القوات في سوريا    صورة مميزة لمونرو تباع بمزاد    568 مبتعثا ثقافيا للخارج والأولوية للبكالوريوس    فيلمي القادم سيصور بالرياض.. الفنان أحمد السقا ل"البلاد": الهلال شرف العرب في كأس العالم    مبعوث ترمب في طريقه إلى كييف.. أوكرانيا تؤكد استئناف الإمدادات العسكرية من واشنطن وأوروبا    وسط تصاعد التحذيرات الدولية.. إدانة أممية لعرقلة الحوثي جهود إنقاذ البحارة المفقودين    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير مكة يتشرف بغسل الكعبة المشرفة    «الشؤون الإسلامية» تعزز نشر المنهج الوسطي بالمالديف    ضبط 21058 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود في مناطق المملكة    تعديل جيني بديلا لأبر التنحيف    قطة تكتشف سلالة فيروسية نادرة    الدماغ لا يتوقف عن النمو    الإفراط في تناول دواء شائع يسرع شيخوخة كبار السن    الكتاب العظيم يستحق مشروعا عظيما    إطلاق مشروع "صيف زهر" للفتيات في مدينة أبها بنسخته الرابعة    هنا السعودية حيث تصاغ الأحلام وتروى الإنجازات    رئيس هيئة الأركان العامة يتفقد منظومة الدفاع الجوي «ثاد»    أمر ملكي: تعيين الفياض مستشاراً بالديوان الملكي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعال في الليل إلى نافذتي قال أنتِ كالقمر فأسقطت المرآة
نشر في الحياة يوم 31 - 01 - 2001

لأنه كان قد مر بتجارب مريرة، لم يكن يتصور أنه بالإمكان أن يعيش هذه اللحظات التي ظن انها انتهت من العالم، لم يكن يصدق أن ما يهزه الآن هو محض ما يسمونه الحب. هكذا، بهذه البساطة، وهو عائد من لقائها يحس ان روحه ترفرف بعيداً، وأنه سعيد، سعيد حقاً، وأن هذا هو الحب بالفعل، وأنه، حين قال لها وهما يجلسان في الكازينو المطل على النيل، إن ما قالته عن أن هذا الشيء قد انتهى من العالم هو أمر سخيف، وأن هذه الحال موجودة. وعلى رغم أنها ضحكت، وبان أنها ربما تكون تسخر منه، وأنها ربما تكون قد قالت في نفسها انه شاب ساذج، إلا أنه ذلك بالفعل، ها هو يمشي الآن خفيفاً، وأنه سعيد بالفعل، وأن ما كان يسخر هو نفسه منه، ومن الاغاني، ومن عبدالحليم حافظ، ومن محمد فوزي، وحتى ليلى مراد، وكل ذلك، إنما هو شيء حقيقي أحسه اليوم، بل أمس أيضاً، حين أمسك بيديها، ونظر في عينيها، وأنه في الامكان ان يقول ذلك حتى لو ظنت أن ذلك محض هراء.
دخل البيت ولم يحس بشيء إلا وهو في هذه الحال التي لا يريد أن يقول عنها... أو من هذا القبيل، بل إنه استلقى على الفراش، ورأى القمر، وسمع صوتاً يقول: تعال في الليل الى نافذتي.
هي أيضاً لأنها كانت اصيبت بجرح وجرح وجرح واستمعت الى كلام الناس من أن ذلك العصر قد انتهى. آمنت بذلك، وجادلت فيه، وأكدت له ذلك اليوم، على رغم أنها كانت تحس بغير ذلك، وبأن هذا الحب هناك، يرفرف في قلبها من الداخل، وأن ما قالته له ونفت ونفت ونفت ما هو إلا كلام من وراء قلبها الذي كان بالفعل قد تحرك بعد طول تعب.
إنها الآن وهي عائدة من اللقاء كانت تحس بذلك، وأنها حين جادلته لم تكن في حالها الطبيعية، وأنها كانت تقول كلاماً لا تحسه، وأنه، هو، كان على طبيعته اكثر، وانها حين تلتقيه في الغد، فإنها ستحاول أن تكون على طبيعتها، حتى لو كان الخوف لا يزال في نفسها، من صدمة أو جرح. لكنها ستقول وتخالف ما رددته مراراً وتكراراً هي وصديقاتها، بل وبنات جيلها كلهن، ستقول ذلك وستقول له إنه قيس، لا، بل، لأنها هي ليلى، وأنها ربما استطاعت ان تقوم بدور في الفيلم الشهير "أغلى من حياتي" الذي نادت فيه البطلة: "آااحمااااد" ونادى البطل: "لا - ي - لا"، وأنها لن تنام اليوم طويلاً لأنها تشعر بالذنب من أنها نفت أن يكون ذلك الشعور لا يزال في هذا العالم.
ها هو الموعد قد جاء، وعليه أن يضبط احاسيسه بالشكل الذي لا يجعل منه، أو بالاحرى، لا يجعلها تفهم أنه، ربما، من أولئك الشبان الذين يمرون بالتجربة للمرة الأولى، وأنه، من الممكن أن يكون مثلها، ويردد ما تقوله الصحف، ومذيعات التلفزيون نصف العاريات، وهن يسألن الممثلين والممثلات عن نهاية عصر تلك المشاعر، وأنه في إمكانه أن يكون جافاً، وأن ذلك الذي يحسه يمكن أن يكون شيئاً خاصاً به وحده، وأنه ليس من الضروري أن يصرح لها، الآن على الاقل، وهما في بداية شعلة الغرام، بكل تلك المشاعر، وأنه في إمكانه أن ينتظر شهوراً عدة اخرى، ويتجاهل أنه اصبح في سنواته الاخيرة أكثر احساساً بمرور الزمن والأيام، وأنه لا بد من أن يضبط مشاعره، ويظهر في هيئة شاب من أولئك الشبان الذين ينكرون هذه المشاعر ويقولون إن هذا العصر قد انتهى، وأنه لا بد من أن يكون الشاب المعاصر من هذا النوع البارد، ولكنه حين رأى وجهها الجميل، لم يستطع أن يكتم مشاعره وقال لها: أنت كالقمر.
نزلت للقاء من دون أن تحس بالوقت الطويل الذي قضته وهي تزين نفسها، لكنها لاحظت ذلك في فاترينة محل الملابس، وانتظرت حتى وصلت الى الكازينو، وتأكدت من أنها كانت لهفى، وأنه، قالت في نفسها، ما كان يجب ان احضر للكازينو قبل الموعد بعشر دقائق، لكنها اخرجت المرآة الصغيرة من حقيبتها، ورأت انها قد زينت نفسها زينة لا يمكن ان تكون قد فعلتها إلا وهي تحت تأثير تلك المشاعر التي قالت إنها لا بد من أن تصر على إنكارها أمامه، حتى لو كان صدرها يهتز، ويدها تعرق، وعيناها تتيهان، ويكاد الاغماء يصيبها بالسقوط.
لكنها ما ان رأته حتى تأكدت من أن الحياة تمضي ببطء شديد، وأنه لا بد من أن تتمسك بموقف الإنكار الذي مارسته طويلاً حتى لايفلت منها، وأنها هي هكذا تكون قد احسنت السلوك، لأنها تعلمت، لا فقط من أمها وخالتها، بل من كل النساء اللائي عرفتهن، ان على الفتاة أن تخفي مشاعرها، لا، بل تلعب لعبة الضحية، لأن الرجل بطبيعته صياد يحب الايقاع بالضحية، وأنه لا بد من الاستمرار في هذه اللعبة، وأنه إذا ما احس بأن الصيد سهل فإنه سيهرب، لكنها لم تستطع التغلب على انفعالاتها حين قال لها أنت كالقمر، فسقطت المرآة من يدها.
* كاتب مصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.