لا يزال كثيرون من الرجال يترددون في استخدام الشعر المستعار لتغطية صلعتهم، فيما يقبل البعض على "الباروكة" او "البوستيش" باعتبارها تعيد اليهم "الثقة بالنفس" او حتى "الهيبة"، المفقودتين مع تساقط الشعر. وفي وقت لا يزال زرع الشعر اصطناعياً عملية طويلة ومعقدة ومكلفة، يفضل البعض الآخر القبول بالصلع كأمر واقع والابتعاد عن "الخيار السهل" المتمثل في الباروكة باعتبار انها "عيب يغطي عيباً"، وتؤيدهم في ذلك النساء اللواتي لا يجدن غضاضة في صلع الرجل. وللخوض في هذا الموضوع، كان لا بد من استطلاع آراء رجال ونساء من المشاهير والفنانين والاختصاصيين او حتى الناس العاديين، فكان التحقيق الآتي الذي لا يخلو من المداعبات: لدى سؤاله عن الشعر المستعار، بادر الفنان عبدالمجيد مجذوب الى القول: "اهم اسباب الصلع كيد النسوان، بدليل اننا لا نعثر على امرأة واحدة صلعاء، بينما ثلاثة ارباع الرجال في العالم فقدوا شعرهم من شدة الغيظ". وروى عبدالمجيد مجذوب "معاناته" مع تساقط الشعر التي "بدأت خلال تصوير الجزء الثاني من مسلسل حول غرفتي في السبعينات وكان الدور لرجل اشيب وقور. لكن بسبب تخلف تقنيات التجميل وغباء الماكيور الذي عمل على تبييض خصلات شعري بواسطة دهان الكيوي يستعمل لتلميع الاحذية، بدأ شعري يتساقط. وازداد الامر سوءاً عندما قصدت كوافير نسائي بناءً على نصيحة المخرج الصديق جان فياض... لكنها كانت اتعس ساعات عمري بين يديه وهو يبتكر الخلطة تلو الخلطة الى ان اصبح شعري رمادياً. وبعد شهر، بدأ شعري يتساقط بغزارة واضطررت الى الاستعانة ب"بوستيش" لملء الفراغ في اعلى رأسي، لئلا يلاحظ المشاهد الفارق بين حلقة واخرى. ولدى سؤاله عن علاقته بالمرأة قبل الشعر المستعار وبعده، ضحك وقال: "لم تتأثر، مع العلم ان استفتاء اجرته احدى المجلات الاجنبية اظهر ان المتزوجات من رجال صلع اكثر سعادة من سواهن، ربما بسبب مركب النقص لدى الزوج الذي يضاعف اهتمامه بزوجته. والعكس صحيح، اذ اظهر استفتاء آخر ان 80 في المئة من الفتيات العازبات يفضلن الرجل غير الاصلع. وختم قائلاً: "لا فرق عندي اليوم اذا اعتمرت البوستيش" او لم اعتمرها. اذا تقبلتني المرأة بشعري الطبيعي او لم تتقبلني بشعر مستعار. اقول ذلك بكثير من الثقة بالنفس والالتزام بالمظهر اللائق والطلة الشيك ولا اكذب في ذلك". لا تحاسبوني على شعري الممثل الكوميدي ابراهيم مرعشلي، اعترض على السؤال "لأن البوستيش تندرج في خانة الترتيب والاناقة والشكل الحسن. هذا بالنسبة الى الانسان العادي فكيف بالنسبة الى الفنان؟". واصر المرعشلي على عدم الخوض في هذه المسألة "الشخصية جداً" وقال: "حاسبوني على عقلي لا على شعري". وبدا مطمئناً الى انه يقوم بالواجب امام جمهوره، مذكراً بأدوار فتى الشاشة الاول التي اشتهر بها وتطلبت الشكل الحسن، مشيراً الى ان موضوع الشكل ليس حكراً على المرأة وحدها. لكن عصر "الفتى الاول" انتهى فهل يملك ابراهيم المرعشلي الجرأة الكافية للفصل بين متطلبات الشاشة ومتطلبات العمر؟ اجاب: "فتى اول، فتى اخير، المسألة ليست محصورة هنا. فريد شوقي ظل يعتمر الباروكة حتى وفاته. نعم، املك الجرأة، لكن ليس للقول اني في الرابعة والخمسين من عمري، اتوجس من مسألة العمر، وثقل السنوات، واهرب من عمري احياناً بتحسينات جمالية مقبولة. وهل يؤيد ان يصبغ الرجل شعره؟ اجاب: "لمَ لا؟ الا تصبغ المرأة شعرها؟ لكني لا احبذ عمليات التجميل للرجل مثل شد الوجه ونفخ الشفاه بالسيليكون. "بوستيش" واحباط كانت "مزحة" انتهت ب"ورطة" بالنسبة الى المطرب صبحي توفيق الذي لم يعتد بعد على "البوستيش" التي اعتمرها حديثاً. واكد انه نادم وقال: "اشتريت الهمّ لنفسي. وكان صديق صحافي شجعني على مرافقته الى احد المحلات لتجريب البوستيش. قلت في نفسي: لا بأس، سأجربها، وستعتاد الناس على منظري الجديد. لكن لا الناس اعتادت، ولا انا تقبلتها. مللت واصبت بالاحباط جراء معاناتي اليومية معها. ومن يعتمر "البوستيش" يصبح هو نفسه مستعاراً. وهل من خيارات؟ اجاب: "نظرياً، زرع الشعر هو الحل الامثل. وعملياً، انا جبان ولا افكر بالاقدام على خطوة مماثلة لا سيما وانها تتطلب السفر الى الخارج والابتعاد عن البلد لفترةٍ طويلة. باروكة ام دواء؟ الفكاهي ايلي ايوب امتلك "حرفة" الرد على سؤال الشعر المستعار، وبخفة دمه المعهودة، اجاب: "يقال انه اذا تساقط شعر الرجل من الجهة الامامية للرأس، فهذا يعني انه يفكر كثيراً، واذا تساقط من الجهة الخلفية للرأس، فهو ذكي كثيراً. اما اذا تساقط من الجهتين فهو بلا ذكاء ولا تفكير... مجرد رأس بطيخة!". واضاف: "كان عمري 33 سنة فقط عندما تساقط شعري... شغلة متوارثة في عائلتنا. اذكر انقهرت كثيراً، وقلت في نفسي: المرأة ارتدت البنطلون فلماذا لا نعتمر نحن الباروكة؟". وهل يعتمر الشعر المستعار دائماً ام يتخلى عنه احياناً؟ اجاب: "وهل يأكل الانسان دائماً، ام في المناسبات والاعياد فقط؟ بصورة عامة، لا اتخلى ابداً عن البوستيش فهي بالنسبة اليّ حاجة كما الاكل والشرب. ولا اغالي اذا قلت انها مثل حبة الدواء لأنها تريح اعصابي وتمنحني الطمأنينة المطلوبة. ولا اجد حرجاً في القول ايضاً انني اصبغ شعري لتحقيق تناسق الالوان بين شعري الطبيعي وشعري المستعار". طربوش في ديسكوتيك الممثل صلاح مخللاتي قال: "تخليت عن الباروكة عندما تخليت عن مهنة التمثيل، بعد معاناةٍ طويلة عريضة مع الشعر المستعار. وكنت حريصاً على صورتي التلفزيونية عندما استعنت بالباروكة لتجميل هذه الصورة. وفي الواقع، لم اتآلف معها ابداً، كنت احس كما لو انني اعتمر الطربوش في ديسكوتيك فهي دخيلة على الشكل، وغير مألوفة في مجتمعاتنا، ولهذا السبب تعاملتُ معها كما تتعامل المرأة مع فستان سهرة له مناسباته الخاصة، اي انني حصرت استخدامها بأدواري على الشاشة الصغيرة وتحديداً بأدوار الشباب التي كنت اؤديها في مرحلةٍ متقدمة من عمري بسبب عدم توافر عناصر شابة لهذه الادوار في ايامنا". واضاف: "كنت اصلعاً عندما لعبت دور الطفل اسحق على خشبة المسرح بادارة المخرج ريمون جبارة. فالمسرح لا يحتاج الى شب حليوة". ولم ينس صلاح مخللاتي يوم اعتمر الباروكة وكان يزاول مهنة التعليم في مدرسة رسمية للبنات. وقال: "اذكر انني دخلت الصف خائفاً من ان يُفتضح امري، كنت اراقب الفتيات واترصد ردات فعلهن حتى صرت اتلعثم من شدة الخوف والارتباك خلال شرح الدرس. لكن مرّ الامر بسلام من غير ان تنتبه التلميذات الى النسخة المنقحة لأستاذهن". واضاف: "في كل الاحوال، اعتقد ان من يعمل على تغيير شكله، كمن يسعى الى استبدال زوجته بامرأة اخرى". باروكة - هدية استغرب الشاعر مارون كرم السؤال "القاسي والمادي" عن الشعر المستعار وقال: "كنت اتوقع سؤالاً عن الشعر بكسر الشين وليس عن الشعر بفتح الشين. فمن غير المعقول ان نظل نتعامل مع موضوع الشعر المستعار بهذه الهشاشة طالما ان كل تقنيات التجميل وجدت لخدمة الانسان. ومع ذلك، سأكون صريحاً ومتفهماً لأخبرك بأن عبدالمجيد مجذوب وابراهيم مرعشلي سبقاني الى الشعر المستعار في لبنان. اما في مصر، فهناك عشرات الفنانين والادباء الذي لجأوا الى الشعر المستعار اقتناعاً بأهميته. بالنسبة الي، تلقيت باروكة هدية من احد اقاربي، وكان افتتح معملاً لتصنيع الشعر المستعار، في لبنان، بصراحة، لم اتردد ابداً في اعتمارها فهي اعادت الثقة الى نفسي، ونجحت في تقليل وطأة عمري. من هذا المنطلق اتمنى فعلاً ان تلقى الباروكة الرجالية التفهم والرواج المطلوبين لدى الناس، كما اخالف رأي الذي اعتبروها دليلاً على ميوعة الرجل بينما هي في الواقع اثبات لرجولة الرجل المتصالح مع نفسه شكلاً ومضموناً. "نيو لوك" الممثل موريس موصللي اختار زرع الشعر بدل الباروكة. وكان سافر الى البرازيل لهذه الغاية حيث اجريت له عملية الزرع بمساعدة اقارب وفروا له الرعاية المطلوبة. وقال: "لولاهم لما تشجعت واخذت قراري بالسفر لاجراء العملية، قبل ثلاثين سنة، وقد بلغت كلفتها ثلاثة آلاف دولار. كنت في السابعة والعشرين من عمري عندما تساقط نصف شعري وخسرت نصف هيبتي. خفت ان يتساقط كامل شعري واخسر كل هيبتي. لذلك سارعت الى اجراء العملية، وقد كلفتني ثروة، من غير ان اندم لحظة واحدة على اجرائها. فالشعر هو تاج رأس المرأة والرجل معاً، وهو ضرورة لكليهما. بهذا المعنى تصالحت مع نفسي عندما تصالحت مع شكلي، ولأنني لست مهتماً كثيراً بما يقوله الناس، والا لما سعيت الى نيو لوك مفتاحه الشعر المستعار. النساء يفضلن الطبيعي هذه آراء الرجال فماذا عن النساء؟ ايمان الخير زوجة النائب صالح الخير، قالت: "صلعة رأس الرجل دليل على ذكائه. هكذا كنّا نسمع، وهكذا احببت صلعة زوجي ولا اتوانى عن تقبيلها من حين الى آخر. طبعاً لا اؤيد فكرة ان يعتمر الرجل باروكة او بوستيش فأنا لا استسيغ منطرهما المتطفل على الرأس. اما فاديا ابو غانم رئيسة بلدية المحيدثة فقالت: "لا تروق لي فكرة الزواج من رجل يعتمر باروكة، لأنني، ببساطة، ارغب في حال تعاركنا، في ان اقتلع بيدي شعره الطبيعي لا شعره المستعار. وفي الوقت نفسه بدت ملكة جمال لبنان نورما نعوم مناهضة بشدة لاعتمار الباروكة لانها امر مصطنع. وقالت: انا اؤيد كل ما هو طبيعي حتى الصلعة". الراقصة أماني قالت: "اذا احببت رجلاً اصلعاً سأتزوجه فوراً، فالرجل لا يقاس بباروكته اوبصلعته، بل بأخلاقه ونفسيته... ثم الا يقولون ان الحب اعمى؟ في كل الاحوال، لستُ ضد عمليات التجميل اكانت للمرأة ام للرجل، ما الفرق؟ الاعلامية البارزة جيزال خوري قالت: "موضوع الباروكة الرجالية آخر همي، فما يعنيني بالرجل حضوره وطلته وجاذبيته وكل ما عدا ذلك لا اهمية له عندي". عارضة الازياء كارلا بطرس قالت: "افضل الرجل الاصلع على من يعتمر باروكة وهي مرتبطة عندي بكل الامراض النفسية التي يعانيها من يعتمرها. فالمهم حشوة الرأس، اي فكر الرجل، وليس غلافه الخارجي المبتكر على شكل باروكة". المطربة جوانا ملاّح قالت: "المهم الا يبدو الرجل اصطناعياً في اختياره لنفسه، والاهم الا يتساقط عقله وليس شعره". خبيرة التجميل نوال عيّاد قالت: لستُ ضد ان يتأنق الرجل ويعتمر باروكة. ومع ذلك اشعر ان مثل هذا السؤال لا يعني غير اصحاب الرؤوس الصلعاء...". ربة المنزل هلا خطّاب قالت: "اكره رؤية باروكة على رأس رجل لأن المنظر في هذه الحال سيبدو استفزازياً جداً، ومقرفاً، والادق انه سيعبر عن رجلٍ غير متصالح مع عقله، لا مع شكله فقط".