78 % ارتفاع عقارات مجاورة لمترو الرياض    339 مبتعثا يدرسون الأمن السيبراني بأمريكا    شراكة ثقافية سعودية فرنسية    %59 نمو تقنيات الواقع الافتراضي    50% من سعوديات القطاع الخاص بالرياض    التراث يحفّز الاستثمار ويقود ازدهار المتاحف    قبيل قمة «أبيك».. بيونغ يانغ تطلق صواريخ باليستية    ولي العهد يعزي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ علي الصباح    الفوزان مفتيا للمملكة    ترمب: لا أريد اجتماعاً «بلا نتيجة» مع بوتين    دور المهرجانات في الحراك الثقافي    مجمع الملك سلمان العالمي نموذج للتميّز اللغوي    الجولة السادسة من دوري روشن: الاتحاد يستضيف الهلال لتصحيح المسار والنصر في مهمة الحزم    النصر ينتصر على غوا الهندي ويعزز صدارته للمجموعة الرابعة بدوري أبطال آسيا 2    نائب وزير الخارجية يصل إلى مملكة إسواتيني في زيارة رسمية    إيران ترفض التفاوض وسط مطالب غير معقولة    السويد وأوكرانيا توقعان خطاب نوايا لشراء 150 مقاتلة «غريبن»    غداً .. انطلاق بطولة كأس العرب للهجن 2025 في وادي رم بمشاركة السعودية    قمة بروكسل: غزة في قلب الأجندة السياسية والإنسانية    المملكة تدين مصادقة الكنيست على قوانين لفرض سيادة إسرائيل على الضفة    كوليبالي: إنزاغي أعاد الثقة للفريق    الرابطة توقّع مذكرة تفاهم مع الجمعية السعودية للذوق العام    الذهب يشهد انتعاشًا مع قوة الطلب وتراجع الدولار    سمو الأميرة نجود بنت هذلول تزور أمانة الشرقية    كأس آسيا 2 .. النصر يتغلب على جوا الهندي بثنائية ويعزّز صدارته    ضبط 13 إثيوبياً في عسير لتهريبهم (195) كجم "قات"    تحديث جداول المخالفات والعقوبات وقواعد التطبيق الخاصة بالأنشطة السياحية    مشاريع نوعية بأمانة جازان لرفع كفاءة الطرق وتحسين المشهد الحضري    فتح باب تسجيل المتطوعين لبطولة كأس آسيا تحت 23 عاما    تجمع الرياض الأول يعزّز التكامل الصحي في وادي الدواسر والسليل    نائب أمير جازان يستقبل مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة    الأمير ناصر بن محمد يستقبل الرئيس التنفيذي لتجمع جازان الصحي    أمير حائل يستعرض خطط وبرامج جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالمنطقة    نائب أمير منطقة الرياض يرعى حفل جائزة الاستدامة المالية    غرفة الطائف تبحث فرص الاستثمار في التعليم الأهلي    محافظ الأحساء يرعى توقيع اتفاقيات إستراتيجية لجمعية زهرة    "مركزي القطيف" يحقق إنجازا طبيا نوعيا متسلحا بكوادر طبية سعودية    "الوداد" تحصد جائزة الأميرة نورة للطفولة في مجال جودة الحياة والرفاه النفسي للطفل    الحقيل يختتم جولته الآسيوية بتوقيع اتفاقيات إسكانية نوعية تعزز الشراكات الدولية    "القارب الفارغ".. كيف تتقن فن الهدوء وسط زحام الغضب؟    تشغيل وحدة العلاج الطبيعي والتأهيل للأطفال في مستشفى الأسياح العام    بهدف جميل أمام السد.. سافيتش يُظهر مهارته المُعتادة مع الهلال    الأمم المتحدة: إسرائيل تسعى لفصل المزارعين عن أراضيهم    تحايل قانوني.. قضية «شمس الزناتي» تشتعل    «رجال عبدالعزيز» في التلفزيون السعودي    جمجمة في سنارة صياد بدل السمكة    الصليب الأحمر يؤكد تبادل 15 جثماناً لفلسطينيين.. «حماس» تسلم جثتي أسيرين إسرائيليين    شريحة ذكية تعيد البصر ل84% من المكفوفين    جائزة صيتة بنت عبدالعزيز تستعد لملتقى دراية بحائل    سعود بن نايف: القطاع غير الربحي شريك في تحقيق مستهدفات رؤية 2030    محمد بن عبدالعزيز يشيد بمنجزات «محكمة إدارية جازان»    حراك متنامٍ    العنزي مديرا للإعلام والاتصال    نائب أمير جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    محافظ بيش يستقبل شيخ شمل السادة الخلاوية والشابين المبدعين الشعفي    استقبل الفائز بالمركز الأول بمسابقة تلاوة القرآن بكازاخستان.. آل الشيخ: دعم القيادة لحفظة كتاب الله يحقق الإنجازات    استقبل وزير الحج والعمرة.. نائب أمير مكة: العمل التكاملي يعزز جودة خدمات ضيوف الرحمن    ولي العهد يعزي رئيس وزراء اليابان في وفاة توميتشي موراياما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيون وآذان
نشر في الحياة يوم 29 - 12 - 2000

كان الرئيس الراحل حافظ الأسد قال يوماً عن اتفاقات اوسلو ان كل بند فيها يحتاج الى اتفاق، ويبدو ان هذا الكلام ينطبق كذلك على الاقتراحات التي عرضها الاميركيون على الفلسطينيين والاسرائيليين هذه المرة.
وثمة اختلاف اساسي بين اتفاقات اوسلو والاقتراحات المتداولة اليوم، فقد كانت اوسلو بداية الطريق، وكان متاحاً استعمال طرق فرعية، والدوران حول العقبات، شرط الا يضيع الهدف النهائي. اما اليوم فالمطروح هو الاتفاق النهائي، أي الجوهر، وهذا لا يجوز ترك أي عنصر من عناصره عرضة للتفسير أو التأويل أو الاجتهاد، وانما يكون الاتفاق واضحاً قاطعاً أو لا يكون.
الاميركيون قدموا اقتراحات توفيقية، والكلمة الانكليزية هي انها "جسر" بين موقفي الطرفين، إلا ان قراءة سريعة لها، من دون حاجة الى التأني، تكشف انها حقل ألغام لا جسر، وان كل مادة فيها تحتاج الى ايضاح وتعديل وضبط، فلا تقوم بعد ذلك حاجة الى اتفاق جديد على كل مادة، كما لاحظ الرئيس الاسد في حينه.
الاقتراحات الاميركية بشكلها الحالي مرفوضة، إلا انه لا يجوز رفضها، وانما يكون الرد الفلسطيني "نعم، ولكن..." كما هو الرد الاسرائيلي.
الاسرائيليون يقولون ان عندهم "بضع دزينات" من الاعتراضات والملاحظات على الاقتراحات الاميركية، وربما كان عند الفلسطينيين "بضع مئة" اعتراض، الا ان الحكمة تقتضي عدم رفض هذه الاقتراحات حتى لا يحمل الفلسطينيون مرة اخرى مسؤولية انهيار العملية السلمية.
والانسان لا يحتاج الى ان يعود بعيداً في تاريخ المفاوضات، ففي تموز يوليو الماضي قدم الاميركيون الى الفلسطينيين عرضاً سيئاً جداً في كامب ديفيد، وعندما رفضه أبو عمار اتهم الجانب الفلسطيني بالتصلب، وبرفض تنازلات اسرائيلية غير مسبوقة. وزار أبو عمار عواصم العالم بعد ذلك، ولم يستطع حشد اي تأييد لموقفه، حتى ان بعض الدول الاسلامية خذله. ولم يتغير الوضع الا بفضل انتفاضة الأقصى.
أقول انه اذا استطاع الاميركيون والاسرائيليون اقناع العالم بأن الفلسطينيين رفضوا عرضاً جيداً، رغم ان العرض كان سيئاً للغاية، فهم سينجحون مرة اخرى في تحميل الفلسطينيين المسؤولية، خصوصاً ان الاقتراحات الجديدة أفضل مما طرح في كامب ديفيد.
وثمة صيغ مختلفة للاقتراحات التوفيقية الاميركية، الا انها تجتمع في الاساس، وهو ان الفلسطينيين سيستردون 94 في المئة الى 95 في المئة من أرض الضفة، وتكون لهم السيادة على الاجزاء العربية من القدس الشرقية، وتكون هذه عاصمتهم، كما سيجري تبادل في الأراضي، فيعطى الفلسطينيون أرضاً قرب قطاع غزة مقابل الأراضي التي تضم المستوطنات في الضفة، وتحتفظ اسرائيل بالسيادة عليها.
الصورة العامة الصحيحة هذه تخفي ألف "مطب"، فهناك تواصل الأراضي الفلسطينية في الضفة وبين الاحياء العربية في القدس، وهناك الوجود الدولي، والوجود العسكري الاسرائيلي على نهر الأردن، والسيطرة على مصادر المياه الجوفية، والسقف الزمني، وضمانات التنفيذ، والخرائط التي لم تعرض بعد، وغير ذلك الى ما لا نهاية.
ومع كل هذا، هناك عقدة العقد، أو حق العودة، وهو حق يريد الاميركيون من الفلسطينيين ان يتنازلوا عنه مقابل "التنازلات" الاسرائيلية في موضوع الحرم الشريف وغيره.
هل يستطيع أبو عمار عبور حقل الألغام الاميركي الى بر السلامة؟ هو يجد معارضة من كل جانب، فمع المعارضة المتوقعة من حماس والجهاد الاسلامي، هناك معارضة داخل فتح نفسها، ومعارضة من شركاء الحكم داخل السلطة الوطنية، ومن مفتي القدس الشيخ عكرمة صبري، ومن الدكتورة حنان عشراوي وكثيرين مثلها من قادة سياسة وفكر لا يمكن ان يوصفوا بالمتطرفين. وهؤلاء يعتقدون ان الولايات المتحدة واسرائيل وضعتا معاً الاقتراحات الأخيرة، في مسرحية من انتاجهما واخراجهما، لإحراج الفلسطينيين وحملهم على قبول صفقة غبن أو تحمل مسؤولية تخريب العملية السلمية.
واذا كانت هذه المعارضة لا تكفي لتكبيل يدي الرئيس الفلسطيني، فهو يواجه ضغطاً معاكساً من مصدر آخر، فالاميركيون يقولون ان الرئيس كلينتون وجد تأييداً لاقتراحاته في اتصالات هاتفية اجراها مع مصر والأردن والمملكة العربية السعودية. ويقال ان 50 وزير خارجية اجنبياً هاتف أبو عمار وحثه على القبول. واذا كان هذا صحيحاً فأبو عمار سيجد نفسه بين مطرقة الرافضين من الداخل وسندان المؤيدين من الخارج.
وهو مع هذا كله لا يملك مساحة للمناورة، فالمطروح هو الجوهر من القدس الى الحدود وعودة اللاجئين، وهذه لا تحتمل اي مساومة. غير انه يملك ان يقول "نعم، ولكن..." فيأتي الرفض من داخل الاعتراضات الفلسطينية، ويتجنب الفلسطينيون تكرار تجربة كامب ديفيد وذيولها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.