"سوسيولوجيا الحداثة" موضوع رسالة للدكتوراه ناقشها الباحث مهدي مبروك في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة التونسية، والسؤال المركزي الذي انطلق منه البحث هو: هل لعلم الاجتماع الشرعية الابستمولوجية لتناول مسألة الحداثة؟ قال مبروك: كنت أعي مسبقاً التحفظات الأكاديمية على أحقية علم الاجتماع بتناول مسألة الحداثة والتي تطرح عادة من رؤى فلسفية وحضارية، ولذا خصصت مدخلاً يتكفل ببناء الشرعية الأكاديمية لهذا البحث، وأوضح أن الحداثة كظاهرة لا يمكن أن تكون حكراً على علم معين، لأنها مجال تتقاطع فيه العديد من التخصصات السوسيولوجيا، الفلسفة، التاريخ، القانون، الجماليات، الاقتصاد. وأشار إلى أنه حاول الإحاطة قدر الامكان بمختلف هذه الأبعاد لأنه لا يمكن مثلاً أن نتحدث عن الدولة كعامل للحداثة من دون التعرض للجانب القانوني التشريعي للدولة، كما لا يمكن تناول ظاهرة الحداثة من دون الإلمام بالجانب الاقتصادي، لأن نشأة السوق والانتاج والتبادل كانت عناصر حاسمة في تجسيد الحداثة. وحول تجربة الحداثة العربية يقول الباحث إنها ما زالت مشروعاً في طور التبلور، لم يكتمل بعد على الرغم من أن هاجس الحداثة كان مبكراً في البلاد العربية. ويعزى ذلك في رأيه إلى عدد من العوامل ذات الصلة بالخصوصية التاريخية وبأوضاع المجتمعات العربية لحظة الصدام مع الغرب ومن أبرزها: - غياب فئات اجتماعية قادرة على تأسيس الحداثة كمشروع اجتماعي واقتصادي. - غياب الدولة عن مسار الحداثة وتركيزها على الشأن السياسي للتصدي للأطماع، بخلاف التجربة الغربية التي نشأت فيها الحداثة من رحم المجتمع الغربي وتناقضاته وصراعاته، وكذلك الحداثة اليابانية التي كانت ثمرة انخراط النخبة اليابانية في السياق التاريخي للحداثة. وهذا المعطى كان له أثره في المراحل اللاحقة في العالم العربي، فاليوم، وبعد مرور قرنين على المحاولات النهضوية الأولى، نجد ان المجتمع العربي لم يحقق حداثته لأسباب تتعلق بالدولة والأسرة في شكلهما التقليدي