وزير الدفاع يصل الكويت لرئاسة وفد السعودية المشارك في اجتماع الدورة ال 22 لمجلس الدفاع المشترك لدول الخليج    أمير الشرقية يزور جناح أمانة الشرقية بملتقى ومعرض ريادة الأعمال راد 2025    انطلاق أعمال منتدى الأعمال السعودي الفرنسي في الرياض    كراسنودار الروسية تتعرض لهجوم "ضخم"    رئيس وزراء تايوان: "العودة" للصين ليست خيارا للشعب التايواني    الصين تطلق المركبة الفضائية "شنتشو-22"    روسيا تطالب بجدول زمني لانسحاب الاحتلال الإسرائيلي    اختفاء نجم من السماء مساء الأمس لمدة 28 ثانية    القبض على يمنيين لتهريبهما (12) كيلو جرامًا من نبات القات المخدر    الإرهابي والعلاقات السعودية الأمريكية    كأس نادي الصقور يقيم 6 أشواط للهواة    104% زيادة بتوثيق عقود الشركات    الأسواق الرقمية تستجيب لتوقعات خفض الفائدة    اقتصاد المملكة يواصل نموّه القوي    الخريف في فعاليات يوم الاستثمار والشراكات ل "اليونيدو" يؤكد ريادة المملكة الصناعية عالميًا    ليلة السقوط الآسيوي للاتحاد والأهلي    "أخضر المناورة" وصيف آسيا    الجوف.. مواقع تاريخية تجذب الزوار    فيلق الإبل.. عبور الذاكرة وسرديات الهوية    117 دقيقة لأداء العمرة    زراعة أصغر منظم قلب لمولودة تزن 2 كجم    ميسي يتألق ويقود ميامي لنهائي المنطقة الشرقية    في الجولة الخامسة لدوري أبطال أوروبا.. برشلونة يواجه تشيلسي في قمة كلاسيكية.. ومان سيتي يستقبل ليفركوزن    «عدالة التحكيم وتأخر التجديد في الهلال»    نائب وزير الخارجية يستقبل رئيس البرلمان المجري    الحقيل يزور سويسرا    الجبيل الصناعية تدير النفايات ب«إنترنت الأشياء»    الصين: اليابان تجاوزت «الخط الأحمر» بشأن تايوان    تقويم التعليم تطلق الرخصة المهنية للمدربين    تطبيق الGPS.. ماله وما عليه    من السويد إلى قطاع غزة.. وثائق جديدة تكشف مسارات تبرعات «الإخوان» المشبوهة    إقالات داخل الجيش الإسرائيلي.. الاحتلال يجدد القصف على خان يونس    «البلديات» تعتمد اشتراطات لمحال العصائر    عمار يا دمشق من غير إيكوشار    ضجيج اللحظة    أحمد السقا يستعد ل «خلي بالك من نفسك»    «الداخلية» تدعم الجاهزية الأمنية في «الشمالية»    "الشؤون الإسلامية" تسلم 25 ألف مصحف للمالديف    تحت رعاية عبدالعزيز بن سعود.. تكريم المتقاعدين من منسوبي الأحوال المدنية    الميكروبات المقاومة للعلاجات (1)    قطع غيار    تعزيز قدرات الاكتشاف المبكر للأعراض..«الغذاء»: ربط قاعدة التيقظ الدوائي بمنصة الصحة العالمية    تدشين مركز زراعة القوقعة في «سعود الطبية»    قرعة نصف نهائي كأس الملك تقام 30 نوفمبر في استوديوهات "ثمانية"    لبنان بين ضربة الطبطبائي واستعدادات ما بعد الاغتيال    الهلال الاحمر السعودي بتبوك يرفع جاهزيته إستعداداً للحالة الجوية المتوقعة على المنطقة    فيصل بن خالد يُعلن أسماء الفائزين بجائزة الملك خالد لعام 2025    هطول أمطار رعدية على بعض مناطق المملكة من يوم غدٍ الثلاثاء حتى الجمعة المقبل    هيئة تقويم التَّعليم والتَّدريب تستعرض الرُّخص المهنيَّة للمدرِّبين في لقاء بجامعة أمِّ القرى    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة    محافظ الطائف يقدم التعازي لوكيل المحافظة البقمي    جامعة أم القرى تحقق مراتب متقدمة في التصنيفات العالمية    القطاع العدلي يواكب التحولات العالمية.. الصمعاني: الجودة القضائية ركيزة أساسية لجذب الاستثمارات    حين يكون العطاء لغة وطن    «الحج»:«نسك عمرة» منصة موحدة وتجربة ميسرة    الناهشون في جسد النجاح!!    117 دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر جمادى الأولى    العبيكان رجل يصنع أثره بيده    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غداة الانتخابات العامة وفوز باراك . اسرائيل وموقعها المحتمل في المعالجة الاميركية لأمن الخليج
نشر في الحياة يوم 31 - 05 - 1999

بقيت منطقة الخليج على الدوام كاحدى المناطق المعنية بمسار النزاع العربي - الاسرائىلي، والمتأثرة بتطوراته بالمعيارين السياسي والاستراتيجي. ومنذ مؤتمر مدريد للسلام، بدت المنطقة الخليجية أكثر التصاقاً بالحدث. وكان هذا التطور أحد التداعيات المبكرة لحرب الخليج، التي دفعت اسرائيل الى العمق الخليجي، أو هي اقتربت من ذلك فعلاً. بيد أن السلوك الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية ومع البلدان العربية المجاورة طوّق تطلعات تل أبيب الخليجية، بل وقضى عليها.
واليوم، يصعب النظر الى عودة حزب العمل الى السلطة باعتباره دفعاً تلقائياً لهذه التطلعات. بيد أن هذا الحدث سيرمي بشيء من التداعيات على المقاربة الاميركية للسلام الاقليمي، الامر الذي يعني خلقاً لمعطيات سياسية واقتصادية، وربما أمنية، قد لا تبدو واضحة قبل عام أو عامين، الا ان الخليج لن يكون بعيداً عنها.
وتقليدياً، لم تكن اسرائيل بعيدة عن المقاربة الاميركية الخاصة بالخليج، وتحديداً تلك المتعلقة بأمنه الاقليمي. ومنشأ الحديث عن موقع اسرائيل في هذه المقاربة يعود بصفة أساسية الى الدور الاسرائيلي في سياسة الاحتواء إبان الحرب الباردة. بيد ان ذلك لم يعنِ في المنظور الاميركي ربطاً تلقائياً بين أمن الخليج والنزاع العربي - الاسرائىلي، بل استمرت مقولة هذا الربط مدار جدل لم يحسم بعد. وفي الأوقات كافة، لم يخضع هذا الجدل لاعتبارات استراتيجية بحتة، بل جاء متأثراً بالاتجاهات الايديولوجية السائدة لدى النخبة السياسية الاميركية. وهو بذلك اقترب في مضمونه من الجدل الدائر حول سياسة الاحتواء ذاتها، من جهة ما إذا كان يجب على هذه السياسة ان ترتكز الى اعتبارات استراتيجية بحتة أو الى معايير ايديولوجية صرفة.
كانت عالمية الصراع بين الشرق والغرب، ومعطيات الجغرافيا والنفط ونمط الخيارات السياسية السائدة إقليمياً، تمثل المحفزات الاساسية للجدل الخاص بالعلاقة بين أمن الخليج والنزاع العربي - الاسرائىلي. وبالقدر الذي يتزايد فيه المنظور الكوني للنزاعات الاقليمية يبدو الربط الاستراتيجي بين القضيتين أكثر وضوحاً، بحكم الأمر الواقع.
في مطلع العقد الثامن، كان هناك شيء من التصور بأن المقاربة الاميركية للعلاقة بين أمن الخليج والنزاع العربي - الاسرائىلي آخذة في التشكل وفق معادلة صفرية، بمعنى ان مزيداً من الاهتمام بمنطقة الخليج العربي من شأنه ان يفضي بالضرورة الى إنخفاض في درجة الاهتمام بمسألة النزاع العربي - الاسرائىلي. بيد أن هذه المقاربة ما لبثت واصطدمت بالتطورات التي فرضت نفسها بقوة متزايدة، كما اصطدمت في الوقت نفسه بماهية العلاقة بين الاعتبارات الاستراتيجية والحس الايديولوجي، هذه العلاقة التي بدت مأزقية أكثر من أي وقت مضى.
ومع انتهاء حقبة الثمانينات، بدت حرب الخليج بمثابة استهلال عنيف للعقد الجديد. كان أمن اسرائيل أحد أسباب شنّ الحرب، بيد ان تداعياتها النهائية لم تصب جميعها في المصلحة الاسرائىلية، كان إندلاع حرب الخليج على انقاض الحرب الباردة قد عنى أكثر من معنى بالنسبة لاسرائيل ولمقولة "الذخر الاستراتيجي" التي لازمتها منذ مطلع الثمانينات. ويمكن القول انه اذا كانت بيئة الوجود العسكري الاميركي في الخليج خلال العقد الثامن عززت من مكانة اسرائيل في المقاربة الاميركية لأمن الخليج، فان التحوّل الذي طرأ على هذه البيئة بعد حرب الخليج بدا وكأنه دفع في الاتجاه المعاكس. كما أعطى المناخ السياسي الذي أفرزته هذه الحزب مزيداً من المبررات للمضي قدماً في برامج تسليح دول المنطقة. وبدت هذه النتيجة متناقضة مع النتيجة التي خرجت بها اسرائيل والقائلة بأن تطور الحضور العسكري الاميركي ينفي الحاجة لادامة هذه البرامج.
وعلى رغم إمكان القول بشيء من الحذر بأن التداعيات السياسية لحرب الخليج هي وليدة تداعياتها الامنية، يبدو الشق السياسي من التداعيات متبايناً في نتائجه مع الشق الامني، من حيث الأثر الفعلي على الدور الاسرائىلي في منطقة الخليج العربي، أو لنقل على موقع اسرائيل في المقاربة الاميركية الخاصة بهذه المنطقة.
كان انهيار التوازن الاستراتيجي الهش في الخليج أولى التداعيات الامنية الاساسية للحرب، وكان التداعي الثاني لها تعزيز الوجود العسكري الاميركي المباشر. وهذان المعطيان لا يوفران، من الزاوية النظرية، مبرراً لتعزيز موقع اسرائيل في المقاربة الاميركية لأمن الخليج، على رغم صحة القول بافادتها منهما في المعيار الاستراتيجي العام.
أما على المستوى السياسي، فيبدو المشهد في اتجاه مختلف، إذ شهدت مرحلة ما بعد الحرب تطورين اقليميين أساسيين: إنطلاق مسيرة التسوية السلمية من مدريد، واعتماد سياسة الاحتواء المزدوج لايران والعراق. وهي السياسة التي استندت اليها الدعوة الاميركية الصريحة باسقاط النظام الحاكم في بغداد. هذان المعطيان، كانا على خلاف سابقيهما، عامل تعزيز لموقع اسرائيل في المقاربة الاميركية لأمن الخليج.
وفي البعد الخاص بسياسة الاحتواء في نموذجها الاقليمي الراهن، يمكن تلمس دور اسرائيلي، ضمني أو مباشر، من خلال برامج أميركية - اسرائىلية وبرامج واتفاقات اسرائىلية مع اطراف شرق أوسطية كتركيا. ويمكن القول انه كلما تزايد المضمون الايديولوجي في سياسة الاحتواء، كلما بدت فرص الدور الاسرائىلي أكثر وفرة. وهنا، يمكن الوقوف على علاقة عكسية بين فرص الدورين الاسرائىلي والتركي من جهة وفرض الاقتراب الايراني - الخليجي من جهة اخرى.
ان صعود الاتجاه القومي اليميني في تركيا سيدفع في التحليل الأخير باتجاه تعزيز التحالف التركي - الاسرائىلي، وان عودة حزب العمل الى السلطة في تل أبيب سيعيد احياء التطلعات الاسرائىلية في الشرق الاوسط، وتعزيز موقع اسرائىل في الاستراتيجية الاميركية في المنطقة. وسيدفع هذان المتغيران باتجاه زيادة الضغوط على فرص الدور الايراني في الخليج، فضلاً عن الدور العراقي. وحين يُقدر لحرب البلقان ان تضع أوزارها فستكون الولايات المتحدة أكثر تفرغاً لبلورة مقاربتها الخاصة بأمن الخليج، ويرجح ان يكون احد دروس البلقان التي ستخرج بها واشنطن هو التأكيد على خيار وجودها العسكري المكثف في الخليج والمحيط الهندي. ولن يبدو الدور الاسرائىلي وقد أفاد مباشرة من هذه النتيجة، لكن الاسرائىليين والاتراك سيفيدون منها بصورة ضمنية، إذ ان هذه النتيجة ستعني المزيد من الضغط على فرص الدورين الايراني والعراقي في المنطقة. وكما هو معروف، لا تزال مسألة الحضور العسكري الاميركي موضع خلاف خليجي - عراقي، وخليجي - ايراني، وأثيرت بقوة خلال الزيارة الاخيرة التي قام بها الى الخليج الرئيس الايراني سيد محمد خاتمي.
وإذا قدر النجاح للمقاربة القائلة بتعويم البيئة الخليجية، عبر دمجها في منظومة اقليمية أوسع يمثلها الشرق الاوسط، فسيعني ذلك تعزيزاً مباشراً للدور الاسرائىلي، وتبعاً التركي. وكلما تقدمت مسيرة التسوية السلمية في المنطقة كلما وجدت اسرائيل نفسها أكثر حضوراً في الخليج العربي. وان حال كهذه، سيكون من تداعياتها الضمنية تعزيز القناعة الخليجية بجدوى دور باكستاني استراتيجي في المنطقة.
وعلى رغم ان هذا الدور لا يمثل رغبة أميركية راهنة، الا ان تطورات الاحداث تدفع باتجاه اعادة تقييم أميركية لدور باكستان الاقليمي في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، وان احدى نتائج اعادة التقييم هذه قد تكون القبول بدور باكستاني، من درجة ما، في الخليج العربي.
* كاتب بحريني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.