بلغ لاعب وسط نادي الشباب السعودي سعيد العويران القمة محلياً وخليجياً وعربياً ودولياً، خصوصاً في مونديال 1994، وحصل على القاب فردية وجماعية عدة... لكن العويران مر بأيام وشهور عجاف، فلم يعد يذكره أحد ونسيته التشكيلة الاساسية في الشباب والمنتخب... ومع ذلك رفض "أبو السعود" أن يكون أثراً بعد عين، فراح يتدرب و"يضمر" ويبعد عن بدنه كل الوزن الزائد وعن مهاراته كل الشوائب وعن ذهنه كل السوس... وأثمر كل ذلك لاعباً يعيش شباباً جديداً وعنصراً متمكناً فرض نفسه على السنة الجميع وقاد الشباب باقتدار الى احراز كأس ابطال الاندية العربية قبل أسبوع واحد في القاهرة. هنا بعض ما قاله سعيد ل"الحياة" في مناسبة شبابه الجديد: البديعة والاحمدي نشأ سعيد العويران وترعرع في حارة البديعة في الرياض، التي كانت تكتظ بفرق الحواري ثم أنضم الى احدها واسمه "الأحمدي"، ويقول: "كانت بدايتي الحقيقية مع الأحمدي عام 1983وكان يضم كوكبة من اللاعبين الموهوبين امثال زميلي فؤاد أنور ولاعبي الهلال السابق يوسف جازع والحالي يوسف الثنيان وغيرها من الأسماء التي برزت لاحقاً بعد ان انخرطت في اندية رسمية". ويضيف: "شاهدني ذات يوم اداري فريق الشباب الحالي سلطان خميس وأنا العب في صفوف الأحمدي، وعرض عليّ أن أكون شبابياً فوافقت فوراً لأني اعلم جيداً بأن الفرصة سانحة لصقل موهبتي وتطوير مهاراتي وامكاناتي... انخرطت في تدريبات الشباب ضمن فئة الشباب عام 1985 وكان يشرف على الفريق آنذاك التونسي رضا عكاشة الذي اشعل حماستي من خلال اطرائه المستمر لأدائي وتبنيه لموهبتي". ويتذكر سعيد احد المواقف التي تعرض لها وهو في فئة الشباب: "في كل الاندية لا تحظى فرق الشباب باهتمام اعلامي واداري ما ينعكس سلباً بعض الاحيان على اداء اللاعبين ومواظبتهم على التدريبات لانعدام الحافز. وتلك كانت من اسباب عزوف فؤاد انور عن المواظبة على التدريبات، لكني ضغطت عليه فعاد من جديد حتى صار نجماً عالمياً لا يشق له غبار، ولولا الله ثم أنا لما شاهد أحد إبداعات فؤاد مع المنتخب ومع ناديه". أزمة الخراشي وتعرض المهاجم المخضرم لأزمات عدة كادت تقتل موهبته في مهدها، ويوضح "انضممت الى منتخب الناشئين عام 1987 وكان يشرف عليه آنذاك المدرب السعودي محمد الخراشي، واختلفت معه وزميلي محمد الدعيع فاستغنى عنا بعد ايام قليلة لكنه سرعان ما شعر بحاجته الى الدعيع فأعاده ونساني". ولا يغفل العويران ان يشكر قائد الشباب السابق عبدالله السويلم الذي ساهم في ضمه الى لائحة الفريق الاول: "السويلم كان له ابلغ الاثر في بروزي عندما توسط لي كي اشارك في اول مباراة مع الفريق الاول عام 1987 امام النصر، ولقد "بيّضت" وجهه بعد ان قدمت عرضاً جيداً. ومن ثم انطلقت نحو عالم النجومية والشهرة من دون توقف". مونديال أميركا وما لبث ان اختير "المدفعجي"، وهو اللقب الذي يفضله، للمنتخب عام 1991: "عندما تم اختياري للمنتخب سعدت، بل طرت من الفرح، لكن اثناء مشاركتي في مباراتي الرسمية الاولى امام منتخب الولاياتالمتحدة في كأس القارات الأولى في الرياض فوجئت بعبارات السخط والاستهجان تنطلق من حناجر الجماهير عندما اعلن المذيع الداخلي عن اسم فؤاد انور وعن اسمي. وبصراحة دفعتني تلك العبارات الى تقديم كل ما عندي لاثبت للجماهير انني جدير بارتداء القميص الاخضر، وبالفعل تحقق ما بحثت عنه". وكان المونديال الاميركي عام 1994 نقطة تحول كبيرة في مسيرة العويران حيث سجل اسمه بحروف من ذهب من خلال هدفه الرائع في مرمى بلجيكا: "سجلت هدفاً لا يمكن أن ينساه أحد، كان هدفا خيالياً ساهم في شهرتي بيد انه افرز لي "صداعاً" ما زلت اعاني منه حتى اللحظة... منذ ان احرزت هذا الهدف وجماهير المنتخب تحديداً لا تلتفت الى أحد سواي وكأني ألعب لوحدي وليس مع مجموعة، ما جعلني اشعر بضيق وقلق... لكن هذه ضريبة العالمية". الجابر الأفضل وعن عودته الى المنتخب قال العويران: "إذا دعيت فلن اتردد في تلبية الدعوة لأني اعتبر اختياري تكليفاً، ليس سراً أن اقول انني مرتاح مع الشباب لكني اطمع في الوقت ذاته بتمثيل وطني". وأكد ان "الاخضر" كان لافتاً في مباراته الاخيرة امام جنوب افريقيا وخصوصاً سامي الجابر: "المنتخب كان جيداً وتحديداً سامي الذي صال وجال ولفت الانظار بتحركاته المدروسة داخل الصندوق، كان مؤهلاً للعب اساسياً واكد ذلك فوق الميدان... أعارض كل من انتقد مشاركته من بداية المباراة وكل من اراد هضم حقه في التصدي لركلة الجزاء رغم انه اضاعها". الصين وعن سبب عدم توجهه الى الصين مع رفيق دربه فؤاد انور، يوضح: "فؤاد عانى كثيراً من سخط الجماهير والاقلام كما عانيت انا، إذ سدد كرة من منتصف الملعب فقامت الجماهير ولم تقعد وطالبت بإبعاده رغم انه صاحب امكانات غير مسبوقة جعلته من افضل من انجبت المملكة، وهو أيضا صاحب قدم جيدة وأهداف بعيدة المدى... رفيق دربي لم ترق له الأمور وغادر سريعاً ليؤكد جدراته في مكان آخر، بينما بقيت أنا واعتقد ان كلانا وفق، وهذا هو المهم". عالم المال والأعمال ويقف سعيد في صف ابن عمه الموقوف لاعب وسط الهلال خميس العويران: "نصحته بالانصياع للأوامر والاستفادة من اخطائه لانه ما زال صغيراً، واعتقد انه ثاني افضل لاعب محور في السعودية بعد فؤاد انور... ليس عيباً ان يخطئ لكن العيب الا يستفيد من الخطأ". وعن موعد اعتزاله يقول: "لا يشغلني الاعتزال حالياً... دخلت عالم التجارة من خلال مشروع مع الامير عبدالرحمن بن تركي ما قد يعجل برحيلي وانصرافي نحو احتراف من نوع جديد بعيد كل البعد عن كرة القدم. لابد ان اخطط لمستقبلي من الآن ولا اريد ان اقضي على "مشاويري" المظفرة بأداء "أي كلام". الجانب السياسي وهواية سعيد الاولى بعد الكرة هي القراءة: "اقرأ الكتب التي تهتم بالجوانب السياسية من دون ان اعرف سبباً لذلك، وغالباً ما استعير الكتب والروايات من إداري الفريق سلطان خميس لأنه يملك مكتبة متكاملة تجعلني لا أتردد لحظة واحدة في الاستفادة منها وما فيها". وأكد الشاب المخضرم ان فريقه حريص على إحراز كأس الامير فيصل بن فهد المحلية بعد ان حصل على الكأس العربية قبل ايام في القاهرة: "سنحاول هزيمة الهلال لأننا حريصون على احتضان الكأسين الغاليتين. تخيم الروح الرياضية على اللقاء المهم، والفريقان استحقا الوصول الى مباراة القمة". وشكر سعيد العويران ادارة ناديه واعضاء شرفه وخص بالذكر الامير تركي بن عبدالعزيز ورئيس اعضاء الشرف الامير خالد بن سلطان والامير عبدالرحمن بن تركي وامير المنطقة الشرقية الامير محمد بن فهد الذي يذكره بشخص فقيد الرياضة والشباب العربي من خلال شخصيته وأدائه الاداري المتقن.