بين قبضة المدرب البرازيلي كارلوس البرتو باريرا وعناية الجهاز الاداري، يستعد منتخب السعودية في بلدة سانت مكسيم جنوبفرنسا لنهائيات مونديال 1998 التي ستنطلق بعد اقل من خمسة اسابيع، وفقا لوتيرة معدّة بعناية فائقة هدفها توفير اكبر قدر من التركيز للاعبين وابعادهم عن كل شيء باستثناء كرة القدم. يذكر ان منتخب المملكة سيلعب في النهائيات ضمن المجموعة الثالثة الى جانب منتخبات الدنمارك وفرنساوجنوب افريقيا في 12 و18 و24 حزيران يونيو في لنس وسان دوني وبوردو. المعسكر الاعدادي للاعبين ال28، أو "العيال" كما يحلو للمسؤولين تسميتهم تحببا، نموذجي ودقيق: النهوض ثم الافطار في التاسعة صباحا، وتدريبات اللياقة من العاشرة الى الحادية عشرة والنصف، يتبعها الغداء وصلاة الظهر. ومن الخامسة وحتى السادسة والنصف مساء فترة تدريبية جديدة ثم تناول طعام العشاء والتوجه الى غرف النوم في الحادية عشرة والنصف ليلا. وفي هذا البرنامج اليومي، تمت مراعاة التوازن بين اوقات الراحة واوقات التدريب بحيث يكون اللاعب في حال من الراحة الجسدية والنفسية تسمح له بالاستفادة الى اقصى حد ممكن من توجيهات كارلوس البرتو وملاحظاته. ورغم الوتيرة الروتينية، تطغى على لاعبي المنتخب الذي زارته "الحياة" في فندق "غولف بلازا" اجواء من البهجة والارادة الطيبة. فكل منهم مدرك لاهمية مشاركته في اهم مسابقة في العالم وحريص على ان يحجز مكانه في التشكيلة النهائية وان يكون عند حسن ظن الجمهور السعودي والعربي خصوصا انها المشاركة الثانية للمنتخب في كأس العالم. ولم يخف البعض طبعا اشتياقه لبلده واسرته. الدهمش: التكيف ضروري عن سبب طول مدة المعسكر في سانت مكسيم التي تبلغ نحو شهرين، اوضح رئيس البعثة فهد الدهمش "الهدف هو تعويد اللاعبين على اجواء فرنسا ومناخها، واختبرنا المكان ذاته من قبل فوجدنا فيه الراحة النفسية المطلوبة والاجواء المناسبة". ويتوزع اعضاء البعثة التي تضم ايضا 22 شخصا يشكلون الجهازين الاداري والفني على طبقتين من الطبقات العشر للفندق الواقع على هضبة معزولة تطل على بعض المنازل الصغيرة واشجار الصنوبر. وقد حُولت احدى قاعات الطبقة السادسة الى غرفة للاجتماعات حيث يلتقي اللاعبون للراحة والدروس الخططية التي يلقيها كارلوس البرتو مع الاستعانة باشرطة الفيديو. وهناك قاعة اخرى للصلاة، وثالثة للمعدات والاجهزة الطبية. واشار طبيب المنتخب احمد شاكر الذي يشغل المهمة منذ 10 سنوات "الهدف من وجود الوحدة الطبية المتنقلة هو توفير امكانية المعالجة للاصابات الطفيفة والتحقق من الوضع الصحي للاعب لتدارك اي مشكلة محتملة قبل المباريات". ويسهر الفريق الطبي ايضا على البرنامج الغذائي للاعبين ليتم تحديد عدد السعرات الحرارية اللازمة لكل منهم ونوعية المواد المطلوبة مع التركيز على النشويات والسكريات والالياف. وهناك مع الطبيب اختصاصيان في العلاج الطبيعي وآخران في التدليك فضلا عن طباخ خاص للمنتخب قادر على تقديم المأكولات التي اعتادها اللاعبون منعا للارباكات. العويران.. منقطعون عن العالم مهاجم نادي الشباب سعيد العويران 31 عاما و56 مباراة دولية و24 هدفا اشتهر بالهدف الذي سجله في مرمى بلجيكا في مونديال 1994 وكان الاجمل في البطولة. وعن سبب شهرة اللاعب السعودي في اللعب النظيف قال "لاننا نحاول دائما عدم مخاشنة الخصم وتجنب الحصول على بطاقات صفراء وحمراء اي اللعب بطريقة مثالية الى اقصى درجة ممكنة. وتوجيهات المسؤولين صارمة في هذا المجال". والذي دفعه الى الاحتراف "حبي للعبة منذ الطفولة ثم الموهبة. مارستها في المدرسة ثم طلب مني الانتساب الى نادي الهلال ففضلت نادي الشباب". وعن رأي صاحب القدم اليسرى الطرشاء في المجموعة الثالثة قال "مجموعة قوية لكننا واجهنا عام 1994 مجموعة اقوى وحققنا نتيجة ايجابية. الفرصة متاحة خصوصا ان استعداداتنا الحالية مميزة وان لدينا مدربا من قماشة كارلوس البرتو" الذي اضفى كثيرا من التنظيم على ادائنا فضلا عن الدقة في التحركات وكيفية مواجهة اللعب الاوروبي القاسي ووضعنا في جو كأس العالم فعلا". ويضحك العويران عندما يقول "نحن منقطعون عن العالم ولكن كأس العالم تستحق ذلك. رمينا خلفنا كل شيء وركزنا على التدريبات وحدها". لكن بماذا يفكر العويران قبل بداية كل مباراة؟ يجيب: "بالفوز والتعاون مع زملائي وتطبيق خطة المدرب وافكر ايضا بالمسؤولين عنا وجمهورنا وافضل السبل لتحقيق الامال المعقودة علينا". الثنيان.. العرض والنتيجة وعميد المنتخب الحالي وقائده هو يوسف ناصر الثنيان 34 عاما و87 مباراة دولية و44 مباراة احد رموز نادي الهلال. لاعب وسط ومهاجم ومعشوق جماهير الكرة السعودية. يعالج من الاصابة وتمت تجربته بنجاح في اللقاء الودي امام فريق كان الفرنسي. وقال الثنيان "هدفنا من المعسكر تقديم افضل مستوى ممكن لتشريف الكرة السعودية والعربية. قدمنا نتائج جيدة في المونديال الاميركي ويهمنا ان نقدم نتائج افضل في مونديال فرنسا إن على صعيد العرض او على صعيد النتيجة. اهتمام المسؤولين غير عادي والمدرب لا يحتاج الى تعريف". واعتبر الثنيان ان عام 1994 كان بداية احتراف المنتخب لانه اتاح للاعبين ان يحصروا اهتمامهم بكرة القدم وحدها "في البداية كنا نفكر بالدراسة او العمل ولم تكن كرة القدم مهنتنا الاساسية، وبدل الاهتمام الموزع بتنا متفرغين، وبالتالي صار مستوى اللاعب السعودي افضل ويمكن ان يتصاعد مع زيادة الاحتكاك باللاعب الاجنبي". واوضح الثنيان ان المنتخبات التي سيواجهها المنتخب الاخضر في فرنسا "مشهود لها عالميا وسبقتنا فرنسا والدنمارك الى الاحتراف بسنوات طويلة وسنحاول ان نقدم عروضا جميلة يشهد المتفرج من خلالها بكفاءتنا". ماطر... والسمعة وشارك ابراهيم ماطر الحربي لاعب وسط نادي النصر 23 عاما و47 مباراة دولية في اولمبياد اتلانتا 96 وصار عضوا رئيسيا في المنتخب الاول اي ان مونديال فرنسا سيكون تجربته الكبيرة الاولى. واوضح "الاستعدادات جيدة نركض في المرحلة الاولى يوميا نركز على الناحية الخططية. المباريات الودية لا تعكس عموما ما يمكن ان نفعله في المونديال وهي لتصحيح الاخطاء فقط وليست مقياسا واعتقد ان المواظبة على التدريب فضلا عن الموهبة عنصران اساسيان ساعداني على الانضمام الى المنتخب". وعن تحوله من شخص عادي الى شخصية مشهورة قال ماطر "لا بد للاعب المشهور ان يداري سمعته لانها من سمعة وطنه وان يبدي الحرص على صورته امام جمهوره". المهلل والمدرب وقال مهاجم فريق الشباب فهد المهلل 27 عاما و86 مباراة دولية و26 هدفا ان "ما نتعلمه من كارلوس البرتو فضلا عن الانضباط والتكتيك هو كيف نواجه اللاعبين المحترفين واعتماد اللعب الاسلوب الحديث الذي افتقدناه في غيابه. انه مدرب كبير وجدير بالاحترام. انا متفائل في ظل ما يقدمه الجهاز الفني بقيادة كارلوس البرتو والمعنويات مرتفعة، وآمل في ان نفوز بمباراتنا الاولى لنواصل المشوار". واعترف المهلل بان تفرغه للتدريبات والمباريات ابعده عن اسرته المكونة من سبعة اخوة واخوات "وانا افتقدهم مثلما يفتقدونني واشتاق لبلدي دائما". واوضح المهلل "لا اعرف شيئا عن مستقبلي سوى انني سابقى في مجال كرة القدم". الجابر يطمئن اما مهاجم الهلال ونجمه الاول سامي الجابر 25 عاما و86 مباراة دولية و22 هدفا فرأى بدوره ان المجموعة الثالثة "صعبة جدا وسنواجه الصعوبة بثقة كبيرة. ثم ان مجموعتنا عام 1994 ضمت هولنداوبلجيكا وحققنا نتائج ايجابية فيها". واضاف "من الصعب طبعا ان نتوقع، فالمنتخب الفرنسي يلعب على ارضه ويطمح الى اللقب العالمي للمرة الاولى ويملك لاعبين من مستوى رفيع. لكنني اعرف ان الفرنسيين يحسبون حسابنا. اما الدنماركي فجيد جدا بدوره وهو قادر على انتزاع اللقب كما هو قادر على الخروج من الدور الاول. ولان المنتخب الجنوب افريقي لا يحسب الحساب لشيء فيمكن ان نتوقع منه كل شيء. عموما لا نطمح الى مجرد المشاركة وانما على تحقيق ما يعكس امكاناتنا". ولم ينف الجابر ان تغيير هوية المدربين "اثر على ادائنا لا سيما ان عددا منهم كان مغمورا وتعبنا معه فعلا". وبالنسبة الى كارلوس البرتو "يحمل خبرة واسعة وكفيلة بسد احتياجاتنا خلال كأس العالم. الى ذلك فانه قادر على صهر امكاناتنا في بوتقة واحدة. ان شخصية المدرب مهمة للاعب وقد عانينا الكثير من مدربين لم يقدروا على فرض شخصياتهم وتزويدنا بشيء". وقد افتقد الجابر شهية التهديف في فترة معينة "لكنني استعد قدراتي وما حصل لي امر عادي يحصل لاي لاعب اخر. اطمئن عشاق المنتخب فعلا انني عدت الى وضعي الطبيعي وانا في احسن حال". كارلوس البرتو والمقارنات ولم توفر "الحياة" كارلوس البرتو وهو خبير في الكرة الخليجية بدليل انه قاد منتخبي الكويت والامارات في مونديالي 1982 و1990 وسبق ان درب منتخب السعودية وقاد البرازيل الى احراز كأس العالم 1994. واجاب لدى سؤاله عن بلوغ منتخب السعودية الدور الثاني قبل اربع سنوات وعن قدرته على تحقيق نتيجة افضل بعد اسابيع قليلة "علينا ان نفكر على نطاق واسع ونسعى الى الافضل. ان وصول المنتخب الى الدور الثاني في فرنسا سيكون انجازا وانا لا احب المقارنات. لقد فازت البرازيل بكأس العالم عندما دربته وقد اقيمت على الارض الاميركية حيث الجو دافيء وهذا ما ساعد البرازيليين والسعوديين. اما اليوم فان الامر مختلف، نحن سنلعب في اوروبا وعدد منتخبات القارة العجوز هو 15 من اصل 32. وبالتالي سيكون الوضع اشد صعوبة للمنتخبات غير الاوروبية من دون يعني هذا اننا لا نسعى الى بلوغ ما هو افضل من الدور الثاني. واكد كارلوس البرتو ان عدم بلوغ الدور الثاني لن يكون اخفاقا "قد يكون خيبة امل. فنحن نواجه مجموعة قوية جدا وربما نلعب امام كل منها بطريقة لنسجل نقاطا واعتقد اننا اذا ما حققنا نتيجة جيدة مع الدنمارك سيكبر املنا في بلوغ الدور الثاني مهما كانت نتيجة لقائنا مع فرنسا. يعني هذا اننا اذا لم نهزم الدنمارك سيكون مطلوبا منا الفوز على فرنسا، والاحتمال الثاني اشد صعوبة. ورأى كارلوس البرتو ان الاسلوب الاوروبي يعتمد الى حد كبير على القوة الجسدية "اما ما نحبه في البرازيل اكثر من اي شيء آخر فهو حيازة الكرة والاحتفاظ بها، لذا فان اسلوب البرازيليين لا يتسم بالسرعة خلافا للاوروبيين". وقال كارلوس البرتو عن اللاعب السعودي "ميزته الاساسية هي اداؤه التقني، فهو على غرار البرازيليين والارجنتينيين يتمتع بالكرة وملاعبتها بابداع". وغاب التقني البرازيلي عن المنتخب السعودي طويلا "وعندما عدت وجدت ان لاعبيه صاروا اكثر احترافا على ما كانوا عليه من قبل، ووصولهم الى كأس العالم خير دليل على صحة ما اقول. وما وجدت ايضا انه صار معروفا ومحترما في العالم كله. وهذا تطور اساسي".