محافظ الدرب يستقبل رئيس وأعضاء جمعية علماء    روسيا تؤكد استمرار تصدير النفط إلى الهند رغم رسوم ترامب    وزير الخارجية يبحث مع نظيريه في قطر والبحرين التطورات الإقليمية    الأولمبية والبارالمبية السعودية تطلق مبادرة"تحدي فريق السعودية الوطني"    إحباط تهريب (14,300) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي بعسير    أمطار الفجر ترفع جاهزية جازان    جامعة بيشة تدشن أحدث إصدار من البلاكبورد ألترا    صيف الفوتوغرافيين في ثقافة وفنون أبها    «سلمان للإغاثة» يحصل على شهادة "الآيزو" الدولية في جودة البيانات    مساعدات سعودية جديدة تصل غزة    تقويم التعليم تنتهي من قياس الأداء التعليمي لجميع المدارس    السعودية تشارك في صياغة أخلاقيات الذكاء الاصطناعي بالعالم    روسيا تؤكد رفضها لأي ضمانات أمنية غربية لأوكرانيا دون مراعاة مصالحها    إتاحة التقديم على تأشيرة العمرة دون وسيط    إحصائيات رائعة.. رياض محرز ملك صناعة الأهداف مع الأهلي    "الرياضة": بدء مرحلة إبداء الرغبة وطلب التأهيل للاستحواذ على ناديي النجمة والأخدود    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (10878,07) نقطة    نائب أمير حائل: جائزة الأميرة صيتة ترسخ ثقافة العمل الخيري والإنساني والتطوعي وتعزز قيمه النبيلة المجتمعية    شيرر: صراع إيساك ونيوكاسل لن يفيد أحداً    آل الشيخ يوقّع البرنامج التنفيذي مع رئيس الاتحاد الإسلامي ومفتي الديار في جمهورية مقدونيا الشمالية    تقييم الحوادث باليمن يصدر بيانين حول ادعائين باستهداف محطة وقود ومعبد المقة    السجان: مذكرة تفاهم مع جامعة كاليفورنيا – بيركلي تعزز الشراكات الدولية لمعهد الإدارة العامة    تعليم الشرقية يستقبل أكثر من 700 ألف طالب وطالبة للعام الدراسي الجديد    نائب أمير الشرقية يطّلع على إنجازات تجمع الأحساء الصحي وخططه المستقبلية    تجمع الرياض الصحي الأول يعلن بدء التسجيل في مؤتمر القلب العالمي 2025 بالرياض    الأخصائي الاجتماعي وبدل الندرة    حجب متجر إلكتروني من خارج المملكة لبيعه ذهب مغشوش    ضبط جموعة من الوافدين لسرقتهم كيابل كهربائية من مدارس ومرافق عامة وخاصة بالرياض    زين السعودية شريكا رقميا للمعرض السعودي للدرون    استشهاد 30 فلسطينيًا في قصف على قطاع غزة    تخريج الدفعة الأولى من برنامج الأوركسترا والكورال الوطني السعودي بالرياض    صدارة مجددة وأبطال يكتبون التاريخ في الأسبوع السادس    «الفلكية»: مثلث سماوي يتكون فجر اليوم الأربعاء    43 مليون عملية عبر«أبشر» في يوليو    الاتحاد يرغب بضم "سيبايوس" لاعب الميرينغي    تكريم حمد الخاتم.. لمسة وفاء    شرطي«شبحي» يحرس شوارع كوريا الجنوبية    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    ريهام عبد الغفور.. كوميدية في «خمس نجوم»    التأكد من استكمال تطعيمات السن المدرسي.. إتاحة فحص اللياقة للطلاب المستجدين عبر «صحتي»    تعزيز تنافسية المنتجات السعودية عالمياً.. 234 ألف شهادة منشأ للصادرات الصناعية    فتاة تجني 3 ألاف دولار من لوحات رسمتها «الفئران»    طلاق من طرف واحد    أكّد خلال استقباله رئيس جامعة المؤسس أهمية التوسع في التخصصات.. نائب أمير مكة يطلع على خطط سلامة ضيوف الرحمن    تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب وأنشطة تهريب البشر والأسلحة.. القوات البحرية السعودية تتسلم قيادة «قوة الواجب المختلطة»    إخوان تونس يحاولون تعكير الاستقرار السياسي    صحتك والقراءة    المشاركون بمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية يزورون المشاعر وحي حراء    نائب أمير الرياض يستقبل سفير الصومال    قلعة مروان.. معلم شامخ يطل على مزارع النخيل في الطائف    أمير نجران يلتقي عضو هيئة كبار العلماء.. ويتسلم تقرير «المجاهدين»    طبية جامعة الملك سعود تجري أول زراعة قوقعة باستخدام اليد الروبوتية    الزمن الجميل    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير مطار الأمير سلطان بن عبدالعزيز الدولي    أشاد بدعم القيادة.. أمير الشرقية يطلع على مشاريع الطاقة الصينية    دراسة: المروحة تضاعف مخاطر القلب في الصيف    أمير تبوك يطلع على سير العمل بالمنشآت الصحية بالمنطقة    أوامر ملكية بإعفاء الماضي والعتيبي والشبل من مناصبهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألف وجه لألف عام - "الكليات في الطب" لأبي الوليد بن رشد
نشر في الحياة يوم 03 - 01 - 2001

اذا كان فيلم "المصير" الذي حققه يوسف شاهين قبل سنوات قد نقل ابن رشد من رفوف المكتبات واهتمام الأكاديميين والمثقفين، الى صفوف الناس، وصار لفيلسوف قرطبة اعتباراً من عرض الفيلم ملامح الفنان نور الشريف ولهجة مصرية غير مبرزة، فإن هذا لم يعط ابن رشد بعد حقه تماماً. اذ حتى في صفوف الطبقات المتوسطة من المثقفين لا يزال ينظر الى ابن رشد بوصفه فيلسوفاً وبالأحرى شارحاً لفلسفة أرسطو. هكذا دخل الرجل التاريخ بصورة عامة، وهكذا كتب عليه أن يبقى. غير ان الوقت حان للعودة الى وجه آخر من وجوه ابن رشد، وجه أساسي، لعل خير ما يمثله كتابه الأكبر "الكليات في الطب" ذلك الكتاب الذي ينأى بنا بعض الشيء عن شارح ارسطو أو مساجل الغزالي في "تهافت التهافت" والساعي الى الجمع بين الحكمة والشريعة في "فصل المقال".
"الكليات" كتاب عن الطب. ولعلنا لا نغالي اذا قلنا انه كان كتاب "الطب" وحكمة الطب الأساس، حتى في أوروبا نهاية العصور الوسطى، إذ نعرف اليوم ان كليات الجامعات الأوروبية ظلت تدرس "الكليات" حتى نهايات القرن السادس عشر، من ناحية لقيمته الخاصة، ومن ناحية أخرى لأنه الكتاب الأفضل الذي عرف كيف يقارن بين مدرستين قديمتين في الطب: مدرسة ابيقراط ومدرسة جالينوس. وابن رشد كان ينظر الى كتابه هذا نظرة متواضعة، حيث كان يعتبره "لمعالجة المسائل العامة، ومن احتاج الى معرفة جزئيات هذا العمل، فعليه بكتاب ابن زهر". غير ان ما لم يشر اليه ابن رشد، كان الأمر الأهم وهو ان كتابه "الكليات" لا يحب أبداً، اعتباره كتاباً تقنياً، بل سفر يجمع وربما للمرة الأولى على مثل ذلك النطاق الواسع، بين الفلسفة والعلم، ما يجعل الكتاب كتاباً في صناعة الطب وأهدافه. وما هي أهداف الطب، في نهاية الأمر، غير شفاء الانسان برد ما يصيبه إلى العوامل الطبيعية والمادية التي تطرأ على الإنسان في حياته؟
بعد هذا، هل علينا التحدث عن سعي ابن رشد الى انسنة الطب والمرض، في كتاب مفتتحه انتقاد من سبقوه في ذلك المجال: إن المفكر محمد عابد الجابري يوضح الأمور في شكل معاصر جداً، في مقدمة وصفها لطبعة جديدة من "الكليات" اذ يقول "ان عمل ابن رشد هنا يدخل في اطار مشروعه العام الذي يتوخى الاجتهاد و"التصحيح"، ولذلك فهو يضم الجانبين معاً: الاجتهاد في بعض المسائل التطبيقية والادلاء بآراء مخالفة لما كان سائداً: وتطور الطب كعلم وهو ما يتعلق بالتصحيح، أي بإعادة بناء المعارف الطبية بالصورة التي تجعل منها علماً، وفي تحليله للكتاب ينطلق الجابري عن حق من تعريف ابن رشد الطب "تعريفاً لم تعثر له على مثيل أو أصل عند من سبقه ممن كتبوا في الطب، اذ يقول: ان صناعة الطب هي صناعة فاعلة عن مبادئ صادقة، يلتمس بها حفظ صحة بدن الانسان وابطال المرض، وذلك بأقصى ما يمكن في واحد واحد من الابدان".
بالنسبة الى الفكر الغربي يعتبر كتاب الكليات COLLEGET باللاتينية الذي وضعه ابن رشد 26-11-1198، كتاباً موسوعياً يتألف من سبعة أقسام للمرة الأولى في البندقية في العام 1482 وهو، أي الكتاب، يتبع عن قرب كتاب "القانون في الطب" لابن سينا فينقده عبر رؤية نظرية ونقدية أمينة لتعاليم جالينوس. ويرى الفكر الغربي، الذي ظل يعتمد "الكليات" مرجعاً طوال عقود من السنين، أن الجزء الأول من الكتاب هو الأهم حيث يعالج المؤلف مشروع الجسم ويلخص في صفحات رائعة ما كان وصل اليه علم الطب في زمانه. أما الأقسام السبعة التي ينقسم اليها الكتاب فهي، تشريح الأعضاء - الصحة - المرض - العلامات - الأدوية والأغذية - حفظ الصحة - وشفاء الأمراض.
أما ابن رشد نفسه فإنه يؤكد أن "ما سلكناه في كتابنا هذا يخالف الطرق التي سلكها الأطباء الذين وصفوا الكتب، وطريقتنا أليق بهذه الصناعة، وينبغي ان تعلم ان الناظر في هذا الكتاب لن يقدر أن يتقصاه ولن يفهم حل معانيه اذا لم يتقدم فينظر في صناعة المنطق أدنى نظر فيعرف اصناف البرهان الثلاثة، وينبغي كذلك ان تكون له أدنى معرفة بالعلم الطبيعي".
ولد ابن رشد في قرطبة في أسرة علم وقضاء ودرس الفقه والكلام والطب والفلسفة، شرح ارسطو تلبية لرغبة الخليفة أبي يعقوب يوسف وعين قاضياً على أشبلية ثم قرطبة وصار قاضي القضاة. اتهم بالزندقة وأحرقت كتبه. من أهم هذه الكتب "تهافت التهافت" و"فصل المقال" و"الكليات".
ابراهيم العريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.