الهندوسية مفهوم محيّر بلغ تاريخه ما يقرب من ثلاثة آلاف سنة ونيّف وتعتنقه اليوم مئات الملايين. فهو دين بلا جماعة من الاتباع تختص به وبلا هيئة مركزية ذات ترتيب هرمي، وبلا عقيدة محددة، لأن الهندوسية أسلوب في الحياة أكثر منها مجموعة من العقائد، ولهذا فليست لها صيغة محددة المعالم. ومن هنا كانت تشمل من العقائد ما يهبط الى عبادة الحجارة والأشجار، وما يرتفع الى التجريدات الفلسفية الدقيقة. والحكومة الهندية تعّرف الهندوسي بالنسبة لقانون الأحوال الشخصية، بأنه الشخص الهندي الذي ليس مسلماً ولا مسيحياً ولا زرادشتياً! وينبغي علينا ان نستبعد كذلك البوذي والجيني والسيخي، لكن ذلك لا يخبرنا إلا بما لا تكونه الهندوسية ذات المذاهب الستة، أما من الناحية الايجابية فيمكن القول ان الهندوسية هي اتباع أو عبادة إله الحفاظ على الحياة وتغذيتها "فشنو" أو الواحد الميمون السعيد سيد الموت والخلق والراقص الكوني واليوجي الساكن "شيفا" أو آلهة القوة والنشاط "شاكتي" أو تجسيداتهم، أو مظاهرهم أو ازواجهم أو ذريتهم. وهكذا يندرج ضمن الهندوسية عدد كبير من أتباع عبادة "راما وكرشنا" وهما تجسيدان لفشنو واتباع عبادة "درجا" و"سكاندا" و"جانيشا" وهم على الترتيب "شيفا" وابناه. ويقوم الهندوس في تأدية شعائرهم الدينية بالاغتسال في مياه نهر الغانج للتطهر من ذنوبهم وآثامهم. وتدفق نحو 60 مليون شخص من "السادهوس" أي الرجال القديسين والحجاج هذه السنة في مناسبة عيد يوم القمر الجديد ما هو كوبه ميلا الذي يجري كل 12 سنة في الهند. ويرتدي تجمع العام 2001 أهمية خاصة لتزامنه مع تراصف الكواكب الكوني الذي لن يتكرر قبل 144 عاماً. ويمتد الموقع المخصص للاغتسال على طول ستة كيلومترات من نهر الغانج حيث يقصده أكثر من مليوني شخص كل يوم للتطهر. وفي عداد المتوافدين نجوم كبار من عالم الفن. ومن الطقوس الممارسة في هذا العيد اشعال النار المقدسة في البيت الهندوسي، بطريقة معينة وهي حكّ العصي ببعضها، وينبغي ألا تترك حتى تخمد. ولا بد ان يتقدم رب الأسرة لهذه النار بقرابين للآلهة. بل انه في الواقع ملزم القيام ثلاث مرات في اليوم بما يسمى "بالتضحيات الخمس الكبرى": عبادة براهمان روح العام، وقوامها تلاوة نصوص من الفيدا النارية الريج فيدا وهي أدعية وصلوات وأوراد منظومة تتلى نثراً، وبعض نصوص من الفيدا الشمسية سامافيدا وهي مزامير دينية، أو بعض من أثار فافيدا وهي ترانيم وأدعية للاستغفار والرقى ضد السحر والأرواح الشريرة المدمرة والخبيثة. وعبادة الآباء بتقديم الطعام والماء لتغذيتهم حتى لا تفنى أرواحهم، وعبادة الآلهة بإحراق القرابين، وعبادة "بهوتاس" وهي الموجودات الحية أو الأرواح بنشر الحبوب في الجهات الأربع والمركز، وفي الهواء وعلى أواني المنزل، ووضع الطعام على عتبة الدار للمنبوذين والحيوانات والطيور. أما أهم الواجبات التي يلتزم بها رب الأسرة فهي واجباته نحو الاسلاف، فهو ليس ملزماً فقط بتقديم القرابين من الماء والطعام اليهم، والى روح البيت الساكن في الركن الشمالي من المنزل، بل عليه ان يقدم لهم البندا أي كرة الرز في يوم ظهور القمر الجديد. وتسمى العناصر الرئيسية في هذا الاحتفال شراذا، وهي كالآتي: يجلس الحكماء والقديسون في مكان مكشوف على مقاعد منسوجة من العشب المقدس أو في المعابد أحياناً. ويصنع رب الأسرة ثلاث كرات. ويضعها فوق سجادة، منسوجة بالعشب المقدس بعد رش المكان بالماء، وتذهب هذه الى الموتى الثلاثة من أسلافه: الأب والجد وأب الجد، ثم يمسح الرز العالق بيده في العشب، ويسكب ماء على الأرض بالقرب من البندا فمن شأن ذلك ان يرضي الأسلاف الأكثر بعداً. ثم يقسم البندا على الحكماء والقديسين أولاً، وما تبقى من شراذا "يصبح الوجبة الأساسية للضيوف.