تحت حصار خانق وإغلاق كامل للمعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، وسط تصعيد غير مسبوق في القصف الجوي والمدفعي، وارتكاب مجازر بحق المدنيين، في ظل صمت دولي مطبق. فجر أمس، استهدفت طائرات إسرائيلية مستشفى ناصر في مدينة خانيونس جنوبي القطاع، ما أسفر عن استشهاد الصحافي حسن إصليح، بينما كان يتلقى العلاج من حروق أصيب بها في قصف سابق. وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، ارتفع عدد الصحافيين الذين استشهدوا منذ بدء العدوان إلى 215 صحافيا. وفي حصيلة جديدة لتصعيد الاحتلال خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، أفادت مصادر طبية باستشهاد 42 فلسطينيا، بينهم نساء وأطفال، من بين الضحايا، 15 شهيدا سقطوا في غارتين إسرائيليتين استهدفتا مدرسة تؤوي نازحين في منطقة جباليا البلد شمال القطاع. وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن شهداء غزة يشكلون 34 % من مجموع الشهداء الفلسطينيين منذ نكبة عام 1948، في إشارة إلى حجم الكارثة الإنسانية المستمرة في القطاع. في السياق السياسي، رفض الأسير الإسرائيلي – الأميركي عيدان ألكسندر، الذي أفرجت عنه حماس مؤخرا، لقاء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، موجها في المقابل رسالة شكر للرئيس الأميركي دونالد ترمب. وفي تحرك دبلوماسي لافت، حث المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، خلال لقاءاته مع نتنياهو والقيادة الإسرائيلية، على استغلال "نافذة الفرص" خلال الأيام المقبلة للتوصل إلى اتفاق يشمل وقف الحرب وتبادل الأسرى. استجابة لهذا الضغط، أعلن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية عن إرسال وفد تفاوضي إلى العاصمة القطريةالدوحة، مع التشديد على أن "المفاوضات ستُجرى تحت النار"، في إشارة إلى مواصلة العمليات العسكرية بالتوازي مع التفاوض. ويعتزم الوفد التفاوضي الإسرائيلي البقاء في العاصمة القطريةالدوحة حتى يوم الخميس، تزامنا مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للدوحة، بحسب ما أفادت به وسائل إعلام إسرائيلية. وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، اتفق مع المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، على إبقاء الوفد في قطر لإتاحة الوقت اللازم لإمكانية الدفع باتجاه اتفاق جديد لوقف إطلاق النار. وتأتي هذه التحركات عقب إفراج حماس الإفراج عن الأسير الأميركي عيدان ألكسندر، في خطوة وصفت بأنها نتيجة مفاوضات مباشرة ونادرة بين الحركة والإدارة الأميركية، بمعزل عن الجانب الإسرائيلي. وكشف مصدر مطلع على هذه المباحثات لشبكة "سي إن إن" أن الإفراج عن ألكسندر قد يفتح الباب فورا أمام مفاوضات أوسع لإنهاء الحرب في قطاع غزة. وهددت إسرائيل، وفق بيان صادر عن مكتب نتنياهو، بأن المفاوضات ستجرى تحت النار، في إشارة إلى استمرار القصف المكثف على قطاع غزة. كما أشار البيان إلى أن خطط تصعيد العمليات العسكرية في غزة لا تزال قائمة، لكن تنفيذها سيرجأ حتى ما بعد زيارة ترمب، في محاولة لمنح جهود الوساطة فرصة لتحقيق تقدم في ملف التهدئة. من جهتها، أعربت حماس عن استعدادها للشروع فورا في مفاوضات تهدف إلى وقف شامل ودائم لإطلاق النار، إلى جانب انسحاب جيش الاحتلال من القطاع، ورفع الحصار، وتبادل الأسرى، وإعادة إعمار غزة. وأكد المتحدث باسم حماس جهاد طه، أن حماس تأمل أن تكون خطوة الإفراج عن ألكسندر مدخلاً إلى اتفاق أوسع، ودعا إدارة ترامب إلى مواصلة الضغط لإنهاء الحرب الوحشية التي يقودها نتنياهو ضد المدنيين العزل في غزة. الأممالمتحدة قال متحدث الأممالمتحدة ستيفان دوجاريك، إن عدد الوجبات اليومية المقدمة للمواطنين في قطاع غزة انخفض هذا الأسبوع 70 بالمئة، مقارنة بالأسبوع الماضي. وشدد في تصريحات خلال مؤتمر صحفي بمقر الأممالمتحدة في نيويورك، أمس، على أهمية دخول الفرق الأممية إلى غزة وتحديد احتياجات المواطنين ميدانيا. وأشار إلى أن عدد الوجبات اليومية في قطاع غزة انخفض من 840 ألف وجبة الأسبوع الماضي إلى 260 ألفا، أي بتراجع 70 بالمئة. وأكد دوجاريك أن المساعدات الإنسانية لا تقتصر على الغذاء فقط. وأشار إلى ضرورة تقديم خدمات المياه والصحة والتغذية والتعليم والحماية بشكل مباشر للفلسطينيين بقطاع غزة. وحذر المتحدث الأممي من أن الوقود بدأ ينفد في منشآت الصحة والمياه داخل قطاع غزة الذي تواصل إسرائيل حصاره المشدد منذ مارس الماضي. وأضاف: الرعاية الصحية في غزة باتت على حافة الانهيار، إذ تواجه المستشفيات أعدادا كبيرة من الجرحى في ظل نقص حاد في المستلزمات الأساسية والمعدات والدم والكوادر الطبية. وكانت منظمة الصحة العالمية قد قالت في وقت سابق، إن منع الوصول الفوري إلى الغذاء والإمدادات الأساسية في قطاع غزة يتسبب في "مزيد من الوفيات والانزلاق إلى المجاعة". وأشارت إلى تحليل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) ، والذي تحدث عن مواجهة 470 ألف مواطن في غزة "مستويات كارثية من الجوع (المرحلة الخامسة من التصنيف)"، ويعاني كل السكان كافة انعدام الأمن الغذائي الحاد. ولفت التقرير المذكور، أيضا، إلى توقعات باحتياج نحو 71 ألف طفل وأكثر من 17 ألف أمّ إلى علاج عاجل جراء سوء التغذية الحاد. كما دعت منظمة الأغذية والزراعة "الفاو"، وبرنامج الأغذية العالمي، واليونيسف، إلى فتح المعابر والسماح الفوري بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، محذرين من خطر المجاعة الوشيك، والانهيار الكامل للقطاع الزراعي، وارتفاع معدلات سوء التغذية والوفيات، نتيجة الحصار المستمر وحرمان السكان من الغذاء والمياه والرعاية الصحية. تصعيد خطير بدعم حكومي إسرائيلي ندّد خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري، بمحاولة جماعات استيطانية متطرفة إدخال وذبح "قرابين" داخل ساحات المسجد الأقصى، محذرًا من خطورة هذا التصعيد الذي وصفه بأنه "محاولة إسرائيلية مكشوفة لفرض واقع جديد في المسجد المبارك". وفي بيان رسمي، اعتبر صبري أن ما جرى يمثل "عملًا خطيرًا للغاية وتواطؤًا واضحًا من الحكومة الإسرائيلية مع الجماعات المتطرفة"، بهدف فرض تغييرات على هوية المسجد الأقصى. وأضاف أن "هذه الخطوات الاستفزازية تتجاوز كل الخطوط الحمراء، وأي إجراء بدعم من الاحتلال لتغيير واقع الأقصى مرفوض جملة وتفصيلًا، وسيواجهه الفلسطينيون كما فعلوا دائمًا". وأكد الشيخ صبري أن المسجد الأقصى "أمانة في أعناق الأمة الإسلامية جمعاء، إلا أن الشعب الفلسطيني يتحمل مسؤولية الدفاع عنه وحده اليوم، رغم النكبات والتخاذل العربي والإسلامي". وشدد على أن الفلسطينيين "ضحّوا للحفاظ على الأقصى، ولن يسمحوا بأي وجود لغير المسلمين فيه". وحذّر صبري من تداعيات هذا التصعيد، محملًا سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن ما قد يترتب على هذه الخطوات الاستفزازية. وقال إن "الأمن الإسرائيلي هو من سهّل وصول المتطرفين إلى محيط المسجد، ومن غير الممكن تصور أن يتم التخطيط لذبح القربان دون علم مسبق من الأجهزة الأمنية". وأكد أن ما جرى "يصب الزيت على النار"، داعيًا إلى تحرك عربي وإسلامي عاجل لوقف ما وصفها ب"الانتهاكات الصارخة بحق المسجد الأقصى والمصلين فيه"، معتبرًا أن الاحتلال ينتهج سياسة عنصرية ممنهجة تقوم على منع المسلمين من الوصول إلى الأقصى، مقابل فتحه يوميًا أمام المستوطنين لأداء طقوس تلمودية، في انتهاك واضح للوضع القائم والقوانين الدولية. وأشاد خطيب المسجد الأقصى بحراس المسجد والمصلين الذين تصدّوا لمحاولة إدخال القربان، مؤكدًا أن الجماعات الاستيطانية المتطرفة تحظى بدعم رسمي وتحريض مستمر على قتل العرب وهدم المسجد الأقصى. ويأتي هذا التحذير بعد تداول مقطع فيديو يُظهر أربعة مستوطنين يقتربون من باب الغوانمة، أحد مداخل المسجد الأقصى من الجدار الغربي، حيث تمكن أحدهم من الإفلات من عناصر شرطة الاحتلال والركض باتجاه المسجد، قبل أن يتم توقيفه من قِبل أحد حراس المسجد وتسليمه للشرطة. وقد أوقفت شرطة الاحتلال ثلاثة مستوطنين آخرين كانوا برفقة المستوطن الذي حاول التسلل، دون أن يتضح ما إذا تم اعتقالهم أو الإفراج عنهم لاحقًا. وسبق أن حاولت جماعات استيطانية خلال أبريل الماضي إدخال "قرابين" بمناسبة عيد الفصح اليهودي، ما أثار غضبًا واسعًا في القدسالمحتلة. ومنذ عام 2003، تسمح شرطة الاحتلال للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى بشكل أحادي من باب المغاربة، وتتم هذه الاقتحامات على مدار أيام الأسبوع باستثناء الجمعة والسبت، وسط حماية ومرافقة مشددة من قوات الاحتلال. وتطالب دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، بوقف هذه الاقتحامات بشكل فوري، في ظل تصاعد الانتهاكات التي تشمل أداء طقوس دينية يهودية داخل المسجد، في خرق فاضح للوضع التاريخي والقانوني القائم. مشروع قانون يسمح للمستوطنين بشراء أراض بالضفة وداخل البلدات الفلسطينية. تجري لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، مداولات حول مشروع قانون بعنوان "إلغاء التمييز في شراء أراضي في يهودا والسامرة"، الذي يسمح للمستوطنين بشراء أراضي في الضفة الغربيةالمحتلة، وبضمن ذلك أراضي داخل المدن والبلدات الفلسطينية، وبإقامة مستوطنات بدون إشراف السلطات الإسرائيلية، حسبما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت". وقدم أعضاء كنيست من أحزاب الائتلاف مجموعة كبيرة من مشاريع القوانين التي تهدف إلى تحويل مخطط ضم الضفة إلى أمر واقع، فيما تتركز الأنظار على حرب الإبادة في غزة، وفي ظل توتر العلاقات بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية. ويتوقع أن يجري في الكنيست،الاربعاء، بمشاركة وزير الطاقة، إيلي كوهين، البحث في ربط المستوطنات في الضفة الغربية بشبكة الغاز الطبيعي الإسرائيلية. وصادقت لجنة القانون والدستور في الكنيست، الأسبوع الماضي، على مشروع قانون يقضي باستخدام عبارة "يهودا والسامرة" كتسمية رسمية للضفة الغربية في كافة القوانين الإسرائيلية، بهدف شرعنة الاستيطان، وذلك تمهيدا للتصويت عليه بالقراءة الأولى. وهناك مشروع قانون يقضي بنقل المسؤولية عن الحفريات في المواقع الأثرية والتاريخية في الضفة الغربية من الجيش الإسرائيلي إلى سلطة الآثار الحكومية الإسرائيلية. وذكرت صحيفة "هآرتس"، اليوم، أن إسرائيل بدأت بتنفيذ حفريات في الموقع الأثري في بلدة سبسطية الفلسطينية في الضفة. ويقضي مشروع قانون آخر بتجميد أموال في مستحقات المقاصة، وهي الضرائب والجمارك التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية، بادعاء أنها تعويضات عن سرقة سيارات إسرائيلية. وصادق الكابينيت السياسي – الأمني الإسرائيلي، الأحد الماضي على قرار يقضي بتسجيل حقوق ملكية أراضي في المناطق C في الضفة الغربية، لأول مرة منذ العام 1967، وبشكل مناقض للقوانين الدولية المتعلقة بالاحتلال، وسيؤدي إلى نهب أراضي فلسطينيين يواجهون صعوبة في إثبات ملكيتهم لأراضيهم. ويقضي القرار بتسجيل حقوق ملكية على أراض في الطابو، في نهاية إجراءات ترسيم خرائط ونظر سلطات الاحتلال في مطالب حول الملكية. وتسجيل الملكية في الطابو هو إجراء نهائي ومن الصعب الاستئناف عليه، وفي إطار هذه الإجراءات فإن أي أرض ليس مسجل عليها حقوق ملكية تنتقل إلى سلطات الاحتلال. كذلك أوعز الكابينيت لجهاز الأمن الإسرائيلي بأن يلجم "بأي وسيلة" إجراءات موازية بدأت السلطة الفلسطينية بتنفيذها. وقال وزير الأمن، يسرائيل كاتس، الذي بادر إلى القرار مع وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، إن هذا القرار "سيعزز المستوطنات". وجاء في بيان صادر عن كاتس وسموتريتش أنه "في إطار هذا المقترح سيتقرر أن إجراءات التسوية (تسجيل الأراضي) التي تنفذها السلطة الفلسطينية في المناطق C تتم بدون صلاحية، ونتائجها التي تشمل وثائق وخرائط وتسجيلات وتصاريح ستكون بلا صلاحية قانونية أو مكانة في أي إجراء رسمي في دولة إسرائيل". وادعى كاتس أن "القرار يلغي محاولات السلطة الفلسطينية للسيطرة على الأراضي في المناطق C وستؤدي بقيادة وزارة الأمن إلى تسوية تسجيل الأراضي في يهودا والسامرة". وزعم كاتس أن "الحرب أثبتت أن الاستيطان في يهودا والسامرة هو السور الواقي للتجمعات السكانية الإسرائيلية في وسط البلاد، وعلى دولة إسرائيل أن تفعل كل ما بوسعها من حماية وتعزيز من يدافع عن بلدات وسكان إسرائيل". متظاهرون إسرائيليون اقتحامات المستوطنين للأقصى