أكدت رئيسة وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة مجيب الرحمن في حديث الى "الحياة" خلال زيارتها الرسمية لبريطانيا الأسبوع الماضي، أن لا وجود مؤثراً في بلادها للاصولية، معربة عن استعدادها التام للتعاون مع المملكة العربية السعودية وكل الدول التي تحارب الارهاب. وقالت إن الحادث الذي وقع قبل أيام بين أنصار لأسامة بن لادن وأعضاء في الحزب السني الإسلامي في بنغلاديش، هو حادث فردي ومطوق وان حكومتها تحقق في خلفيات ما جرى للحؤول دون تكراره. وشددت رئيسة وزراء بنغلاديش في الحديث الذي جرى في مقر اقامتها في فندق "كلاريدجز" في لندن على قلق بلادها من التجارب النووية التي أجرتها باكستانوالهند وامتلاك البلدين هذا النوع الخطير من الأسلحة. وأعربت عن أملها في أن تكون التجارب التي اجرياها في هذا الطار، التجارب الاخيرة في المنطقة. وقالت إنها باتت مؤمنة أكثر بأن حل النزاع في كشمير لا يتم إلا عبر الحوار والمفاوضات لا عبر السلاح والحروب. وأكدت حرص بلادها على إقامة افضل علاقات التعاون بينها والدول المجاورة، إلا أنها نفت وجود نيات لإقامة أحلاف استراتيجية مع أي من هذه الدول. وأكدت الشيخة حسينة حرصها على إقامة علاقات مميزة مع الدول العربية. كما ابدت دعمها للضرورة الملحة في قيام جهد إسلامي مشترك لإستعادة القدس والحقوق الفلسطينية العربية المشروعة وتحقيق السلام العادل، مشيرة إلى الصداقة العميقة التي كانت تربط والدها الراحل مجيب الرحمن والرئيس ياسر عرفات. ونوهت بوقوف المملكة العربية السعودية إلى جانب بنغلاديش دائماً . وقالت إنها ستزور السعودية وبعض دول الخليج قريباً. وفي ما يأتي نص الحديث: ما هي أبرز نتائج زيارتك الرسمية إلى بريطانيا؟ - أزور بريطانيا تلبية لدعوة من رئيس الوزراء توني بلير للبحث في مسار علاقاتنا الثنائية وافتتاح فاعليات مهرجان بنغلاديش في لندن. وكانت الزيارة فرصة مناسبة للبحث في القضايا الاقليمية والدولية المهمة وإلقاء سلسلة من المحاضرات في "تشاتهام هاوس" وفي المركز الإسلامي في اكسفورد وفي مقر الصناعة والتجارة البريطاني ومخاطبة رجال الأعمال وحثهم على الاستثمار في بلادنا. كما التقيت بأبناء الجالية البنغلاديشية في بريطانيا. حققت بنغلاديش نسبة نمو كبيرة هذا العام، بلغت نحو 12 في المئة، فيما كانت نسبة التضخم 5 في المئة وهي الأدنى في منطقة جنوب آسيا. فكيف حققتم هذا النمو وسط الصعوبات الاقتصادية الحادة؟ - اعتقد بأن الانجاز ناتج عن فلسفة الحزب الذي أنتمي إليه. وأساس هذه الفلسفة: خدمة الشعب ومكافحة الفقر وتوفير متطلبات الحياة الضرورية لكل فرد والعمل بكل جدية والتزام. هذا هو الحل. وهذا ما نفعله بكل التزام لأنه السبيل الوحيد أمامنا لمواجهة متطلبات شعبنا وسط ثرواتنا المحدودة جداً ومشكلتنا الكبيرة الناجمة عن الكوارث الطبيعية التي تجتاح بلادنا. وكلنا أمل في أن نصل باقتصادنا إلى أفضل النتائج، من خلال الانتظام والانضباط والعمل، خصوصاً وأن حكومتنا تولي اهتماماً كبيراً للتربية والتعليم ومحو الأمية، لأنه بالعلم وبالوعي يتحقق النمو الاقتصادي والثقافي والاجتماعي. لذا، نعمل على محو آثار ومخلفات التركة الباقية من أيام الحكم العسكري الذي عانت منه بنغلاديش، كما عانت من غياب الديموقراطية ومن سطوة الفساد والقمع والفوضى. إننا اليوم نعمل على ضبط حركتنا الاقتصادية انطلاقاً من ايماننا العميق بالاقتصاد الحر وحرية التجارة، كما اننا نعلق الآمال الأكبر في تجربتنا الاقتصادية على الشباب والحرفيين الذين تدعمهم الدولة ونأمل في أن نتمكن من القضاء على الفقر قبل سنة 2005 . العلاقات مع الدول العربية كيف تصفين علاقاتكم بالدول العربية؟ - علاقاتنا العربية جيدة جداً مع الجميع. وكانت المملكة العربية السعودية الدولة الاولى التي قمت بزيارتها بعد انتخابي وتسلمي مهام الحكم. وأديت العمرة وقابلت كبار المسؤولين السعوديين. وكرمني خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ووضع بتصرفي طائرة خاصة للقيام بهذه الزيارة. وتقدم السعودية ودول عربية أخرى، المساعدات المادية والعينية والمعنوية كلما حلت الكوارث الطبيعية ببلادنا. وزرت هذا العام، إلى جانب السعودية، الأردنوالبحرين حيث قدمت واجب التعزية بالملك حسين وبالشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رحمهما الله. وتبادلت الآراء ووجهات النظر في أمور كثيرة مع أمير البحرين الشيخ حمد والملك عبدالله ملك الاردن. وسأتابع سلسلة زياراتي إلى دول عربية أخرى. ولا بد لي هنا من أن أشير إلى آلاف البنغاليين الذين يعملون في دول الخليج وتسهم تحويلاتهم المالية في دعم اقتصاد بنغلاديش، فضلاً عن إقدام عدد من رجال المال العرب على الاستثمار لدينا. يضاف إلى ذلك ان هناك مجموعة من رجال الجيش البنغالي تعمل في مجال نزع الألغام في الكويت. ويهمني أن أشير إلى مبدأ نعتمده في سياستنا الخارجية هو: "نمد يد الصداقة إلى الجميع من دون حقد أو كراهية". الاحلاف ... وكشمير اقترحت روسيا والصين والهند إقامة حلف إستراتيجي. فهل توافقون على الانضمام إلى هذا النوع من الأحلاف؟ - يجمعنا حالياً تحالف اقتصادي سارك مع سبع دول في منطقة جنوب شرقي آسيا وهي: باكستانوالهند ونيبال وجزر المالديف وسريلانكا وبوتان. ويتركز تعاوننا في "سارك" على النواحي الاقتصادية والاجتماعية والقانونية إلى جانب تعاوننا في حقول الوقاية من الارهاب والمخدرات. لكن هذا النوع من التعاون لم يمنع الهندوباكستان من الصراع وتهديد الأمن والسلام في المنطقة؟ - للأسف هذا صحيح، والواقع ان التعاون في المجالات الاقتصادية والاجتماعية لا يمنع النزاعات السياسية والعسكرية. وهي نزاعات تهدد أمن المنطقة خصوصا إذا كانت دائرة بين دولتين نوويتين مثل الهندوباكستان. عندما أجرت الهندوباكستان تجاربهما النووية، بادرت إلى زيارتهما وناشدت المسؤولين في كل منهما بوقف هذا النوع من التجارب. وأنا سعيدة جداً لأن التجارب النووية لم تتكرر منذ زيارتي تلك. هل تنوين التوسط بين الهندوباكستان لحل مشكلة كشمير؟ - نحن على اتصال دائم مع الدولتين. وأوضحنا وجهة نظرنا التي تقول ان لا حل لمشكلة كشمير إلا بالمفاوضات والحوار، لا بقوة السلاح. القدس باعتبارك رئيسة لثالث أكبر دولة إسلامية في العالم، ألا ترين أن الوقت حان لقيام الدول الإسلامية ببذل جهودها لإنقاذ مدينة القدس؟ - والدي مجيب الرحمن كان يرتبط بصداقة عميقة مع الرئيس ياسر عرفات. وبلادي كانت ولا تزال وستبقى داعمة ومؤيدة للحقوق الفلسطينية. وقام الرئيس ياسر عرفات بزيارة بنغلاديش أخيراً وبحثنا في كل جوانب الدعم للكيان الفلسطيني والقدس. ودعونا، كما ندعو دوماً إلى تطبيق الاتفاقات الموقعة مع الفلسطينيين. ولنا ملء الثقة بقيادة عرفات وجديته. وبالنسبة الى سؤالك، أقول إن على الدول الإسلامية أن تبذل جهوداً من أجل القدس. ونحن لن نبخل على القدس بأي جهد. تحدثت الأنباء أمس عن حوادث مخلة بالأمن في ضواحي داكا بين أتباع أسامة بن لادن وأنصار حزب السنة الإسلامي. فهل هناك نشاط متطرف في بنغلاديش وما هو حجمه وهل هناك تعاون بينكم وبين دول أخرى مثل أميركا لمواجهة التطرف؟ - نعم لدينا بعض المتطرفين، إلا أننا لا نعتبر أنهم يشكلون خطراً على الأمن. والواقع ان شعبنا ليس متعصباً أو متطرفاً، بل هو شعب يحترم الأديان المختلفة وليست لدينا مشاكل تفرقة. أما هذه المشكلة التي تشيرين إليها فهي قيد التحقيق. ونحن نراقب نشاطات هذه الجماعات ومستعدون للتعاون مع الحكومة السعودية والأميركية وحكومات العالم للقضاء على التطرف والارهاب. المرأة والاسلام انت رئيسة الوزراء الإسلامية الوحيدة في العالم، كيف توفقين بين عملك وطموحاتك السياسية وبين العوائق الدينية والاجتماعية الإسلامية التي لا تنظر بارتياح أو هي لا توافق أصلاً على تولي المرأة مواقع قيادية؟ - الدين الإسلامي بنصه وحرفيته لا يمنع المرأة من العمل والمشاركة في بناء مجتمعها. ولا بد انك تعرفين ان زوجة النبي صلى الله عليه وسلم ، كانت قائدة في مجتمعها. وعلينا ان نذكر ان المرأة هي الأم. ونحن نربي الأجيال ونشعر بالمسؤولية نحو أولادنا وعلاقتنا. وهذا ما أشعر به مع شعبي، أشعر انهم عائلتي. وهم كذلك بالفعل. فبعد مقتل والدي ومعظم أفراد عائلتي، أشعر ان شعبي تقبلني وهو يمنحني كل الدعم والمحبة والوفاء والود والامان. وأنا كمسلمة، اتبع تعاليم ديني بكل تفصيل ودقة. اقرأ القرآن واصلي. وهذا شيء شخصي وخاص جداً، ولكي يستطيع الإنسان ان يحكم بلده يحتاج إلى الالتزام والاخلاص ومحبة الناس. لقد أحب والدي شعبه وقدم حياته مضحياً وحصل لشعبنا على الاستقلال. وأنا ناضلت لأخدم شعبي وبلدي، لا من أجل الشهرة وممارسة السلطة.