طوابير السيارات تمتد لبضعة كيلومترات بمحاذاة الحدود بين بولندا وكل من روسيا وبيلاروس وآلاف من "تجّار الشنطة" يقيمون حواجز على الطرق احتجاجاً على آخر اجراء اتخذته وارسو واعتبره عدد من المراقبين بمثابة اعلان ل "حرب الفيزا" سمات الدخول. فقد اعلنت السلطات البولندية في صورة مفاجئة قواعد جديدة لعبور الحدود. فبعد ان كان المواطن الروسي او البيلاروسي قادراً على دخول "البلد الشقيق سابقاً" بدعوة من اي بولندي مصدّقة عند الكاتب العدل، صار عليه الآن ان يحصل على موافقة السلطات المختصة ويثبت قدرته على دفع تكاليف الاقامة في بولندا بمعدل 40 دولاراً كل يوم. وادى ذلك الى موجة من الاستياء لدى الكثيرين في روسيا وبيلاروس حيث يعاني السكان من ضآلة الدخل والبطالة ويحاولون ايجاد مخرج بالتوجه الى بولندا للتبضّع وشراء سلع رخيصة ثم بيعها بعد عودتهم الى الوطن. وعمت موجة من الاستياء شرائح واسعة وقام مئات من "تجّار الشنطة" بمحاولات لقطع طريق السيارات ومنع البولنديين من دخول محافظة كالينيغراد الروسية كإجراء "جوابي". والى ذلك فان شركات السياحة اعربت عن احتجاجها على القرارات الاخيرة وذكرت انها ستتحمل خسائر كبيرة. بيد ان البولنديين من جانبهم يرون ان تدفق عشرات الآلاف من الروس يومياً يسبب مشاكل كثيرة اذ ان عدد "السائحين الانقياء" ضئيل بالمقارنة مع الاعداد الهائلة من التجّار. والأنكى من ذلك ان بولندا اصبحت محجاً لعصابات المافيا وفراشات الليل. وواضح ان القانون الجديد لن يفلح في معالجة المشكلة جذرياً الا ان وارسو تعتقد انه سيقلّص تيار "السياحة" غير الخاضعة لأي قيود. وتعاملت السلطات الرسمية في روسيا وبيلاروس مع الموضوع بسرعة ووجهت وزارة الخارجية الروسية مذكرة رسمية اعربت فيها عن القلق من الوضع الناشئ على الحدود واعتبرت القرار البولندي "صارماً … ومتضمناً تقييدات غير مبررة". وذكر الناطق الرسمي الروسي فاليري نيستيروشكين ان بلاده لا تنظر حالياً في اتخاذ اجراءات جوابية ضد البولنديين الذين يريدون دخول روسيا، لكنه ذكر ان موسكو لن تتردد في اعتماد مثل هذه الاجراءات في حال طلب سمات دخول من الرعايا الروس. واجرى الجانبان مشاورات عاجلة اسفرت عن حلول موقتة لمعالجة الازمة ومنها تمديد ساعات عمل الدوائر القنصلية البولندية وخفض رسوم الفيزا. واكد الجانبان انهما سيواصلان مناقشة اتفاقية ثنائية لتحديد قواعد التنقل في ما بينهما، والى ذلك الحين فان نقاط الجمارك بدت خاوية لأن رجال الحدود ظلوا متمسكين بنص القواعد التي فرضتها وارسو والتي غدت اكبر تحول في حياة "تجّار الشنطة" ورجال المافيا الذين غدا الباب البولندي شبه موصد في وجوههم.