في اطار المحاولات التي يبذلها بعض المؤسسات العلمية والثقافية لادراج تاريخ الحضارة الأندلسية في مقررات التعليم الثانوي بمدارس الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، قدمت مؤسسة التراث الأندلسي أمس في مدينة غرناطة، تحت رعاية مسؤولة الثقافة في الحكومة الأندلسية المحلية وبرنامج "كونيكت" الأوروبي، كتاباً تعليمياً بعنوان "الأندلس: اعرف تاريخك. المسلك الثقافي للمرابطين والموحدين" باللغات الاسبانية والايطالية والفرنسية والانكليزية. وقالت المسؤولة الأندلسية في تصريحات للقسم العربي بوكالة الأنباء الاسبانية ان الكتاب يتكون من قسمين: الأول مخصص للتلاميذ والثاني للمعلمين، و"يسعى الى جعل الجيل الجديد من التلاميذ الأوروبيين يتعرفون على تاريخ أوروبا"، وذلك عبر عمل "جيد ورصين ومهم" أنجز بعد التشاور مسبقاً مع أساتذة التعليم الثانوي وخبراء في علم الاجتماع. وأشار المنسق الايطالي لهذا المشروع الى ظاهرة الهجرة التي يستقطبها الاتحاد الأوروبي من بلدان أخرى، مؤكداً على أن مشروعاً مثل هذا الكتاب التربوي سيسهم في تحقيق "تعايش سلمي" بين الجميع. في حين شدد المنسق البريطاني على أهمية "ان نصنع كشعوب جميعاً ثقافتنا الذاتية وان يتسنى لنا في النهاية أن نعيش جنباً الى جنب" بلا مشاكل في التعايش. ويسعى المشروع الى تحقيق أهداف عدة أهمها دراسة تراث الأندلس وتنوعه اللغوي والثقافي واحترام إرثه وتطور مساره التاريخي، وتوظيف تلك الدراسة في تحقيق الاعتراف بحقوق الانسان وحرياته كانجاز ضروري للانسانية وللاعتراف ب"الآخر". يضم الجزء المخصص للتلاميذ دراسة تعليمية مقتضبة ومدققة حول تاريخ الأندلس، ويشمل عرضاً تاريخياً متسلسلاً لثمانية قرون من الوجود الأندلسي، عبر دراسة هياكله الاقتصادية ومظاهر الحياة اليومية وإرثه العلمي وتعبيره الفني من عمارة وموسيقى وشعر، ويرفق كل فصل في هذا الجزء بتمارين لمساعدة التلاميذ على استيعاب الدروس. وينتهي الكتاب الى إبراز المسلك الثقافي للمرابطين والموحدين، حيث يعرض الطرق التي قطعتها السلالتان المغربيتان في تعزيز سيادتهما في شبه الجزيرة الايبيرية، ويصف اتساع الأراضي التي شملها حكمهما وضمت البرتغال والمغرب والجزائر وتونس وموريتانيا ومالي والسنغال واسبانيا. اما الجزء المخصص للمعلمين فيسعى الى تزويدهم بأداة تكميلية، عبر اقتراح سلسلة من الأفكار لتكميل دروس تاريخ الأندلس، أبرزها انجاز أبحاث صغيرة حول شخصيات مثل الفيلسوف ابن سينا، وإعداد وجبة طعام أندلسية، وعرض أفلام مثل "مرثية غرناطة" للمخرج الاسباني خافيير اسكريبا الذي يصور آخر سنوات المملكة النصرية، فضلاً عن القيام بزيارات موجهة الى المآثر التاريخية.