أمل رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري بأن تسهم المحادثات التي يجريها في طهران، في "تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين لتصبح في مستوى العلاقات السياسية التي اخذت تتطور منذ سنوات"، واصفاً اياها بأنها "ايجابية جداً". وقال ل"الحياة" ان محادثاته التي بدأها أمس في طهران وإن كان يغلب عليها الطابع السياسي وتتناول التطورات في المنطقة في ضوء كل الاحتمالات المترتبة على ما ستؤول اليه الاتصالات الأميركية بين رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات وإسرائيل في محاولة لاعادة تحريك المفاوضات على المسار الفلسطيني، فإن هذا لا يمنع البحث في تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيزه. وأكد الحريري ان لدى البلدين رغبة في تفعيل اللجنة المشتركة بين البلدين التي يرأسها عن كل جانب وزير الاقتصاد والتجارة والتي ستجتمع مداورة في العاصمتين اللبنانيةوالايرانية مرة كل ستة أشهر. ورداً على سؤال قال: "إن امكانات التعاون الاقتصادي متوافرة في البلدين. وان هناك اتفاقات ومذكرات تفاهم لا بد من تفعيلها نحو الأفضل"، مشيراً الى "أن بيروت يمكن ان تشكل سوقاً لاعادة تصدير السجاد الايراني الى أوروبا ودول الجوار خصوصاً بعد خفض الجمارك المفروضة عليها من 55 في المئة الى 5 في المئة". وكان الحريري بدأ محادثاته في طهران التي يزورها مع وفد يضم وزيري الاقتصاد باسل فليحان والخارجية محمود حمود ومستشارين بلقاءٍ مع النائب الأول للرئيس الايراني حسن حبيبي وأكد في مؤتمر صحافي مشترك "ان لدى لبنان برنامجاً ضخماً لاعادة اعمار قرى الجنوب المحررة ونسعى لدى جميع الأصدقاء ومنهم ايران للمشاركة في اعادة الاعمار". وقال: "إن احد اهداف هذه الزيارة دعوة ايران وشعبها لزيارة لبنان والاطلاع على النهضة التي حصلت فيه، اذ كان لبنان يقاوم بيد ويعمّر باليد الأخرى". من جهته أكد حبيبي "أن دعم لبنان وسورية والانتفاضة في فلسطين سياسة مستمرة من قبل ايران وتؤكد عليها في مواجهة اسرائيل". ورأى "ان علينا الانتظار بالنسبة لتطورات الأوضاع في المنطقة لمعرفة السياسة التي ستتبعها الادارة الأميركية الجديدة ادارة بوش تجاه المنطقة وما اذا كانت ستبتعد الى حد ما عن اسرائيل. اذا استمرت هذه السياسة على ما هي عليه فإن الانتفاضة الفلسطينية ستستمر ومن الممكن ان تتواصل بوتيرة أقوى". ونفى علمه "بوجود طلب أوروبي كي تساعد ايران في انجاز عملية تبادل الأسرى والمعتقلين بين اسرائيل وحزب الله". وذكّر أن الحل في الشرق الأوسط "يجب ان يقوم على أساس استفتاء عام يجرى في فلسطينالمحتلة ليحدد مصيرها، ويشارك فيه جميع الفلسطينيين بمن فيه اللاجئون الذين ينبغي ان يعودوا الى أرضهم". ثم التقى الحريري مرشد الثورة علي خامنئي لمدة خمسين دقيقة في حضور الوزيرين حمود وفليحان والسفير اللبناني عدنان منصور وعن الجانب الإيراني حبيبي ومستشار خامنئي علي أكبر ولايتي وعدد من الوزراء الإيرانيين ورئيس مكتب خامنئي محمد غولبيكاني. وقدم خامنئي تعازيه بوفاة رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين منوهاً بمزاياه ورد الحريري بالقول: "كان رجل حوار واعتدال وانفتاح وقيمة وطنية يصعب تعويضها إنه الخسارة ليس للبنان إنما للعرب والمسلمين" وأيده خامنئي في ما قاله. وكان الحريري حاول وهو في طريقه من بيروت الى طهران في طائرته الخاصة تجنب أي حديث عن الوضع السياسي في لبنان، مؤكداً ل"الحياة" انه مع الدعوة الى "رص الصفوف لمواجهة الوضع الدقيق الذي تمر فيه المنطقة والذي يفرض علينا الاستعداد لمواجهة كل الاحتمالات سواء توصل الفلسطينيون وإسرائيل الى اتفاق أم لم يتوصلوا في الفترة القصيرة المتبقية من ولاية الرئيس الأميركي بيل كلينتون والتي باتت تعد بالأيام". لكن بعد الحاح الصحافيين تطرق الحريري الى السجال السياسي والاعلامي الذي خلفه التصريح الأخير لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط وردود الفعل التي صدرت عليه. وقال: "إن هناك استحالة في العودة الى الأزمات السياسية في لبنان لوجود قرار مركزي بالتعاون مع رئيس الجمهورية اميل لحود"، مؤكداً "ان هذه نية لحود أيضاً وهذا ما يفسر الأجواء السائدة في مجلس الوزراء ومن يعود الى قراءة البيان الوزاري، يكتشف أن الحكومة سائرة على طريق ما تضمّنه خصوصاً بالنسبة الى خطة النمو الاقتصادي". ولفت الى "ان أي سجال سياسي واعلامي لن يدوم طويلاً ما دمنا نقدّر دقة المرحلة"، وقال: "أنا لا أقول هذا الكلام من باب الاستهلاك المحلي، انما مقروناً بما قامت وتقوم به الحكومة حيث ان عجلة العمل لم تتوقف تحت تأثير المحاولات لخلق حال من التأزيم الاعلامي لن تؤدي الى حصول أزمة سياسية مهما كلف الأمر وأكبر دليل ان السوق المالية لم تتأثر على الاطلاق". وأبدى الحريري ارتياحه الشديد للعلاقة مع سورية وقال ل"الحياة": "إن أهمية القرار المركزي المتخذ من قبلي ومن جانب لحود بعدم الدخول في أي اشتباك والاصرار على التعاون يكمن في ان هذا القرار مدعوم بقرار مركزي سوري". وقال انه لمس لدى زيارته الأخيرة لدمشق ارتياحاً سورياً على كل المستويات لاداء الحكومة اللبنانية. وأكد عزم الحكومة على التعاون مع رئيس المجلس النيابي ومن خلاله مع المجلس. وقال: "إن الأيام ستكشف مدى تأثير هذا التعاون على كل الصعد"، واصفاً علاقته بقيادة "حزب الله" بأنها طيبة وايجابية ومشيداً بالوعي الذي "تتحلى به المقاومة التي تتصرف حيال المستجدات في الجنوب من رؤية واستراتيجية واقعية".