مدينة الخطيئة    «أونروا» جاهزة لتعبئة ستة آلاف شاحنة بالمساعدات الغذائية والدوائية لقطاع غزة    ميندي: الأهلي يمتلك عقلية حصد البطولات    اتحاد الكرة: استئناف الهلال قابل للطعن أمام التحكيم الرياضي    الإدارة العامة للمرور تؤكد جاهزيتها لتنفيذ الخطة المرورية مع بدء العام الدراسي    محمد أسد بين النسخة الأوروبية والتجديد الإسلامي    عن المقال وتأثيره    وزارة الشؤون الإسلامية واثقة الخطوات    نائب أمير الشرقية يعزي الشيخ عبدالرحمن الدوسري في وفاة شقيقه    موهبة برتغالية رائعة على رادار الاتحاد    استعداداً للموسم الجديد.. الهلال يتغلب على الفيحاء برباعية    الألعاب النارية تسطع في سماء بريدة تزامناً مع كرنفال التمور    مستشفيات تجمع القصيم الصحي تفتح أبوابها للمتبرعين    أجراس المدارس تعلن بداية عام دراسي مليء بالجد والاجتهاد    ثلث الألمان يخشون فقدان وظائفهم بسبب الذكاء الاصطناعي    روسيا تعلن السيطرة على قريتين في منطقة دونيتسك الأوكرانية    الفائزون في مسابقة الملك عبدالعزيز للقرآن: المنافسة قوية والفرحة عظيمة.. وشكراً لقيادة المملكة    الناقد والمعماري القاسي    وزير الصحة يختتم زيارته إلى نيوزيلندا    6808 قضايا نفقة خلال شهرين.. المحاكم تنصف المطلقات وتحمي الأبناء    65 ألف مستفيد من الدورات الصيفية بمكة المكرمة    المفتي: أيها المعلمون عليكم مسؤولية وأمانة في أعناقكم    أبو فلان ضيع الخلان    دعوة المتخصصين والمهتمين للتسجيل في مؤتمر القلب العالمي 2025    المرور يُعلن جاهزيته لتنفيذ خطة مرورية شاملة مع إنطلاق العام الدراسي    أحلام تحيي قرطاج وفاء لذكرى    البطيخ والشمام لمرضى السكري    الأسباب الشائعة لتشوه الأظافر    أمير المدينة المنورة يتبرع بالدم    كارثة غزة: الموت يلاحق السكان والمجاعة تتكشف وسط نفي إسرائيلي    تفاقم أزمة سوء التغذية في جنوب كردفان    الجمعية التعاونية السياحية تنظم جولة لزيارة فعاليات معرض اللومي الحساوي    مركز الملك سلمان للإغاثة يواصل توزيع المساعدات الغذائية في قطاع غزة    جمعية سفراء التراث تنظم أمسية "ذاكرة الرياض" بالتعاون مع أمانة منطقة الرياض    1469 حالة ضبط للممنوعات بالمنافذ    النقل: يجب الالتزام باشتراطات السلامة في حافلات نقل الطلاب    مؤسسة في قطاع السيارات تسرق الكهرباء من مسجد    الصحة القابضة والتجمعات الصحية تبدأ في استقبال المتبرعين بالدم    وزير الرياضة يكشف خطط السعودية لصناعة جيل جديد من الأبطال    إيقاف فعاليتين ترفيهيتين في الرياض    أمير حائل يهنئ الطلاب والطالبات ببدء العام الدراسي ويؤكد دورهم في تحقيق رؤية 2030    البرتغال: 1331 وفاة بسبب موجة الحر    إرادة الدمام يفعّل مبادرة "مُضئ" لاكتشاف مهارات ومواهب النزلاء    صندوق الاستثمارات العامة يطلق النسخة الجديدة من منصة ATP Tennis IQ    سوق سوداء لبيع بيانات الأفراد الشخصية    75 ألف ريال حصيلة بيع صقرين في الليلة السابعة للمزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025    "الحمد" : يقترح على معالي المستشار تركي آل الشيخ إضافة بطولة الأمراء الستة على هامش بطولة الملوك الستة    نيّار للتسويق وجادة 30 تنظمان لقاءً نوعيًا حول تجربة العميل في عسير    بر الشرقية تطلق البرنامج التدريبي لمبادرة "اغرس وارتزق"    لجنة الإعلام والتوعية المصرفية تنظم محاضرة عن دعم وتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة    يايسله: الأهلي بحاجة لهذا اللقب    أحداث تاريخية في جيزان..انضمام جازان للحكم السعودي    محافظ الخرج يرفع الشكر لسمو ولي العهد على إطلاق الحملة الوطنية السنوية للتبرع بالدم    قصة كلمة خادمنا من الملك سلمان إلى أمير عسير    أقرت مشروعًا استيطانيًا شرق القدس.. إسرائيل تبدأ المرحلة التمهيدية لاحتلال غزة    محافظ الدرب يستقبل رئيس وأعضاء جمعية علماء    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير مطار الأمير سلطان بن عبدالعزيز الدولي    أشاد بدعم القيادة.. أمير الشرقية يطلع على مشاريع الطاقة الصينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتفاقية ايرلندا الشمالية . أعقد حل سياسي في تاريخ المسألة
نشر في الحياة يوم 21 - 04 - 1998

لم تحصل ايرلندا الشمالية بموجب اتفاق العاشر من نيسان ابريل الجاري على الاستقلال، ولم تبق متحدة مع بريطانيا، ولم تتحد او ترتبط مع الجمهورية الايرلندية ارتباطاً كاملاً، وبقي وضعها الدستوري غير واضح، ليست ملكية، وليست جمهورية، بل مقاطعة ذات نظام سياسي خاص في غاية التعقيد، ينص على اقامة مجلس تمثيلي صلاحياته أقل من المجلس النيابي في سلطة التشريع، ومشكل من 108 أعضاء، ستة منهم ينتخبون لدائرة انتخابية وفق نظام اقليمي في المناطق الانتخابية المعتمدة 18 مقاطعة لانتخاب نواب مجلس العموم في حزيران يونيو المقبل. وما يتمتع به المجلس من سلطة تشريعية ينحصر في ادارة المؤسسات الرسمية في مجالات مثل الزراعة والتعليم. وابرز مسؤولياته تعيين مجلس وزاري ينظم التعاون بين جنوب الجزيرة الايرلندية وشمالها في عدد من القضايا المحددة، مؤلف من 12 عضواً برئاسة الوزير الأول وهو بمثابة رئيس الوزراء ونائبه. ويرجح حسب الأكثرية ان يكون ديفيد ترمبل رئيس الحزب الأكبر، وهو حزب اتحاد الستر، وان يكون نائبه جون هيوم رئيس الحزب الديموقراطي الاشتراكي.
ويجب ان ينجز المجلس مهمته خلال سنة يعتبر منحلاً بعدها اذا لم ينجح في تعيين مجلس التعاون. وسيلتقي وزراء المجلس التمثيلي مع وزراء جمهورية ايرلندا، مع ست هيئات تقوم بتنفيذ قرارات الوزراء والمجلس التنفيذي في تشرين الاول اكتوبر المقبل، وإذا لم ينجح في ذاك فسوف يحلّّ. ويقرر المجلس التمثيلي صلاحيات مجلس الوزراء.
يختار المجلس التمثيلي من اعضائه مجموعة تشارك في المجلس البريطاني - الايرلندي، المختار من الحكومتين البريطانية والايرلندية وهيئات من ويلز وسكوتلندا. وستقوم الحكومة الايرلندية يموجب الاتفاق بالغاء المادتين الثانية والثالثة في دستور الجمهورية الايرلندية وتنصان على تبعية ايرلندا الشمالية للجمهورية، وستلغي بريطانيا قانون ايرلندا الشمالية الصادر سنة 1920. وستخفض الحكومة البريطانية عدد قوات الشرطة والقوات المسلحة في ايرلندا الشمالية وتزيل كل المعدات والمواقع الأمنية. وستقوم الاطراف الموقعة للاتفاق بتسليم الاسلحة والتعاون مع مفوض دولي مستقل ينظم عملية التجريد من السلاح. وأخيراً، ستشكل مفوضية مستقلة لشرطة ايرلندا الشمالية في المستقبل.
يبدو واضحاً من الاتفاق أن السلطات التشريعية والتنفيذية موزعة ومتشابكة بين عدد من المجالس والهيئات، تشارك في بعضها الحكومتان البريطانية والايرلندية، من دون تحديد آلية حل الاشكالات الدستورية، إلى الهيئات صاحبة السلطة الأعلى. ويعني هذا ان الاتفاق ليس نهاية المطاف في ايرلندا الشمالية دستورياً وتشريعياً، بل هو بداية طريق، امكن الوصول اليه لاعتبارات غلبت فيها الضرورات الأمنية والسياسية، لإنهاء العنف.
ومع ان غالبية الأطراف أكدت أنه لا يمكن ولا يجب النظر الى الاتفاق من منظور غالب ومغلوب، بل من منظور الكسب المشترك لتحقيق الامن والاستقرار، فان المحصلة تحقق مكتسبات سياسية لطرف أكثر من الآخر، ان لم يكن على صعيد تحقيق الهدف المعلن لحكومة أو حزب، فعلى الأقل الحيلولة دون تحقيق هدف الطرف الآخر.
وتلخص أهداف الاتحاديين في بقاء المنطقة متحدة مع بريطانيا، أو استقلالها، وبما ان ذلك مرفوض من الجمهوريين، تحول الهدف الى عدم اتحاد ايرلندا الشمالية مع شقها الجنوبي الممثل في الجمهورية الايرلندية، وهذا ما حققه الاتفاق الجديد. إضافة إلى أن الصلاحيات الممنوحة للمجلس المشترك البريطاني - الايرلندي ستحدّ من حرية المجلس التمثيلي مهما اختلفت نسبة التمثيل فيه في المستقبل. ويمكن للمراقب استشفاف أبعاد عدة من قول زعيم اتحاد الستر ترمبل بقوله: "اننا ننهض من خلف هذه المنضدة ووضع الاتحاد أقوى مما كان قبل الجلوس". وقال الجمهوريون: "نوقع هذا الاتفاق والبعض مشكك، والأكثرية يحفزها الأمل، وتساءل هل يوفر الاتفاق فرصة للتقدم إلى الأمام"؟ أي أن الجمهوريين وحزب "الشن فين" في المقابل تمتعا بنصر معنوي يتجلى في دعم شعاراتهما التي تؤكد استعدادهما للحوار في ظل نظام ديموقراطي لا يمارس فيه الاتحاديون فوقية واستئثاراً بالسلطة والمكتسبات.
ومع صعوبة اقناع الأجنحة العسكرية المتطرفة فيه، فإنه بنجاحه في تحقيق ذلك، يكون وكأنه ترك أمر توحيد ايرلندا والانضمام للجمهورية للمستقبل، مبرهناً انه مستعد للعمل للمدى الطويل، وهذا دعم لصدقيته. ولعله بمرونته يراهن على نجاح هذا النظام السياسي والتشريعي الفريد من نوعه في العالم، بتشابكه وتعقيداته، الذي يوزع مسؤوليات نجاحه أوفشله بين الجميع، كما يراهن على التغييرات السكانية، إذ يتمتع الكاثوليك بنسبة مرتفعة في الولادات والزيادة السكانية، يساعد فيها الازدهار الاقتصادي المأمول في ظل الاستقرار والامن.
ويقود التدقيق في بنود الاتفاق البالغة 69 صفحة الى استشفاف نوع من التفاهم غير المعلن الذي يصلح لاضاءة الجوانب الغامضة، او اعتبار حسن النية والرغبة الصادقة بالسلم كفيلان بتجاوز العقبات وايجاد الحلول، وهذا ما يعبر عنه مصطلح انشاء "بنية سياسية" جديدة تنهي ثلاثين سنة من اراقة الدماء ادت الى 3200 ضحية.
يبرز في الجدول الزمني لتطبيق الاتفاق، إضافة إلى مهلة السنة لتعيين المجلس الحكومي المشترك، مهلة ستة شهور وعد بها رئيس الوزراء طوني بلير، ينظر بعدها الى مدى نجاح تغييرات المناصب الحكومية التي وعد بأن تتم باتفاق الطرفين الاتحادي والجمهوري، ومن ثم عزل الاشخاص الذين ليسوا اهلاً لتحمّل المسؤولية. وتمضي الاجراءات كلها على ارضية ديموقراطية تتجلى في استفتاء المواطنين في الشمال والجنوب في 22 أيار مايو المقبل، بعد ان يراجع نص الاتفاق الذي سيرسل إلى كل بيت في ايرلندا الشمالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.