تتباين الرؤى من أجل الانتخابات البلدية، وإن كان المؤشر العام يقول إن الإقبال عليها «ضعيف» إلى «ضعيف جداً»، وأنا واحد ممن أمضى ما يقارب النصف ساعة في مركز انتخابي قريب لأشاهد في العيون مساحة التفاؤل والرغبة في التغيير، ولم ألحظ أن هناك ما يبعث الأمل لنقلة اجتماعية نوعية على مستوى الترشيح والترشح، ومن أجل الإقبال «الضعيف» سأسكب حديثي المقبل الصريح حتى وإن كنا نراوغ عنه بنافلة قول وأن هناك وعياً اجتماعياً وثقافة طارئة جديدة ستقفز بالعمل البلدي إلى ما هو مخطط له، ومأمول منه. قناعة المواطن بالمجلس البلدي لم تتقدم خطوة للإمام إلا إذا كان هناك معيار نجهله للخطوات ولم نتشرف بمعرفته، وأعني بتقدم الخطى أن يحقق المجلس قفزات ملموسة غير التصاريح والخلافات والتعامل مع المنصب البلدي الاجتماعي على أنه جولة تفتيشية وتصفية حسابات وتدخل في ما ليس للمجلس علاقة به. الاعتراف بأن الانتخابات البلدية لم تتجاوز مربعها الأول اعتراف يجب أن نقر به كنقطة أولى في سبيل مستقبل مطمئن يثق بالانتخابات ويحترم ما ستسفر عنه وتقدمه، ضعف ثقة المواطن بالانتخابات عائد لأن الفكرة لم تتحول بعد لأهداف التطوير وإشراك المجتمع في الأوراق والتفاصيل، بل لا يزال مجتمعي ينظر أنها كرسي اجتماعي يضيف للسمعة والحساب الشخصي. وحتى لا أنسى ورقة مهمة حديثة أطلب من وزارة الشؤون البلدية والقروية أن تبحث عن السر الذي يقف خلف تفاصيل هذه الورقة، وتلتقط علامات الموجب والنجاح المدهش لتعممه على مراكز ومحافظات المملكة عاجلاً غير آجل، لأن ما يقال وسمعنا عنه شيء مبهج ومدهش بالفعل، شريطة أن نستوعب السبب وحال الوعي الاستثناء عن القاعدة المحلية في هذه الورقة الجميلة. هذه الورقة تتحدث عن اكتمال النصاب في مركز انتخابي بمحافظة تثليث، إذ بلغ عدد الناخبين 3000 ناخب، ما اضطر المسؤولين إلى فتح مركز انتخابي آخر لاستيعاب المتبقين والمندفعين لانتخاب يرون أنه سيحقق طموحاتهم ورغباتهم ويرتقي بمكانهم، ومن المشروع لنا أن نطل على الدافع القوي الذي حَفز هذا العدد الهائل لإكمال نصاب المركز الانتخابي، وهل هو فهم مكتمل للانتخاب وثقة في المرشحين وأدوارهم؟ أم أن هناك آلية عمل مختلفة تم الإعداد لها في هذا المركز من أجل المشاركة في هذا العمل الاجتماعي الحديث والمستجد؟ ويستحق المركز وأهله أن نأخذ مشهدهم الانتخابي وصورتهم العددية الهائلة ووعيهم الذي يرمز له عدد الناخبين ونفعله في أجزاء أخرى إلا إذا كان شيء مستتر يقف وراء اكتمال نصاب المركز اللافت في تجربتنا الانتخابية الثانية. ما ننتظر من وزارتنا المجتهدة أن تجيب عنه: هل فتحت المجال لأعضاء المجلس البلدي السابقين للترشح مرة أخرى؟ ولماذا؟ هل لأنها تريد تكرار التجربة السابقة بالوجوه نفسها على اعتبار أنها ناجحة جداً في تقييمها؟ ألا تدرك أنه يجب أن يفتح المجال لوجوه جدد وتترك الكرسي البلدي صالحاً لأربع سنوات غير قابلة للتجديد حتى نخرج بالتدريج من مأزق الترشيح وفق الثلاثي المرعب «ابن القبيلة، رجل الدين، رجل مال وأعمال»، المجالس البلدية تحتاج لوجوه جديدة وعقول لا تؤمن كثيراً بالثلاثي السابق، تختار منهم ولكن لا تؤمن بهم مطلقاً في تغيير التشكيلة التنموية والتغيير المُنْتَظَرْ. [email protected]