من قال ان الاحتكار من سمات النظام الرأسمالي والعدالة من سمات النظام الاشتراكي. فبنظرة عامة الى الواقع السوري نلاحظ ان الاحتكار تعدى الأمور المجتمعية وبلغ حتى الأحلام الفردية وأكثر من ذلك تم احتكار مستقبل الشباب. وفي حين يشكل الشباب السوري غالبية المجتمع، وتكثر الدعوات الى أهمية الشباب ودورهم في عملية التطوير وضرورة خلق جيل أفكاره متطورة، يبرز التناقض بين النظرية والتطبيق. إذ يعلم معظم الناس ان الشاب السوري يصل الى "البكالوريا" نهاية المرحلة الثانوية وقد استنزف جهد أسرته سيما وان معظمهم حتى تلك المرحلة معالون مالياً ومتوسط دخل الفرد متدنٍ ولا يحقق الحد الأدنى لمستوى معيشي مناسب على الرغم من اجراءات تحسينه. وفجأة يخرج طالب بعد 12 عاماً من الدراسة الى الحياة صفر اليدين. هناك فكرة أصبحت تسيطر على عقل طالب الشهادة الثانوية وخصوصاً الفرع العلمي، وهي ان السنة الأولى ثانوي هي مرحلة التمهيد للدراسة والسنة الثانية مرحلة التحضير، أما الثالثة فيتم فيها الامتحان الفعلي. وهذا الكلام غير مبالغ فيه، فهذه السنة مثلاً يحتاج الطالب الذي يريد دراسة الطب الى 229 علامة من أصل 240. الطالب يعتمد في تحصيله العلمي على جهده الذاتي، أما التشجيع والمكافآت التي ينالها من قبل الدولة فلا تكاد تذكر. أما المؤشر الآخر الخطر فهو احتكار مستقبل الطالب، هل يعقل ان علامات دخول الى الاختصاصات الرئيسية في الفرع العلمي من هندسة وصيدلة وطب، هي فوق ال210؟ وهل يعقل أن طالباً قضى بمعدل 14 سنة دراسية وهو غير جاد في تحصيله الدراسي؟ لماذا نصادر مستقبله؟ لماذا لا نترك الخيارات مفتوحة أمام الطالب؟ إذا كانت الجامعات القائمة لا تستوعب إلا اعداداً محددة من الطلاب فلماذا نعلب طلابنا في جامعة لا تحقق لهم أحلامهم؟ الشهادة الثانوية تشكل جسر العبور للمستقبل بالنسبة لطالب اختار أن تكون الدراسة ضمانة لوضع اجتماعي ومادي معين، وعلى رغم معاناة الطالب إلا أنه لا يوجد فارق من ناحية الدخل الوظيفي بين الخريج الجامعي وموظف درجة ثالثة سوى 1900 ل.س 38 دولاراً أميركياً عندما يتقاضى الطرفان الحد الأقصى لراتبهما... بعد عمر طويل. دمشق - جورج كدر