المؤسسات تغطي كافة أسهم أرامكو المطروحة للاكتتاب    أمير تبوك يعتمد الفائزين بجائزة المزرعة النموذجية    السعودية و8 دول: تمديد تخفيضات إنتاج النفط حتى نهاية 2025    الطائرة ال51 السعودية تصل العريش لإغاثة الشعب الفلسطيني    عثروا على جثة امرأة في فم تمساح    اكتمال عناصر الأخضر قبل مواجهة باكستان    الخريجي يشارك في مراسم تنصيب رئيس السلفادور    «التعليم» تتجه للتوسع في مشاركة القطاع غير الربحي    «نزاهة»: إيقاف 112 متهماً بالفساد من 7 جهات في شهر    20 شخصاً شكّلوا أول فرقة كورال سعودية خاصة    إعادة كتاب بعد 84 عاماً على استعارته!    عبور سهل وميسور للحجاج من منفذي حالة عمار وجديدة عرعر    نوبة «سعال» كسرت فخذه.. والسبب «الغازيات»    معرض الكيف بجازان يسدل الستار على فعالياته بعد حضور فاق التوقعات واهتمام محلي ودولي    زلزال بقوة 5,9 درجات يضرب وسط اليابان    في بطولة غرب آسيا لألعاب القوى بالبصرة .. 14 ميدالية للمنتخب السعودي    الاحتلال يدمر 50 ألف وحدة سكنية شمال غزة    مزايا جديدة لواجهة «ثريدز»    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 51 إلى مطار العريش لدعم غزة    نقل تحيات القيادة وأشاد بالجهود الأمنية.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يدشن مشروعات «الداخلية» في عسير    تبريد الأسطح الإسفلتية في عدد من المواقع.. المشاعر المقدسة تستعد لاستقبال ضيوف الرحمن    انضمام المملكة إلى المبادرة العالمية.. تحفيز ابتكارات النظم الغذائية الذكية مناخيا    الأزرق يليق بك يا بونو    المملكة تستضيف بطولة العالم للراليات تحت مسمى "رالي السعودية 2025"    الكعبي.. الهداف وأفضل لاعب في" كونفرنس ليغ"    رونالدو يغري ناتشو وكاسيميرو بالانضمام للنصر    القيادة تهنئ الشيخ صباح الخالد بتعيينه ولياً للعهد في الكويت    الصدارة والتميز    أوبك+ تقرر تمديد تخفيضات الإنتاج الحالية حتى نهاية 2025    وزير العدل: دعم ولي العهد اللامحدود يضع على أفراد العدالة مسؤولية كبيرة    حجب النتائج بين ضرر المدارس وحماس الأهالي    بدء تطبيق عقوبة مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    سائقو الدبَّابات المخصّصة لنقل الأطعمة    بدء تطبيق عقوبة مخالفي أنظمة وتعليمات الحج دون تصريح    حجاج الأردن وفلسطين : سعدنا بالخدمات المميزة    الحجاج يشيدون بخدمات « حالة عمار»    هذا ما نحن عليه    هنأ رئيس مؤسسة الري.. أمير الشرقية يدشن كلية البترجي الطبية    إطلاق اسم الأمير بدر بن عبدالمحسن على أحد طرق مدينة الرياض    جامعة نورة تنظم 20 حفل تخريج لطالبات كلياتها ومعاهدها    ..و يرعى حفل تخريج متدربي ومتدربات الكليات التقنية    توبة حَجاج العجمي !    "فعيل" يفتي الحجاج ب30 لغة في ميقات المدينة    "الأمر بالمعروف" تدشن المركز الميداني التوعوي بمكتبة مكة    ماذا نعرف عن الصين؟!    تقرير يكشف.. ملابس وإكسسوارات «شي إن» سامة ومسرطنة    أمير نجران يشيد بالتطور الصحي    نمشي معاك    أمير الشرقية يستقبل رئيس مؤسسة الري    11 مليون مشاهدة و40 جهة شريكة لمبادرة أوزن حياتك    الهلال الاحمر بمنطقة الباحة يشارك في التجمع الصحي لمكافحة التدخين    مسبار صيني يهبط على القمر    «طريق مكة».. تقنيات إجرائية لراحة الحجيج    «إخفاء صدام حسين» يظهر في بجدة    فيصل بن مشعل يرعى حفل تكريم معالي رئيس جامعة القصيم السابق    توافد حجاج الأردن وفلسطين والعراق    إرهاب «الترند» من الدين إلى الثقافة    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني تحدث الى "الحياة" قبل ساعات من ترشحه للرئاسة . "مقبل" : العسكرة تهيمن على اليمن ... والمواطنية المتساوية لا وجود لها
نشر في الحياة يوم 12 - 07 - 1999

ينتمي السيد علي صالح عباد المعروف باسمه الحركي "مقبل" الذي يحمله منذ ايام العمل المسلح ضد الاحتلال البريطاني للجنوب اليمني، الى منطقة أبين، والى جزء محدد من تلك المنطقة، كان يحمل قبل الاستقلال في 1967 اسم "سلطنة الفضلي" ومن تلك المنطقة خرج "مقبل" ليعيش حياة سياسية كثيفة تتوزع على ثلاث مراحل. مرحلة العمل السياسي في حركة القوميين العرب، ثم مرحلة العمل المسلح ضد الاحتلال، ثم مرحلة المشاركة في الحكم بعد الاستقلال.
والملفت في حياة "مقبل" ان الازمات الصعبة في حياته لم تكن ايام العمل السياسي، ولا ايام العمل المسلح التي لعب اثناءها ادواراً بارزة حين كان مسؤولاً عن المقاومة في مدينة عدن، بل كانت بعد الاستقلال، وحين اصبح جزءاً من السلطة. ففي تلك السنوات طُرد "مقبل" من تنظيم "الجبهة القومية" الحاكم بعدما نظّم مع سالم ربيع علي سالمين انتفاضة الفلاحين الشهيرة. ونُفي في مرحلة لاحقة، بشكل غير رسمي وبقرار من الرفاق الى القاهرة، وسجن بقرار من الرفاق ايضاً لمدة خمس سنوات في سجن "فتح" في حي كريتر في عدن. ثم اضُطّر الى مغادرة عدن الى صنعاء بعد مذبحة 13 كانون الثاني يناير 1986، برفقة الرئيس السابق علي ناصر محمد. ولكن عبر هذه الازمات شارك "مقبل" في صوْغ اهم التحولات السياسية والفكرية في تاريخ "جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية" جنوب اليمن، فكان شخصاً بارزاً في فترة حكم "سالمين" وكان شخصاً بارزاً في التحضير للمؤتمر الخامس ل"الجبهة القومية"، واصبح عضواً في المكتب السياسي ورئيساً لسكرتارية اللجنة المركزية.
ان تاريخه الشخصي هو تاريخ جنوب اليمن بعد الاستقلال، بكل انجازاته وتعرجاته وصداماته ومآسيه. وبالرغم من ذلك كله، فقد تقدم "مقبل" الصفوف، في لحظة حساسة وحرجة وخطرة، ليتولى مسؤولية الحفاظ على الحزب الاشتراكي اليمني، بعد حرب 1994، وكان تسلّم الامانة العامة للحزب في ذلك الحين، مكرمة لا يسعى اليها الكثيرون، هذا اذا لم يروا فيها غرماً فادحاً، ومن خلال تسلمه المنصب الذي لا يحسد عليه استطاع "مقبل" وبصبر ملفت وبقدرة فائقة على التحمل، ان يعيد الحزب الاشتراكي الى الحياة السياسية، وان يبقيه طرفاً فاعلاً في كل حوار يتناول قضايا اليمن ومستقبله، وها هو الآن مرشح للرئاسة اليمنية، بينما يتوزع الكثير من زملائه على اكثر من عاصمة عربية مجبرين او مختارين، وهم كلهم يدعمون ترشيحه ويباركونه.
"الحياة" التقت "مقبل" في لندن، وكان معه هذا الحوار:
الآن… وانتم على ابواب انتخابات رئاسية جديدة، هل استطاعت اليمن تجاوز محنة الحرب 1994؟
- تعاني اليمن مشكلة بدأت قبل حرب 1994. وذلك حين اندلعت حرب المدفعية وكانت مؤشراً الى امكان تمزق اليمن. وقد امكن اطفاء نيران المدفعية، ولكن وسائل العنف، وسائل الهيمنة، وسائل القهر، ما زالت مستمرة وسائدة في الحياة اليمنية، الامر الذي يدفعنا الى القول ان عملية الحرب لا تزال قائمة ولكنها تمارس بوسائل اخرى.
هل يمكن ذكر أمثلة توضيحية؟
- حياة البلد كلها معسكرة. السائد فيها هم العسكريون والاطقم العسكرية. الحياة المدنية غائبة. المواطنية المتساوية لا وجود لها. القوى المتنفذة هي التي تمارس وجودها على الساحة اليمنية، واليمن اليوم موزع على خمسة محاور عسكرية، هي التي تحكم اليمن، وهي التي تتعاطى مع كل القضايا المتعلقة بالحياة السياسية.
حال العسكرة هذه، هل تنطبق على الشمال والجنوب ام على الجنوب فقط؟
- انها تنطبق على اليمن كله. لكن العسكرة تمارس وجودها بشكل فعّال في المحافظات الجنوبية، وهي محافظات لم تألف الحياة بالشكل الذي تواجهه في هذه الايام.
هل انت مرشح للرئاسة كحق انتخابي فقط، ام لاثبات وجود الجنوب ولفت النظر الى ذلك؟
- انا مرشح باسم الحزب الاشتراكي اليمني، والحزب موجود على امتداد الساحة اليمنية، ولذلك لا وجود لأي توجه لترشحي كممثل للجنوب، وانا اتعامل مع القضية اليمنية ككل.
هل يشعر سكان المحافظات اليمنية الجنوبية انهم اندمجوا في اطار الوحدة اليمنية؟ هل لهم شكاوى؟
- لو أتيح لك ان تطّلع على الحياة اليمنية من داخلها، ستجد ان اليمنيين كافة غير مندمجين. قوى السلطة تجد من يعارضها في كل المحافظات اليمنية، من الجوف الى مأرب ومن تعز الى الحديدة، الامر الذي يوضح عدم وجود الاندماج والتماثل بين المواطنين تجاه حكامهم.
ما هي اسباب عدم الاندماج هذا؟
- تعود الى طبيعة الممارسات التي تتم من القوى المتنفذة، وهذه القوى المتنفذة لا تمارس سلطاتها في اطار القانون او القضاء، بل في اطار القوة وفي اطار ما لديها من امكانات.
ألا نستطيع ان نتحدث عن قوى اجتماعية مؤيدة للسلطة؟
- لن تجد قوى اجتماعية مؤيدة للسلطة الا في اطار الاجهزة التنفيذية، ولكن حتى العاملين في هذه الاجهزة يئنّون من وطأة الاجور المنخفضة، ومن انخفاض مستوى الخدمات الاجتماعية، وحياة معيشية مرتفعة، حتى ان ما يعطى للموظفين لا يتلاءم مع حاجاتهم اليومية.
الا توجد قبائل متحالفة مع السلطة؟
- ترتكز السلطة في وجودها وفي ممارسة عملها على المؤسسة العسكرية وعلى المؤسسة القبلية. لكن ابناء القبائل العاديين غير مستفيدين من المؤسسات الحكومية. المستفيدون هم الجالسون في قمة الهرم من المشاىخ والعقال وعُلية القوم، وهم الذين وظّفوا القبائل لمصلحة ابتزاز الحكومة.
الحكومة تتحدث عن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، وتقول ان عدد اعضائه تجاوز المليونين، الا يشكل هذا قوة اجتماعية تدعم السلطة؟
- هذا ما تقوله الحكومة، لكن واقع الحال شيء آخر. نحن نعرف ان عملية الانضواء والانخراط في عضوية حزب المؤتمر الشعبي العام لا تتم بصورة طوعية، لكن عن طريق التوظيف القهري، فاذا كنت موظفاً يجب ان تكون عضواً في حزب المؤتمر، وان لم تكن كذلك فمن الممكن ان يتم استبدالك بشخص آخر يقبل تلك العضوية.
من هنا فان عملية التجنيد تتم بصورة قسرية. وحتى الموظفين المنتمين الى احزاب اخرى يتم تجيير انتماءاتهم بالقوة لمصلحة الحزب الحاكم. ومن التجارب فان اي انضواء او انخراط لا يتم بصورة طوعية سيتلاشى تأثيره عندما تتاح ظروف اخرى للتعبير الحر.
أين موقع كوادر سلطة الجنوب السابقة مدنيين وعسكريين في اطار السلطة الحالية لليمن؟
- موقعهم في الخارج او في الشارع. كلمة مختصرة.
هل هذا بسبب الحرب ام لاسباب اخرى؟
- بسبب الحرب من ناحية، خصوصاً بالنسبة للعسكريين. السلطة تتصرف كالآتي: انت طيار، لكن من الصعب ان تقبلك كطيّار، انت خبير في الصواريخ من الصعب ان تستفيد منك في هذا المجال. انها تنظر الى انتمائك للصاروخ على انه انتماء الى الحزب الذي وفّر لك الخبرة في هذا المجال. ولا بد بالتالي من احضار عناصر اكثر ولاء للسلطة القائمة، ولذلك وجد هؤلاء الناس انفسهم مبعدين من العمل في اجهزة السلطة، وخسرت البلد بذلك كل ما أنفق عليهم من اجل تأهيلهم.
لكن عدد هؤلاء الاشخاص يقارب المئات؟
- بل بالآلاف، وعشرات الآلاف.
هل يعني ذلك ايضاً انهم لا يتقاضون رواتبهم؟
- يتقاضى الكثيرون منهم، خصوصاً الضباط، رواتبهم شهرياً، ولكن رواتبهم تجلب لهم المتاعب والمشاكل. فلكي يستلم الضابط عشرة آلاف ريال شهرياً عليه ان يحضر الى صنعاء، ويخسر بذلك اضعاف هذا المبلغ.
لكن ألم يكن من المفروض ان يشمل قرار العفو، العودة الى البلاد، والعودة الى العمل ايضاً؟
- هذا هو ما تم اعلانه، لكن واقعياً وفي التطبيق، كان الامر مختلفاً. لقد فسّر العفو عملياً على طريقة "سلامة راسك" ولا شيء عدا ذلك.
هل يشمل هذا الواقع الموظفين الكبار والموظفين الصغار؟
- انه يشمل الموظفين الكبار بالدرجة الاولى، ولكن حتى الموظفين الصغار فقد تم استبدالهم ايضاً. بعض الموظفين الصغار يعملون كفراشين، وحتى هؤلاء تم الاستغناء عنهم.
والجنود الصغار؟
- الجنود الصغار ايضاً تم الاستغناء عنهم؟ انهم بالآلاف، وهم يتابعون امر عودتهم الى العمل، لكن حتى من يصدر قرار باعادته لا يتمكن من الاستمرار. اذ يصدر قرار تعيينه، ثم يصدر قرار نقله من مكان اقامته الى محافظة اخرى، ويجد نفسه مضطراً الى عدم القبول، نظراً الى ان ما يتقاضاه لا يلبي نفقات الانتقال التي يحتاج اليها.
اذاً نحن امام حال لا يتوافر فيها اندماج شعبي داخل دولة الوحدة؟
- نعم. وهذا ليس خاصاً بالجنوبيين انما هو يشمل المحافظات في الجمهورية كلها.
كيف يتحقق الاندماج في اطار الوحدة اذاً؟
- نحن ندعو الى المصالحة الوطنية، ولدينا برنامج معلن يشرح فهمنا للمصالحة الوطنية. ونحن نرى ان هذه المصالحة يجب ان تتم بين الاحزاب والتنظيمات السياسية، وبين أبناء المحافظات وبين الطوائف والمذاهب السائدة في اليمن، وبين القبائل والمناطق وهذا لا يمكن ان يتأتى الا عن طريق الدعوة الى حوار يضم الجميع، وتفتح فيه الاوراق المتعلقة بالحلول الناجعة لمعضلات الشعب اليمني، والاتفاق بالتالي على ادارة اللعبة السياسية في اليمن بصورة مشتركة. هذا ما ندعو اليه، ونحن لا نضع حلولاً مسبقة، ولكن ندعو الى الحوار، والحوار هو الكفيل، بدفع اليمنيين نحو الاتفاق، ونحو الحلول التي تشكل قناعة لدى الجميع.
هل تطلبون مثلاً اقتسام السلطة؟
- الآن… لا شيء يغرينا لكي نكون متطلعين الى السلطة، لأننا نرى ان كل شيء فيها فاسد وانها مدعاة الى السخرية من الشعب اليمني، ولذلك نحن ندعو الى الحوار على شكل مائدة مستديرة للاتفاق اولاً على المعضلات السائدة في الحياة اليمنية، والحلول لهذه المعضلات، ثم نحتكم الى صناديق الاقتراع، ولكن على قاعدة ما يتم الاتفاق عليه.
هذه المعضلات في رأيك، هل هي سياسية فقط، ام هي معضلات اجتماعية ايضاً؟ اي هل هي مسألة بين السلطة والاحزاب ام ان المسألة اقتصادية واجتماعية؟
- نحن نقول ان حل القضية اليمنية لا يمكن ان يكون حسبما تطرح السلطة من خلال برنامج اصلاح اقتصادي. ولكن نقول ان المدخل لأي اصلاح اقتصادي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاصلاح السياسي.
هذه المعالجات للمطالب الاقتصادية والاجتماعية، هل قمتم بتحديدها؟
- نحن نطرح آراءنا، ولكن لا نتصرف على اساس ان آراءنا تحمل الحل السحري. انما نقول ان كل قضايا اليمن يجب ان تخضع للحوار. وسنقدم في الحوار ما لدينا، وسنستمع الى الآخرين، وسنخرج بقواسم مشتركة.
نسمع كثيراً انكم التقيتم مع حزب الاصلاح وتناقشتم، واجريتم حوارات مع حزب المؤتمر، واحياناً اجريتم حوارات مع الرئيس علي عبدالله صالح، ماذا يدور في هذه اللقاءات؟
- نحن لم نتحاور مع الرئيس حتى الآن، لم نتحاور مع الاصلاح حتى الآن، بل بالعكس، فان حزب الاصلاح، وعشية انعقاد المؤتمر الشعبي العام لحزب المؤتمر، خرجوا ببيان يعلنون فيه ترشيح الرئيس علي عبدالله صالح لانتخابات الرئاسة. واعلنوا ما معناه انهم شركاء في السلطة، وان مشاركتهم في السلطة تعبّر عن نفسها من خلال اختيارهم للرئيس عبدالله صالح مرشحاً باسمهم، وذلك قبل وصول حزب المؤتمر نفسه الى قرار بترشيح الرئيس.
وبالنسبة الى احزاب مجلس التنسيق؟
- يوجد لدينا برنامج مشترك معهم، وتمت صياغة البرنامج بصورة مشتركة، وتوجد لوائح داخلية تنظم عمل المجلس والعلاقة بين اطرافه، وعلى مستوى المحافظات.
اذا حصرنا النقاش في الحزب الاشتراكي، هل نستطيع القول ان الحزب موحد ازاء قضية وحدة اليمن؟
- قضية الوحدة هي القضية الاستراتيجية للحزب الاشتراكي. وقضية الوحدة هي المطلب الاول للحزب في اطار برامجه. وقد خاض الحزب حربين من اجل الوحدة، وناضل طويلاً من اجل الوحدة، وكان نضاله امتداداً لنضال الحركة الوطنية التي انبثقت في بداية الخمسينات ، وهو سار على هذا الطريق، وانجز هذه المهمة بنجاح في 22 ايار مايو 1990، وعلى قاعدة التعددية السياسية والديموقراطية.
هناك اصوات الآن تقول ان ثمة ضرورة لتصحيح مسار الوحدة، ألا يعكس هذا خلافاً داخل الحزب؟
- بالعكس… هذا صوت عال ومرتفع داخل الحزب، وهو موجود في اطار برنامج محدد وواضح. وانثبقت، على هذه القاعدة، الدعوة والمناشدة للمصالحة الوطنية، وحاجة اليمن واليمنيين الى المصالحة الوطنية، على قاعدة الوحدة، ومن اجل تصحيح مسارها، هذه الوحدة التي تعطلت في حرب صيف 1994.
هل يتضمن اصلاح مسار الوحدة دعوة الى تخصيص اموال محددة في الموازنة لتنمية محافظات الجنوب؟
- لا يوجد شيء في موازنة الدولة للتنمية، والشيء المؤسف ان ثروات اليمن "تشفط" بنهم وشبق لمصلحة جيوب معينة وليس لمصلحة التنمية لا في الشمال ولا في الجنوب. لذلك نحن ندعو الى الحوار، ومناقشة قضايا اليمن، لكي يتم توظيف ثروة اليمن من اجل مصلحة اليمن وليس العبث بها.
داخل الحزب، واثناء المناقشات، وبصفتك اميناً عاماً، هل تلمس تمايزاً في الاجتهادات بين اعضاء الحزب في الشمال واعضاء الحزب في الجنوب؟
- اذا وجد مثل هذا التمايز فهو نتيجة للمعاناة اليومية، فالمعاناة داخل المحافظات الجنوبية اكثر من المحافظات الاخرى، وذلك بسبب توجه قوى السلطة نحو تدمير كل شيء ايجابي موجود في المحافظات الجنوبية، من هنا تبرز بعض التمايزات في المناقشات.
لكن هذا الذي تسميه معاناة، يصل احياناً الى حد المقاطعة، مثل مقاطعة منظمة الحزب في حضرموت لمؤتمركم الاخير؟
- لا توجد مقاطعة بهذا المعنى. على العكس، نحن نأخذ قراراتنا في اطار البحث والحوار المفتوح والتصويت والاخذ برأي الغالبية. مثلاً جلسة المشاركة في الانتخابات لم يقاطعها احد، عدا صوت متحفظ واحد من الشمال، وصوت آخر خرج من الاجتماعات قبل الوصول الى القرار.
الا يوجد تيار في الحزب يدعو الى مقاطعة الانتخابات؟
- لا… لا يوجد تيار. توجد اصوات، وهذه الاصوات من الشمال والجنوب، ولا توجد في الجنوب فقط.
ما هي صحة القول انه اذا تمت الانتخابات، فهناك محافظات جنوبية ستقاطعها؟
- هذا موقف مشروع، واذا وجدت مقاطعة فلن تقتصر على محافظات في الجنوب، وقد حدث مثل ذلك في انتخابات 1997 البرلمانية.
السلطة نفسها حين تتعامل معكم، تتعامل معكم كحزب يمني ام كحزب يمثل الجنوب فقط؟
- انها تتعامل معنا كحزب يمني. ولتكن قناعة الحكومة ما تكون، فنحن حزب متواجد على امتداد اليمن، واليمن ليس ملكاً للحكومة.
ألا تلمس احياناً انهم يريدون التعامل معكم كحزب جنوبي؟
- لا يوجد هذا الشيء. انا قادم من محافظة معينة أبين، وهذا لا يعني انني يمني او نصف يمني. نحن نعاني عدم المساواة القانونية في الحقوق، وكل الشعب اليمني يعاني، ولذلك نطالب بالمواطنية المتساوية، وينتقص من حقي كثيراً ان اعامل كنصف يمني.
هل تمارس السلطة احياناً هذا التمييز بين الشمال والجنوب؟
- يوجد مثل هذا الشيء في الممارسة، ولكنه لا يوجد من الناحية القانونية.
هناك جنوبيون تعاونوا مع حزب المؤتمر الشعبي الحاكم. هل يمثل هؤلاء تياراً جنوبياً ام تياراً حزبياً، ام انهم مجرد افراد؟
- حتى هؤلاء مواطنيتهم ناقصة داخل حزب المؤتمر. واريد ان اذكر انه في 1997، جرى لقاء ضم احزاب "مجلس التنسيق" مع حزب الاصلاح، وكنا نناقش معهم تصحيح الثغرات والنواقص في سجلات قيد الناخبين ، وفوجئنا بجواب يقول: ان هذا ممكن ولكن يجب ان يقتصر على المحافظات الشمالية، اما المحافظات الجنوبية، فمن حقنا ان نرسل الى حضرموت مليون شمالي لكي يتسجلوا هناك ويمنعوا حضرموت من الانضمام الى دول الخليج، ومن الممكن ان نرسل مئة الف جندي الى ابين، ومئتي الف جندي الى لحج… و400 الف جندي الى عدن، لكي نقوم بعملية تهجين للمحافظات الجنوبية، ونمنع انفصاليتها. لقد قيل لنا هذا الكلام، مع العلم بأن حزب الاصلاح لديه منظمات حزبية في المحافظات الجنوبية، وهم بهذا الموقف يعترفون بأن منظماتهم الحزبية غير مؤهلة لمنع الانفصال، او لتشكل نسيجاً متيناً يربط هذه المحافظات بالمحافظات الاخرى، واستعاضوا عن اعضاء منظماتهم بالحديث عن ضرورة الحاجة الى ارسال جنود من ثكنات عسكرية شمالية لتسيطر على الوضع نيابة عن ابنائها، اي ان الثقة بأبناء المحافظات الجنوبية، حتى لو كانوا اعضاء معهم، غير متوافرة. وهذا موقف ادلى به الامين العام للتجمع اليمني للاصلاح اليدومي وتناولته كل الصحف بالتعليق… ولكن هذا ليس موقفاً بقدر ما هو قناعة لهذا الشخص او ذاك.
الاعضاء الجنوبيون الذين تركوا الحزب الاشتراكي وعملوا مع حزب المؤتمر، هل لهم قوى اجتماعية تؤيدهم في موقفهم؟
- بالطبع، وما دامت هناك منظمات حزبية فلها امتداداتها الاجتماعية.
لا تزال السلطة حتى الآن ترفض شعار المصالحة الوطنية، وتصرّ على موضوع العفو فقط، ما هو موقفكم من هذه القضية؟
- نحن نقول ان العفو العام الشامل الذي لا يستثني احداً، هو المدخل الى المصالحة الوطنية، واذا كانت الحكومة جادة في العفو العام الشامل عليها ان تدعو الى مصالحة وطنية. ويتم ذلك من خلال دعوة الجميع الى مؤتمر وطني للحوار المباشر، والاتفاق المباشر على قضايا الشعب اليمني. اما الدعوة الى العفو العام من جانب وكيل الاتهامات للآخرين بالخيانة والعمالة والتكفير، فهذا ليس سبيلاً لعفو عام حقيقي. واذا كانت السلطة مقتنعة بالعفو العام الشامل فما عليها الا ان تصدر مرسوماً جمهورياً بذلك، اي ان تلغي الاحكام الصادرة بحق الناس. فما دامت الاحكام اعلنت بشكل قانوني فيجب ان يتم الغاؤها بشكل قانوني.
وهذا يشمل طبعاً ما يعرف باسم قائمة ال16؟
- هذا يجب ان لا يستثني احداً حتى ما هو متعلق بما قبل حرب 1994، فاليمن في حاجة الى مصالحة تتناول تاريخه الحديث كله، منذ ثورة ايلول سبتمبر 1962 ومنذ استقلال الشطر الجنوبي في 1967، حتى اليوم، ويجب ان تشمل هذه المصالحة جميع الذين لحق بهم اذى بسبب الصراعات السياسية، فاليمن بحاجة الى العفو العام الشامل، ليعود الجميع الى اليمن، هم او ورثتهم، وحتى ورثتهم يجب ان يكون لهم الحق باعادة رفات ذويهم. واليمن ليس فقيراً بحيث لا تجد مساحة صغيرة من الارض لدفن رفات من تضرر من الصراعات السياسية.
مثلاً:
- الجميع… ملكيون، جمهوريون، سلاطين، كل ابناء اليمن اهلاً وسهلاً بهم، لتتضافر جهود جميع اليمنيين لبناء اليمن واخراجه من محنته.
تحدثت عن مصالحة يمنية منذ الاستقلال حتى الآن، هل يشمل هذا صراعات الجنوب ايضاً؟
- نعم… ونحن ندعو الى هذا، وما اسفرت عنه نتائج مؤتمرنا العام الرابع كان دعوة الى مصالحة في اطار الحزب. ولذلك قدمنا اعتذارنا الى كل من لحقه اذى من الحزب، وقلنا لهم الحزب الاشتراكي يتسع للجميع واهلاً وسهلاً بكم داخله، وصراعاتنا السابقة نحن مسؤولون عنها كلنا، وعلينا ان نتحاور داخل الحزب او في الاطار اليمني.
أنت هنا في مهمة للاتصال مع الكادرات اليمنية في الخارج، هل اجريت اتصالات في لندن؟
- انا لست في لندن في مهمة من هذا النوع، لقد جئت الى لندن للعلاج. ونحن نجري اتصالات في العادة مع الجميع، حتى ونحن داخل اليمن.
هل ستذهب الى دمشق في اطار هذه الاتصالات؟
- لا… سأعود فوراً الى صنعاء. وقبل شهرين قام جار الله عمر بزيارة الكوادر في دمشق.
هل تفكر بزيارة علي سالم البيض امين عام الحزب السابق في عمان؟
- ليس الآن.
عند عودتك الى اليمن هل ستقدم ترشيحك للرئاسة؟
- اذا كان هناك متسع من الوقت. فقد تم فرض ان يكون التقدم بالترشيح شخصياً.
هل لديك قناعة باحتمال النجاح؟
- النجاح صعب، لاننا نتنافس مع السلطة وليس على السلطة. ولكن علينا ان نحتكم الى صناديق الاقتراع.
احزاب المعارضة هل تؤيد ترشيحكم؟
- يجري الآن بشأن هذه المسألة حوار مع اعضاء لجنة التنسيق، للاتفاق على مرشح واحد، وقد يكون هناك اكثر من مرشح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.