انطلاق ملتقى الصحة العالمي 2025 الأسبوع المقبل بالرياض    دعوات لتوظيف الذكاء الاصطناعي في خدمة الهوية المعمارية    التعاون الاسلامي يطالب بتعزيز التعاون للوصول لمستقبل مائي مستدام    بيع صقرين ب 163 ألف ريال في الليلة ال 11 لمزاد نادي الصقور السعودي    59.1% من سكان السعودية يمارسون النشاط البدني أسبوعيا    بروكسل تعد القاهرة بمساعدات بقيمة 4 مليارات يورو خلال أول قمة أوروبية – مصرية    الدولار يرتفع قبيل نشر بيانات التضخم الأمريكية    الأمين العام للأمم المتحدة يأمل أن تلتزم بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية    لشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية ورئيسًا لهيئة كبار العلماء ورئيسًا عامًا للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمرتبة وزير    اللواء المربع: «التحول التقني» جعل خدمات الأحوال المدنية أقرب من أي وقت    محافظ الطائف يلتقي مدير الدفاع المدني اللواء القحطاني    أمانة تبوك تنفذ فرضية للاستجابة والتعافي من مخاطر السيول استعدادًا لموسم الأمطار    نائب أمير نجران يتسلم تقريرًا عن مشاريع الأمانة    وزير الشؤون الإسلامية يشيد بالأمر الملكي بتعيين الشيخ صالح الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة    بعد غياب عامين .. جيسوس يقود النصر لرقم مميز    أمير القصيم يشيد بجهود «دمي»    بناء على ما عرضه ولي العهد أمر ملكي بتعيين الشيخ صالح الفوزان مفتياً عاماً للمملكة    حراك دولي مكثف لتثبيت اتفاق غزة    تكليف العنزي مديراً للإعلام ومتحدثاً لوزارة الشؤون الإسلامية    المملكة تُخفف معاناة الشعوب    "الإحالات الطبية" ينفذ خمسة آلاف إخلاء سنويًا ويُنقذ 30 ألف حياة    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان يرسم الابتسامة على وجه ثلاثينية بالحمل والولادة بعد عقم استمر 12 عاماً    جذب شركات واستثمارات أجنبية واعدة..القويز: 1.2 تريليون أصول مدارة في السوق السعودية    رئيس وزراء مملكة إسواتيني يستقبل نائب وزير الخارجية    السعودية إلى كأس العالم    في الجولة الثالثة من «يوروبا ليغ».. أستون فيلا لمواصلة الانتصارات.. واختبار أول لدايش مع نوتينغهام أستون فيلا لمواصلة الانتصارات.. واختبار أول لدايش مع نوتينغهام    في الجولة السادسة من دوري روشن.. كلاسيكو مثير بين الاتحاد والهلال.. والنصر والأهلي في ضيافة الحزم والنجمة    ملك مملكة إسواتيني يستقبل نائب وزير الخارجية    استحداث فئات للقطاع غير الربحي ..الصغير: 5 محاور و6 مسارات لجائزة المحتوى المحلي    سمو ولي العهد يعزّي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ علي عبدالله الأحمد الجابر الصباح    أكد رسوخ الوفاء والمبادرات الإنسانية.. محافظ الأحساء يكرم مواطناً تبرع بكليته لوالده    آل حلوّل والضليمي يزفون داؤود    المرور: الانحراف المفاجئ أبرز مسببات الحوادث    زوجة الجفري في ذمة الله    اللواء الدكتور صالح المربع يرأس الاجتماع السنوي لقيادات الأحوال المدنية    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة علي الصباح    برنامج ثقافي سعودي- فرنسي يمتد حتى 2030.. 50 مليون يورو لدعم مشروع «مركز بومبيدو»    «السمحانية».. جمال المكان وروح التاريخ    السينما.. ذاكرة حضارية    عرض مسرحية «المايسترو» مطلع نوفمبر    الجاسر مستشاراً لمهرجان الأفلام    «التجارة»: 59% نمو سجلات الألعاب الإلكترونية    نتنياهو يؤكد العمل مع واشنطن لتحقيق السلام.. ونائب ترمب: مهمة نزع سلاح «حماس» صعبة    أمر ملكي بتعيين الفوزان مفتياً عاماً للمملكة    أجريت إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. نجاح عملية عيب خلقي في القلب لطفلة فلسطينية    بالونات مجهولة تثير مخاوف الأمريكيين    ترمب يعلن إلغاء الاجتماع مع بوتين: «لم أشعر بالراحة»    معقم الأيدي «الإيثانول» يسبب السرطان    نادي الساحل يكرم حملة التطعيم    339 مبتعثا يدرسون الأمن السيبراني بأمريكا    التراث يحفّز الاستثمار ويقود ازدهار المتاحف    الفوزان مفتيا للمملكة    النصر ينتصر على غوا الهندي ويعزز صدارته للمجموعة الرابعة بدوري أبطال آسيا 2    غداً .. انطلاق بطولة كأس العرب للهجن 2025 في وادي رم بمشاركة السعودية    نائب أمير منطقة الرياض يرعى حفل جائزة الاستدامة المالية    محافظ الأحساء يرعى توقيع اتفاقيات إستراتيجية لجمعية زهرة    أمير حائل يستعرض خطط وبرامج جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالمنطقة    محمد بن عبدالعزيز يشيد بمنجزات «محكمة إدارية جازان»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة الحكم في العالم المعاصر!
نشر في الحياة يوم 21 - 08 - 2011

من واشنطن إلى لندن، ومن إيطاليا إلى فرنسا، ومن اليونان إلى إسبانيا، ومن العالم الغربي إلى العالم العربي، تجمعت عواصف هادرة لها أبعاد سياسية واقتصادية وسياسية وثقافية.
في واشنطن دار الجدل الكبير بين إدارة أوباما وكلا الحزبين الديموقراطي والجمهوري حول هل تعلن الولايات المتحدة الأميركية إفلاسها للمرة الأولى في تاريخها، بما يعني عجزها عن دفع ديونها الخارجية، وفشلها في دفع الاستحقاقات الداخلية، أم يتم الاتفاق في الكونغرس على رفع سقف العجز الداخلي في الموازنة، تلافياً لإشهار الإفلاس والذي يعني في الواقع هبوط القوة الأميركية إلى درك غير مسبوق؟
ومن هنا ثارت تساؤلات حول سلامة منطلقات النموذج الرأسمالي السائد. وفي لندن حيث قامت الاحتجاجات الجماهيرية الحاشدة ضد السياسات الاقتصادية للحكومة، والتي أدت إلى تهميش الطبقة الوسطى وسحق الطبقات الدنيا، والتي تحولت إلى أحداث شغب وعنف دموية، ثارت التساؤلات هل هذه احتجاجات اجتماعية عادية، أم هي إعلان جهير برفض الجماهير للسياسات الرأسمالية المطبقة؟
وفى إيطاليا التي سمح نظامها الديموقراطي لبيرلسكوني أن يختطف السلطة، على رغم كل تهم الفساد التي تحيط به، ثارت تساؤلات عن سلامة الإجراءات الديموقراطية التي سمحت لمثل هذه الشخصية السياسية أن تشكل الحكومة، بكل ما يحيط به من شبهات واتهامات. وفي فرنسا استطاع الرئيس ساركوزي الذي جاء إلى الحكم في انتخابات سليمة لا غبار عليها، أن يختطف عملية صنع القرارات الاستراتيجية لنفسه في كل من السياسة الخارجية والسياسة الداخلية، لأنه همش سلطات رئيس الوزراء، كما أنه قزم دور الجمعية الوطنية، وصاغ سياسات رأسمالية منحازة أساساً الى أعضاء الطبقات العليا في المجتمع، ومضادة لمصالح الطبقات الاجتماعية العريضة. وقد أدى ذلك إلى ظهور تظاهرات حاشدة قام بها الأطباء وأساتذة الجماعات لثنيه عن سياساته الليبرالية المتطرفة.
وهكذا فنحن أمام حالة لرئيس جمهورية في دولة ديموقراطية، ولكنه استطاع تجميد كافة المؤسسات السياسية، لكي ينفرد هو بصنع القرار خلافاً لكل المسلمات الديموقراطية. وفي اليونان قامت أيضاً تظاهرات عدة ضد خطط التقشف التي أعلنتها الحكومة، في محاولة منها لدرء خطر الإفلاس الكامل للدولة.
وإذا ولينا وجهنا إلى العالم العربي سنكتشف أن الثورات العربية في كل من تونس ومصر، استطاعت أن تقضي بضربة واحدة على النظم السلطوية في البلدين، وهي في سبيلها الى إقامة نظم سياسية جديدة تكفل تحقيق الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
ولم تفلت إسرائيل من دائرة العواصف السياسية، فقد قامت فيها احتجاجات جماهيرية حاشدة على الطريقة المصرية للمرة الأولى في تاريخ الدولة، وتمت اعتصامات شبيهة بالاعتصامات في ميدان التحرير في القاهرة، ونصبت الخيم وارتفعت شعارات «ارحل» ضد رئيس الوزراء نتانياهو تقليداً للشعارات المصرية!
خلاصة ما نريد أن نركز عليه أن هناك أزمة حكم عالمية تكشف عن مشكلات بنيوية في صميم النظم الديموقراطية والسلطوية على السواء. وقد سبق لنا في تشريح الأزمة المالية العالمية أن قررنا أنها في الواقع أزمة اقتصادية وليست مجرد أزمة مالية عابرة يمكن علاجها بتدخل الحكومة، عن طريق ضخ ملايين الدولارات لإنقاذ البنوك والشركات والمؤسسات المتهاوية.
هي أزمة اقتصادية بمعنى سقوط النموذج السائد للرأسمالية، الذي يعتبر تدخل الدولة في الاقتصاد من المحرمات، ويقدس حرية السوق القادرة - كما يزعم أنصار النموذج - على أن تنظم نفسها ذاتياً.
غير أن الأزمة الحادة التي كادت أن تودي بالاقتصاد الأميركي كله والتي نجمت عن سيادة أساليب السوق الافتراضية، التي تقوم على أساس المضاربات وليس على أساس الإنتاج الواقعي، تشير إلى السقوط الكامل والنهائي للنموذج الرأسمالي الكلاسيكي.
ومن هنا تثور التساؤلات الجادة من قبل بعض المفكرين والاقتصاديين ومن أبرزهم ليستر ثورو: في كتاب «ما بعد الرأسمالية»، عن ملامح النظام الاقتصادي الجديد الذي سيحل محل النظام الرأسمالي الذي هوى.
ومن ناحية أخرى، يمكن القول في ضوء الأزمات الحادة التي ظهرت في كثير من النظم الديموقراطية الغربية، أن الديموقراطية كنظام سياسي والذي كان يعتبر أفضل من النظم الشمولية والسلطوية، قد وصل إلى منتهاه ولم يعد يلبي مطالب واحتياجات الجماهير التي خرجت في الشوارع ثائرة ضد سوء استخدام النظم الديموقراطية، التي تحولت في الواقع إلى حلف غير مقدس بين مجموعة من السياسيين الفاسدين ورجال الأعمال المغامرين.
ومن هنا يصح الحديث عن «ما بعد الديموقراطية»، وتثور تساؤلات عن ملامح النظام السياسي الجديد الذي سيبنى على أنقاضها، والذي من المفروض فيه أن يكون أكثر فعالية من النظام الديموقراطي في مجال تلبيته لمطالب الجماهير المشروعة.
ومن ناحية أخرى، هناك تساؤلات جادة عن «ما بعد الرأسمالية»، بمعنى ما هي طبيعة النظام الاقتصادي الجديد الذي من المفروض فيه أن يقيم توازناً بين الدولة والسوق، حتى لا تتم التضحية بمصالح ملايين البشر لمصلحة مجموعة من رجال الأعمال الذين يحتكرون السلطة والثروة معاً.
أما في العالم العربي فلدينا مشكلة «ما بعد السلطوية»، بمعنى بعد إسقاط النظم السلطوية في كل من تونس ومصر، وبعد محاولات إسقاط النظم السائدة في ليبيا واليمن وسورية، ما هو شكل النظام السياسي الديموقراطي المأمول؟
نعترف سلفاً بأن هذه ثلاثة أسئلة بالغة الصعوبة، وتحتاج الإجابة عليها إلى رؤية نقدية ثاقبة ومنهج متكامل لا يفرق بين السياسة والاقتصاد والثقافة.
ونستطيع من واقع القراءة الدقيقة لحركات الجماهير المحتجة في كل أنحاء العالم، أن تشير إلى عدد من المنطلقات الأساسية في محاولات المفكرين والجماهير معاً التفكير المستقبلي في النظريات الجديدة، التي ستحل محل النظريات القديمة.
في مشكلة «ما بعد الرأسمالية» هناك توجه إلى ربط جهود التنمية الاقتصادية بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية. والخلاف يدور حول كيف يمكن تحقيق ذلك.
أما في مشكلة «ما بعد الديموقراطية» فهناك نقد عنيف للديموقراطية التمثيلية Reprentative ودعوة لتطبيق مبادئ الديموقراطية التشاركية participatory البازغة.
أما في مشكلة «ما بعد السلطوية» التي تهمنا أساساً في العالم العربي، فهناك توجهات تهدف إلى ضرورة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار على كل المستويات، ليس ذلك فقط ولكن في أهمية بناء مؤسسات فاعلة للرقابة على تنفيذ القرار تفادياً للانحراف والفساد.
* كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.