تسعى دول الخليج الى الحفاظ على طاقاتها الانتاجية الفائضة المقدرة بأكثر من اربعة ملايين برميل يومياً بضخ ما يزيد على بليوني دولار سنوياً بهدف ضمان الاستقرار في السوق ومواجهة النمو المتوقع على نفط الخليج في المستقبل. وقال محللون نفطيون ان السعودية وحدها تستثمر اكثر من 1.5 بليون دولار سنوياً من اجل المحافظة على طاقتها الانتاجية غير المستغلة والتي تقدر بنحو 3.5 مليون برميل يومياً، في حين تستثمر بقية المبالغ في طاقات انتاج كل من الكويتوالامارات. واشار محمد على زيني من "مركز دراسات الطاقة العالمية" الى ان طاقات الانتاج الفائضة في هذه الدول الثلاث ارتفعت بشكل كبير في الاونة الاخيرة نتيجة التزامها قرارات منظمة الدول المصدرة للنفط اوبك بخفض الانتاج لدعم اسعار النفط. وقال ل"الحياة" إن صيانة برميل نفط واحد في منطقة الخليج تكلف نحو 1.2 دولار سنوياً وهو من اقل المستويات في العالم. واضاف: "هذا يعني ان السعودية وحدها تستثمر ما يزيد على 1.5 بليون دولار سنوياً للحفاظ على الطاقة الفائضة لأنه من الواضح ان المملكة لن تسمح بانخفاض طاقة انتاجها من أجل تأمين الاستقرار في السوق... واعتقد ان ذلك الهدف هو من اعمدة السياسة النفطية السعودية ودول الخليج الاخرى". وتابع: "الابقاء على طاقة مرتفعة ضروري كذلك لأن هناك توقعات بارتفاع الطلب على نفط الخليج في المستقبل عندما يبدأ الانتاج في مناطق اخرى بالانخفاض... وهذا يساعد دول المنطقة على استعادة نفوذها وحصتها في السوق". وحسب تقديرات مهدي فارزي من دار الوساطة "درسدنر كلينوورت بنسون" في لندن وخبراء اخرين، فان اجمالي طاقة انتاج النفط القابلة للاستمرار في السعودية تبلغ نحو 10.6 مليون برميل يومياً في حين تقدر بنحو 2.7 مليون برميل يومياً في الامارات و2.6 مليون برميل يومياً في الكويت. وسجلت الطاقة غير المستغلة في هذه الدول ارتفاعاً مستمراً في العامين الماضيين بعد ان خفضت انتاجها بموجب اتفاق "اوبك" ودول نفطية اخرى لتقليص الانتاج لإزالة الفائض من السوق. وخفضت السعودية وحدها نحو 1.3 مليون برميل يومياً في حين بلغت الخفوضات نحو 380 ألف برميل يومياً في الامارات و370 ألف في الكويت. وقال فارزي: "لا اعتقد ان دول الخليج ستسمح بتدهور طاقات انتاجها على رغم الانخفاض في انتاجها الفعلي لان ذلك يسهم في منع ازمة في الامدادات". واضاف: "اعتقد ان هذه الدول تنوي كذلك توسيع تلك الطاقات في المسقبل لان التوقعات تشير الى ان منطقة الخليج ستكون هي المصدر الرئيسي للامدادات النفطية في الامد البعيد نظراً لاحيتاطها الضخم وحقولها العملاقة". وقدرت مصادر نفطية غربية الاستثمارات اللازمة لرفع طاقات الانتاج في منطقة الخليج بنحو 10 ملايين برميل يومياً باكثر من 50 بليون دولار. وقالت المصادر إن ارتفاع كلفة هذه المشاريع يحتم على دول المنطقة الاستعانة بالمستثمرين الاجانب للحصول على التمويل والتكنولوجيا اللازمة نتيجة الانخفاض الحاد في ايراداتها النفطية وارتفاع حاجات التنمية الاخرى. ولفتت الى قرار الكويت وايران دعوة الشركات الدولية لتطوير قطاعهما النفطي واعتزام العراق منح عقود نفطية للمستثمرين الاجانب بعد رفع العقوبات الدولية اضافة الى رغبة شركاء سابقين بالعودة الى السعودية. وكانت السعودية أكدت أنها لا تنوي رفع طاقة انتاجها في الوقت الحاضر، بل الحفاظ عليها نتيجة ارتفاع الانتاج في مناطق أخرى وتباطؤ الطلب. وأسهمت ضخامة الانتاج في السعودية في منع حدوث أزمة امداد دولية جديدة خلال حرب الخليج الثانية عام 1990، إذ ستخدمت السعودية طاقتها الفائضة لتعويض انقطاع الانتاج في كل من الكويتوالعراق ما ادى الى خفض الاسعار بعدما قفزت الى اكثر من 30 دولاراً للبرميل. وتسيطر السعودية على نحو ربع احتياط النفط الدولي المثبت، إذ تقدر مواردها النفطية بأكثر من 260 بليون برميل في حين يبلغ الاحتياط القابل للاستخراج 98 بليون برميل في الامارات و92 بليون برميل في الكويت. وتنتج الدول الثلاث نحو 11.3 مليون برميل يومياً، اي اكثر من 40 في المئة من اجمالي انتاج "اوبك" و15 في المئة من الامدادات الدولية.