حددت الحكومة المغربية مبلغ 14 بليون سنتيم 3.13 مليون دولار لدفع تعويضات لضحايا الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، وما بين مليون درهم مئة ألف دولار و5.3 مليون درهم 332 ألف دولار لكل ضحية أو عائلة متضررة من اختفاء أو وفاة أحد أفرادها خلال فترة الاحتقان السياسي منذ بداية فترة الستينات، وذلك في خطوة نحو طي ملف حقوق الإنسان نهائياً. وأعلنت هيئة التحكيم المعنية بملف الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي في مؤتمر صحافي أول من أمس في الرباط، انها بتت نهائياً في 68 ملفاً من ضمن أكثر من خمسة آلاف ملف. وحسمت الهيئة، التي تضم حقوقيين بارزين وقضاة، في أوضاع 112 حال اختفاء. وذكرت ان 13 منها ما زالت على قيد الحياة، وخمساً مصيرها مجهول، وخمسة أخرى كانت وفاتها عادية، و24 تأكدت وفاتها. وأشارت إلى أن في 23 حال اخرى توجد قرائن على وفاة أصحابها، أما ال24 الأخرى فإن ظروف غياب أصحابها لا علاقة لها بأي نشاط سياسي. وأوضحت الهيئة أنها توصلت إلى أن آلاف الطلبات ترتبط بالتوقيت، أي أن أصحابها اما اختفوا بعد محاكمتهم، وفي هذا الحال منهم من توفي ومنهم ما يزال على قيد الحياة، أو اطلقوا بعفو ملكي لكنهم تعرضوا لتعسفات إبان اعتقالهم، أو أنهم اختفوا إثر حوادث السنوات 1963 و1965 و1969 و1971 و1972 و1985 و1990. وشهد المغرب خلال هذه السنوات توترات سياسية كبيرة تزامنت مع محاولتي انقلاب قادهما الجنرال الراحل محمد اوفقير. وصدرت أحكام على المتورطين والمعارضين الذين اتهموا بمحاولة قلب نظام الحكم وحمل السلاح، أدت إلى اعتقالهم في مراكز سرية من بينها سجن تازمامارت، مما اثار جدلاً واسعاً في شأن انتهاكات حقوق الإنسان اطلع عليها المغاربة من خلال شهادات معتقلين سابقين نشروا مذكراتهم في الصحف. ودافعت هيئة التحكيم عن النتائج التي توصلت إليها، لكن حصيلة أعمالها أدت إلى ردود فعل متباينة من قبل المتضررين، واعتبر محمد الصدقي عضو المنظمة المغربية لحقوق الإنسان في تصريح ل"الحياة" أنه من السابق لأوانه الحديث عن اقفال ملف حقوق الإنسان. لكنه أضاف ان أشواطاً كبيرة قطعت في هذا الاتجاه. وعن عدم تقديم الدولة اعتذاراً رسمياً للضحايا وعائلات المختفين، قال السيد عبدالرزاق بنزاكوز عضو هيئة التحكيم ل"الحياة" إن الهيئة "ليست مخولة تقديم اعتذارات". لكنه أضاف: "لولا اعتراف الدولة لما كنا نقدم تعويضات الآن إلى المتضررين". وأشار إلى تعذر تحديد الفترة التي ستستغرقها عملية البت في الملفات، لأن عددها كبير. وأشار إلى أن موضوع الاعتقال التعسفي "ليس مدون في القانون المغربي". ودافع المسؤول المغربي عن تشكيلة هيئة التحكيم، واستبعد خضوعها لأية ضغوط سياسية، وقال إن الهيئة "مستقلة". وقال عبدالكريم الماغوزي شقيق الحسين الماغوزي الذي اختفى قبل حوالى 18 سنة ل"الحياة": "إن المطلوب ليس التعويض المالي، وإنما كشف الحقيقة كاملة وتقديم الرفات في حال التأكد من الوفاة". مشيراً إلى "أن التعويض المالي لا ينهي الضرر المعنوي الذي لحق بعائلات الضحايا". ووصف ادريس الضحاك، رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، نتائج أعمال هيئة التحكيم بأنها "حدث تاريخي وبداية لطي ملف حقوق الإنسان". وأكد التزام بلاده "تعزيز دولة الحق والقانون". وعبر الضحاك عن الأمل بالانتهاء من هذا الملف للاعتناء بالبت في الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للرعايا لمواجهة الفقر والبطالة والتهميش. وأوضح ان الملفات المعروضة على الهيئة "معقدة وشائكة وأصحابها في حال يرثى لها". وأضاف: "فضلنا دراسة الملفات الجاهزة وعددها 68 ملفاً".