فوجئت ممرضة الدكتور ندي حكيم قبل أيام حين دخلت عيادته في شارع هارلي ستريت في لندن امرأة فرانكشتاين. اقتحمت المرأة ذات الملامح الدموية المرعبة غرفة حكيم، وبدلاً من الصراخ وطلب النجدة ضج حكيم بالضحك، وهو يرفع رأس فرانكشتاين الذي ترتديه المرأة لتظهر تحته مريضته الأميركية الحسناء التي أجرى لها عملية زرع بنكرياس ناجحة. هذه واحدة من مداعبات كثيرة يتعرض لها الجراح اللبناني الشاب الذي تلاحقه الصحافة والتلفزيون منذ نجاح عملية زرع ذراع بشرية قام بها الشهر الماضي. زرع الوجوه "إذا كان من الصعب عليك تقّبل فكرة زرع ذراع فحسبك الانتظار...". بهذه العبارة استهلت مجلة "نيوساينتست" افتتاحيتها، التي استعرضت فيها النقاشات حول أخلاقيات زرع ذراع بشرية والمنافسات التي أثارتها بين الجراحين الأوروبيين والأميركيين. وذكرت المجلة العلمية البريطانية أن نجاح العملية يعني أن الجراحين استطاعوا التوصل مرة واحدة الى حلّ مشاكل زرع العضلات والأعصاب والعظام والجلد من دون اثارة رفض الجسم. وذكرت "نيوساينتست" في الافتتاحية التي اختارت لها عنواناً مفارقاً "في وجهك" أن عملية زرع الأعضاء قد تستفز المشاعر، عندما تتعلق بزرع وجه لشخص فقد وجهه في حادث. وقد لا يحتمل بعض الأشخاص فكرة لقاء شخص يلبس وجهاً منتزعاً من جثة ميت. وسيكون من الصعب جداً اقناع عائلة بالتبرع بوجه فقيدها. وكيف يشعر الأشخاص عند رؤية وجوه أحبتهم مزروعة في رؤوس غريبة؟ الأمر بالغ الحساسية في ما يتعلق بالشفتين اللتين تملكان خصوصية معينة. وتتساءل "نيوساينتست" هل تقوم منافسات ومعارك لأجل اقتناء وجه نجم أو نجمة سينمائية مفضلة؟ وهل تظهر أسواق لبيع الوجوه الشابة الى العجائز الأثرياء؟ استنساخ الوجوه؟ وتعتقد المجلة العلمية أن النجاحات التي تحققها جراحة التجميل حالياً قد تجعل الأسئلة الأخلاقية حول زرع الوجوه لا محل لها. ما معنى التساؤل مثلاً عن وجه المطرب مايكل جاكسن، الذي تحول من الأسود إلى الأبيض بعد عملية تبييض البشرة؟ ولا يستبعد أن ينتج علم الاستنساخ في القرن المقبل مختلف أنواع "قطع الغيار" البشرية من القلب والكبد وحتى الوجه والعين. في تعليقه على هذه التوقعات يبدي الدكتور حكيم رأيا متواضعاً. فهو يرى أن التقدم في مجال الاستنساخ يقتصر حالياً على تنمية أعضاء شبيهة في الشكل فقط للأعضاء الأصلية. ويستبعد استخدام الخلايا لتنمية قلوب أو كلى أو أطراف تقوم بوظائفها الكاملة.