أكد رئيس الوزراء السوداني السابق زعيم «حزب الأمة» المعارض الصادق المهدي، أن مجلس الأمن لن يقبل إرجاء مذكرة توقيف الرئيس عمر البشير من دون تقديم الخرطوم «صفقة مقبولة دولياً» وحزمة من الإجراءات تعتمد على محاسبة مرتكبي جرائم الحرب في دارفور وإحلال السلام في الإقليم، وصولاً إلى سلام شامل وعادل في البلاد وإجراء انتخابات ديموقراطية. وشدد على أن «مناطحة المجتمع الدولي تلحق ضراراً بالغاً بالسودان. ولعل في دول مثل ليبيا والعراق خير مثال على ذلك». وطالب الدول العربية والاتحاد الأفريقي ب «تقديم النصيحة الصادقة للنظام السوداني في شأن الخطوات التي يجب أن يقوم بها، وأن لا تقتصر الجهود على التأييد فقط». ونوه في مقابلة مع «الحياة» بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية، معتبراً أنها «تطور حميد في القانون الدولي نسعى إليه منذ زمن طويل، لأن الطغاة يفعلون في شعوبهم ما يريدون من دون مساءلة، وهذه الجرائم تحاسب عنها المحكمة الآن». وأقّر بوقوع جرائم حرب في دارفور «ينبغي أن يحاسب من ارتكبوها». وقال: «أيدنا القرار كما نؤيد المحكمة، لكن في الوقت نفسه فإن الأمر باعتقال رأس الدولة يخلف أضراراً ومظالم جديدة، بمعنى أنه يحقق المساءلة عن مظالم وقعت سابقاً، لكنه يفتح الطريق أمام مصادمات جديدة... لذلك اقترحت إنشاء محكمة هجين تختص بالتحقيق في هذه الجرائم ومحاسبة من تورط فيها». وأوضح أن هذه المحكمة «ستتشكل من قضاة سودانيين مشهود لهم بالكفاءة والحيادية وتضم قضاة عرباً وأفارقة وتطبق في تحقيقاتها القانون الدولي، لأن القانون الوطني السوداني ليست بين مواده نصوص عقابية على جرائم الحرب، إضافة إلى إنه يمنح حصانة للمسؤولين في النظام... وأعتقد أن هذا الاقتراح يمكن قبوله في إطار نظام روما لأنه نظام مكمل للقضاء الوطني». ورأى أنه «من دون اتخاذ هذه الخطوة، لن يقبل مجلس الأمن إرجاء قرار توقيف البشير لأنه لن يخطو هذه الخطوة من دون صفقة مقبولة دولياً تعتمد على خطوات عدة أهمها محاسبة مرتكبي الجرائم في دارفور، إضافة إلى احلال السلام في الإقليم وإجراء إصلاحات سياسية تؤدي إلى انتخابات عامة حرة تمكننا من الحكم على النظام وتغييره في الإطار الوطني». واعتبر أن «القول إن مجلس الأمن يتعامل بازدواجية المعايير عندما يترك إسرائيل وأميركا ترتكبان جرائم حرب من دون عقاب، رغم أنه صحيح، لا يعفينا من المساءلة. ولا بد من تقديم شيء يقبله المجتمع الدولي ومجلس الأمن». وأشار إلى أن توجه «حزب المؤتمر الوطني» الحاكم الرافض التعامل مع قرار المحكمة «يؤدي إلى نوع من المواجهة يضر بالسودان مثلما حدث في العراق وليبيا». وأوضح أن «العناد مع القرارات الدولية يؤدي إلى نتائج وخيمة». لكنه رأى أن «تسليم الرئيس البشير أمر مستحيل لأنه رأس الدولة، فضلاً عن ما في ذلك من شيء لا يتناسب مع الكرامة الوطنية. كما أنه يفتح مجالاً للاضطرابات، لأن الأوضاع في السودان لا بد من أن تتغير بناء على خريطة طريق نابعة من الداخل». وعن إمكان حدوث تدخل عسكري دولي لتوقيف الرئيس السوداني، قال المهدي إن «كل شيء وارد، وهناك عناصر في السودان تقول إنها ستوظف نفسها لتنفيذ قرار المحكمة، وهذا القول قد يؤدي إلى قبول وتأييد بعض العناصر وتحالف دول وجهات خارجية معها. لكن يجب أن نجنب بلادنا هذه المواجهة». واتهم الحكومة ب «التعامل باستخفاف» مع قرار المحكمة، «وهو ما أوصل السودان إلى هذه المرحلة الخطيرة».