القيادة تعزي رئيس تركيا في ضحايا تحطم طائرة عسكرية    وفد رفيع المستوى يزور نيودلهي.. السعودية والهند تعززان الشراكة الاستثمارية    الصادرات السعودية في معرض جاكرتا    نوّه بدعم القيادة لتمكين الاستثمارات.. أمير الشرقية يدشن أكبر مصنع لأغشية تحلية المياه    وسط مجاعة وألغام على الطرق.. مأساة إنسانية على طريق الفارين من الفاشر    وسط جدل سياسي واسع.. الرئيس الإسرائيلي يرفض العفو عن نتنياهو    أوروبا وكندا تدعوان لتنفيذ اتفاق غزة    الوكالة الذرية تفقد القدرة على التحقق من مخزون اليورانيوم الحساس    تجربة الأسلحة النووية مرة أخرى    في دور ال 32 لكأس العالم للناشئين.. مواجهات صعبة للمنتخبات العربية    في الميركاتو الشتوي المقبل.. الأهلي يخطط لضم الألماني«ساني»    تصفيات مونديال 2026.. فرنسا وإسبانيا والبرتغال لحسم التأهل.. ومهمة صعبة لإيطاليا    خادم الحرمين يدعو لإقامة صلاة الاستسقاء اليوم    يجتاز اختبار القيادة النظري بعد 75 محاولة    شهدت تفاعلاً واسعاً منذ إطلاقها.. البلديات: 13 ألف مسجل في مبادرة «الراصد المعتمد»    تعزز مكانة السعودية في الإبداع والابتكار.. إطلاق أكاديمية آفاق للفنون والثقافة    «مغن ذكي» يتصدر مبيعات موسيقى الكانتري    160 ألف زائر للمعرض.. الربيعة: تعاقدات لمليون حاج قبل ستة أشهر من الموسم    نفذتها "أشرقت" بمؤتمر الحج.. وكيل وزارة الحج يدشن مبادرة تمكين العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    الرياض تحتفي بانطلاق النسخة ال50 من البطولة العربية للجولف    الشرع: سورية اصبحت حليف جيوسياسي لواشنطن    «رحلة الموت».. بين الفاشر وتشاد    أمير الجوف يطلع على أعمال معهد الطاقة المتجددة    فيصل بن خالد: تطوير التعليم يتطلب العمل وفق خطة واضحة    ضبط مصري في المدينة المنورة لترويجه (1,4) كجم "حشيش"    القيادة تعزي الرئيس التركي    «الداخلية» تختم مشاركتها في مؤتمر ومعرض الحج    رينارد يتحدث للإعلام.. وعودة الثلاثي المصاب    معرض "بنان" يستعرض فنون الحرف اليدوية ل40 دولة    الفتح يستعد لمواجهتي الهلال    البديوي: اعتماد المرحلة الأولى لنظام «النقطة الواحدة» بين دول الخليج    فيصل بن فرحان ووزيرة خارجية كندا يستعرضان العلاقات وسبل تعزيزها    فرحة الإنجاز التي لا تخبو    تعزيز التعاون الإعلامي بين كدانة وهيئة الصحفيين بمكة    السعودية تشارك في قمة الشركات الناشئة لمجموعة العشرين بجوهانسبرج    أمير جازان يشهد انطلاق أعمال ورشة الخطة التنفيذية لمنظومة الصحة 2026    "تنظيم الإعلام" تقدم مبادرة "التصريح الإعلامي المبكر" ضمن مشاركتها في مؤتمر ومعرض الحج    جلسة حوارية حول "الاتصال الثقافي بين السعودية والصين" في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود    نجم تستعرض حلولها الرقمية المبتكرة ودورها في تمكين قطاع تأمين المركبات    بدء المؤتمر العربي لجودة التعليم العالي بمشاركة نخبة من الخبراء الدوليين    وزير الخارجية يصل إلى كندا للمشاركة في الاجتماع الوزاري لمجموعة ال7    خادم الحرمين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء بجميع أنحاء المملكة يوم غدٍ الخميس    وزير الصحة السعودي: الاستطاعة الصحية شرط الحصول على تأشيرة الحج    تحسين متوسط العمر في ضوء رؤية 2030    ارتفاع اسعار الذهب    تعليم المدينة يدعو للمشاركة في المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    إمارة منطقة مكة تشارك في مؤتمر ومعرض الحج والعمرة    القيادة تعزي رئيسة سورينام في وفاة الرئيس الأسبق رونالد فينيتيان    المفتي يحث المسلمين على أداء صلاة الاستسقاء غداً    «محمية الإمام» تطلق تجربة المنطاد    دراسة: فيروس شائع يحفز سرطان الجلد مباشرة    بدء التسجيل لجائزة سلامة المرضى    أمير نجران يستعرض تقرير "التجارة"    أمير المدينة يتفقد محافظة المهد    المملكة تدعم جهود إرساء السلام في العالم    منطقة الحدود الشمالية الأقل في حالات النزيف والتمزق    علاج جيني واحد يخفض الكوليسترول    أقراص تطيل العمر 150 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقتل بن لادن إذ يحجب غابة من الأسئلة
نشر في الحياة يوم 15 - 05 - 2011

قد يكون صحيحاً أن الإعلان عن مقتل زعيم القاعدة على يد قوة أميركية خاصة عالية التدريب ليس سوى إعلان عن الموت الثاني لأسامة بن لادن. فهناك ما يشبه التوافق على أن الموت الأول، السياسي والمعنوي والرمزي لزعيم القاعدة، ولما يناظره تفكيراً ونهجاً وفق البعض، قد أفصحت عنه انتفاضات الشعوب العربية المتواصلة منذ أشهر. على أن التوافق هذا ليس سوى الوجه الدعائي والدعوي لعنوان افتراضي جامع يحجب أكثر مما يكشف عن مضامين وقراءات متباينة ومتضاربة لمعنى الموت الأول لبن لادن.
والحال أن تضارب القراءات هذه مشتق أصلاً من تضارب الرهانات المعقودة على ما بات يعرف بربيع الثورات الشعبية العربية وعلى حمولاتها الفعلية. يمكننا في هذا السياق أن نضع إصرار دوائر سياسية وإعلامية على اعتبار عملية القتل التي وقعت في أبوت آباد بمثابة جائزة، أو مكافأة، تقدمها الإدارة الأميركية وجوقة من المصفقين للانتفاضات العربية. ويتوقع كثيرون أن يشدد الرئيس الأميركي باراك أوباما، في الكلمة التي سيلقيها هذه الأيام مخاطباً العالم الإسلامي، على الربط بين حدثين من طبيعتين مختلفتين. هذا، في الأقل، ما ترجحه صحيفة «وول ستريت جورنال» التي أفادت قبل أيام قليلة بأن أوباما سيؤكد في خطابه الشامل أن مقتل بن لادن والثورات الشعبية التي يشهدها العالم العربي تؤكد أن لا دور لتنظيم القاعدة في العالم العربي. كذلك رأى بين رودس نائب مستشار الأمن القومي أن «توقيت مقتل بن لادن مهم في ظل معايشة المنطقة العربية نموذجاً معاكساً لنموذجه». وأشاع مسؤولون أميركيون، وفق تقارير إعلامية، أن أوباما سيؤكد أن بن لادن مثّل نهجاً فاشلاً من الماضي مع اندلاع حركات شعبية تمثل المستقبل.
هناك مفارقة لا يتفطن لها مسوّقو الربط الافتراضي بين حدث أمني في نهاية المطاف وحدث تاريخي مثل الانتفاضات العربية. مفاد هذه المفارقة أنه إذا كانت هذه الانتفاضات قد قضت على القاعدة نهجاً وتفكيراً وأسلوباً وعلى شروط استقبال دعوتها الانتقامية، فإن قتل بن لادن يصبح من قبيل لزوم ما لا يلزم. ويأتي عرض الشريط الصامت الذي حصلت عليه قوة الكوماندوس الأميركية من منزل بن لادن ليعزز الظن بالطابع الثأري من الشيخ الذي يظهر جانبياً في وضعية من يستعرض، قاعداً متقاعداً، صوراً من زمن سابق لعلها تسعفه في انتقاله إلى المقلب الآخر من أعمار البشر.
في هذا الشريط بدا عدو أميركا الأول شيخاً يزجي الوقت المتبقي له في خريف عمره وفي مناخ من العزلة. في الأمر ما يثير الشفقة أكثر مما يثير الحقد. أضف إلى كل ذلك أن حراك الشعوب العربية لم يكن ينتظر موت بن لادن للإفصاح عن ماهيته، من دون أن يعني ذلك أن آفاق الحراك واضحة ومرسومة ومملوءة بالورود. في هذا المعنى، لا مبالغة في القول إن مقتل بن لادن، منظوراً إليه من زاوية الفعل التاريخي المستجد عربياً، يكاد يكون مجرد خبر أمني، أي أنه ليس حدثاً.
على أي حال، يستفاد من التصريحات الرسمية الأميركية، ومن التغطيات الإعلامية الصاخبة والمهللة لمقتل بن لادن، أن مسألة التوقيت لم تكن محض فنية إجرائية، مما يحض بالتالي ليس على التوقف عند توقيت العملية فحسب، بل كذلك عند تغليب وجه الإثارة الاستعراضية على ما عداه في هذه العملية. وقد حفلت عملية القتل بالفعل، بالأحرى تظهيرها شبه الهوليوودي، بما يكفي من عناصر الإثارة التي تؤهلها دعوياً لأن تكون، وربما تفرضها فرضاً، حدثاً عالمياً. قد يكون وجه الإثارة من مقتضيات اعتبارات انتخابية يحتاجها الرئيس الطامح إلى ولاية ثانية.
وجاء تضارب التصريحات المتعلقة بالعملية ليزيد في الإثارة. ويكاد التضارب هذا يطاول كل جوانبها. فالرئيس كان قد وعد بالقبض على بن لادن وتقديمه للمحاكمة مما يجيز الاعتقاد بأن القتل حصل اضطرارياً ربما. على أن تصريح مسؤول أمني كبير بأن هدف العملية كان القتل وليس الاعتقال أضعف حجة الزاعمين محاكمة الرجل ومثوله أمام العدالة. وقيل إن الرجل قُتل أثناء اشتباك مسلح معه وإنه استخدم زوجته درعاً بشرياً. ثم قيل إنه، على العكس، لم يكن يحمل سلاحاً. وجرى التأكيد أنه يعيش في منزله القريب من الأكاديمية العسكرية الباكستانية منذ أكثر من خمس سنوات من دون هاتف وإنترنت، لكن «كنز» المعلومات التي حصلت عليها الإدارة الأميركية من هذا المنزل، ومن بينها مفكرة يوميات، يؤكد أنه كان يواصل نشاطه في التخطيط والتوجيه والاتصال بعناصر التنظيم. فوق ذلك، شكرت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وعقب العملية السلطات الباكستانية على تعاونها، فيما أكد مسؤول الأمن القومي في الوقت ذاته أن القوات الأميركية لم تخطر الباكستانيين بالعملية إلا لدى انتهائها. من الممكن حصول تباين في اللغة المستخدمة بين وزارة الخارجية ذات التقاليد الديبلوماسية وهيئات الأمن القومي والعسكري، ولكن من دون أن تصل إلى هذا الحد من التضارب.
يمكننا أن نضع في الإطار نفسه مسألة رمي جثة الشيخ في البحر مع احترام تقاليد الدفن الإسلامي، وذلك خوفاً من أن يتحول قبره إلى مزار. يخشى في هذه الحالة أن يتحول البيت إلى مزار، كما يخشى من طغيان لغة الثأر والانتقام خصوصاً في باكستان التي باتت في قلب أزمة مرشحة للتفاقم بين السلطة والإدارة الأميركية على خلفية التعاون الاستخباري مع القاعدة والتستر على اختباء بن لادن في منطقة يسكنها عسكريون وتضم مقر المدرسة الحربية. والأزمة مرشحة للتفاقم بين أجنحة السلطة وأجهزتها ناهيك عن غليان الشارع وتزايد مشاعر الكراهية حيال الأميركيين. الموضوع الباكستاني يحملنا على الظن بأن عملية مقتل زعيم القاعدة وتظهيرها المسرحي والمشهدي المضطرب، بغض النظر عن رأينا في رداءة العرض، ليس سوى الشجرة التي تحجب غابة من الأسئلة المتعلقة بموقع باكستان في الاستراتيجية الأميركية، وبأفغانستان التي يفترض أن تبدأ القوات الأميركية بالانسحاب منها في هذا الصيف مع احتمال مصالحة بين طالبان والسلطة الأفغانية الحالية. إذا كان مقتل بن لادن لا يضيف شيئاً إلى الحراك العربي الذي لم يكن ينتظر تتويجاً أميركياً جرى إقحامه لاعتبارات مختلفة، فإن تبعات عملية القتل في شبه القارة الهندية لا يستهان بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.