تفجّر خلاف عنيف بين وزراء في الحكومة البريطانية واكاديميين في احدى أرقى جامعتين في بريطانيا، اكسفورد، اثر قرار كلية مودلين في هذه الجامعة عدم اعطاء لورا سبنس، وهي فتاة موهوبة من مدرسة حكومية في شمال انكلترا، مقعداً لدراسة الطب. واتهم اعضاء في الحكومة الجامعة بمواصلة نهجها النخبوي وتحيزها ضد طلبة المدارس الحكومية. لكن حزب المحافظين اتهم الحكومة باستغلال القضية لشن "حرب طبقية" بهدف سلب المحافظين ما حققوه من مكاسب في الاسابيع الاخيرة على صعيد قضايا مثل الموقف من طالبي اللجوء والرواتب التقاعدية للمسنين. وجاء رفض كلية مودلين قبول لورا على رغم حصولها على درجة امتياز "أي" في عشرة مواضيع في امتحانات الدراسة المتوسطة "جي سي إس إي" GCSE، وتوقع حصولها على نتائج مماثلة في امتحانات الدراسة الثانوية A levels التي تجرى في الصيف وتمهد لدخول الجامعة. في المقابل، أبدت جامعة هارفرد في الولاياتالمتحدة اعجابها بامكانات لورا، ومنحتها زمالة دراسية قيمتها 65 الف جنيه استرليني لدراسة الكيمياء البيولوجية. واتخذت كلية مودلين قرارها رفض طلب لورا بعد إخضاعها لمقابلات في الكلية كجزء من نظام القبول في جامعة اكسفورد. وقال وزير المال غوردن براون ان القرار كان "فضيحة كاملة" وان الفتاة حرمت من مقعد دراسي في اكسفورد بسبب "نظام مقابلات يخدم الطبقة الحاكمة القديمة". واضاف ان "الوقت حان لانهاء بريطانيا القديمة حيث كان ما يهم هو الامتياز الذي يجد المرء نفسه متمتعاً به منذ الولادة، وليس ما يملكه من امكانات". وتسعى اكسفورد وجامعة كامبردج التي تعد أيضاً من أرقى جامعات بريطانيا، إلى زيادة عدد الطلبة المقبولين من المدارس الحكومية. لكن الطلبة من المدارس الخاصة، الذين لا يشكلون سوى 7 في المئة من المجموع الكلي للطلبة، ما زالوا يتمتعون بفرصة افضل بكثير في الفوز بمقعد دراسي. وعبّرت جامعة اكسفورد عن "خيبة عميقة" حيال تصريح براون، فيما اتهمه حزب المحافظين ب"تحامل ينم عن جهل". وردد نائب رئيس الوزراء جون بريسوكت ما قاله براون في كلمة لمح فيها إلى ان الجامعات التي توسّع سياسات قبول الطلبة ستحصل على منافع مالية من الحكومة. وقال نائب رئيس جامعة اكسفورد الدكتور كولن لوكاس ان اكسفورد عرضت 53 في المئة من مقاعدها هذه السنة لطلبة من قطاع الدولة، وان الجامعة "تسعى باستمرار لاجتذاب الطلبة الاكثر اقتداراً، اياً كانت خلفيتهم، واياً كانت لهجتهم". واشارت كلية مودلين إلى ان كل المرشحين للحصول على المقاعد الخمسة المخصصة لدراسة الطب كانوا احرزوا نتائج ممتازة في امتحانات الدراسة المتوسطة. وحصلت هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" على ملاحظات دوّنها احد الاساتذة الذين اجروا المقابلة مع لورا في كلية مودلين. وجاء في هذه الملاحظات انها ذكية على نحو متميز، لكنها مثل طلبة آخرين من المدارس الحكومية "تعاني عدم الثقة بالنفس وكان من الصعب استدراجها للحديث". لكن الملاحظات اضافت انها ستصبح "طبيبة ممتازة". واثارت الضجة حول لورا سبنس جدلاً واسعاً وسط وسائل الاعلام والرأي العام البريطانيين. وعندما دعت "بي بي سي" المواطنين إلى ان يبعثوا بآرائهم إلى موقعها على شبكة انترنت، تلقت سيلاً من الردود المتنوعة التي تشرتها على الموقع. فأحد المدرسين في مدرسة حكومية كبيرة في مقاطعة ويلز، ويأتي الكثر من طلبتها من مناطق محرومة، لم يجد "الاّ الثناء للطريقة التي تعاملت لها اكسفورد بانفتاح مع منطقتي وطلبتي". لكن طالباً اميركياً اسود كتب قائلاً ان الجامعات الراقية في الولاياتالمتحدة مثل هارفرد ويال "تستند على نموذج بريطاني للنخبوية والاقصاء". ونصح رجل من شمال انكلترا لورا أن "تكف عن التشكي". ولفت إلى ان الطلبة الذين يسعون للحصول على مقاعد في اكسفورد او كامبردج يحملون كلهم تقريباً عشر درجات امتياز في امتحانات الدراسة الثانوية.