زار مئات من المعتقلين المغاربة السابقين أمس السبت سجن تزمامارت "رمز الاعوام المظلمة"، جنوب شرقي البلاد، للتعبير عن احتجاجهم على "الظروف القاسية" والانتهاكات الرهيبة التي تعرض لها المعتقلون في هذا السجن السري طوال سنوات. ووصل المشاركون في هذا الاحتجاج في حافلات انطلقت فجراً الى مدينة الراشيدية 300 كلم جنوب شرقي الرباط التي يقربها معتقل تازمامارت الرهيب. ونظّم الرحلة "منتدى الحقيقة والانصاف" الذي يديره معتقل سابق هو صلاح الوديع الذي قال ل "الحياة" ان المشاركين في الرحلة فاقوا الثلاثمئة وان الحكومة وعدت بارسال مسؤولين عنها للمشاركة الى المسيرة الى تازمامارت. وقال الوديع الذي قضى سنوات سجنه في معتقل درب مولاي الشريف في مدينة الدار البيضاء، ان المشاركين في المسيرة الى تازمامارت يريدون ارسال اشارة الى السلطات المغربية مفادها ضرورة "طي صفحة سوداء من تاريخ البلاد تعرض خلالها المعتقلون الى انتهاكات رهيبة لحقوقهم". وأضاف ان برنامج الرحلة الى تازمامارت يشمل وقفة احتجاجية امام المعتقل الذي كان ثكنة عسكرية قبل ان تدمره السلطات بعد تصاعد الانتقادات الموجهة الى المغرب ازاء انتهاكات حقوق الانسان. وسُئل هل المسيرة الى تازمامارت كافية لتضميد جراح المعتقلين السابقين فيه، فرد بالقول ان ذلك لن يتحقق سوى "بمحاكمة المسؤولين عن تلك التجاوزات"، مشيراً ان بعضهم "ما زال يمارس مهماته حتى الآن ما يتنافى مع دولة الحق والقانون". ورأى مراقبون ان سماح السلطات بتنظيم هذه المسيرة التي شارك فيها ممثلو الاحزاب والهيئات السياسية المغربية ومعتقلون سابقون وعائلات ضحايا الاختفاء القسري وحقوقيون، اشارة الى نية الرباط في "طي ملف حقوق الانسان نهائياً". وقال مسؤول وزاري ان المسيرة "تكمل مشوار الحكومة في تعزيز ثقافة حقوق الانسان ورد الاعتبار الى سجناء سابقين". "رمز الاعوام المظلمة" وكتبت وكالة "فرانس برس" أمس ان معتقل تزمامارت "رمز الاعوام المظلمة" في المغرب، يضم مبنيين متباعدين اعتقل داخلهما 58 عسكرياً اوقفوا بعد انقلابين عسكريين فاشلين ضد الملك الراحل الحسن الثاني اولهما في الصخيرات في تموز يوليو 1971، وثانيهما في القنيطرة بعد قرابة سنة. وامضت غالبية الضباط الشبان الذين حكم عليهم بالسجن بين ثلاث وخمس سنوات نحو 18 عاماً هناك، ولقى بعضهم مصرعه "في ظروف تثير الهلع". وأضافت ان ثلاثة اشقاء من عائلة بوريكات احتجزوا هناك ايضاً اعتبارا من اذار مارس 1981 ولاكثر من عشرة اعوام. وكانوا اوقفوا من دون توضيحات في 1973، ولم يحالوا على المحاكمة ابداً. ولم يكن تزمامارت الذي نفت السلطات وجوده لفترة طويلة، سوى احد المعتقلات السرية العديدة التي عرفها المغرب. ولكنه كان المكان الذي شهد حالات وفاة اكثر من غيره، وحيث كانت ظروف العيش أقل انسانية من اماكن أخرى. وقضى ما لا يقل عن 32 معتقلاً نحبهم إثر عذاب ومعاناة طويلين. واكد احمد المرزوقي وهو واحد بين 28 ضابطا افرج عنهم في 1991، انه "سجلت 30 حالة وفاة بين ال 58 عسكرياً المعتقلين". ولم يتلق المعتقلون الذين كانوا يمضون نصف سنة وسط حرارة وقيظ لا يحتملان ونصفها الآخر تحت حرارة ادنى من الصفر، أي علاج. وقال مدحت بوريكات الذي وصل من باريس برفقة شقيقه بايزيد للمشاركة في رحلة "حج" نظمها المعتقلون السابقون: "كنا نعيش في الظلام، في زنزانات افرادية بطول ثلاثة امتار وعرض مترين. وكنا ننام على بلاطة من الباطون ونلتحف نصف غطاء". وقد احدودب ظهر مدحت بوريكات وفقد 20 سنتم من طول قامته. وقال انه قضى آخر ستة اعوام في المعتقل وهو منحني الظهر من دون ان يسمح له وضعه الصحي بتمديد جسده. ويتذكر مدحت وشقيقه ايضاً كيف كان الحرس يتركون الخبز عشرة ايام قبل توزيعه عليهم وكيف كانت المياه المالحة توزع على انها قهوة بينما كانوا يقومون بعد حبات العدس في ما كان يفترض ان يكون حساء مكوناً من العدس. وقال مدحت بوريكات: "نرغب اخيرا في ان تأخذ العدالة مجراها لأن الجلادين ما زالوا هنا. يجب الافصاح عن الاذى الذي ارتكبوه طوعاً. على العالم الرد على اعمالهم بدءا من صغير الحرس وانتهاء باكبر المديرين". وترغب عائلات المفقودين بتسلم جثث ابنائها يسود اعتقاد بوجود 30 جثة مدفونة في تزمامارت وان تقدم الدولة تعويضاً لهم.