بعد الولاياتالمتحدة وبريطانيا، بدأت فرنسا تشهد بدورها شكاوى صادرة عن جنود شاركوا في عمليات قوات التحالف الدولي لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي، ويقولون انهم مصابون بعوارض ما سمي "مرض حرب الخليج". خرج الحديث عن هذه العوارض من الملفات الادارية الى العلن، عبر مداخلة أدلت بها النائبة ميشال ريغاسي أمام الجمعية الوطنية الفرنسية البرلمان، بعد جلسة استماع عقدتها مع الجنود المعنيين، وعددهم حوالى 30 جندياً. وطالبت ريغاسي بتشكيل لجنة برلمانية لجمع المعلومات حول حقيقة المخاطر الصحية التي واجهها العسكريون والمدنيون الذين شاركوا في قوة "داغيه" الفرنسية في الخليج عام 1991. وكان أول من بادر الى الحديث عن عوارض "مرض حرب الخليج" في فرنسا الجندي السابق هيرفي ديبلا 29 عاماً الذي يعاني من اضطرابات رئوية افقدته 60 في المئة من قدرته على التنفس. ويقول ديبلا، الذي بدأت العوارض المرضية تظهر لديه عام 1993، انه يعرف مصدرها، ويؤكد انها مرتبطة بتنشقة مادة "اليورانيوم المخفف" التي كانت تنبعث من معدن الدبابات المحترقة خلال الحرب. ويعتقد ان السبب الآخر لحاله هو الاقراص التي تناولها بموجب أوامر قادته، التي كانت تهدف الى حماية الجنود من الغازات السامة. وعلى غرار ديبلا، يقول برنار فاندوم، انه يعاني منذ عام 1993 من صعوبة في التنفس واضطرابات في السمع وآلام حادة في الرأس والعضلات. وتؤكد والدة بانيك مورفان، التي يخضع ابنها حالياً للعلاج في مستشفي فال دو غراس العسكري في باريس، انه مصاب بالعوارض والاضطرابات الرئوية ذاتها التي تحدث عنها الآخرون. وأعلن الجنود الذين يعانون من عوارض "مرض حرب الخليج" عن تأسيس منظمة خاصة بهم اطلقوا عليها اسم "افيغولف" بهدف الضغط على المعنيين لحملهم على الكشف عن كل أسباب مرضهم، والتضامن في ما بينهم للحصول على حقهم باعتبارهم تضرروا أثناء الخدمة وحقهم بالطبابة. فالسلطات العسكرية الفرنسية رفضت حتى اليوم الاقرار بأي مسؤولية لها عن الحال الصحية لهؤلاء. والخطوات المنفردة التي حاول كل منهم القيام بها لم تسفر عن نتيجة، فكل ما حصل عليه ديبلا عبر الدعوى التي اقامها امام محكمة بوردو، هو شهادة من احد الخبراء الطبيين مفادها انه "من الممكن وانما من غير المؤكد" ان تكون حاله الصحية مرتبطة بمشاركته في "قوة داغيه" في الخليج. أما الموقف الرسمي للسلطات العسكرية الفرنسية من هذه القضية فعبّر عنه رئيس الاطباء في الجهاز الصحي للجيش الفرنسي كريستيان استريبو، إذ قال إن أي اصابة ب"مرض الخليج" لم تسجل في عداد القوات الفرنسية البالغ عددها 25 ألف عنصر التي شاركت في عمليات القوات المتحالفة. واوضح استريبو ان جهازه ابلغ بحال واحدة مشتبه بها تم تبديدها بعد الكشف عليها والوقوف على اسباب عوارضها. واشار الى انه بخلاف الجنود الاميركيين، فإن الجنود الفرنسيين لم يتلقوا النوعية نفسها من اللقاح والادوية، خصوصاً تلك المعدّة لمقاومة الغازات السامة. وفي اتصال هاتفي قال استريبو ل "الحياة" ان جهازه مهتم بحال هؤلاء الجنود وهو على استعداد لاستقبالهم والكشف على حالاتهم. واضاف انه من الصعب عليه ان يتكهن بأسباب احوالهم الصحية، إذ أن اياً منهم لم يتقدم الى الاجهزة العسكرية المعنية، ربما لأنهم اصبحوا خارج الخدمة.