أمير تبوك: أبهرني تفاني وإخلاص بنات الوطن في خدمة ضيوف الرحمن باحترافية    نائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء مجلس إدارة جمعية تنمية الموارد المالية    المملكة تعلن إطلاق أكاديمية وطنية للبيئة وبرنامج للحوافز والمنح في قطاع البيئة    النفط يعود للارتفاع والذهب يجدد بريقه    مجزرة إسرائيلية في مدرسة للإيواء بغزة    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام الأقصى اعتداء سافر على الوضع القانوني والتاريخي    "غوغل" تتخلى عن ميزة "سجل الخرائط"    الأخضر وباكستان.. "نقطة" نحو آخر مراحل حلم المونديال    المحكمة العليا تدعو إلى تحري رؤية هلال شهر ذي الحجة مساء اليوم الخميس    إطلاق النسخة المطوَّرة من تطبيق ديوان المظالم    السديس يوجه أئمة وخطباء الحرمين باختصار خطبة وصلاة الجمعة في موسم الحج    موارد وتنمية الشرقية.. تنفذ مبادرة "نسك" لاستقبال ضيوف الرحمن    فصل التوأم الفلبيني "أكيزا وعائشة" بنجاح    أمير المدينة يستقبل مدير الجامعة الإسلامية    أمير القصيم يقف على جاهزية مدينة حجاج البر    أمير القصيم يرعى حفل تكريم الفائزين بجائزة سموه للتفوق العلمي الرس    تفوق كاسح للأخضر.. تاريخ مواجهات السعودية وباكستان    وزير الداخلية يخرّج "1410" طلاب من "فهد الأمنية"    "العُلا" سحر التنوع البيئي والتراث    "الخريف" نتجه لتوطين صناعة السيارات    انطلاق أيام البحر الأحمر للأفلام الوثائقية    وزير الدفاع يبحث مع العليمي مساعي إنهاء الأزمة اليمنية    "ساما" ينضم ل"mBridge" للعملات الرقمية    رونالدو أفضل لاعب في "روشن" لشهر مايو    الأرصاد: استمرار ارتفاع درجات الحرارة العظمى في 5 مناطق    «الراجحي» في الأمم المتحدة يستعرض منجزات السلامة والصحة المهنية    20 عاماً على موقع «فيسبوك».. ماذا تغير ؟    يا اتحاد افرح بأبطالك.. دامت لك الفرحة    الثقفي ل«عكاظ»: «ناظر» الرئيس المناسب للاتحاد    رقابة مشددة.. أغلى بقرة سعرها 4.1 مليون دولار    إنشاء صندوق للاستثمار في شركات أشباه الموصلات بأكثر من مليار ريال    5 أطعمة تزيد التعرّق في الصيف    الضليمي والمطيري يزفون محمد لعش الزوجية    «رعاية الطفولة»: دربنا آلاف الأمهات.. والآباء في تزايد    القصبي أجاب على استفسارات الأعضاء.. "الشورى" يطلع على إنجازات ومبادرات" التجارة"    وزير الدفاع يجري اتصالًا هاتفيًا بالرئيس المنتخب وزير الدفاع الإندونيسي    بتوصية من مانشيني.. الأخضر الأولمبي يقترب من مدرب إيطالي    الحجيلي يحصد جائزة "المعلم المتميز"    سروري مقدما ل " ثلوثية بامحسون "    إعادة كتاب بعد 84 عاماً على استعارته    السعودية تستضيف بطولة غرب آسيا الثالثة للشباب    حرارة الأرض ترتفع بشكل غير مسبوق    رئيس الشؤون الدينية يدشن دورة "هدي النبي في المناسك"    استعرضتها ديوانية الراجحي الثقافية.. المملكة ..خدمات متميزة لضيوف الرحمن    ماء زمزم المبارك يطفئ عطش زوار المسجد النبوي    نائب رئيس جامبيا يزور المسجد النبوي    تقنية لتصنيع الماس في 15 دقيقة    حذّروا من إضاعتها خلف الأجهزة الإلكترونية.. مختصون ينصحون الطلاب باستثمار الإجازة    أدوية الأمراض المزمنة ضرورية في حقيبة الحاج    جمجوم وشعبان يحتفلان بعقد قران عبدالرحمن وليان    خالد بن سلمان يجري اتصالاً هاتفياً بالرئيس المنتخب وزير الدفاع الإندونيسي    هند بنت خثيلة والتاريخ!    «ليلةٌ في جاردن سيتي»    المصريون ينثرون إبداعهم في «ليالٍ عربية» ب «أدبي الطائف»    إيجارات خارجة عن السيطرة !    الفصول الدراسية: فصلان أم ثلاثة.. أيهما الأفضل؟    الوزير الجلاجل وقفزات التحول الصحي !    حماية حقوق المؤلف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يملأ الفراغ في الجنوب: القوات الدولية أم الجيش ؟!
نشر في الحياة يوم 27 - 05 - 2000

"ما حدث عام 1983 لم يبدّل في صورة لبنان فقط، بل أدى الى تغيير صورة الجيش الاسرائيلي على نحو مثير للدهشة والحزن. لهذا يصعب ايجاد المبررات للصفح عن الذين بدأوا هذه الحرب. والسبب اننا نسينا عمن يدافع جيش الدفاع الاسرائيلي... وصرنا نتساءل عمن يدافع عن هذا الجيش، وليس صعباً ان نقرأ في عيون الجنود الأثر السيئ الذي تركته هذه المغامرة. أي المغامرة التي أثبتت لقادتنا العسكريين ان الانتصار في حرب لبنان يبدو متعذراً ومستحيلاً. واعترف بأن نظرات جنودنا الخائفين ذكّرتني بنظرات الجنود الاميركيين الذين رأيتهم يهربون من فيتنام. لقد تورطنا في هذه الحرب لكي نثبت لأنفسنا بالتجربة كيف تتحول القوة العسكرية الى قوة ضعف وعجز".
هذا ما كتبه زئيف شيف، معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس" ومؤلف كتاب "حرب اسرائيل في لبنان"، اثر الانسحاب الأول من الجبل واعلان فشل المغامرة العسكرية التي قام بها أرييل شارون بمساندة مناحيم بيغن. أي المغامرة التي أفرزت واقعين مختلفين بدليل انها بدلت صورة لبنان الضعيف... وألغت اسطورة اسرائيل القوية. ويرى المراقبون ان عملية الهروب الأخيرة فاقت في تداعياتها كل الأوصاف المهينة التي اطلقت على الجنود الفرنسيين في "ديان بيان فو"... والجنود الاميركيين في فيتنام... والجنود الروس في افغانستان. ولقد تبارت الصحف العربية في مدح انتصارات المقاومة اللبنانية، معتبرة ان أعمالها المجيدة أزالت الى حد ما عار هزيمة 1967، واستردت بعض الكرامة القومية التي هدرتها اسرائيل في حروبها الست الماضية. كما أدت من جهة أخرى الى ارتفاع معدلات مرضى الإحباط لدى جنود اسرائيل، بحيث اطلق المعلقون الاجانب على هذه الظاهرة اسم "Lebanese Syndrome"، وهي ظاهرة أعراض مرضية تنشأ عن حال الصدمة والذعر، الأمر الذي يفرض المعالجة النفسية للمصابين بلوثة الحرب.
هذا هو الجرح الكبير الذي أحدثه "حزب الله" في الجسم العسكري الاسرائيلي اثر استشهاد 1400 مقاتل فرضوا بمقاومتهم العنيدة انهاء 22 عاماً من الاحتلال. وبما ان اسرائيل تعتبر "جيشاً له دولة" وليست "دولة لها جيش" فإن تحطيم عمودها الفقري سيزيد من صيحات المطالبين بالانتقام العاجل للشفاء من أعراض الإحباط والذعر والكوابيس وكل ما يعاني منه أفراد المؤسسة العسكرية. لهذه الأسباب وسواها تحاول المقاومة اللبنانية بالتنسيق مع الدولة، إلغاء كل الذرائع التي يستفيد منها ايهود باراك لرد الاعتبار الى اسطورة الجيش المتفوق. خصوصاً انه سيحاول توظيف عملية تنفيذ القرار 425 لكسب تأييد الأسرة الدولية وتغطية أعماله الانتقامية، في حال تعرضت قرى الجليل الأعلى لضربات الصواريخ. ولقد أكد وزير الخارجية السوري فاروق الشرع في لشبونة هذا الأسبوع ان بلاده تعارض كل تصعيد عسكري في الجنوب.
في زحمة الأحداث المتلاحقة، تركت عملية الانسحاب السريع علامات استفهام كبرى حول توقيت قرار الانكفاء وأسبابه الملحة. ويستدل من مراجعة الظروف المحيطة بأجواء الأزمة ان رئيس وزراء اسرائيل اضطر الى اعتماد هذا الخيار المرّ حماية لموقعه أولاً، ومنعاً لتدخل الإدارة الاميركية ثانياً. ذلك ان الضغوط المتعددة المصادر أجبرته على اجتراح مخرج مفاجئ أعُتبر صدمة لجميع المشتغلين بهذه القضية الشائكة. وهذا ما أراده باراك الذي غاب خصيصاً عن المؤتمر السنوي للوبي اليهودي إيباك، وطالب بإرجاء اجتماعه مع الرئيس الاميركي لأسباب طارئة. والأسباب التي لمح اليها كانت تتمثل بضرورة ايجاد حل عاجل للأزمة المتفاقمة داخل الائتلاف الحكومي. وكان من المتوقع ان تطرح المعارضة يوم الاربعاء الماضي اقتراحاً يقضي بحل الكنيست وتنظيم انتخابات جديدة. ولقد جاء هذا التهديد إثر تحذير أربعة وزراء بالانسحاب من الائتلاف اعتراضاً على المعالجة السيئة للوضع المتردي في لبنان ولفشل المحادثات مع السلطة الفلسطينية. ثم تطورت مخاوف "حزب العمل" عندما هدد زعيم حزب شاس الديني بالانسحاب من الائتلاف 17 نائباً ودعم مشروع قانون حل الكنيست، واجراء انتخابات جديدة.
وبالإضافة الى الوضع السياسي الداخلي المتردي، برزت الانتفاضة الفلسطينية الثانية كمصدر تهديد أمني يحتاج الى معالجة قبل تفاقم المواجهات في الشارع. كما ظهرت عمليات "حزب الله" كمصدر احراج يصعب معه تنفيذ الانسحاب تحت ضغط النيران، على اعتبار ان الانكفاء في ظل هذه الاجواء سيفسر بأنه هزيمة عسكرية. لذلك قرر ايهود باراك مع رئيس الأركان شاؤول موفاز، القيام بانسحاب سريع ومفاجئ لكي يحرر وضعه المكبل من قيود المعارك التي تفرضها عليه المقاومة اللبنانية أملاً بإرغامه على توقيع اتفاق سلام مع سورية. كما ينقذ حكومته من انفراط عقد الائتلاف الهش عن طريق الخروج من المستنقع اللبناني قبل الموعد المحدد بأكثر من شهرين تقريباً. ويبدو انه استفاد من هذه الخطوة على الصعيد الخارجي، لأنه فرض على الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان القيام بتحرك سريع من أجل استكمال تحضيرات انتشار القوة الدولية.
وكانت الوزيرة الاميركية مادلين أولبرايت أبلغته بأن الرئيس كلينتون عازم على اقناعه بضرورة تأجيل الانسحاب الى الموعد النهائي 7 تموز/ يوليو ريثما يتسنى للدول المعنية الوقت الكافي لإعادة تشكيل قوة الطوارئ في الجنوب، وتحديد مهماتها.
غداة الانسحاب الاسرائيلي واحتفال اللبنانيين بالانتصار الكبير، صدرت عن المسؤولين تصريحات متناقضة تتعلق بموضوع ملء الفراغ الأمني وهوية الجهة المسؤولة عن حماية منطقة العمليات. وأعلنت الحكومة أن قرار تأجيل ارسال الجيش النظامي الى الجنوب، ناتج من التقيد بإرادة المنظمة الدولية التي أناطت هذه المهمة بقوة الطوارئ الدولية. واعتمدت الدولة في حجتها على الفقرة الثالثة من ديباجة القرار 425 وهذا نصها: "يقرر مجلس الأمن في ضوء طلب الحكومة اللبنانية ان يقيم فوراً تحت سلطته قوة موقتة تابعة للامم المتحدة لجنوب لبنان، من أجل تأكيد انسحاب القوات الاسرائيلية وتثبيت السلام والأمن الدوليين، ومساعدة حكومة لبنان على تأمين عودة سلطتها في المنطقة".
والمؤكد ان تطبيق النص بحرفيته يفرض على الدولة التريث في ارسال الجيش الى حين يحظى بموافقة القوات الدولية على الانتشار في الجنوب. ولكنه من المفيد مراجعة هذه الإلتزامات في ضوء أحداث 1978 وما نتج عنها من تفكيك لصفوف الجيش وانخراط عناصره في الميليشيات. ولقد لحظ القرار هذه الناحية عندما تحدث عن مساعدة الحكومة اللبنانية لتأمين عودة سلطتها الى الجنوب. ولكن بناء مثل هذا الإفتراض على وضع تغير منذ 22 سنة لا يعفي الدولة من مسؤوليتها تجاه المواطنين، خصوصاً ان الجيش النظامي قد استكمل عملية التأهيل والتنظيم والتسلح. وهذا ما أكده الرئيس السابق الياس الهراوي للرئيس الاميركي جورج بوش بحضور الرئيسين حسين الحسيني وعمر كرامي. قال له ان الجيش اللبناني المؤلف من 62 ألف عنصر - أي اكثر من عدد قوات اليونيفيل باثنتي عشرة مرة - جاهز للتوجه الى الجنوب شرط ان تنفذ اسرائيل قرار الانسحاب الى الحدود الدولية.
والآن يتذرع المسؤولون بحجج واهية، كالقول بأن القرار 425 لا يسمح بذلك... وبأن لبنان لا يرسل جيشه الى الجنوب ليكون حارساً لأمن اسرائيل. ومعنى هذا ان الجيش لن ينتقل الى الجنوب الا في ظل معاهدة سلام تضمن ايضاً الانسحاب من الجولان بسبب تلازم المسارين. وهذا ما يفسر كلام الرئيس الدكتور سليم الحص بأن الجيش اللبناني لن يحرس أمن اسرائيل. وهذا الاجتهاد مخالف لطبيعة المهمة الأساسية للجيش اللبناني المكلف بحماية الحدود. كما انه مناقض لاتفاقية الهدنة 1949 التي تلزم الجهتين الموقعتين حماية حدودهما. ولقد استعار المسؤولون اللبنانيون من جواب الرئيس الأسد على سؤال هنري كيسنجر ما يبرر استئناف القتال بواسطة الفلسطينيين حتى لو نفذت اسرائيل القرار 425. ففي مفاوضات 1974 لمح كيسنجر الى احتمال ضبط نشاط المقاومة الفلسطينية من الأراضي اللبنانية. وأجابه الرئيس السوري معترضاً بأن سورية ليست حارساً لاسرائىل، وبأنه على الدولة العبرية ايجاد الحل المرضي. لذلك يرى المراقبون ان انتشار الجيش اللبناني على الحدود يعرضه للصدام مع المقاومة الفلسطينية اذا سمح لها باستئناف العمليات ضد الجليل الأعلى... أو إذا واصلت المقاومة اللبنانية نشاطها في حال امتناع اسرائيل عن الاعتراف بلبنانية مزارع شبعا.
يدعي باراك انه ينفذ القرار 425 وان خرائط "اليونيفيل" لا تظهر مزارع شبعا. ومع ان وزير الخارجية السوري فاروق الشرع أعلن "شفهياً" ان هذه المزارع لبنانية، إلا ان الامم المتحدة لم تتبلغ خطياً ورسمياً مضمون الاعلان السوري. وعليه يقول كوفي انان ان بحث موضوع السيادة على مزارع شبعا يجب ان يُترك الى مفاوضات السلام بين اسرائيل وجارتيها، لأن الخرائط موجودة في حوزة قوة "اندوف" المكلفة بمراقبة اتفاق فصل القوات بين سورية واسرائيل منذ عام 1974. ولقد حذر أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله، أن المقاومة ستتواصل ما دامت مزارع شبعا محتلة، وما دام هناك معتقلون لبنانيون. في حين أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري أن المعركة الديبلوماسية ستستمر لضمان الانسحاب الشامل من كل الأراضي اللبنانية. وهذا يعني ان الخيارين مفتوحان على مختلف الاحتمالات، وان الوضع الاقليمي وحده يحدد نوعية السلاح الذي ستشهره القوى الموجودة في الجنوب. ويبدو ان باراك قد ينسحب من جزء من مزارع شبعا يقع تحت السيادة اللبنانية استناداً الى خرائط الامم المتحدة... ولقد أعلم بذلك الرئيس شيراك باعتباره المنسق الرئيسي مع كوفي انان لإعادة تشكيل قوات الطوارئ الدولية.
الملاحظ في هذا السياق، ان الصحف الاجنبية عبرت عن آراء الشعب والمحررين بطريقة استثنائية غير مألوفة عندما ابرزت عناوين الانسحاب كأنه هروب مذل وتراجع مهين. والمؤكد ان المنظمات اليهودية الناشطة تدخلت بقدها وقديدها لتغيير لهجة التغطية وتضخيم التجاوزات التي تقترف في الجنوب بهدف الإساءة الى الدولة الغائبة... والى سمعة المقاومة اللبنانية. واختارت بعض الانباء لتتحدث عن "الفوضى"... وعن ظهور الميليشيات الحزبية... وعن أنباء القرى المسيحية، مثل مرجعيون وعلما الشعب وعين ابل ورميش، مدعية ان الأهلين فيها تعرضوا لاستباحة المنتقمين. وقالت صحف عدة ان رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط نجح في انقاذ المجموعة الدرزية المتعاونة مع انطوان لحد، التي كانت تمثل عشرة في المئة من جيش لبنان الجنوبي، كذلك نجحت العناصر الشيعية والتي تمثل أكثر من نصف جيش لحد، في عملية الاستسلام الى "حزب الله" قبل موعد الانسحاب، وزعمت ان الانتقامات وعمليات نهب المنازل تستهدف العناصر المسيحية وعائلاتها. ويبدو ان الدولة تنبهت الى مخاطر الاستفراد بطائفة دون أخرى، فأرسلت ألف دركي لمنع التجاوزات، والحؤول دون تشويه صورة الانتصار وبهائه، خصوصاً ان "حزب الله" استطاع ان يمنع الفتنة التي أرادها الاسرائيلي من وراء انسحابه المفاجئ، أملاً ان يحدث في الجنوب ما حدث في الجبل عام 1983.
بقي سؤال أخير: الى ماذا يهدف باراك من وراء الرسائل التي بعث بها الى عدد من زعماء العالم، يبلغهم فيها التزامه تنفيذ القرار 425، واحتفاظه بحق الدفاع عن أمن بلاده في حال استؤنفت عمليات المقاومة اللبنانية؟
يجمع المراقبون على القول بأن اسرائيل لا تحتمل ضربة قاصمة كالتي سددت اليها في لبنان، وانها تستعد للانتقام بطريقة درامية تعيد الاعتبار لصورة جيشها، وتمنع انتشار عدوى المقاومة الى الساحة الفلسطينية. ويقتضي الاعداد لهذه الصدمة اختيار موقع حساس يؤثر في عمليات المقاومة، ومواقع تدريبها ومصادر تسليحها. ومعنى هذا ان الضربة العسكرية ستكون استعراضية مؤثرة، خصوصاً ان الكونغرس الاميركي قد أعطى التغطية السياسية لارتكاب مثل هذه الحماقة بواسطة الدولة الحليفة التي تعتقد انها خسرت آخر حربها في لبنان لأن الادارات الاميركية انحازت الى خصومها. ولم يكن تصريح آل غور في "ايباك" سوى اعلان تراجع عن سياسة كلينتون، وعن تجديد الانحياز الى الحليف الاستراتيجي!
* كاتب وصحافي لبناني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.