أدّت تصريحات قادة "حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين"، عن اعتماد جنوبلبنان جبهة مفتوحة مع اسرائىل، بعد إعلان الحركة مجموعة عمليات نفّذتها هناك، الى ردّ فعل من السلطات اللبنانية يرفض نشاط الجانب الفلسطيني انطلاقاً من لبنان، ما سبّب تعليقات مختلفة على المستوى السياسي اللبناني. وقال رئىس الحكومة سليم الحص، في تصريح امس، "اننا ندعو أخوتنا الفلسطينيين الى الإمتناع عن القيام بأي عمل مسلح في الجنوباللبناني لأن ذلك لا يتفق مع مصلحة لبنان. لذا فنحن لا نؤيد أي نشاط من أي نوع كان لغير المقاومة اللبنانية التي تقوم بالمهمة خير قيام". وكان الأمين العام ل"الجهاد الإسلامي في فلسطين" الدكتور رمضان عبدالله شلّح قال ل"الحياة" ان "جنوبلبنان جبهة مفتوحة مع إسرائيل". وارتأى ممثل "الجهاد" في بيروت ابو عماد الرفاعي عدم الرد على تصريح الحص. وقال ل"الحياة" أمس "اننا نرغب في عدم الدخول في أي شكل من أشكال السجال السياسي مع الحكومة اللبنانية، لعدم إثارة جو نحن في غنى عنه، ولا يخدم سوى المتضررين من الموقف اللبناني الرسمي من العملية السلمية في المنطقة". ونقل عن مسؤولين في "الحركة" في بيروت، "أنهم لا يزالون يدققون في تصريح الحص ويدرسون الخلفية التي استند إليها" بالتشاور مع قيادتها في دمشق. وعلمت "الحياة" من مصادر فلسطينية مطلعة على موقف "الجهاد الإسلامي" أن الرفاعي "صرف النظر فور صدور بيان الحص عن إجراء مقابلات صحافية طلبتها منه وكالات أنباء ومحطات تلفزة عالمية. وعزت موقفه هذا إلى "وجود قرار يحبذ التهدئة تمهيداً للبحث في المضاعفات المترتبة على تصريح الدكتور شلّح واضطرار الحص الى الرد عليه، وصولاً الى تطويقها". وكشفت اوساط سياسية مطلعة على اسباب تصريح شلّح واضطرار الحص الى الرد عليه، أن قرار "الجهاد" التزام الصمت يعود الى الاتصالات التي نشطت من خلال اصدقاء مشتركين، وفي مقدمهم قيادة "حزب الله" بغية ترتيب لقاء مصارحة ومكاشفة بين رئيس الحكومة وممثل الحركة في بيروت، مشيرة الى انها لمست "كل تجاوب من اجل عدم تكبير حدود الموقف الرسمي الذي قد يكون له علاقة بالأوضاع الداخلية اللبنانية لقطع الطريق على أي سجال متوقع لا يخدم الإستقرار السياسي العام. وفضّلت قيادة "حزب الله" عدم الدخول في السجال وإصدار موقف علني، لكن مصدراً فيه عبّر عن قلقه مما يدور، معتبراً أن "لا مصلحة لأحد في الدخول في مناوشات إعلامية وسياسية". وقال "إذا كان ليس في وسع رئيس الحكومة إلاّ قول ما أورده في تصريحه كردّ على كلام شلّح، فأننا كنا نتمنى لو أنه تحدث في الوقت نفسه عن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة وتقرير المصير، خصوصاً أنه يلفت الى هذه المسألة كل مرة يستقبل موفدين من الخارج". وأكد أن ما يحصل في لبنان "نموذج لما سيكون عليه الوضع في المستقبل في حال عدم التوصل الى الإنسحاب من الجنوباللبناني والبقاع الغربي والجولان ضمن اتفاق شامل". ورأى "ان عدم إيجاد حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعني أن لا إستقرار في المنطقة ككل، وليس في لبنان فحسب"، مشيراً إلى "ان هذه القضية تعتبر من المشكلات الكبرى التي ستواجه العالم. إذ أن لبنان غير قادر على ضبط الفلسطينيين الذين قد يتحركون في كل اتجاه للحفاظ على قضيتهم حية في المجتمع الدولي". وأضاف "إذا كان لبنان على المستوى الرسمي لا يستطيع تغطية ما تنوي بعض الفصائل الفلسطينية القيام به وبالتالي تحمل تبعاته فأنه سيدفع الثمن مجدداً ما لم تحل قضية اللاجئين". وحيال هذه التطورات رفض الرئيس الحص الإدلاء بأي تعليق إضافي، رداً على أسئلة الصحافيين، وهو يغادر مكتبه في السرايا الحكومية بعد ظهر أمس. وقال "لا زيادة على ما سبق أن قلته". إلاّ أن مصادر لبنانية رسمية على صلة بموقف رئيس الحكومة أوضحت ل"الحياة" أن تصريحه "ينطلق من أن حق اللبنانيين في مقاومة الإحتلال لأرضهم يلقى تفهماً، وأن قيام الجانب الفلسطيني بإعلان الجنوب المحتل جبهة مفتوحة يحرج لبنان أمام الرأي العام الدولي من جهة ويؤدي بفئات لبنانية إلى الإحتجاج على ذلك، مخافة أن تتكرر مظاهر الفلتان في الجنوب، التي حصلت في السبعينات". وقالت "ان الرئيس الحص أعلن موقفاً، لكن هذا الموقف لا يعني التسبب بمشكلات على الصعيد الميداني، ولا يعني معالجة أمنية للموضوع بمقدار المعالجة السياسية له. ثم أنه موقف يأتي تحت سقف مساندة لبنان حق الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم، وتلازم المسارين اللبناني والسوري في مفاوضات السلام وإدراك لدقة المرحلة التي تمرّ فيها المنطقة ولبنان". وقالت مصادر سياسية لبنانية ل"الحياة" أن الحص "لا يستطيع إلاّ الرد على شلّح، تمسكاً منه بلبننة المقاومة الوطنية والإسلامية للإحتلال الإسرائيلي، كحق مشروع سبق لتفاهم نيسان ابريل أن أقرّ به". وأكدت أن موقف الحص "يأتي أيضاً في إطار تمسك لبنان بالتفاهم وعدم إيجاد الذرائع أمام إسرائيل لإطاحته أو اللجوء إلى تعديل لقواعد اللعبة في الجنوب، في انتظار زوال الإحتلال عبر حل شامل في المنطقة".