أسقط الأمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي لغة الديبلوماسية وشن هجوماً عنيفاً على أقطاب الإدارة الأميركية الذين حرموه البقاء في منصبه لولاية ثانية. ونالت وزيرة الخارجية الحالية مادلين اولبرايت النصيب الأكبر من هذا الهجوم باعتبارها حملت لواء إبعاد غالي في الأممالمتحدة حين كانت سفيرة لبلادها. ولم ينج وزير الخارجية السابق وارن كريستوفر من سهام غالي القاسية، إذ أعاد العداء الأميركي حياله الى ظروف الحملة الرئاسية في عام 1996. وقد نشرت صحف أميركية مقاطع من كتاب وضعه غالي عنوانه "لم أهزم: حكاية العلاقة بين الولاياتالمتحدةوالأممالمتحدة"، وهو سيصدر بعد أسابيع عن راندوم هاوس ويتوقع له أن يثير ردود فعل كثيرة بدأها أمس الناطق باسم اولبرايت جيمس روبن. يقول غالي ان كريستوفر أبلغه في منتصف 96 ان الإدارة تعارض التجديد له ولم يوضح سبب ذلك. ولكن الواضح بالنسبة اليه - أي غالي - ان الحزب الديموقراطي كان دخل في الحملة الرئاسية وأنه يريد أن ينافس الجمهوريين ومرشحهم بوب دول المعادي للأمم المتحدة وأمينها العام. ولذلك انفردت واشنطن بممارسة حق النقض ضده الى أن جاءت بمرشحها كوفي انان. تولت اولبرايت تنفيذ سياسة بلادها ضده. وكانت خطتها في ذلك، كما يقول، خداعه. وينقل عنها القول "سأجعله يعتقد اني صديقته ثم سأكسر ساقيه" ولقد نجحت بذلك فعلاً وهي تتظاهر بأنها تفعل العكس. لا يخفي غالي مرارته من اولبرايت وهو يطلق سلبيته حيالها بلا كوابح. انها "أستاذة ومستشارة سياسية مغمورة"، و"لغتها سوقية"، ولقد "عزز جمهور المستمعين الأميركيين اسوأ صفاتها"، انها "تفضل القاء المحاضرات والجمل البيانية أو مجرد تلاوة العبارات"، الخ... غير أن الكتاب لا يكتفي بسرد "الوقائع الحزينة" لتجربة غالي مع الأميركيين. ففيه تطرق الى جوانب عامة تهم المعنيين بمصير العلاقات الدولية والمنظمات العالمية. فبطرس غالي يقول، من موقع العارف، "ان واشنطن جعلت من الأممالمتحدة كبش فداء لهزائمها الديبلوماسية مستخدمة المنظمة أو رافضة لها تبعاً لمصالحها. وعندما تمكنت الأممالمتحدة من تنفيذ مهماتها من دون تدخل أميركي، كما حصل في موزامبيق، فانها نجحت. لكن عندما أرادت الولاياتالمتحدة أن تظهر أنها مهتمة بشكل نشيط علماً أنها كانت تتفادى، في الواقع، اتخاذ قرارات صعبة، مثل ما حصل في البوسنة أو الصومال أو رواندا، فإنه جرى استخدام الأممالمتحدة بشكل سيء...". لم يتضمن رد روبن على غالي دحضاً لهذه الاتهامات. فالناطق باسم الخارجية الأميركية اكتفى بالقول ان الأمين العام السابق كان فاشلاً في اقناع الجمهور الأميركي بدعم الأممالمتحدة. أي انه يؤكد اهتمام واشنطن بإبعاده. وهو يسخر منه عملياً حين يقول "ان اولبرايت تتمنى له النجاح في مرحلة كتابة مذكراته...". ان الاستخفاف بهجمات غالي دليل اضافي على الشعور بالقوة الفائقة. وهو يؤكد ما جاء في الكتاب: "ان الامبراطورية الرومانية لم تكن في حاجة الى ديبلوماسية. وكذلك الولاياتالمتحدة".