ما يحدث في الملاعب السعودية امر يدعو الى الدهشة حقاً، فبعد موجة الاقالات التي طالت اكثر من سبعة مدربين لفرق الدوري السعودي لكرة القدم يخيم الهدوء التام على مسألة إقصاء المدربين الذين يعيشون في مأمن واضح. ويبدو ان نفحات شهر رمضان الكريم قد ألقت بظلالها على حركة المدربين وابعدتهم ولو موقتاً عن المصير الذي يلاقيهم عند اي خسارة. ويعزو النقاد الامر الى ان سبب الاقصاء قد زال، بعدما اعلنت الفرق عن اقصاء مدربيها في المراحل الاولى من الدوري بعدما تبين لها ان المدربين لن ينجحوا في السير بفرقهم نحو المربع الذهبي. وغالباً ما يكون المدرب هو الضحية اذ لا مجال لابعاد اللاعبين او الاداريين. ويصف محمد البكر مسؤول القسم الرياضي بجريدة "اليوم" والمعلّق الرياضي موجة الاقالات بأنها ظاهرة معروفة حتى في الاندية الاوروبية، وعادة ما تكون في المراحل الاولى من البطولات. اما حمود السلوة مساعد مدرب المنتخب السعودي للشباب فيقول: "ان الظاهرة لا تعود بالضرورة لأسباب فنية تتعلق بفكر ومنهج المدرب لكنها في الغالب تكون مرتبطة بالنتائج". ويتساءل السلوة هل المدرب هو السبب الاول والمباشر في اخفاق الفريق وتردي مستواه، ونتائجه؟ ويرد البكر بقوله: "ان ادارات الاندية تتأثر بالضغوط الجماهيرية وبالتالي ليس امامها الا المدرب…". وعن عدم اقصاء الاداريين يقول البكر: "القيادة لا تتخلى في وقت الحرب وهو من اكبر الاخطاء من الناحية العسكرية لكنها قد تنسحب بعد انتهاء المعارك، والامر ينطبق على ادارات الاندية". وعما اذا كان ابعاد المدرب في الاندية السعودية هو بمثابة صكّ فشل للمدرب المبعد ينفي السلوة الامر جملة وتفصيلاً، ويقول: "ان مسألة النجاح والفشل بالنسبة للمدرب تكون احياناً مرتبطة بمناخات العمل التي يتأثر بها، وتكون مرتبطة بنوعية اللاعبين وحجم استعدادهم وقدراتهم". ونفى السلوة ان يكون هناك مدرب ناجح طوال حياته او مدرب فاشل ومثال ذلك "المدرب الفرنسي هنري ميشيل الذي لم يكتب له التوفيق مع نادي النصر السعودي وتم ابعاده بطريقة غريبة! ولكنه يقود المنتخب المغربي بكل نجاح". واذا كان السلوة قد ضرب على سبيل المثال المدرب ميشيل فإن القائمة تعجّ بأسماء مدربين لهم سمعتهم الدولية ويأتي على رأسهم المدرب البلغاري بنيف الذي نجح مع منتخب بلاده في نهائيات كأس العالم 94 نجاحاً باهراً لكنه لقي المصير نفسه الذي لقيه هنري ميشيل مع النصر. ويتصدر بنيف القائمة لأنه الاشهر لكن هناك العديد من الاسماء التي ذهبت غير مأسوف عليها على حدّ رأي الاندية السعودية امثال الهنغاري دونوفاك مدرب الاتحاد، والفرنسي كيفالي مدرب الرياض، والسلوفاكي ريتشارد مدرب الاتفاق… واندية الهلال والاهلي والنجمة والشباب والشعلة هي الوحيدة التي ابقت على مدربيها على الرغم من مطالبة الشبابيين بابعاد البرازيلي جوليانو لكن الادارة ارتأت التريث في الامر، ومثلها فعل الامير محمد العبدالله الفيصل المشرف على كرة القدم في النادي الاهلي الذي وقف وحيداً في وجه المطالبين بإبعاد المدرب البرازيلي زاناتا بحجة انه لا يزال جديداً على الفريق الذي يتغيب لاعبوه الدوليون المشاركون آنذاك مع المنتخب السعودي. ويؤكد العارفون بخفايا الدوري السعودي ان موجة الهدوء ستنتهي وتنقلب الامور رأساً على عقب، ويعود مسلسل ابعاد المدربين ليبرر مسؤولو الاندية اخفاق فرقهم، ويبدأون في اظهار عيوب المدرب، وانه كان المسؤول عما حل بفريقهم من كوارث، وان مسألة ابقائه طوال الفترة الماضية انما هو لاعطائه الفرصة لكنه فشل في هذه المهلة ولا مناص من وضع الجماهير امام هذه المعطيات وبالتالي فإن الحل الانجح هو ابعاد المدرب. وتبدو في الافق ملامح تغيير كبيرة ستشهدها الاندية قبل الدخول في مسابقة كأس ولي العهد السعودي لكن هذه التغييرات ستقتصر على المدربين فقط.