لم توقف إجازات عيدي الفطر المبارك والميلاد جهود السلطات المصرية لتجاوز آثار الفتنة الطائفية التي ضربت قرية الكُشح التابعة لمحافظة سوهاج في الصعيد. في حين تواصلت الجهود لضبط مرتكبي حوادث القتل التي اسفرت عن مقتل 19 قبطياً ومسلمٍ واحد. وسادت حال من الارتياح أوساط الاقباط بعدما بث التلفزيون على الهواء قداس عيد الميلاد الذي رأسه البابا شنودة مساء الخميس وتحدث فيه عن "مدى تماسك المسلمين والاقباط المصريين"، مؤكداً أن وقوع بعض الحوادث الفردية "لن يؤثر على الروابط التي تربطهما ولن يلغي التاريخ والقرون التي عاش فيها المسلمون والاقباط على الأرض المصرية واجهوا فيها سوياً التحديات وغزوات المحتل الاجنبي". ورد شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي في خطبة العيد أمس مشدداً على أن الدين الاسلامي "يدعو الى التسامح ويحفظ حقوق ابناء الديانات الأخرى". وكان لافتاً زيارة رئيس الوزراء عاطف عبيد أول من امس الى مقر كاتدرائية الاقباط حيث هنأ البابا شنودة بالعيد ونقل إليه تحيات الرئيس حسني مبارك وتهنئته للاقباط المصريين. وعقب شنودة على الزيارة: "نحن نشكر كل قيادات الدولة بكل شعورها الطيب الذي ظهر في هذا العيد سواء القيادات السياسية ممثلة في الدكتور عبيد أو القيادات الدينية ممثلة في فضيلة شيخ الأزهر أو القيادات النيابية ممثلة في الدكتور مصطفى كمال حلمي".واضاف: إن "العالم جميعاً يرى أننا قلب واحد وروح واحدة وأنه لا توجد أية فرقة بيننا واننا نحب بعضنا جميعاً وكلنا نتكلم عن مصر باعتبار أنها الأم التي تجمعنا جميعا في أحضانها". وبعدما هنأ المسلمين بعيد الفطر، قال "نحن صُمنا معاً وأفطرنا معاً ونعيش معاً في محبة". وفي هذا الاطار، أعرب طنطاوي عن تأييده لما قاله عبيد وشنودة. واضاف "إننا والحمد لله في مصر تظللنا سماء واحدة وتقلنا أرض واحدة نستنشق من هواء واحد وتجمعنا مصلحة مشتركة وكل المصريين يتساوون في الحقوق والواجبات وهذا هو منطق الاديان والعقول السليمة". واضاف "إن الأزهر الشريف يقول للجميع: كل عام وانتم بخير. ونحن نعاهد الله أن تبقى محبتنا دائمة وخالصة لوجه الله وأن نتعاون جميعاً على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان، إن الاديان السماوية كلها تأمرنا بأن نتعاطف وأن نتحاب وأن نمد يدنا بالخير دائماً وندعو الله أن يجمعنا على المحبة والأخوة الصادقة التي تبني ولا تهدم وتصلح ولا تفسد". وبعث شنودة أمس ببرقية تهنئة بعيد الفطر الى الرئيس مبارك الذي أدى صلاة العيد امس في معسكر الجلاء للقوات المسلحة في الاسماعيلية. وحضر الاحتفال كبار مسؤولي الدولة والقوات المسلحة وشيخ الأزهر. وكان محافظ سوهاج اللواء أحمد بكر والقيادات الشعبية والتنفيذية والأمنية شاركوا في قداس عيد الميلاد الذي اقيم في مطرانية الأقباط الارثوذكس في سوهاج. وكذلك زار مطرانية الأقباط الكاثوليك والمطرانية الأنجيلية ومطرانية أخيم. كما زار اللواء بكر مؤسسة الأيتام المسيحية ووزع الهدايا على الأطفال. وأكد خطباء مساجد مدينة دار السلام وقرية الكشح "نبذهم لكل الاعمال التي تغضب الله سبحانه وتعالى"، ودعوا الى "التسامح بين المواطنين على أرض الوطن الواحد". وقال الشيخ عابدين رضوان إمام مسجد عبدالحميد رضوان أكبر مساجد مركز دار السلام "أن الدين الاسلامي دعا الى التسامح والى مكارم الاخلاق وحسن الجوار"، مؤكداً أن "ضياع الاخلاق يؤدي الى تفكك المجتمع". وعلى صعيد التحقيقات، أعلنت وزارة الداخلية أن جهود أجهزة الأمن اسفرت عن ضبط أبو الفضل أبو القاسم ابراهيم وشهرته خلف 45 سنة وهو مزارع في قرية الكشح ومصاب بطلق ناري بالقدم، وخليفة عبد المبدي صادق رفاعي وشهرته خليفة رفاعي 40 سنة، وهو مزارع في قرية الكشح. واشارت الوزارة في بيان الى أن معلومات أكدت قيام الاثنين بارتكاب حادث مقتل ثمانية من ابناء الطائفة المسيحية يوم الاحد الماضي في المنطقة الزراعية بأطراف القرية، وكذلك اصابة المواطن مرقص رشدي جندي بطلق ناري بالفخذ. وذكر البيان أن اجهزة الأمن كشفت مرتكبي جريمة مقتل المسيحي عاطف عزت زكي والذي عثر على جثته ملقاة في منطقة زراعية في أطراف القرية يوم الاربعاء الماضي، وهما الجريو سيد محمد أحمد، ومحمود السيد محمد أحمد، وتبين أنهما نفذا الجريمة يوم الاحد، والقيا بجثة الضحية داخل المنطقة الزراعية.