أمير تبوك يطمئن على صحة عون أبو طقيقه    نائب أمير جازان يلتقي شباب وشابات المنطقة ويستعرض البرامج التنموية    عدم تغطية الحمولة المنقولة مخالفة مرورية تستوجب الغرامة    اشتراطات محدثة لتنظيم اللوحات الدعائية والإعلانية في السعودية    تجمع الرياض الصحي الثاني يختتم برنامج "ستار 2025" بمشاركة أكثر من 555 متدربًا    الأمن العام يحث ضيوف الرحمن على عدم الجلوس في الممرات داخل المسجد الحرام    صندوق الاستثمارات العامة يحقق 19% نموا في أصوله المدارة    نجم الهلال في الصدارة.. داروين نونيز يتفوق على سواريز وكافاني    سعود بن نايف يترأس اجتماع مجلس هيئة تطوير المنطقة الشرقية    تنظيم المملكة للمسابقات القرآنية احترافي يجسد مكانتها في قلوب المسلمين    المدمرة "يو إس إس هيجينز" أكدت حقوقها الملاحية ببحر الصين الجنوبي    ارتفاع أسواق الأسهم الآسيوية    بدعم من مؤسسة سليمان الراجحي.. جمعية الإعاقة السمعية في جازان تسلم سماعات أذن ل16 مستفيدًا    "الندوة العالمية" في جيبوتي تُثمن إسهامات المملكة في تعزيز الوعي القيمي والديني    اوقية الذهب تصل الى 3351.46 دولارًا    "سدايا" تضع الشباب في صدارة أولوياتها لقيادة حاضر ومستقبل الذكاء الاصطناعي بالمملكة    امطار خفيفة الى غزيرة على اجزاء من مناطق المملكة    إيران تعرب عن استعداداها للتفاوض على برنامجها النووي    استقرار أسعار النفط    لقطات ساحرة للشفق القطبي    سودة عسير.. أمطار وغيوم    التوسع في تطبيق مقاييس التوافق قبل الارتباط    3 أبطال جدد وإنجازات تاريخية مع ختام الأسبوع الخامس من كأس العالم للرياضات الإلكترونية    طائرة العيون لدوري الأولى    ألمان ينسون طفلهم بمحطة وقود    تعاون موسيقي يجمع كوريا وروسيا    معاناة غزة إلى مستويات «لا يمكن تصورها»    إنجاز سعودي.. أول زراعة قوقعة ذكية بالشرق الأوسط وأفريقيا    الحياة البسيطة تعزز السعادة    استخراج هاتف من معدة مريض    فوائد ومخاطر النعناع الصحية    عودة المشرفين والإداريين في 11 منطقة للمدارس    مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد: ندين جرائم وقرار إسرائيل باحتلال غزة    ضبط 194 كلجم مخدرات و60 ألف قرص محظور    تقدّم روسي على جبهة أوكرانيا.. توتر قبيل قمة بوتين وترمب    وزير الخارجية ونظيره الأمريكي يبحثان المستجدات الدولية    الجماهير السعودية تترقب كأس السوبر    كأس السوبر الأوروبي بين عنفوان باريس وطموح توتنهام    «هن» مبادرة لدعم المواهب النسائية في الموسيقى    «مزرعة إنجليزية» تشارك في مزاد الصقور الدولي    «تنظيم الإعلام» توضح 6 سمات للإعلامي الناجح    مأساة الكوليرا تضرب النازحين في دارفور.. «المشتركة» تتصدى لهجوم الدعم السريع على الفاشر    قبيل زيارة لاريجاني لبيروت.. الرئيس اللبناني: الاستقواء بالخارج مرفوض    للعام السادس ضمن قائمة المائة.. "أرامكو السعودية" ثاني أعلى العلامات التجارية    23.61 مليار ريال تسهيلات للصادرات السعودية    50 مليون ريال للصناعيين    «الغذاء» تسجيل مستحضر «الريكسيفيو» لعلاج الورم النقوي    أدبي الطائف تصدر الأعمال المسرحية الكاملة للدكتور سامي الجمعان    أمير جازان يعزي في وفاة معافا    رابطة الدوري السعودي تعلن جدول أول 6 جولات من البطولة    وكيل إمارة جازان يلتقي "محافظي" المنطقة    سيرة من ذاكرة جازان.. الفريق ركن عمر حمزي رحمه الله    مدير الشؤون الإسلامية في جازان يناقش شؤون المساجد والجوامع ويطلع على أعمال مؤسسات الصيانة    الإدارة الروحية لمسلمي روسيا تحدد شروط تعدد الزوجات    المفتي يستعرض أعمال «الصاعقة» في إدارة الأزمات    الشعب السعودي.. تلاحم لا يهزم    مباهاة    أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر البلوي الذي تنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التاريخ الذي انتهى فور زوال الاحتلال . معتقل الخيام : الصورة الواسعة لسجنٍ ضيق
نشر في الحياة يوم 12 - 09 - 2000

لا يأخذ زائر سجن الخيام ذلك الشعور بالقشعريرة، أو الحزن أو حتى الغضب، إذ يجد نفسه أمام صدفة عاشها فردٌ مُعتقَلٌ كان أو معتقِل... فالغرف التي لم يصمد فيها إلا بعض الأثاث، نجده كله في إحدى الزوايا، مدمراً، محطّماً. لا نرى كرسيّاً في زاوية، أو غطاء مقلوباً على سرير، أو مشطاً ومرآة على طاولة، وإذا وُجدت لا نشعر أنها كانت هكذا في لحظة كان الدخول الى هذه الغرفة، أو هذا السجن، ممنوعاً... وهو السبب لكونه الآن مكاناً نقصده للزيارة.
كأن تاريخ هذا المعتقل السابق أو المتحف بدأ يوم التحرير، وليس قبله بعشرين عاماً.
هناك من يقول أن مشروعاً يُعدّ لتحويل معتقل الخيام الى متحف دائم. فكيف ذلك؟ هل سيشترون أثاثاً جديداً ويوزعونه على الغرف، وهل سيعيدون طلاء الجدران؟
ضاعت التفاصيل التي كانت وحدها قادرة على إبقاء جوّ من التوتر والحقيقة، وبقيت الصورة العامة، الواسعة، البعيدة التي كل ما تفعله هو الإيحاء بتلك الحقيقة التي لا نستطيع إلاّ أن نتخيلها.
صادف وجودنا هناك، في آخر النهار، وكان عدد الزائرين بدأ يقلّ، حتى بتنا أفراداً لا جماهير جاءت للاحتفال أو جيوشاً جاءت تثبت انتصارها... كثر من الزوّار في معتقل الخيام ينظرون الى غرفه وأركانه بشعور عارم من الانتصار، يتجوّلون داخل المعتقل كأنهم يحتفلون بغياب العملاء عنه، العملاء فقط وليس السجناء السابقين.
يكتبون على الجدران شتى أنواع الشعارات من بينها تحيات الى من كانوا معتقلين وشتائم للعملاء، ثم شعارات من تلك التي يكتبها طلاب المدارس على طاولاتهم حين يخرج الأستاذ من القاعة كما خرج العملاء من المعتقل: "أنا مررت من هنا، مع اسم المار والتاريخ". وهم بذلك يتابعون حربهم مع العدو، الحرب التي باتت معاركها أسهل عليهم بعد التحرير. بات كل دليل على عذاب الأسرى السابقين، بلا فائدة.
سجن الخيام هو كمعركة انهزم فيها اللبنانيون يوماً بعد يوم، خلال فترة الحرب الطويلة، ثم ربحوها مرّة واحدة يوم التحرير.
والمعتقل ما عاد يصلح ليكون متحفاً أو معرضاً لما حصل فيه خلال سنوات الحرب. فأغاني المقاومة الوطنية المرتفعة الصوت، تمنع الزوّار من الشعور بالصمت الذي كان سائداً حين كان المكان سجناً، ذلك الصمت الذي تركه السجناء عميقاً وراءهم. فشعور الزائر أنه في مهرجان يغلب على شعوره أنه في متحف كان معتقلاً. والكتابات الكثيرة على الجدران تكسر تلك الصورة الصادقة التي يبحث عنها الزائر حين يأتي ليبقى دقائق في المكان نفسه الذي بقي فيه السجناء سنوات. المكان هذا ما عاد نفسه. والفرق كبير بين معتقل الخيام كما تركه العملاء، والمعتقل كما هو الآن، بعد أن دخلت إليه القوات المحرِّرة.
في ساعات الليل الأولى بدأ أصحاب الدكاكين المتنقلة والبسطات التي تبيع صوراً وكتباً وأغانٍ وطنية وخطابات للمقاومة، باغلاق سوقهم والاختفاء... فهم لا يوجهون موسيقاهم وسلعهم إلاّ للأعداد الكبيرة.
فساد صمت اعتاد عليه السجن أكثر، وأصبح جزءاً منه. والظلام جعلنا ننتبه الى عدم توافر الإضاءة داخل الزنازين، ربما كانت طريقة أخرى لإنهاء المهرجان... فمن دون البسطات والموسيقى والجماهير، لا يعود السجن قابلاً للزيارة.
غير أننا اكتشفنا أن العكس هو الصحيح، فالصمت وعدم توافر الإضاءة، جعلنا نرى الجدران سوداء، من دون الكتابات، والغرف المظلمة أصبحت أقرب الى غرف السجون... الممرات الطويلة تتناقض مع ضيق الغرف، وقلة الزوّار جعلت وجودنا في إحدى الغرف أو الممرات جائزاً... بعد أن هممنا بالخروج قرأت على إحدى الأبواب التي تؤدي الى مجموعة غرفة: "غرف نوم العملاء... الآن حمامات للاستعمال". ألا تشبه هذه العبارة فكرة أو صورة من يطعن عدواً أو يركله، بعد أن وقع هذا العدو أرضاً وما عاد يحارب، أو عدوّ ذهب، فانفردنا بظله وأكملنا الحرب معه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.