اتفق رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون مع رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة سعد الحريري على تخطي الأزمة السياسية التي نشبت بين الأولين، ثم تصاعدت بين الثاني ووزير الخارجية جبران باسيل على خلفية كلامه الأخير المسيء إلى رئيس البرلمان، وعطّلت عمل المؤسسات. وأعلنوا بعد اجتماعهم في قصر بعبدا أمس «ضرورة تفعيل عمل المؤسسات الدستورية كافة لا سيما منها مجلسي النواب والوزراء». وإذا كانت التهديدات الإسرائيلية ضد سيادة لبنان واستقلاله وسلامة أراضيه، والتي تمثلت بعزم إسرائيل على بناء جدار إسمنتي قبالة الحدود الجنوبية وفي نقاط على «الخط الأزرق» يتحفظ عنها لبنان، وادعاء ملكية البلوك التاسع للغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، هي السبب العلن للاجتماع، فإن الخلافات التي شلّت البلد والمؤسسات وأنذرت بفلتان الشارع هي العامل الحاسم لهذا الاجتماع الذي خرج ببيان يؤكد الاتفاق على «عدم السماح لأي خلاف سياسي بأن يهدّد السلم الأهلي والاستقرار الذي تنعم به البلاد». وأهاب المجتمعون ب»القيادات كافة تجاوز الخلافات والارتقاء في الأداء السياسي إلى مستوى عالٍ من المسؤولية الوطنية التي تفرضها دقة المرحلة في ظل التحديات التي تواجه لبنان وتتطلب وقفة تضامنية واحدة تحمي وحدة اللبنانيين وسلامة الوطن». واتّفق المجتمعون، بحسب بيان صدر عن الاجتماع أمس، على «معالجة ما شهدته الساحة اللبنانية من أحداث خلال الأيام العشرة الماضية وأسبابها ومعالجة ما حصل من خلال المؤسسات الدستورية وفقاً للدستور والأنظمة والقوانين المرعية الإجراء، والالتزام بوثيقة الوفاق الوطني، لاسيما أن لبنان مقبل على المشاركة في مؤتمرات دولية نظمت لمساعدته على تعزيز قواه العسكرية، والنهوض باقتصاده وتمكينه من مواجهة التداعيات السلبية التي نتجت من تدفق النازحين السوريين إلى أراضيه». وبحث المجتمعون «الادعاءات التي أطلقها وزير الأمن الإسرائيلي (أفيغدور ليبرمان) حول ملكية المربع الرقم 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة بالتزامن مع إطلاق لبنان مناقصة تلزيم والتنقيب عن النفط والغاز فيها». ورأوا فيها «انتهاكاً واضحاً لقرار مجلس الأمن 1701، وتهديداً مباشراً للاستقرار الذي يسود المنطقة الحدودية منذ بدء تطبيق المرحلة الأولى من القرار في آب (أغسطس) 2006، نتيجة الجهود التي يبذلها الجيش بالتعاون مع يونيفيل». واتفقوا على «الاستمرار في التحرك على مختلف المستويات الإقليمية والدولية، لمنع إسرائيل من بناء الجدار الإسمنتي، ومن احتمال تعديها على الثروة النفطية والغازية في المياه الإقليمية اللبنانية، من خلال سلسلة إجراءات ستعرض على المجلس الأعلى للدفاع في اجتماع استثنائي يعقد اليوم، برئاسة عون وحضور الرئيس الحريري والوزراء المعنيين، إضافة إلى قادة الأجهزة الأمنية، بهدف اتخاذ ما يناسب من قرارات تمنع التعديات الإسرائيلية وتحول دون حصول أي تدهور أمني على الحدود». واتّفقوا على «توفير المناخات السياسية والأمنية المناسبة لإجراء الانتخابات النيابية في 6 أيار (مايو) المقبل في أجواء من الديموقراطية، لا سيما أن القانون الانتخابي الجديد الذي ستجرى الانتخابات على أساسه يطبق للمرة الأولى منذ قيام دولة لبنان الكبير». وكان بري وصل إلى بعبدا عند الحادية عشرة حيث عقد لقاء مع عون انضم إليه بعد نحو عشرين دقيقة الحريري. وقال بري رداً على الصحافيين: «طولوا بالكن عليّ بتحرز أكثر بالطلعة». ثم أكد بعد الاجتماع أن «الجلسة كانت مثمرة، وهناك بيان رسمي سيصدر عن الاجتماع، يعبّر فعلاً عما حصل». وشدد الحريري في تصريح على أن «الاجتماع كان مثمراً جداً والنتائج ستكون إيجابية إن شاء الله». وقال: «الأجواء كانت إيجابية جداً، وكان شرح لكل المرحلة السابقة، وهناك انفتاح كبير بين الجميع. وستشهدون على العمل الذي سيتم خلال الأشهر المقبلة، وعلى التعاون بيننا جميعاً لما فيه مصلحة المواطن». ولفت إلى أن «ما يهم الرئيسين عون وبري وأنا، إيجاد السبل للتقدم نحو الأمام، وإن شاء الله ستجد الملفات حلولاً حقيقية لها». وأشار إلى أنه «سيتم التركيز على عمل الحكومة والتشريع، والمؤتمرات المقبلة المنتظرة. وتم حل كل الأمور التي كان هناك خلاف حولها». عون: «نوايا مبيتة» من جهة ثانية، اعتبر الرئيس اللبناني ميشال عون أن «مشروع الكهرباء الذي كان يجب تنفيذه، حظي بموافقة الحكومة اللبنانية في عام 2010، وكان من المفترض أن ينتهي عام 2014 وأن نبدأ الاستفادة من الاحتياط في العام 2015 بسبب زيادة الاستهلاك وتوفير طاقة أكبر. ولكن للأسف، لم يؤمن المسؤولون في حينه الرساميل الكافية لتطبيق هذه الخطة، ولم تكن العراقيل مادية بل سياسية، علماً أن جميع اللبنانيين يحتاجون إلى الكهرباء، والأمر نفسه ينطبق على المياه». وقال خلال استقباله وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل مع وفد الفريق الاستشاري للوزارة: «لا يجوز أن يدفع اللبناني فواتير عدة للاستفادة من الكهرباء والمياه. لقد أدى عدم تطبيق هذه الخطط إلى عجز وصل إلى نحو 37 بليون دولار، وذلك بسبب العشوائية في العمل والمصلحة الخاصة، ولكن اليوم أصبحت الأجواء أفضل على رغم الصعوبات التي لا تزال موجودة، والتذكير بها يجعل عملكم أكثر تقديراً». وأضاف: «اليوم نشهد تحسين وضع المياه والكهرباء سنة بعد أخرى، وتم تلزيم التنقيب عن الغاز والنفط، وأدعوكم إلى أن تواصلوا جهودكم التي بدأت تعطي ثمارها، ويستفيد منها الجميع، نظرا إلى فوائدها الاقتصادية والمعيشية وعائداتها للدولة. قليلون من ساروا بهذا المسار، وكانت هناك ربما نوايا مبيتة لإغراق الشركة أكثر فأكثر لشرائها بمبلغ رمزي».