مزيج فريد من مناسبات لاتباع الديانات السماوية الثلاث ستشهده اليوم خمسة كيلومترات مربعة هي مساحة البلدة العتيقة في القدسالمحتلة. ويصادف اليوم الجمعة اليتيمة من شهر رمضان المبارك واليوم الاخير في العام قبل اكتمال الفي سنة على ميلاد السيد المسيح، وكذلك بدء سبت اليهود. بأزقتها وشوارعها الضيقة بما تحمله من عبق التاريخ وإرثه الثقيل ستعج البلدة العتيقة بمئات الآلاف من المصلين المسلمين في الجمعة الماضية بلغ عددهم 600 ألف الذين فضل كثيرون منهم المبيت في ساحات الأقصى والصخرة لضمان مكان لهم لأداء صلاة الجمعة، إضافة الى آلاف المسيحيين الذين جاؤوا من أرجاء المعمورة لمشاهدة "كنيسة القيامة" وأداء الصلوات في الالفية الثانية لميلاد المسيح. اليوم الذي يرمز الى التسامح واحترام متبادل بين الديانات، يبدو أنه عاد بالتاريخ الى عام 33 ميلادي حين رفض اليهود ما أتاهم المسيح به، وطفا التوتر الأزلي الذي يكنه اليهود للمسيحيين مع التهديدات الصادرة عن مجالس الحاخامات اليهودية لاصحاب الفنادق الاسرائيلية في مدينة القدس بسحب تراخيص "الكشروت" التي تعطى لمطابخ هذه الفنادق لتقديم أطعمة "حلال يهودي"، اذا تم ترتيب حفلات لرأس السنة في أروقة هذه الفنادق. الناطق الرسمي باسم بطريرك اللاتين في القدس وديع أبو نصار اعتبر ذلك "مخالفاً لحقوق الانسان والحق الأساسي في التعبير"، وقال ل "الحياة" أن اليهود المتزمتين ليسوا معنيين برؤية أي أثر مسيحي في المدينة المقدسة، مذكراً بأن بعض زعماء حركة "شاس" الدينية المتزمتة أشار الى احتفالات الالفية الثانية بالقول "سنشهد ما يدعي بعضهم انه بداية الالفية الثالثة". وأكد أبو نصار أن البطريركية اشترطت السماح للمسيحيين الذين أنفقوا أموالهم وجاؤوا الى هذه المنطقة من العالم للاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة، بالاستمتاع بهذه الاحتفالات، والا سيتم توجيه السياح الى فنادق في مدن فلسطينية أخرى مثل حيفا وبيت لحم والناصرة حيث يسود التسامح والتآخي واحترام الديانات. رد فعل البطريركية جاء في أعقاب تلقي بعض أصحاب الفنادق الاسرائيليين تهديدات وتحذيرات من تنظيم احتفالات في رأس السنة، والغاء بلدية القدس الاسرائيلية احتفالا كبيرا كان مقرراً في القدس الغربية، وذلك خلافا للاتفاق الذي توصل اليه أبو نصار مع كبير الحاخامين الياهو باكشي دورون الذي كان وعد بأن يسمح بالاحتفال في "قاعات مغلقة". هذا التمازج الخاص بين الديانات والمعتقدات المتشابهة والمتناقضة بين هذه الجماعات وتلك، خاصة في ظل المزاعم عن "قرب انتهاء العالم" والحكايات التي ترافقها عن انتصار اتباع ديانة على اتباع ديانة أخرى، أو اعتناق جميع الناس الديانة نفسها تفرض جوا خاصا في سماء البلدة القديمة الذي سيكون صافياً ودافئاً منتصف ليل 31 كانون الأول ديسمبر، الذي يشكل عادة اليوم الاشد برودة في الشتاء. المسلمون فوجئوا أول من أمس بدخول رجل عربي مسلم من الناصرة بحسب معلومات الشرطة الاسرائيلية الى ساحات الحرم القدسي الشريف، وهو يحمل حقيبة تحوي متفجرات وسلاحا أتوماتيكياً من دون أن تكتشفه الشرطة التي حشدت قواتها على أبواب الحرم وباتت تحذر صباح مساء من "المجانين" الذين يريدون تنفيذ انتحارات جماعية وعمليات تدمير ونسف. مفتي القدس والديار المقدسة الشيخ عكرمة صبري أشار بأصابع الاتهام الى هذه الشرطة التي لم تفتش حقيبة مغلقة وكبيرة دخل صاحبها الى الحرم وأوقفه حراس الاقصى العرب، وطالب الشرطة الاسرائيلية بتفتيش السياح الاجانب والزوار اليهود قبل السماح لهم بالدخول الى الحرم القدسي، مشيرا الى أن حادث الخميس "يوحي بوجود خطر على الاقصى". مهد الديانات وساحة الحروب التي لا تبدو نهاية لها، ربما تؤرقها في هذه اللحظة "بقة العام 2000" وما الذي يمكن أن يحدث بعد ان تعيد السلطات الاسرائيلية تشغيل مفتاح التحكم بمفاعل ديمونا النووي، الذي تقرر اغلاقه بدءا من أمس حتى الاثنين المقبل.... وبالتأكيد يؤرقها غير ذلك الكثير.