قتل فلسطيني وجرح عشرات أمس عندما لبى الفلسطينيون دعوة السلطة الوطنية لاحياء "يوم الغضب" احتجاجاً على استمرار النشاطات الاستيطانية. وبدا الجنود الاسرائيليون المزودون بكافة أنواع الأسلحة المعروفة، أكثر توتراً واستعدادا لتنفيذ الأوامر المشددة المعطاة لهم بالتصدي بعنف لهذه الاحتجاجات، اذ انتشر المئات منهم مساء اول من امس في المواقع المرشحة للتصعيد كمداخل المدن الفلسطينية والمناطق الاستيطانية الحديثة والاراضي المصادرة والمفترقات المؤدية الى المستوطنات ومداخل القدس التي شهدت اضراباً تجارياً شاملاً. ونظم العشرات من الفلسطينيين المسيرات السلمية والاعتصامات في المواقع المصادرة وتلك التي بنيت فيها مستوطنات جديدة، واندفع العشرات حاملين الاعلام واللافتات التي جاء فيها: "لا سلام مع الاستيطان" و"لنبدأ في مقاومة ارهاب المستوطنين واستعادة حقنا في أرضنا" و"الاستيطان جريمة". وكان أعنف مشهد هو الذي شهده الشارع الرئيسي الذي يربط شمال قطاع غزة بجنوبه، وتحديداً عند المفترق المؤدي الى التجمع الاستيطاني غوش قطيف، حيث حاول المئات اغلاق الشارع ومنع الحركة الى المستوطنات واشعلوا النار في خيمة للجنود الاسرائىليين واشتبكوا معهم مما اسفر عن اصابة خمسة من المتظاهرين وجنديين قبل ان تتمكن الشرطة الفلسطينية من إبعاد المشاركين عن المفترق وحصرهم في مناطق نفوذ السلطة الفلسطينية. وفي منطقة نابلس، اصيب 10 متظاهرين فلسطينيين من بينهم اثنان في حال الخطر عندما اطلق جنود النار باتجاههم قرب بلدتي سلفيت وبورين. وانتهت الاحتجاجات في بيت لحم سلمياً ومن دون حدوث عنف سوى رجم جنود على الحاجز الاسرائيلي بالحجارة. وهو ما حصل في الخليل ايضا خلافا للتوقعات التي اشارت الى احتمال اشتعال محاور الصدام على الخط الفاصل بين المنطقة الخاضعة للسلطة الفلسطينية وتلك الخاضعة للسلطة الاسرائيلية، خصوصاً بعد مقتل الشاب علاء ابو شرخ صباح امس قرب بلدة الظاهرية، وذلك عندما اطلق جندي النار على السيارة التي كان يقودها مما ادى الى مقتله فوراً. وقال الاسرائيليون ان ابو شرخ حاول اقتحام الحاجز، فيما شدد بيان من وزارة الاعلام الفلسطينية التي شكلت غرفة عمليات لمتابعة احداث "يوم الغضب" على ان الشاب قتل عمداً وفي اطار نهج القمع الاسرائيلي المتواصل قتلاً واستيطاناً. ومن المقرر ان تتواصل فعاليات الحملة المناهضة للاستيطان في الايام المقبلة، وستكون القدس اليوم محور النشاط من خلال مسيرة ستنطلق من المسجد الاقصى بعد صلاة الجمعة وستتجه الى رأس العامود، وهو الحي الذي بدأت فيه اعمال التجريف لبناء 180 وحدة استيطانية. كذلك ستقام صلاة الجمعة في الاراضي المصادرة. وكان عدد من المسؤولين الفلسطينيين اعتبروا تظاهرات "يوم الغضب" رسالة موجهة الى رئيس الحكومة الاسرائيلية المنتخب ايهود باراك بعدم مواصلة ما بدأته الحكومة الخارجة من نشاطات استيطانية. وكما قال رئيس لجنة مقاومة الاستيطان، النائب الفلسطيني صلاح التعمري الذي شارك في تظاهرة بيت لحم: "حتى الاميركيون يرفضون الاستيطان، فكيف يمكن لنا ان نقبل به، ما يجري اليوم هو بداية لحملة شاملة ومستمرة وسلمية حتى يتوقف الاستيطان". وسخر التعمري من التحليلات الاسرائىلية التي اشارت الى ان "يوم الغضب" هو رسالة سياسية من السلطة الفلسطينية الى باراك بعدم تجاهل المسار الفلسطيني والاندفاع نحو المسارين السوري واللبناني. وتوالت ردود الفعل الفلسطينية والدولية على الاستيطان، إذ أعلنت بكين ان قضايا المستوطنات والقدس يجب ان تعالج في مفاوضات الوضع النهائي، معربة عن اسفها الشديد لموافقة الحكومة الاسرائيلية أخيراً على توسيع مستوطنة معاليه ادوميم. واضافت: "كان واضحاً في الاتفاقات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي ألا يتخذ أي من الطرفين أي اجراءات تضر بنتائج مفاوضات الوضع النهائي". ودعت "حركة المقاومة الاسلامية" حماس في بيان لها الشعب الفلسطيني الى تصعيد الغضب الشعبي والمواجهة الجماهيرية حتى يعرف العالم ان الارض التي يحاول الصهاينة ابتلاعها ليست أرضاً بلا شعب، وان الشعب الفلسطيني قادر على حماية ارضه وانتزاع حقوقه وحماية مقدساته. وطالبت الحركة باعتبار اليوم مناسبة للتدفق إلى مدينة القدسالمحتلة من اجل الصلاة في المسجد الاقصى واستخلاص العبر من هزيمة العام 1967 التي تمر ذكراها غداً. واشادت "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" بالغضب الفلسطيني، مشيرة الى ان شعبنا "عبر عن وحدته واستعداده العالي للتضحية من خلال التظاهرات والصدامات مع قوات الاحتلال الاسرائىلي، كما اكد استعداده العالي للمضي قدما في النضال من اجل رحيل المستوطنين وازالة المستوطنات عن ارضنا وقدسنا". وشددت على ان لا سلام مع الاستيطان وتهويد القدس ولاءات باراك.