قررت الحكومة الكندية تحكيم منظمة التجارة الدولية في شأن قرار اتخذته فرنسا بحظر استيراد خامات ومنتجات الأسبستوس المثيرة للجدل. وأعربت عن مخاوفها من أن يتحول القرار الفرنسي الى سابقة تشجع الدول الأخرى على تبني خطوات مماثلة. وقال سيرجيو ماركي وزير التجارة الكندي في تصريحات صحافية ان بلاده تأمل في التوصل الى تسوية لما وصفه ب "الخلاف" مع فرنسا عبر مفاوضات ثنائية، لكنها تعتقد أن الوقت حان لاصدار احتجاج رسمي. وكانت الحكومة الفرنسية حظرت استيراد الغالبية العظمى من منتجات الأسبستوس اعتباراً من كانون الثاني يناير 1997 وبنت قرارها على تحذيرات أصدرها معهد الصحة والبحث الطبي في باريس في شأن العلاقة بين الأسبستوس وأمراض خطيرة تصيب جهاز التنفس، بما فيها سرطان الرئة. لكن ماركي شكك في صدقية النتائج العامة التي تضمنها تقرير المعهد، وقال: "تشكل بعض استخدامات الأسبستوس خطراً بيناً على صحة الانسان، لكن هناك في المقابل منتجات كثيرة يمكن استخدامها بأمان مثل الاسمنت المدعوم بألياف الأسبستوس الزبرجدي الكريزولايت". وعكست تصريحات وزير التجارة ما تعتبره الحكومة الكندية، حسب آن ماكليلان وزيرة المصادر الطبيعية، "حقاً مبدئياً في الدفاع عن صناعة الثروات الطبيعية وبشكل خاص صناعة الأسبستوس وحقها في اللجوء الى كل السبل المتاحة لمواجهة أي حظر لا يستند الى أسس علمية رصينة". وتحتل صناعة الأسبستوس مركزاً مهماً في كندا، سيما مقاطعة كيبك، وتقدر مبيعاتها السنوية بنحو 215 مليون دولار أميركي هي قيمة نحو 500 ألف طن من المواد الخام التي تصدرها كندا الى 60 بلداً، فضلاً عن منتجات مضافة القيمة تقدر بنحو 35 مليون دولار سنوياً. وتحظى الحكومة بتأييد خبراء معهد البحث العلمي الكندي الذين يعتقدون أن نظراءهم في معهد الصحة والبحث الطبي في فرنسا، بالغوا في تقدير مخاطر الأسبستوس على الصحة العامة ولم يميزوا بين الأنواع المختلفة لخاماته أو يأخذوا المقاييس الحديثة لاجراءات الصحة والأمان في أماكن العمل بعين الاعتبار. وينطلق موقف المعهد الكندي من تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية منتصف 1996 وأكدت فيه أن توافر اجراءات السلامة المناسبة في أماكن العمل "يقلل في درجة كبيرة" من المخاطر الصحية الناجمة عن استخدام الأسبستوس الزبرجدي في مجال تصنيع المنتجات الاحتكاكية مثل القوابض قرص الحركة والكوابح الفرامل والاسمنت المدعوم. ولاحظ تقرير المنظمة الدولية، الذي شارك في إعداده 140 مركزاً ومعهد أبحاث في الدول الصناعية والنامية وقام بمراجعته خبراء من عشر دول بينها الولاياتالمتحدة والصين والمانيا، ان الأسبستوس الزبرجدي يستخدم على نطاق واسع في العالم ويشكل نحو 95 في المئة من خامات الأسبستوس المتداولة تجارياً. ويعتبر الأسبستوس الزبرجدي أحد الأنواع الثلاثة الرئيسية لخامات الأسبستوس المعروفة أيضاً باسم الأميانت ويتم تعدينه في زهاء 40 بلداً منذ نحو مئة عام، والمنتجون والمصدرون الرئيسيون هم روسياوكندا وكازاخستان والصين والبرازيل وزيمبابوي وجنوب افريقيا. ويصف الخبراء الأسبستوس بأنه أحد أهم اكتشافات العصر الحديث بسبب ما يتمتع به من خصائص متميزة تجعله مادة مثالية لصناعة العوازل الحرارية والكهربائية والمنتجات الاحتكاكية مثل المكابح الفرامل والمقابض قرص السرعة، فضلاً عن نحو ثلاثة آلاف منتج. ويكتسب الأسبستوس خصائصه الفريدة من أليافه الصخرية اللينة التي أدى اكتشاف خطورتها على صحة الانسان في منتصف السبعينات الى قيام جمعيات متخصصة وحملات قوية تطالب بحظر استخدام خاماته ومنتجاته.