بغداد - أ ف ب، أ ب، رويترز - شن الرئيس العراقي صدام حسين أمس هجوماً على اسرائيل هو الأعنف لغة منذ حرب الخليج في العام 1991 التي قصفت قواته خلالها تل أبيب بصواريخ طويلة المدى. وقال صدام في خطاب متلفز لمناسبة الذكرى ال31 لتسلم حزب البعث السلطة في العراق "ان فلسطين عربية وان الصهيونية ينبغي ان ترحل عنها". وحمل ايضاً على الدول العربية الخليجية المنتجة للنفط وعلى اميركا التي حمّلها المسؤولية عن "الوضع المأسوي" في صناعة النفط، داعياً الى مشاورات جدية بين البلدان المنتجة للنفط للخروج من ذلك الوضع. وأكد الرئيس العراقي في خطابه الطويل الذي استغرق ساعة ونصف ساعة ان شعب العراق "يقاوم اليوم وقبل اليوم ايضاً محاولات الصهيونية الخائبة وطاغوت هذا العصر الادارات الاميركية المتعاقبة على التوالي التي صارت تستخدم الامكانية الاميركية التقنية والاقتصادية والعلمية بصورة مباشرة نيابة عن الصهيونية وأحقادها وثاراتها مع العرب ومع المسلمين بوجه عام بل ومع الانسانية ايضاً من خلال اداراتها اليهودية المتصهينة". وشدد صدام على ان "فلسطين أرض عربية وهي وطن الفلسطينيين كجزء من الوطن العربي الكبير وامتنا العربية المجيدة وعليها اولى القبلتين وثالث التسلسل الأعلى في الاماكن المقدسة". وأضاف: "ان فلسطين عربية وان الصهيونية ينبغي ان ترحل عنها وان من اراد من اليهود ان يتعايش مع اهلها، فان لأبناء الوطن الواحد حقا وان للمهاجرين اليه حقوقاً وعليهم التزامات ينبغي ان يقبلوا بها. اما اذا تعذر عليهم ذلك، فيعود كل منهم الى دياره ولا شيء آخر". وقال صدام ان بعض العرب قد يعتبرون آراءه بشأن ارغام الاسرائيليين على المغادرة او العيش في ظل حكم فلسطيني "غير واقعية" لكن هذه الآراء بالنسبة اليه "تمثل الحقيقة التاريخية، والحقيقة التي يؤمن بها ابناء الأمة العربية والاسلامية". واستدرك قائلاً: "اما كيف يوضع هذا موضع التطبيق فمسألة اخرى". وتابع قائلاً: مد يد الصداقة نحو اسرائيل بينما هي تحتل القدس امر مناف للاسلام وتساءل: "هل من الممكن لأي شخص يذعن لاحتلال الصهاينة للقدس ان يسمى مؤمناً صادقاً وأن يؤكد ان الله يقبل صلاته؟". وحض الرئيس العراقي الزعماء العرب على ألا ينخدعوا برئيس الوزراء الاسرائيلي الجديد قائلاً ان ايهود باراك "ما هو الا وجه جديد وتسمية جديدة تستخدمه الصهيونية لكسب مزيد من الوقت". وأكد صدام ان "أي دعوة لما يسمى بالسلام محض فرصة للصهاينة ليس لكسب زمن اضافي يحتلون فيه باقي فلسطين وحسب وانما لدفع العرب للاختلاف، ليس بين الحكام انفسهم وانما الاخطر بين الحكام والشعب". وتابع قائلاً: "لذلك نرى ان الافضل ان يقبل الحكام العرب وجهات نظر اخرى لحكام او قادة عرب ازاء وجهات نظرهم وسلوكاً آخر يغاير سلوكهم ازاء القضايا المصيرية التي يختلف عليها وان تكون صدورهم رحبة وان تتسع عقولهم للرأي الاخر من اخوانهم الحكام او القادة العرب". وأكد صدام حسين "ان التشاور وقبول الرأي الآخر يقوي العرب بل ويفيد حتى اصحاب الرأي الاقرب، في الشكل وليس الجوهر، الى ما يسمى بالحلول السلمية المطروحة من هذا او ذاك من المعنيين تحت عناوينها وبروحية هذا الموقف يمكن التلويح للصهاينة وحلفائهم بما يسمى بالمتطرفين او الصقور لمواجهة الصلف والتكبر المهين والمرفوض من كل ذي عقل وارادة". الى ذلك، المح الرئيس العراقي في خطابه الى ان التصريحات التي ادلى بها في كانون الثاني يناير الماضي ودعا فيها الشعوب العربية الى الثورة على حكامها لا سيما في دول الخليج فسرت بشكل سيء. وقال: "اننا عندما نخاطب الجماهير وبالذات الجماهير العربية ليس لأننا اعتبرناها البديل العملي منذ الآن لأي حاكم عربي ... وانما هي رديف اي حالة وطنية وعمقها العظيم مع العناوين الاخرى". ومضى قائلاً ان "الحاكم، أي حاكم، هو في طريقه ليغيب أما الشعب والامة فهما قوتان تاريخيتان لا يمكن ان يغيبا حتى لو اصابهما خسوف او كسوف فإن الشمس فيهما تطلق من مشرقها وسيكتمل بدر القمر في يومه المقرر". من جهة اخرى، دعا صدام الدول النفطية الى التشاور في ما بينها لتمسك بأيديها سلاح النفط والتخلص من الهيمنة الاميركية قائلاً ان النفط بات بسبب تلك الهيمنة مجرد "سلعة عادية يحدد الاميركان سعرها ووزنها التأثيري داخل بلاد العرب وبلدان العالم الثالث". وأضاف الرئيس العراقي "ان هذا الوضع المأسوي بحاجة الى تشاور جدي بين دول النفط كلما توافرت ارادة ونية التشاور حتى ولو ابتدأت على نطاق ضيق وليس على كل عناوين اوبك". وذكر صدام الذي بدا في بزة مدنية وربطة عنق بأن حزب البعث العربي الاشتراكي هو الذي رفع شعار "نفط العرب للعرب". وحض صدام شعوب الدول الخليجية المنتجة للنفط على مساعدة حكامها في تغيير سياساتهم. ومضى يقول ان الشعوب بامكانها تنشيط ومساندة حكامها لكي يفعلوا الصواب او ان يوقعوهم في مشاكل اذا فشلوا في تغيير الاتجاه. وقال الرئيس العراقي ان "اميركا ومن يشترك معها في الاطماع الامبريالية من دول الغرب عاودت سياستها في السيطرة على النفط من المنبع حتى تحميله وبيعه في الأسواق العالمية وهي التي تحدد سعره من خلال التحكم بميزان العرض وإشباع الطلب من المخزون الذي توفره بأسعار بخسة". وكان العراق اعلن الأسبوع الماضي موافقته على دعوة فنزويلا لعقد قمة منظمة الدول المصدرة للنفط اوبك في العام الفين في كراكاس للبحث في وضع السوق وأسعار النفط.